اهداف و لكن ليست مونديالية....

بسـم اللــــــه الرحمـــــن الرحيـــــــم

اهداف و لكن ليست مونديالية....

لعلي ابدأ مقالي بهذه القصة الصغيرة التي عايشت احداثها حينما توجهت لمدينة الرياض لاستلام الضمان المالي الخاص بالابتعاث، و الذي اتى بعد سنين عجاف بارت قيها الحيل و تقطعت فيها السبل الا من سبيل الكريم سبحانه، و لفت انتباهي في مكتب الوزارة ذلكم الشاب اليافع الذي لم يبارح بعد مرحلة المراهقة الا قليلاً، الذي بادره المسؤول بالسؤال عن تخصصه، تكلم و اجاب بعد تلعثم و تردد بين المحاسبة و الحاسب، فاختار المكتوب دون مبالاة و لا حتى اعادة نظر، عندها دهشني الموقف كثيراً, و علمت ان الامر يحتاج لوقفة تأمل و تفحص...

احبتي، لعلي لا اطيل في الكلام الإنشائي الرتيب الملل، و ادخل في صلب الموضوع مباشرةً بلا تردد او تلعثم كما فعل صاحبنا اعلاه...

الاهداف، تخطيط و مسيرة، بل هي الحياة الناجحة بذاتها...

أسئلة تجول في خاطري احبتي الفضلاء تخصنا نحن معاشر المبتعثين،

كم من مبتعث احبتي صف القدمين قبل الإقدام على هذه الخطوة سائلاً المولى التوفيق و الخيرة، و بعد ذلك صف اليدين على طاولته مدوناً اهدافه و مراحل دراسته و ما يؤمله و يرتجيه من غربته و سفره...

ام اننا ممن يُسيّر بلا هدى، بل كلما نعق ناعق و صاح صائح رفع رأسه و انخرط في الركب كالخيل المقودة لا تلوي من امرها على شئ...

هل نحن ممن يضع اهدافاً و مراحل لتحقيق تلكم الاهداف، و يضع وقفات يراجع فيها النية لئلا تنحرف يمنةً و يسرةً في ملاذ الدنيا او دركات المناصب، فيصححها لتسير في طريقها الذي يرتضيه الله تعالى، و يقف وقفات تفحص فيما اكتسب من علم و معرفة و فيم قضى وقته و صرف جهده...

هل اخترنا التخصص عن قناعة و رغبة، ام بنينا الاختيار على معايير اخرى ليست في مصلحتنا و لا مصلحة الوطن.

هل شاورنا اهل الخبرة و الرأي و عملنا برأيهم و لو خالف اهوائنا و رغباتنا، ام نحن ممن يستشير من يشير علينا بما نرغب لا بما هو في مصلحتنا...

هل احتسبنا اننا في خروجنا نسلك درباً نلتمس فيه علماً، حتى ييسر الله تعالى لنا طريقاً به الى الجنة... كما اخبر الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم...

ام ان الامر مجرد طلبات و تبعات دنيوية من منصب و جاه و نحوه..!!!

اخي الكريم، انت حينما تخرج من دارك و تترك اماً و اباً لعلهما بلغا من الكبر عتياً و لعلهما ذرفا الادمع حرى لفراقك، و ربما تركت ابناء لا زالوا في المهد، يرتجون عودتك و يسألون الله حفظك، و لعلك ممن ترك مرابع الصبا و ارض الوطن الحميم على مضض، انت حينما تترك ذلك كله فاحرص على احتساب الاجر من المولى، و لا تضيع على نفسك احتساب طلب العلم و الارتقاء بالذات و النفس لمراقي الكمال البشري...

و حين وصولك لمقر البعثة اخي المبتعث، اجعل من نفسك على نفسك رقيباً،

و اعلم ان نور العلم و ظلمة المعصية لا يجتمعان الا كما يجتمع الضياء و الظلمة في مكان واحد، و ذلك من المستحيل،

اعلم اخي المبتعث، ان الله تعالى سن سنناً كونية، و هي ان التمكين لاهل الخير و الفضل و الصلاح، و انك ان قارفت ذنباً او وقعت في معصية فلم تتداركها بالتوبة و الاوبة فإن شؤمها سيلاحقك في كل حياتك، و لا يغرنك ان فعل المعصية لا يتبعه عقوبة فورية، فالعقوبة تتنوع و تختلف، فربما اصابتك في دراسة او قريب او نحوه...

فاتق الله تعالى و راقب كل تصرفاتك، و قبل الاقدام على أي فعل اسأل نفسك هل هذا الامر يقربني من الله تعالى ام فيه سخط الجبار سبحانه...

لا ادعي سوء الفعال لأحد, بل ازعم انك اخي المبتعث من الخيرة المباركة بحول الله و طوله...

و انما هي وقفات ناصح لك محب....

الاسئلة و الوقفات تطول... و المقال اخشى ان يمتد ليصل الى حد الرتابة و الاملال..

و لكن اختم بالاية الكريمة:

مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ [الجاثية : 15]