الأعضاء الإشتراك و التسجيل

الملتقيات
ADs

خطب لصلاة الجمعة

خطب لصلاة الجمعة


NOTICE

تنبيه: هذا الموضوع قديم. تم طرحه قبل 4454 يوم مضى, قد يكون هناك ردود جديدة هي من سببت رفع الموضوع!

قائمة الأعضاء الموسومين في هذا الموضوع

  1. 9-اسباب انشراح الصدر

    الخطبة الأولى
    الحمد لله الذي زين بذكره ألسن الذاكرين وأظهر من جميل أسمائه وصفاته وأفعاله ما سَرَّ به قلوب العارفين، فأثنى عليه بها المفردون الموحدون من الأولين والآخرين، أحمده تعالى وأشكره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
    أما بعد. .
    فيا أيها الناس اتقوا الله فإن سعادة الدنيا ونعيم الآخرة تنال بصلاح القلوب وانشراحها وزوال همومها وغمومها.
    أيها المؤمنون، إن أعظم ما تنشرح به صدور العالمين ما ذكره الله رب الأولين والآخرين في محكم التنزيل: ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ﴾ فالإسلام أعظم ما يشرح الله به الصدر، فبقدر التزام العبد به يحصل من البهجة والسرور، فألزموا طاعة الله وطاعة رسوله تدركوا هذا المطلوب، أقيموا أركانه، واحفظوا شرائعه وحدوده يشرح الله صدوركم وينير قلوبكم.
    أيها المؤمنون إن من أعظم أسباب شرح الصدر ذكر الله تعالى وترطيب اللسان على الدوام بذلك ﴿أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ فإذا أكثر العبد ذكر ربه أنفسح له صدره وانشرحت نفسه وأقبل على الخيرات وانصرف عن السيئات، جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن شرائع الإسلام قد كثرت علي ! فأخبرني بشيء أتشبث به. فقال صلى الله عليه وسلم: ((لا يزال لسانك رطباً بذكر الله)) وفي صحيح البخاري قال صلى الله عليه وسلم: ((مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت)) فاذكروا الله كثيراً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون.
    أيها المؤمنون إن من أسباب انشراح الصدر الإحسان إلى الخلق، والسعي في نفعهم بالمال أو الجاه أو البدن أو بغير ذلك من أنواع الإحسان فإن الكريم المحسن أشرح الناس صدراً وأطيبهم نفساً وأنعمهم قلباً أما الذي يحبس الخير عن الناس ويمنعهم منه فإنه أضيق الناس صدراً وأنغصهم عيشاً وأعظمهم هماً وغماً فأحسنوا أيها الناس فقد قل الحبيب المصطفى : ((لا يحقرن أحدكم من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق)).
    أيها المؤمنون إن من أسباب انشراح الصدر العلم بالكتاب والسنة فإن العلم الشرعي يشرح الصدر ويوسعه حتى يكون أوسع من الدنيا فكلما اتسع علم العبد انشرح صدره واتسع قال الله تعالى: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا﴾ فأقبلوا أيها المؤمنون على كتاب الله وسنة رسوله فإن فيهما الخير والهدى والبر والتقى والسعادة في الآخرة والأولى.
    بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ؛ ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذكّر الحكيم ؛ أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم


    الخطبة الثانية
    الحمد لله الذي أمر بذكره ورتب على ذلك عظيم أجره والصلاة والسلام على أعظم الناس ذكراً لربه نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه.
    أما بعد. .
    أيها المؤمنون إن من أسباب انشراح الصدر الإنابة إلى الله تعالى ومحبته والإقبال عليه والتوبة إليه فإنه لا شيء أشرح لصدر العبد من هذا وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنجاه الله منه كما يكره أن يلقى في النار)).
    أيها المؤمنون وإن من أسباب انشراح الصدر إتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر كله فإن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم
    عباد الله صلوا وسلموا على الرحمة المهداة والنعمة المسداة, فقد أمركم الله بذلك حيث يقول جل في علاه ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ اللهم صلي وسلم وبارك على الحبيب المصطفى وعلى اله وصحبه الطيبين الطاهرين وعنا معهم بمنك وفضلك يا ارحم الرحمين ..


    اللهم اختم بالصالحات أعمالنا وبالسعادة آجالنا وتوفنا يا رب وأنت راض عنا .. اللهم اجعل اجتماعاً مباركا مرحوماً، واجعل تفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ربنا لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا مريضا إلا شفيته ولا ميتا إلا رحمته ولا طالبا أمرا من أمور الخير إلا سهلته له ويسرته له يارب العالمين ..
    ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) عبادَ اللهِ ،
    ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )
    فاذكرو الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون

    7 "
  2. 10- كلمة التقوى

    الخطبة الأولى
    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
    أما بعد. . .
    فاتقوا الله أيها الناس فإن الله تعالى خلقكم لأمر عظيم جليل بينه لكم فقال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُون﴾ وقال: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً﴾. فالله قد خلقكم .. إنسكم وجنكم .. ذكركم وأنثاكم لعبادته تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾
    أيها المؤمنون إن مفتاح العبودية الأعظم هو شهادة أن لا إله إلا الله. فلا إله إلا الله قامت بها السماوات والأرض ولا إله إلا الله هي فطرة الله التي فطر الناس عليها ولا إله إلا الله هي أول دعوة الرسل لأقوامهم ولا إله إلا الله هي كلمة التقوى والإسلام ومفتاح الجنة دار السلام.
    أيها المؤمنون إن فضائل لا إله إلا الله عظيمة كثيرة فمن ذلك أنها أول ما يطالب بها العبد ليدخل في الدين الذي لا يقبل الله تعالى سواه ففي قصة بعث معاذ إلى اليمن: فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. ومن فضائلها أن بها يعصم دم العبد وماله قال النبي r: ((من قال: لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل)).
    ومن فضائل لا إله إلا الله أنها تحرم على النار من قالها صادقاً مخلصاً فقد قال رسول الله r: ((إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله)). ومن فضائلها أن بها يدخل العبد الجنة فقدقال النبي r: ((أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبدٌ غير شاك فيهما فيحجب عن الجنة)).
    ومن فضائلها أنه من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة فعن معاذ t قال: قال رسول الله r: ((من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة)).
    ومن فضائل هذه الكلمة المباركة أنها أفضل ما نطق به العبد ففي الترمذي بسند صحيح قال رسول الله r: ((أفضل ماقلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له)).
    ومن فضائل هذه الكلمة الطيبة أن من قالها بإخلاص حصلت له شفاعة النبي ففي الصحيح أن النبي r قال: ((أحق الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه)).
    أيها المؤمنون إن من فضائل لا إله إلا الله الكبار أنها تثمر العمل الصالح فجميع الأعمال الصالحة الظاهرة والباطنة إنما هي ثمرة هذه الكلمة المباركة قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ` تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ فشبه سبحانه الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة فمن رسخت هذه الكلمة الطيبة في قلبه إيماناً وتصديقاً انقادت جوارحه لأمر الله تعالى عملاً وتطبيقاً.
    فلا إله إلا الله ما أعظم هذه الكلمة وأكثر فضائلها.
    فمن صاغ قلبه وقوله وعمله على ذلك فإنه من أهل لا إله إلا الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
    أيها المؤمنون اقدروا لهذه الكلمة العظيمة قدرها فإنها مفتاح النجاة وباب السعادة في الدنيا والآخرة.
    بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ؛ ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذكّر الحكيم ؛ أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم


    الخطبة الثانية
    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
    أما بعد. . .
    أيها الإخوة المؤمنون لنا مع هذه الفضائل وقفتان: الأولى: في معنى هذه الكلمة الطيبة فإن كثيراً من الناس لا يعرفون معناها وقد لا يدركون حقيقة مضمونها ولاشك أن هذا سبب كبير في تخلف هذه الفضائل عن قائلها أيها المؤمنون إن معنى قولكم: لا إله إلا الله أنكم تقرون بأنه لا معبود بالحق إلا الله تعالى فلا يستحق أحد أن يصرف له شيء من العبادات القلبية كالمحبة والخوف والرجاء والتوكل غير الله تعالى. ولا يستحق أحد أن يصرف له شيء من العبادات في صلاة وذبح ونذر ودعاء غيره سبحانه بل الواجب أن يفرد جل وعلا بجميع العبادات الظاهرة والباطنة.
    فإن أخل العبد بشيء من ذلك فصرف العبادة لغير الله فإن لا إله إلا الله لا تنفعه بشيء بل هو مشرك كافر متوعد بقوله تعالى: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَار﴾ فاحذروا الشرك ياعباد الله فإن خطره عظيم اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك ونحن نعلم ونستغفرك مما لا نعلم.
    الوقفة الثانية: أنه لا يكفي في حصول تلك الفضائل والخيرات المترتبة على قول: لا إله إلا الله مجرد قولها فقط قال ابن القيم رحمه الله: : (( إن المنافقين يقولونها بألسنتهم وهم تحت الجاحدين لها في الدرك الأسفل من النار فلابد من قول القلب وقول اللسان )). أيها المؤمنون إن قول القلب الذي لابد من توفره لتحصيل تلك الفضائل وإدراك تلك المناقب هو أن تكون أعمالك ياعبد الله كلها لله .. وأقوالك لله .. وعطاؤك لله .. ومنعك له حبك لله وبغضك له .. فمعاملاتك لوجه الله وحده لا تريد بذلك من الناس جزاءً ولا شكوراً.

    صلوا عباد الله على الهادي البشيرِ ، والسراجِ المنيرِ ، كما أمرَكم بذلك اللطيفُ الخبيرُ ، فقال سبحانه قولاً كريما ( إِنَّ اللهَ وَملاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيْ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُواْ صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) اللهم صلِّ وسلمْ وأنعمْ وأكرمْ وزدْ وباركْ ، على عبدِك ورسولِكَ محمدٍ ، وارضَ اللهم عن أصحابِهِ واله الأطهارِ ، ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ وعن التابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ، وعنَّا معَهم بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ .
    اللّهُم يا عظيمَ العفوِ ، ويا واسعَ المغفرةِ ، ويا قريبَ الرّحمةِ ، ويا ذا الجلالِ والإكرامِ ، هبْ لنا العافيةَ ، في الدُنيا والآخرةِ ، اللّهُم اجعلْ رزقَنَا رغداً ، ولا تُشمتْ بنا أحداً ، اللهم إنا نسألُكَ ، بعزِّكَ الذي لا يرامُ ، وملكِكَ الذي لا يُضامُ ، وبنورِكَ الذي ملأ أركانَ عرشِكَ ، أن تكفيَنا شرَّ ما أهمَنا وما لا نهتمُ به ، وأن تعيذَنا من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، اللهم أرحمْ موتانا ، وعافي مُبتلانا ، واقضِ الدينَ عن مدينِنا ، وردَّ ضالَنا إليكَ رداً جميلاً ،
    ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) عبادَ اللهِ ،
    ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )
    فاذكرو الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون

    7 "
  3. 11- صحبة الأخيار

    الخطبة الأولى
    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
    أما بعد. . .
    ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ واعلموا أن الله بالغ حكمته .. خلق الخلق بتدبيره , وفطرهم بتقديره , فكان من لطيف ما دبَّر وبديع ما قدر، أن خلق الإنسان مطبوعاً على الافتقار إلى جنسه، راغباً في مصاحبة من هم على شاكلته، ميالاً إلى مخالطة أفراد نوعه ومجالسة بني جلدته. وقد جاءت شريعة أحكم الحاكمين ملبية لهذه الحاجة الفطرية التي يصلح بها معاش الناس ومعادهم. ولكنها بينت أنه لا يصلح للصحبة كل إنسان, فحثت على صحبة المتقين الأبرار، ونهت وحذرت عن صحبة أهل المعاصي والأشرار، وذلك لما للأصحاب من أثر على الدين والعقل والخلق، قال النبي r: ((المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل)).
    وقد أدرك العلماء والعقلاء أثر الصاحب على صاحبه، فحثوا على صحبة الأخيار، وحذروا من صحبة الأشرار. وقال أبو الدرداء : لصاحب صالح خير من الوحدة والوحدة خير من صاحب السوء. ومن كلام علي رضي الله عنه:
    ولا تصحب أخا الجهل وإيـاك وإيـاه
    فكم من جاهل أردى حليماً حين يلقاه
    يقـاس المـرء بالمرء إذا مـاهو ماشاه
    أيها المؤمنون الزموا صحبة الأخيار ومودة المتقين الأبرار الذين تزيدكم صحبتهم استقامة وصلاحاً فإن صحبة هؤلاء تورث الخير في الدنيا والآخرة ولها ثمرات طيبة وآثار مباركة ولذا أمر الله سبحانه نبيه بها فقال جل ذكره: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾.
    فمن ثمار صحبة الأخيار، ما أخبر به النبي r حيث قال: ((مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة)).
    ومن ثمار صحبة الأخيار أن حضور مجالس الخير معهم سبب لمغفرة الذنوب ففي الصحيحين عن أبي هريرة t في الحديث الطويل: قال رسول الله r: ((إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر)) وفي الحديث أن الله سبحانه وتعالى يسألهم عن مجالس هؤلاء وما يقولون فيها فتقول الملائكة: يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك فيقول الله في آخر الحديث: (( أشهدكم أني قد غفرت لهم)) قال: فيقول ملك من الملائكة: . . . . . . فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة فيقول الله تبارك وتعالى: ((وله قد غفرت هم القوم لايشقى بهم جليسهم)). فما أعظم صحبة الأخيار وأطيب عواقبها .
    أيها المؤمنون إن من ثمار صحبة الأخيار محبتهم، ومحبتهم سبب لمشاركتهم في خير الدنيا ونعيم الآخرة ففي الصحيحين عن أبي موسى tقال: قيل للنبي r: الرجل يحب القوم ولم يلحق بهم ؟ قال: r ((المرء مع من أحب)).
    ومن ثمار صحبة الأبرار التأثر بهم والاقتداء بسلوكهم وأخلاقهم واستقامتهم كما قال النبي r: ((المرء على دين خليله)) وقد صدق القائل:
    إذا كنت في قوم فصاحب خيارهم ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي
    بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ؛ ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذكّر الحكيم ؛ أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم

    الخطبة الثانية
    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
    أما بعد. . .
    فاتقوا الله عباد الله واحذروا مصاحبة الفساق وأهل المعاصي والأشرار الذين يزينون لكم معصية الله تعالى ويعينونكم على تضييع حقوق الله تعالى بارتكاب المعاصي وترك الواجبات.
    احذروا هؤلاء أشد الحذر فإنهم قطاع طريق الهداية يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجاً فعن المسيب t قال: ((لما حضرت أبا طالب الوفاة جاء النبي r فوجد عنده أبا جهل بن هشام وعبدالله بن أبي أمية بن المغيرة فقال له النبي r: أي عم قل: لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله فقال أبو جهل وصاحبه: أترغب عن ملة عبدالمطلب؟ فلم يزل النبي r يعرضها عليه ويعودان في تلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ماقال: هو على ملة عبدالمطلب وأبى أن يقول: لا إله إلا الله)) نعوذ بالله من الخذلان ومن جلساء السوء.
    فانظر بارك الله فيك كيف أثر جليسا السوء على هذا حتى حالا بينه وبين الجنة وأسلماه إلى النار والعياذ بالله فاحذروا أيها المؤمنون جلساء السوء فإنهم لا يقر لهم قرار، ولا تسكن لهم ساكنة حتى يوقعوكم في معصية الله تعالى ويورطوكم في ترك مافرض الله عليكم، فصحبة الفساق والأشرار قطعة من النار تعقب الضغائن، وتورث الحسرات وتجرئ على المعاصي والسيئات قال الله تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ` يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً ` لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولاً﴾.
    فليحذر كل واحد منا صغيراً أو كبيراً مصاحبة أهل السوء والريب فإن الصاحب ساحب والطبع سراق.
    ولا يغرنك من أصحاب السوء وأهل المعاصي طيب معشرهم أو حلاوة ألسنتهم فالماء قد يصفو منظره وطعمه خبيث فاحذروا أيها المؤمنون مصاحبة هؤلاء في أنفسكم وجنبوا أولادكم وأهليكم مصاحبة أهل الشر فإنهم أكبر أسباب ضياعهم وفسادهم. اللهم إنا نسألك أن تجنبنا الشر وأهله وأن تحفظنا من المعاصي وأهلها.
    عباد الله صلوا وسلموا على الرحمة المهداة والنعمة المسداة, فقد أمركم الله بذلك حيث يقول جل في علاه ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ اللهم صلي وسلم وبارك على الحبيب المصطفى وعلى اله وصحبه الطيبين الطاهرين وعنا معهم بمنك وفضلك يا ارحم الرحمين ..


    اللهم إنا نسألك من خير ما سألك به محمد صلى الله عليه وسلم .. ونستعيذ بك من شر ما استعاذ به محمد صلى الله عليه وسلم ..اللهم أحينا في الدنيا مؤمنين طائعين .. وتوفنا مسلمين تائبين ... اللهم ارحم تضرعنا بين يديك .. وقوّمنا إذا اعوججنا ..وكن لنا ولا تكن علينا .. اللهم نسألك يا غفور يا رحمن يا رحيم ..أن تفتح لأدعيتنا أبواب الاجابه .. اللهم لا تردنا خائبين ..وآتنا أفضل ما يؤتى عبادك الصالحين .. اللهم ولا تصرفنا عن بحر جودك خاسرين ..ولا ضالين ولا مضلين .. واغفر لنا إلى يوم الدين ..برحمتك يا أرحم الرحمين ..
    ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) عبادَ اللهِ ،
    ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )
    فاذكرو الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون

    7 "
  4. 12- ابو بكر الصديق.

    الخطبة الأولى

    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
    أما بعد..
    أيها المؤمنون إن الله اصطفى محمداً صلى الله عليه وسلم على الأولين والآخرين، واصطفى له خير الناس بعد النبيين فجعلهم أصحابه ﴿وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ فأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم خير الأمة، وأعظمهم فضلاً، وأعمقهم علماً، وأصدقهم إيماناً، وأبرهم قلوباً،شهدوا الوحي والتنزيل، وعلموا التفسير والتأويل، السابقون إلى الفضائل والمكرمات، والمتبوئون في الآخرة أعالي الجنات ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً﴾ فلا خير إلا في سبيلهم، ولا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق .
    أيها المؤمنون أصحاب رسول الله هم خير قوم رضي الله عنهم ورضوا عنه، إلا أن أفضلهم منزلة وأعلاهم مكانة صديق هذه الأمة أبو بكر عبد الله بن عثمان، السابق إلى الإسلام والإيمان، فهو أول من آمن من الرجال.
    خـير البرية أتقاها وأعدلها بعد الـنبي وأوفــاها بما حملا
    والثاني التالي المحمود مشهده وأول الناس منهم صدق الرسلا
    أبو بكر الصديق صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية والإسلام، وأعظم الصحابة اجتماعاً برسول الله صلى الله عليه وسلم ليلاً ونهاراً، حضراً وسفراً، فقد لازم أبو بكر رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حياته كلها، فكان معه في مكة معيناً ونصيراً، وكان معه في الهجرة إلى المدينة رفيقاً شفيقاً، وكان معه في المدينة عضيداً وزيراً، شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم المشاهد والمعارك كلها، وشهد الله له بالصحبة في كتابه وتلك منقبة عظيمة وفضيلة شماء فقال الله تعالى : ﴿إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾.
    أيها المؤمنون أبو بكر رضي الله عنه صاحب الفضائل والمناقب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكنه أخي وصاحبي)) وقال صلى الله عليه وسلم مشيداً بأبي بكر :((إن الله بعثني إليكم فقلتم :كذبت ، وقال أبو بكر :صدق ؛وواساني بنفسه وماله ؛ فهل أنتم تاركو لي صاحبي ؟! فهل أنتم تاركو لي صاحبي ؟!)).
    أيها المؤمنون إن أبا بكر رضي الله عنه لم يحصل تلك المنزلة العالية والمكانة الرفيعة إلا بجد وإخلاص، وجهاد وهمة عالية ؛ ورغبة صادقة ؛ وأعمال صالحة ؛ ويد باذلة ؛ وعين باكية، ويجمع ذلك كله قلب صادق، ونفس زاكية، وفي طلب ما عند الله جادة صادقة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه يوماً : ((من أصبح منكم اليوم صائماً ؟ قال أبو بكر : أنا . فقال رسول الله : فمن تبع منكم اليوم جنازة ؟ قال أبو بكر : أنا. قال رسول الله : فمن أطعم اليوم منكم مسكيناً ؟ قال أبوبكر : أنا . قال رسول الله : فمن عاد منكم اليوم مريضاً ؟ قال أبو بكر : أنا . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة)).
    أيها المؤمنون أبو بكر أعظم الأمة بعد رسول الله صبراً ، وأثبتهم يقيناً ، وأعمقهم إيماناً ، وشواهد ذلك كثيرة عديدة ، فقد ثبّت الله بأبي بكر صحابة رسول الله لما طاشت عقولهم وارتجت أفئدتهم وزلزلت أقدامهم عند موت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ألا من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت وقرأ عليهم قول الله تعالى : ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ وقول الله تعالى : ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ﴾ فكشف الله به عنهم الاضطراب، وثاب الناس بكلامه وتوجيهه إلى الجادة والصواب.
    أيها المؤمنون أبو بكر جبل شامخ لا تزعزعه العواصف، ولا تستفزه الأزمات، رابط الجأش سديد الرأي، فما أن ذاع نبأ موت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ارتد أحـياء من العرب ، ومنع قوم الزكاة ونجم النفاق ، وتربص اليهود والنصارى فكان الخطب جلل، والحدث جسيم تنهد له الجبال الراسيات، فقال أبو بكر : أنا لها أنا لها، لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فبعث البعوث وجهز الجيوش وقاتل المرتدين ﴿وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً﴾ وثبت الله التوحيد في جزيرة العرب بالصديق، وقصم فيها فقار الشرك والوثنية، فرضي الله عنك يا أبا بكر وجزاك عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء وجمعنا بك في جنات النعيم .
    بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ؛ ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذكّر الحكيم ؛ أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم

    الخطبة الثانية
    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
    أما بعد..
    فالزموا عباد الله وصية رب رحيم قال لكم : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ فاتقوا الله عباد الله واقرؤوا سير الصالحين السابقين واللاحقين؛ فإن في قصصهم وسيرهم عبرة وعظة ينشئ الله بها أمثالهم
    لعل في أمـة الإســـلام نابتة تجلو لحاضرها مـرآة ماضيها
    حتى ترى بعض ما شادت أوائلها من الصروح وما عاناه بانيها
    اعتبروا عباد الله بسير صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لتعرفوا فضلهم وسابقتهم، وليرسخ في قلوبكم حبهم، وينشط فيها صدق الرغبة في التأسي بهم، ولتعلموا عظم جرم الرافضة الذين كفّروا صحابة رسول الله وعابوهم وسبوهم .
    عباد الله صلوا وسلموا على الرحمة المهداة والنعمة المسداة, فقد أمركم الله بذلك حيث يقول جل في علاه ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ اللهم صلي وسلم وبارك على الحبيب المصطفى وعلى اله وصحبه الطيبين الطاهرين وعنا معهم بمنك وفضلك يا ارحم الرحمين ..


    اللهم إنا نسألك من خير ما سألك به محمد صلى الله عليه وسلم .. ونستعيذ بك من شر ما استعاذ به محمد صلى الله عليه وسلم ..اللهم أحينا في الدنيا مؤمنين طائعين .. وتوفنا مسلمين تائبين ... اللهم ارحم تضرعنا بين يديك .. وقوّمنا إذا اعوججنا ..وكن لنا ولا تكن علينا .. اللهم نسألك يا غفور يا رحمن يا رحيم ..أن تفتح لأدعيتنا أبواب الاجابه .. اللهم لا تردنا خائبين ..وآتنا أفضل ما يؤتى عبادك الصالحين .. اللهم ولا تصرفنا عن بحر جودك خاسرين ..ولا ضالين ولا مضلين .. واغفر لنا إلى يوم الدين ..برحمتك يا أرحم الرحمين ..
    ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) عبادَ اللهِ ،
    ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )
    فاذكرو الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون
    7 "
  5. 13- محبة النبي صلى الله عليه وسلم.


    الخطبة الأولى

    ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ أحمده سبحانه وأثني عليه الخير كله لا أحصي ثناءً عليه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبدالله ورسوله بعثه بالهدى ودين الحق بشيراً ونذيراً ، وداعياً إليه بإذنه وسراجاً منيراً صلى الله عليه وسلم وعلى آله الأطهار وأصحابه الأبرار وعلى سائر عباد الله الصالحين الأخيار أما بعد:
    أيها المؤمنون اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ، فاتقوه رحمكم الله فإنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين .
    أيها المؤمنون إن الله تعالى أرسل محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين وحجة على العباد أجمعين ، أرسله الله تعالى على حين فترة من الرسل، وانطماس من السبل، فهدى الله به إلى أقوم الطرق وأوضح السبل، أوحى الله إليه : ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. قُمْ فَأَنْذِرْفلم يزل صلى الله عليه وسلم قائماً بأمر ربه ومولاه لا يرده عن ذلك راد ، داعياً إلى الله لا يصده عنه صاد، يبلغ دين الله ورسالته لا يخشى فيه لومة لائم ، أوذي في الله أبلغ الأذى، في نفسه وماله وأهله وأصحابه، كذبه قومه وعابوه، وسفهوا رأيه وضللوه، حاولوا قتله وسجنه، أخرجوه من بلده طريداً سليباً، ثم قاتلوه وحاربوه، فكسروا رباعيته وشجوا رأسه، وأدموا وجهه الشريف فكان يقول: ((اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)) فتحمل في سبيل تبليغ دين الله وهداية عباد الله صنوف المشاق وألوان الأذى ،فكان عاقبة أمره فوزاً ونصراً، فأشرقت برسالته الأرض بعد ظلمتها، هدى الله به من الضلالة ،وبصر به من العمى ،فأنقذ الله به من آمن به قال تعالى ﴿ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ .
    أيها المؤمنون عباد الله : إن من أكبر حقوق النبي صلى الله عليه وسلم الذي أنقذكم الله به من النار ،وهداكم به من الضلالة ،محبته صلى الله عليه وسلم ،محبة قلبية صادقة ،ففي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين))
    فحق على كل مؤمن بالله واليوم الآخر ،أن يحب النبي صلى الله عليه وسلم ،محبة يتجلى فيها إيثار النبي صلى الله عليه وسلم على كل محبوب ،من نفس ووالد وولد ،والناس أجمعين، فمحبة النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم واجبات الدين ،وهي فرع من محبة الله تعالى وتابعة لها .
    أيها المؤمنون : إن لمحبة الرسول علامات ودلائل، تظهر حقيقة المحبة وصدقها، ومن أبرز هذه العلامات متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم، في أعماله وأقواله وأخلاقه وجميع شأنه قال الله تعالى : ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من أحيا سنتي فقد أحبني ومن أحبني كان معي في الجنة)) فمن أحب رسول الله محبة صادقة أوجب له ذلك تمام المتابعة ،فتجد المحب الصادق في محبة النبي صلى الله عليه وسلم ،معظماً لسنته ،عاملاً بها، حريصاً عليها، في دقيق الأمر وجليله، لا يعدل بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وهديه شيئاً من الأقوال أو الأفعال نسأل الله العظيم من فضله .
    بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ؛ ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذكّر الحكيم ؛ أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم

    الخطبة الثانية

    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
    أما بعد..
    أيها المؤمنون : إن من دلائل محبة النبي صلى الله عليه وسلم الإكثار من ذكره ، فذكره صلى الله عليه وسلم سبب لدوام محبته في قلب العبد ،وتضاعفها، فالعبد كلما أكثر ذكر المحبوب واستحضر محاسنه زاد حنيناً له وشوقاً إليه .
    أيها المؤمنون : إن ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الذي تزداد به محبته والإيمان به يكون بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم : ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماًلا سيما عند ذكره صلى الله عليه وسلم فإنه قد قال : ((البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي)) ومن ذكره صلى الله عليه وسلم معرفة سيرته وأيامه وأحواله وما جرى له ،فمعرفة سيرته صلى الله عليه وسلم من أسباب زيادة محبته صلى الله عليه وسلم.
    أيها المؤمنون من دلائل محبة النبي صلى الله عليه وسلم نصرته والذب عنه وعن شريعته وتأييده ومنعه صلى الله عليه وسلم من كل ما يؤذيه ، ورفض أعدائه والمعاندين لشريعته قال الله تعالى : ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً. لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً وتعزيره يكون بنصره وتأييده ، وتوقيره يكون بإجلاله وإكرامه صلى الله عليه وسلم .
    أيها المؤمنون إن من علامات المحبة الشوق إلى لقائه وتمني رؤيته ففي صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم : ((من أشد الناس لي حباً ناس يكونون بعدي يود أحدهم لو رآني بأهله وماله)) هذه بعض علامات محبة النبي صلى الله عليه وسلم محبة صادقة نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يرزقنا محبة نبيه صلى الله عليه وسلم.
    صلوا عباد الله على الهادي البشيرِ ، والسراجِ المنيرِ ، كما أمرَكم بذلك اللطيفُ الخبيرُ ، فقال سبحانه قولاً كريما ( إِنَّ اللهَ وَملاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيْ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُواْ صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) اللهم صلِّ وسلمْ وأنعمْ وأكرمْ وزدْ وباركْ ، على عبدِك ورسولِكَ محمدٍ ، وارضَ اللهم عن أصحابِهِ واله الأطهارِ ، ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ وعن التابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ، وعنَّا معَهم بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ .
    اللهم اختم بالصالحات أعمالنا وبالسعادة آجالنا وتوفنا يا رب وأنت راض عنا .. اللهم اجعل اجتماعاً مباركا مرحوماً، واجعل تفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ربنا لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا مريضا إلا شفيته ولا ميتا إلا رحمته ولا طالبا أمرا من أمور الخير إلا سهلته له ويسرته له يارب العالمين ..
    ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
    (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)
    ، عبادَ اللهِ ،
    ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )
    فاذكرو الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون

    7 "
  6. 14- اهمية الاخلاص.


    الخطبة الأولى
    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
    أما بعد. . .
    أيها الناس اتقوا الله وأطيعوه وأخلصوا له العبادة وحده لا شريك له فإن الله خلق الخلق وبعث الرسل وأنزل الكتب ليكون الدين كله لله قال الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾وقال سبحانه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ وقال: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾
    أيها المؤمنون إن عبادة الله لا تقوم ولا تستقيم إلا بالإخلاص له فالإخلاص لله هو حقيقة الدين ولب العبادة وشرط قبول العمل بمنزلة الأساس للبنيان وبمنزلة الروح للجسد فلا عبادة ولا عبودية لمن لا إخلاص له قال الله سبحانه وتعالى مخبراً عن أعمال الكفار التي لا إخلاص فيها ولا توجيه: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً﴾ فهذا الإحباط للعمل والإبطال للسعي نصيب كل من لم يخلص لله تعالى في قوله وعمله قال الله سبحانه وتعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ ` أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾\

    أيها المؤمنون اتقوا الله وأخلصوا أعمالكم لله فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك وهو يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور فعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((إن أول الناس يوم القيامة يقضى عليه رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت قال الله تعالى: كذبت ولكنك قاتلت لأن يقال: فلان جريء فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن قال الله تعالى: كذبت ولكنك قرأت لأن يقال: قاريء تعلمت العلم ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال قارئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك قال كذبت ولكنك فعلت ليقال جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار)) نعوذ بالله من حال أهل النار.

    أيها المؤمنون إن من أعظم أسباب غياب الإخلاص في أعمال كثير منا هو طلب الدنيا ومحبة المدح والثناء فإن الإخلاص لا يقر في قلب ملئ بمحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس فجاهدوا ياعبادالله أنفسكم حتى تكونوا من أهل الإخلاص الذين أعمالهم كلها لله وحده لايريدون بذلك من الناس جزاء ولا شكوراً.
    أيها المؤمنون إن لإخلاص العمل فوائد كثيرة منها أن الأقوال والأعمال لا تقبل مهما حسن أداؤها إذا لم يصاحبها إخلاص لله تعالى: فعن أبي أمامة t مرفوعاً: ((إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً وابتغي به وجهه)) وفي حديث أبي هريرة t في وصف من أسعد الناس بشفاعة النبي r يوم القيامة قال رسول الله r: ((من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه))
    ومن فوائد الإخلاص أن العمل القليل مع الإخلاص سبب للفوز برضا الله تعالى ومن أمثلة ذلك قوله: r ((اتق النار ولو بشق تمرة)) فشق التمرة مع الإخلاص يقي النار بمنة الكريم المنان كما أن كثير العمل مع الرياء يولج العبد أسفل النيران كما قال العزيز القهار: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً﴾.
    ومن فوائد الإخلاص أن الأعمال تتفاضل بتفاضل ما في القلوب من التوحيد والإخلاص، فتكون صورة العملين واحدة وبينهما من التفاضل كما بين السماء والأرض وفي الحديث: ((إن الرجل لينصرف وما كتبت له إلا عشر صلاته أو تسعها أو ثمنها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها)) فاتقوا الله أيها المؤمنون وأخلصوا لله رغبتكم وعملكم فإنه لا يضيع عمل المخلصين.
    بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ؛ ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذكّر الحكيم ؛ أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم


    الخطبة الثانية
    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
    أما بعد...
    فاتقوا الله أيها المؤمنون وأخلصوا لله سبحانه وتعالى فإن الإخلاص سبب لقوة القلب وثبات اليقين عند توافر الفتن والزيغ فهذا نبيكم صلى الله عليه وسلم لما كمل مراتب الإخلاص أنزل الله على قلبه السكينة فثبت فؤاده ونصره على أعدائه فالعبد ينصر بإخلاصه لله تعالى. فعن سعد بن أبي وقاص t عنه قال: قال رسول الله r: ((إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم))
    فالإخلاص والصدق مع الله يعين العبد على النهوض بالحق والقيام به والدعوة إليه مهما عظمت قوة الباطل فهذا نبي الله هود عليه الصلاة والسلام تحدى قومه كما قص الله علينا نبأهم في كتابه حيث قال: ﴿قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ ` إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾فالإخلاص أعظم ما يعين العبد على القيام بالحق.

    أيها المؤمنون إن الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِين﴾ وقد بين الله سبحانه هؤلاء العباد في قوله: ﴿إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾فالمخلصون الموحدون محفوظون بحفظ الله ﴿كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾ فاجتهدوا أيها المؤمنون في إخلاص العمل لله عسى أن تحصلوا تلك الفضائل والمناقب. للهم إنا نسألك الإخلاص في القول والعمل.
    صلوا عباد الله على الهادي البشيرِ ، والسراجِ المنيرِ ، كما أمرَكم بذلك اللطيفُ الخبيرُ ، فقال سبحانه قولاً كريما ( إِنَّ اللهَ وَملاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيْ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُواْ صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) اللهم صلِّ وسلمْ وأنعمْ وأكرمْ وزدْ وباركْ ، على عبدِك ورسولِكَ محمدٍ ، وارضَ اللهم عن أصحابِهِ واله الأطهارِ ، ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ وعن التابعينَ وتابعِيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ ، وعنَّا معَهم بمنِّكَ وفضلِكَ ورحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ .
    اللهم اختم بالصالحات أعمالنا وبالسعادة آجالنا وتوفنا يا رب وأنت راض عنا .. اللهم اجعل اجتماعاً مباركا مرحوماً، واجعل تفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ربنا لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا مريضا إلا شفيته ولا ميتا إلا رحمته ولا طالبا أمرا من أمور الخير إلا سهلته له ويسرته له يارب العالمين ..
    ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
    (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)
    ، عبادَ اللهِ ،
    ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )
    فاذكرو الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون


    7 "
2 من 2 صفحة 2 من 2 12
ADs

قم بتسجيل دخولك للمنتدي او

الانضمام لمبتعث

Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc.