الأعضاء الإشتراك و التسجيل

الملتقيات
ADs

من غزل الفقهاء -للشيخ علي الطنطاوي رحمه الله تعالى- 2

من غزل الفقهاء -للشيخ علي الطنطاوي رحمه الله تعالى- 2


NOTICE

تنبيه: هذا الموضوع قديم. تم طرحه قبل 5837 يوم مضى, قد يكون هناك ردود جديدة هي من سببت رفع الموضوع!

قائمة الأعضاء الموسومين في هذا الموضوع

  1. الصورة الرمزية ابوهارون
    ابوهارون

    مبتعث مستجد Freshman Member

    ابوهارون غير معرف

    ابوهارون , ذكر. مبتعث مستجد Freshman Member. , تخصصى طالب , بجامعة USQ
    • USQ
    • طالب
    • ذكر
    • Toowoomba, كوينزلاند
    • غير معرف
    • Oct 2007
    المزيدl

    May 3rd, 2008, 12:36 AM

    *****************
    للإنتقال للجزء الأول
    *****************
    ....
    واسمع يا سيدي أنشدك ما يحضرني من غزل الفقهاء، لا أستقصي ولا أعمد إلى الترتيب، وإنما أروي لك ما يجيئني، وما يدنو مني مصدره. هذا أبو السعادات أسعد بن يحيى السنجاري الفقيه الشافعي المتوفى سنة 622 هـ فاسمع من شعره ما ترقص منه القلوب، وتطرب الألباب: حلاوة ألفاظ، وبراعة معنى، وحسن أسلوب، قال من قصيدة له:

    وهواك ما خطر السلو بباله : : : : ولأنت أعلم في الغرام بحاله
    ومتى وشى واش إليك بأنه : : : : سال هواك فذاك من عذاله
    أوليس للكلف المعنى شاهد : : : : من حاله يغنيك عن تسآله
    جددت ثوب سقامه، وهتكت : : : : ستر غرامه، وصرمت حبل وصاله
    أفزلة سبقت له أم خلة : : : : مألوفة من تيهه ودلاله


    أوما سمعت شعر الشيخ الشهرزوري الصوفي هاك منه قوله:

    فعاودت قلبي أسأل الصبر وقفة : : : : عليها فلا قلبي وجدت ولا صبري
    وغابت شموس الوصل عني وأظلمت : : : : مسالكه حتى تحيرت في أمري



    وهاك قول ظهير الدين الأهوازي الوزير الفقيه، تلميذ أبي أسحق الشيرازي:

    وإني لأبدي في هواك تجلدا : : : : وفي القلب مني لوعة وغليل
    فلا تحسبن أني سلوت فربما : : : : ترى صحة بالمرء وهو عليل


    وقول أبي القاسم القشيري الإمام الصوفي العلم:

    لو كنت ساعة بيننا ما بيننا : : : : ورأيت كيف تكرر التوديعا
    لعلمت أن من الدموع محدثا : : : : وعلمت أن من الحديث دموعا

    والبيت الثاني من مرقصات الشعر.

    وكان مع ذلك علامة في الفقه والتفسير والحديث ومن فقهاء الشافعية الكبار، وهو صاحب الرسالة التي يعتدها الصوفية ككتاب سيبويه عند النحويين، ولا ينصرف الإطلاق إلا لها، ومن شعره:

    ومن كان في طول الهوى ذاق لذة : : : : فإني من ليلى لها غير ذائق
    وأكثر شيء نلته من وصالها : : : : أماني لم تصدق كخطفة بارق


    ومن شعر القاضي عبد الوهاب المالكي الفقيه المشهور المتوفى سنة 422 والمدفون في قرافة مصر، وصاحب الخبر المستفيض لما خرج من بغداد وخرج أهلها لوداعه وهم يبكون ويعولون وهو يقول: والله يا أهل بغداد، لو وجدت عندكم رغيفا كل يوم ما فارقتكم. ويقول:

    سلام على بغداد في كل موطن : : : : وحق لها مني سلام مضاعف
    فوا الله ما فارقتها عن قلى لها : : : : وإني بشطي جانبيها لعارف
    ولكنها ضاقت علي بأسرها : : : : ولم تكن الأرزاق فيها تساعف
    وكانت كخل كنت أهوى دنوه : : : : وأخلاقه تنأى به وتخالف


    ويقول فيها:

    بغداد دار لأهل المال طيبة : : : : وللمفاليس دار الضنك والضيق
    ظللت حيران أمشي في أزقتها : : : : كأنني مصحف في بيت زنديق


    وهو معنى جيد وتشبيه عجيب. وهو القائل:

    متى يصل العطاش إلى ارتواء : : : : إذا استقت البحار من الركايا
    ومن يثني الأصاغر عن مراد : : : : وقد جلس الأكابر في الزوايا
    وإنَّ ترفع الوضعاء يوما : : : : على الرفعاء من إحدى الرزايا
    إذا استوت الأسافل والأعالي : : : : فقد طابت منادمة المنايا

    ومن غزله الذي يتغزل فيه بلغة الفقه والقضاء، فيأتي فيه بالمرقص المطرب قوله:

    ونائمة قبلتها فتنبهت : : : : وقالت تعالوا واطلبوا اللص بالحد
    فقلت لها إني (فديتك) غاصب : : : : وما حكموا في غاصب بسوى الرد
    خذيها وكفي عن أثيم ظلامة : : : : وإن أنت لم ترضي فألفا على العد
    فقالت قصاص يشهد العقل أنه : : : : على كبد الجاني ألذ من الشهد
    فباتت يميني وهي هميان خصرها! : : : : وباتت يساري وهي واسطة العقد
    فقالت ألم تخبر بأنك زاهد؟ : : : : فقلت: بلى ما زلت أزهد في الزهد

    وهاك القاضي الجرجاني مؤلف (الوساطة) علي بن عبد العزيز الفقيه الشافعي، الذي ذكره الشيرازي في طبقات الفقهاء صاحب الأبيات المعلمة المشهورة:

    يقولون: لي فيك انقباض، وإنما : : : : رأوا رجلا عن موقف الذل أحجما
    أرى الناس من داناهم هان عندهم : : : : ومن أكرمته عزة النفس أكرما
    وما كل برق لاح لي يستفزني : : : : ولا كل من لاقيت أرضاه منعما
    وإني إذا فاتني الأمر لم أبت : : : : أقلب طرفي إثره متندما
    ولكنه إن جاء عفواً قبلته : : : : وإن مال لم أتبعه لولا وربما
    وأقبض خطوي عن أمور كثيرة : : : : إذا لم أنلها وافر العرض مكرما
    وأكرم نفسي أن أضاحك عابساً : : : : وأن أتلقى بالمديح مذمما
    ولو أن أهل العلم صانوه صانهم : : : : ولو عظموه في النفوس لعَظّما
    ولكن أهانوه فهان ودنسوا : : : : محياه بالأطماع حتى تجهما
    أأشقى به غرساً وأجنيه ذلة؟ : : : : إذن فاتباع الجهل قد كان أحزما


    ويا ليت كل عالم ينقش هذه الأبيات في صدر مجلسه، وعلى صفحة قلبه، ويجعلها دستوره في حياته، وإمامه في خلائقه!.

    والأبيات الأخرى:

    وقالوا: توصل بالخضوع إلى الغنى : : : : وما علموا أن الخضوع هو الفقر
    وبيني وبين المال شيئان حرما : : : : عليّ الغنى: نفسي الأبية والدهر
    إذا قيل هذا اليسر أبصرت دونه : : : : مواقف خير من وقوفي بها العسر



    وله في هذا المعنى الشعر الكثير الجيد، أما غزله فسهل حلو ومنه قوله:

    ما لي وما لك يا فراق : : : : أبداً رحيل وانطلاق
    يا نفس موتي بعدهم : : : : فكذا يكون الاشتياق


    وقوله:

    قد برح الحب بمشتاقك : : : : فأَوْلِهِ أحسن أخلاقك
    لا تجفه وارع له حقه : : : : فإنه آخر عشاقك



    وهاك القاضي سوار (الأصغر) بن عبد الله من أهل القرن الثالث الذي يقول:

    سلبت عظامي لحمها فتركتها : : : : عوارى في أجلادها تتكسر
    وأخليت منها مخّها فكأنها : : : : أنابيب في أجوافها الريح تصفر
    إذا سمعت باسم الفراق ترعّدت : : : : مفاصلها من هول ما تتحذر
    ! خذي بيدي ثم اكشفي الثوب فانظري : : : : بلى جسدي لكنني أتستر
    وليس الذي يجري من العين ماءها : : : : ولكنها روح تذوب فتقطر



    وهاك قاضي القضاة ابن خلكان المشهور، وكان يعشق ابن الملك المسعود بن المظفر، وكان قد تيمه حبه، قال القاضي التبريزي: كنت عنده في العادلية (دار المجمع العلمي اليوم) في بعض الليالي، فلما انصرف الناس من عنده قال لي: نم أنت ههنا. وألقى علي فروة، وقام يدور حول البركة، ويكرر هذين البيتين إلى أن أصبحنا فتوضأنا وصلينا، والبيتان هما:

    أنا والله هالك : : : : آيس من سلامتي
    أو أرى القامة التي : : : : قد أقامت قيامتي

    ولما فشا أمره، منع الملك ابنه من الركوب، فاشتد ذلك على ابن خلكان، فكان مما قال:


    إن لم تجودوا بالوصال تعطفاً : : : : ورأيتم هجري وفرط تجنبي
    لا تمنعوا عيني القريحة أن ترى : : : : يوم الخميس جمالكم في الموكب
    لو كنت تعلم يا حبيبي ما الذي : : : : ألقاه من كمد إذا لم تركب
    لرحمتني ورثيت لي من حالة : : : : لولاك لم يك حملها من مذهبي
    ومن البلية والرزية أنني : : : : أقضي ولا تدري الذي قد حل بي*
    قسماً بوجهك وهو بدر طالع : : : : وبليل طرَّتك التي كالغيهب
    لو لم أكن في رتبة أرعى لها : : : : العهد القديم صيانة للمنصب
    لهتكت ستري في هواك ولذ لي : : : : خلع العذار ولو ألح مؤنبي
    لكن خشيت بأن يقول عواذلي : : : : قد جن هذا الشيخ في هذا الصبي

    ((*بل البلية والله أن يكون قاضيا ويعشق الغلمان، هذا مع الثقة بدينه، وأنه لا يطلب حراما ولا يأتيه مختارا -غفر له الله))

    فارحم فديتك حرقة قد قاربت : : : : كشف القناع بحق ذِيَّاك النبي
    لا تفضحن بحبك الصبَّ الذي : : : : جرعته في الحب أكدر مشرب


    وله فيه شعر كثير جدا.


    ومن شعر محمد بن داوود الظاهري، مؤلف كتاب (الزهرة) في الحب، وكان فقيها على مذهب أبيه داوود وكان شاعرا:

    أنزه في روض المحاسن مقلتي : : : : وأمنع نفسي أن تنال محرما
    وأحمد من ثقل الهوى ما لو أنه : : : : يصب على الصخر الأصم تهدما



    ومن شعر أبي الفضل الحصكفي الفقيه الشافعي:

    أشكو إلى الله من نارين: واحدة : : : : في وجنتيه وأخرى منه في كبدي
    ومن سقامين: سقم قد أحل دمي : : : : من الجفون وسقم حل في جسدي
    ومن نمومين: دمعي حين أذكره : : : : يذيع سري وواش منه بالرصد
    ومن ضعيفين: صبري حين أبصره : : : : ووده ويراه الناس طوع يدي



    ولو ابتغيت الاستقصاء، وتتبعت المراجع، لجمعت من غزل الفقهاء كتابا، فأين هذا مما يزعمون أن الفقهاء كرهوا الشعر، وتنزهوا عنه؟
    أما إنها لم تفل ألسنة علمائنا، ولم تكل أقلامهم، ولم تخفت أصواتهم، إلا حين أضاعوا ملكة البيان، وزهدوا في الأدب، وحقروا الشعر... فهل لعلمائنا عودة إلى ما هم أخلق به، وأدنى إليه، وأقدر لو أرادوه عليه؟! مع الديانة والصيانة وأنهم (يقولون ما لا يفعلون) وما لا يدفع إلى ما يأباه الدين.

    *********************************************
    انتهى
ADs

قم بتسجيل دخولك للمنتدي او

الانضمام لمبتعث

Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc.