200 ألف مبتعث ومسلسل بطالة الشهادات العليا مستمر

October 6th, 2008, 01:09 AM

ابتهاج منياوي (جدة)مبتعثون سعوديون يحققون انجازات علمية إبان فترة ابتعاثهم للدراسات العليا ولكنهم عندما يعودون الى ارض الوطن يُهملون ويصبحون هامشيين رغم ما يحملونه من مؤهلات عليا كيف يحدث ذلك.. ولماذا؟لاعطاء خلفية عن هذه القضية الهامة نتذكر ان المملكة قد افتتحت مؤخرا باب الابتعاث بالتعاون مع الولايات المتحدة الامريكية واقبل عدد كبير من الطلاب السعوديين لاستثمار هذه الفرصة التي اتيحت لهم يحدوهم الامل لدراسة تخصصات متميزة يستطيعون من خلالها ان يشاركوا في مسيرة البناء لمقابلة ما يواجه الوطن من تحديات اقتصادية مستقبلية.
ما يحدث حاليا ما هو إلا مشهد متكرر لما حدث خلال الثلاثة عقود الماضية حيث تم ابتعاث عدد كبير من الطلاب يقدر بنحو 200 ألف مبتعث في مختلف التخصصات في اشهر جامعات العالم للحصول على شهادات الماجستير والدكتوراه تحت معايير عالية الجودة فرضتها وزارة التعليم العالي.
إنفاق واهدار
ورغم ان الدولة لم تبخل على مبتعثيها بالدعم المالي طيلة فترة دراستهم بالخارج، إلا أن ما تم انفاقه لايتوازى مع مردوده واستثماره داخل الوطن حيث استغلت ابحاثهم العلمية في تلك البلدان مما أثرى جامعاتها بعلوم وابحاث عالمية ساهمت في تطورها في وقت كان فيه الهم الاساسي للمبتعث السعودي هو الحصول على الشهادة لا القيمة البحثية او البحث نفسه لا لسبب ظاهر سوى ان المؤسسات المحلية في المملكة لم تستثمر اصحاب هذه الشهادات والابحاث النادرة ولم تعد تتيح لهم الفرصة لاثبات قدراتهم في مختلف قطاعات العمل الأمر الذي اوجد لدينا نوعا خطيرا من البطالة هو «بطالة الشهادات العليا والتخصصات النادرة» حيث يوجد في اكثر من قطاع وبصورة واضحة كوادر وطنية حظيت باهتمام عالمي في فترات دراستها ولكنها عندما عادت الى ارض الوطن لاقت التهميش والاهمال؟!

موظف ارشيف بدرجة دكتوراه
«عكاظ» التقت نخبة من ذوي هذه التخصصات وتحتفظ باسمائهم واسماء القطاعات التي يعملون بها ولم يتم استثمارهم بالشكل الصحيح.من هؤلاء متخصص في ادارة المستشفيات يعمل في مؤسسة وطنية طبية متخصص ادارة مستشفيات.. موظف ارشيف

وحامل ماجستير بترول موظف بالبريد

مدير بثانوية عامة يرأس درجة ماجستير

حيث ابتعث من محل عمله لاكمال الماجستير والدكتوراه في تخصص ادارة المستشفيات وبعد ان نال شهادته العليا بدرجة امتياز انتقل ليؤلف ثلاثة كتب علمية تتحدث عن تخصصه اختيرت من قبل وزارة الصحة كمرجع اساسي ومع كل ما حققه لم يجد من قطاعه الذي يعمل فيه سوى التهميش والاهمال وعدم التقدير فعلى الرغم من كونه الوحيد المتخصص في إدارة الصحة والمستشفيات بخبرة تتجاوز العشرين عاما الا انه يشغل حاليا وظيفة في ادارة ارشيف المستشفى الطبي التابع لقطاعه ورغم تظلمه لاكثر من جهة لتعديل وضعه الوظيفي إلا أن وضعه ظل كما هو عليه.

متخصص بترول موظف بريد
وخالد (...) الحاصل على ماجستير في تخصص دقيق في مجال البترول لم يجد أي وظيفة في أي مؤسسة لها علاقة بمجال تخصصه في البترول وكلما تقدم لجهة مختصة قوبل طلبه بالرفض الى ان وجد نفسه في وظيفة اعتيادية بمؤسسة البريد لاتطلب كثير عناء ولاتتناسب مع الجهد الذي بذله في مجال تخصصه بالخارج.ومن واقع تجربته العملية الشخصية يروي د. عادل ملا يحضر للدكتوراه في تحليل السياسات العامة: «عملت في ادارة يرأسني فيها مدير درجته العلمية (ثانوية عامة) فقط في حين انني كنت حاصلا وقتها على درجة الماجستير في الادارة الصحية والمستشفيات وللاسف الشديد لم يتم الاستعانة بي أو الاستفادة من تخصصي في القطاع الصحي الذي كنت اعمل فيه على حل مشاكل الموظفين واسرهم المستحقين للعلاج، بل على العكس من ذلك تماما ضايقوني في عملي واوقفوا ترقياتي الوظيفية المستحقة الأمر الذي جعلني ابحث عن ادارة اخرى تجنبا للمشاكل رغم تخصصي في الخدمات الطبية والتي كانت سببا رئيسيا في ابتعاثي للحصول على هذا التخصص، علما بأن الوصف الوظيفي لمدير مستشفى سعة 300 سرير بوزارة الصحة ينبغي ان يكون حاصلا على ماجستير في الادارة الصحية.

استثمار طلابنا
يؤكد د. عادل ان الجامعات في الخارج تستفيد من البحوث المقدمة من الطلاب المبتعثين وعلى صعيد شخصي استفادت الجامعة التي كان يدرس بها من بحثه عن: «خصخصة المستشفيات العامة في المملكة» باعتباره اول بحث علمي في هذا المجال، مشيرا الى الفجوة التي تزداد بين الدول المتقدمة والمتخلفة على نحو سريع والتي قد يكون من اسبابها الاهمال والتهميش لاصحاب التخصصات النادرة والشهادات العليا وما يترتب على ذلك من تأثيرات على التنمية حيث لايكون للشهادات المتخصصة أي معنى أو أثر في حين تجد (المدير العام) من اصحاب المؤهلات «الضعيفة» علماً بأن احد اسباب تطور الدول المتقدمة هو اعطاء القوس لباريها وهذا ما يماثل المثل الشعبي «العاقل يعطي الخباز قرصه حتى لو أكل نصفه»، ولكن المشاهد على ارض الواقع هو تولي غير الاصلح للوظيفة الشاغرة او الابتعاد عن التخصص الذي كان سبباً رئيسياً في تطور الدول الصناعية المتقدمة مطالباً بدور اكبر للنخب العلمية المتخصصة في عملية التنمية وترسيخ الولاء والانتماء وتعميق الاحساس بالمواطنة وتشجيع الابداع والابتكار، مرجعاً اسباب التهميش الذي يلقاه حملة الشهادات العليا الى مديري الاقسام الذين يحملون درجات علمية ادنى من مستوى الوظائف التي يشغلونها وبالتالي فإن ثقافتهم العلمية (ناقصة) ولتغطية هذا (النقص) يحاربون اصحاب التخصصات والدرجات العليا من خلال التهميش حتى لا ينفضح امرهم. ويضيف ملا قائلا: ان هناك الكثير من اصحاب الشهادات العليا يعملون في مجالات بعيدة كل البعد عن تخصصاتهم العلمية ويتم ذلك عن قصد من البعض بهدف ابعادهم عن المواقع التي يبدعون فيها.

احبطوني ونقلوني
ومن واقع تجربته العملية يضيف في هذا السياق: رغم انني الوحيد المتخصص في الادارة الصحية والمستشفيات بدرجة الدكتوراه وخبرة تتجاوز الثمانية عشر عاماً في هذا المجال وابتعثت خصيصاً لحاجة العمل لهذا التخصص، رغم ذلك صدر قرار بنقلي من ادارة الخدمات الطبية الى ادارة المحفوظات مما يؤكد ان البيروقراطيين الذين عفّى عليهم الزمن يخشون اصحاب الكفاءات النادرة ويكيدون لهم المكائد للنيل منهم وابعادهم عن مجال تخصصهم حتى لا يبرزوا ويشكلوا خطراً على مستقبلهم الوظيفي!!

______________________________________________

موضوع قديم في النشر ولكن المشكله مازالت مستمره ولا يوجد لها حل
______________________________________________

• نشر عبر تويتر
• نشر عبر فيسبوك
• نشر عبر جوجل