الأعضاء الإشتراك و التسجيل

الملتقيات
ADs

كيف تختلف دون ان نفترق00؟؟ اداب الحوار00

كيف تختلف دون ان نفترق00؟؟ اداب الحوار00


NOTICE

تنبيه: هذا الموضوع قديم. تم طرحه قبل 6164 يوم مضى, قد يكون هناك ردود جديدة هي من سببت رفع الموضوع!

قائمة الأعضاء الموسومين في هذا الموضوع

  1. الصورة الرمزية monaty
    monaty

    مبتعث مجتهد Senior Member

    monaty المملكة المتحدة

    monaty , أنثى. مبتعث مجتهد Senior Member. من السعودية , مبتعث فى المملكة المتحدة , تخصصى _ , بجامعة _
    • _
    • _
    • أنثى
    • اكسفورد, _
    • السعودية
    • Mar 2007
    المزيدl

    May 14th, 2007, 05:35 AM


    بسم الله الرحمن الرحيم
    مقدمة لا بد منها

    كلنا نتحدث بهدوء عن أخلاقيات الاختلاف، وقد نضع نظريات جميلة من الناحية اللفظية،

    لكنَّ القليل منا هم أولئك الذين يستطيعون أن يطبقوا هذه النظريات، ويحولوها

    إلى واقع في سلوكهم العملي، وفي علاقاتهم مع الآخرين حينما يختلفون معهم،

    ولعل السر في ذلك أننا نلتمس من الآخرين أن يلتزموا بأخلاقيات الخلاف حينما يختلفون معنا،

    لكننا لا نلتمس من أنفسنا الالتزام بهذه الأخلاقيات حينما نختلف معهم.

    إننا بحاجة إلى تدريس أدب الخلاف في مدارسنا وجامعاتنا ومساجدنا،

    وتدريب الشباب والفتيات على ممارسته عملياً؛ ليتحول إلى عادة وإلى عبادة في الوقت ذاته.

    أما أنه عبادة؛ فلأنه طاعة لله ورسوله واتباع لسنن المرسلين عليهم الصلاة والسلام.

    وأما أن يتحول إلى عادة؛ فحين يتربى المرء عليه، ويصبح سجية وطبعاً لا يتكلفه، ولا يشق عليه.

    ღ♥ღ

    أهمية أدب الخلاف


    الجميع بحاجة إلى مراعاة أدب الخلاف وأخلاقيات الحوار

    * يحتاج إليه الحاكم؛ ليحفظ حقوق رعيته، حتى ممن يختلفون معه؛

    * يحتاج إليه العالِم ليحفظ حقوق الطلاب، ويعدل بينهم ويُحسن الظن

    بأسئلتهم وإشكالاتهم واعتراضاتهم .

    * يحتاج إليه الطالب ليناقش معلمه فيما خفي عنه وما أشكل عليه ,

    وفي مناقشة أقرانه فيما فيه مجال للإجتهاد .

    * يحتاج إليه الأب تحبُباً إلى قلوب ولده، وعذراً لهم فيما خالفوه فيه،

    وإدراكاً أنهم صغار قوم كبار آخرين .

    * نعم! نحن نتحدث، ويجب أن نتحدث عن أدب الخلاف،

    لكن نحتاج إلى وضع آليات لإدارة الخلاف، الذي يقع بيننا ولابد أن يقع .

    ღ♥ღ
    ساحات الحوار

    عصرنا عصر انفتاح، تكسرت فيه الحدود والسدود، وتحطمت الحواجز، يحكى عن بشر بن مروان- وكان يُظنُّ به

    شيء من الغفلة - أنه ضاع له صقر في المدينة؛ فأمر بإغلاق أبوابها لئلا يذهب الصقر،

    ونسي أنه يطير في الفضاء.

    نحن اليوم في عصر الفضاء، وفي عصر الإنترنت، حتى الحكومات أدركت أن أسلوب المنع والحظر

    والتشويش لم يعد يجدي، وأن الحل الوحيد هو النزول إلى الميدان، ومقابلة الحجة بالحجة.

    مجالس الناس أصبحت اليوم عامرة بالمتناقضات، من الآراء والتوجهات والأقاويل،

    مما يعتقدون وما لا يعتقدون، وما يدركون وما لا يدركون، ولم يعد مُجدياً تسفيه الآخرين

    مهما تكن ضحالة أفكارهم، أو تفاهة حججهم، بل لابد من الاستماع إليهم، ومنحهم الأهمية والاحترام،

    ومقارعة الفكر بالفكر، فالتناسب بين الداء والدواء ضروريٌ حتى يتقبل الجسم العلاج، وينتفع به.

    لقد أصبح الإنترنت وساحات الحوار ـ وهي كثيرة جداً تعد بالمئات باللغة العربية،

    فضلا عن التعليقات في كل مواقع الإنترنت ـ مرآةً تكشف الخلل الكبير في آلية الحوار،

    وفي تجاهل الكثيرين لدائرة المتفق عليه بين المؤمنين والمسلمين، وأهل العلم، وأهل

    الدعوة، وأهل السنة، وهي دائرة واسعة جداً ، سواءً فيما يتعلق بالدين وفهمه،

    أو فيما يتعلق بالمصلحة وإدراكها وتحقيقها، أصبح هناك تجاهل كبير لدائرة المتفق عليه،

    وعمل واسع على دائرة المختلف فيه،

    ღ♥ღ

    وترتب على ذلك سلبيات في هذا الحوار الإلكتروني كثيرة، منها:

    1) إن لم تكن معي فأنت ضدي، أو بمعنى آخر إما صفر أو مائة في المائة؛

    فهناك المفاصلة بل والمقاصلة، بمجرد أن أكتشف أن بيني وبينك نوعاً من الاختلاف أو التفاوت ـ حتى

    لو كان في مسائل جزئية أو صغيرة ـ نتحول إلى أعداء ألداء، بدلاً من أن نكون أصدقاء أوفياء.

    2) الخلط بين الموضوع والشخص؛ فيتحول نقاش موضوع معين، أو فكرة،

    أو مسألة إلى هجوم على الأشخاص، وتجريح واتهام للنيّات، واستعراض لتاريخ هذا الإنسان أو ذاك،

    وبالتالي تتحول كثير من الساحات إلى محيط للفضائح والاتهامات وغيرها من الطعون غير المحققة.

    3) تدنّي لغة الحوار، وبدلاً من المجادلة بالتي هي أحسن تتحول

    إلى نوع من السب والشتم، وكما يقول الأئمة الغزالي, وابن تيمية, والشاطبي,

    وغيرهم أنه لو كان النجاح والفلاح بالمجادلة بقوة الصوت والصراخ أو بالسب والشتم لكان الجهلاء

    أولى بالنجاح فيه، وإنما يكون النُّجْحُ بالحجة والهدوء، وفي المثل: العربة الفارغة أكثر جَلَبَةً

    وضجيجاً من العربة الملأى.

    4) القعقعة اللفظية؛ التي نحقق بها أوهام الانتصارات الكاسحة على أعدائنا،

    ونحرك بها مسيرة التنمية والإصلاح لمجتمعاتنا زعماً وظناً، وقد تسمع من يقول لك: كتب فلان مقالاً قوياً،

    فتنتظر من هذا المقال أن يكون مقالاً عميقاً، أبدع فيه وأنتج، وخرج بنتيجة جيدة،

    أو أحصى الموضوع من جوانبه؛ فإذا بك تجده مقالاً مشحوناً بالألفاظ الحادة

    والعبارات الجارحة ، التي فيها الإطاحة بالآخرين الذين لا يتفقون معه؛

    فهذا سر قوة هذا المقال عند بعضهم.

    5) الأحادية، وأعني بها: " مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ"

    بحيث يدور الشخص حول رأيه ووجهة نظره، التي ليست شرعاً منزلاً من عند الله تعالى،

    ولا قرآناً يُتلى، ولا حديثاً، ولا إجماعاً، وإنما هو رأي قصاراه أن يكون صواباً.

    6) القطعية؛ وأعني بها قولي صواب لا يحتمل الخطأ،

    وقول غيري خطأ لا يحتمل الصواب .

    7) ثم هناك التسطيح والتبسيط،فالأشياء التي لا نفهمها أو يشق علينا فهمها،

    أو تحتاج إلى روية وتأمل وتدبر، هي أشياء خاطئة ومخالفة للحق، ومخالفة للسنة،

    بينما الأشياء البسيطة السطحية السهلة الفهم يُخيل إلينا أن فيها الحق والصواب، وأنها الموافقة للكتاب،

    وهكذا ما تجده في القنوات الفضائية، فكم من برامج الحوارات التي تُدار, ويتناطح فيها أقوامٌ

    من كافة الاتجاهات والمذاهب والمشارب؛ فتجد الصخب واللجاج، وانتفاخ الأوداج، والصفاقة والإحراج .

    وخذ إليك بعض الأمثلة التي وقفت عليها هنا أو هناك:

    * فلانٌ لا كرامة له عند الله تعالى، وعند كل موحدٍ لله العظيم.

    فانظر الجراءة على الله سبحانه وتعالى وعلى عباده الصالحين، وأن تتحول أذواقنا،

    أو مشاعرنا السلبية تجاه هذا الشخص الذي لا نحبه أو لا نحترمه إلى الحكم على منزلته عند الله وعند أولياءه.

    * فلان مات؛ فإلى جهنم وبئس المصير .

    وقد تُقال هذه الكلمة في حق إمام عظيم، أو شيخ فاضل، أو داعية صادق، أو مؤمن نحسبه والله حسيبه،

    ولكنَّ الذين لا يفقهون يتجرءون ويطلقون ألسنتهم ولا يتورعون.

    * فلانٌ منحرف في العقيدة مفتون في نفسه ،

    وقد يكون أصفى من القائل عقيدة،

    وأصدق منه مذهباً، وأقوم بالكتاب والسنة.

    * فلان من المنافقين،

    وكأن صاحبنا أخذ من حذيفة بن اليمان؛

    بل كأنه تلقى من جبريل الأمين،وهذا كله يقتضي تزكية النفس، والثناء عليها بشكل مباشر أو غير مباشر؛

    فيقول عن نفسه: إنه من الناجين، ومن المؤمنين الصادقين، ومن المخلصين،

    وإنه أغير على دين الله وأنصح لعباده، وماذا تتوقع أن يكون الحوار إذا اعتقد كل طرف أن ما هو

    عليه صواب قطعي، وأن ما عليه خصمه خطأ قطعي؟

    وقد تكون المسألة كلها محل نظر وتردد، وليس فيها نص عن الله ولا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،

    وحتى في حالة القطع حينما يكون ما تقوله صواباً قطعاً، وما يقوله الآخر خطأً قطعاً؛

    فإن من الحكمة أن تبدأ الدعوة والحوار بدائرة المتفق عليه،

    كما علمنا ربنا عز وجل: " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ

    بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ"
    [آل عمران:64]،

    بل علمنا الله -تبارك وتعالى- أعظم من هذا في قوله سبحانه وتعالى : "قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ

    قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ * قُلْ لا تُسْأَلونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ"
    [سبأ25:24] ؛

    فانظر كيف عبر بلفظ الإجرام "لا تُسْأَلونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا"، أما ما يعمله الآخرون

    فقال: "وَلا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ" وهذا من باب التنزل للخصم كما يُقال، وقال الله سبحانه

    وتعالى: "قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً"[الإسراء:84].

    المرجع : كيف نختلف - الشيخ سلمان بن فهد العودة





  2. أولاً: قواعد عامة في الخلاف


    1) ما لا يتطرق إليه الخلل ثلاثة:كتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وإجماع الصحابة، وما سوى ذلك ليس بمعصوم:

    الأصول التي يتطرق إليها الخلل والتي يجب الرجوع إليها عند كل خلاف هي كتاب الله سبحانه وتعالى، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم الثابتة الصحيحة، ثم ما علم يقيناً أن أمة الإسلام جميعها اجتمعت عليه، وما سوى هذه الأصول الثلاثة فليس بمعصوم من الخطأ .


    2) رد المعلوم من الدين ضرورة كفر:

    لا يجوز الخلاف في حكم من الأحكام المقطوع بها في الإسلام، والمقطوع به هو المجمع عليه إجماعاً لا شبهة فيه، والمعلوم من الدين بالضرورة كالإيمان بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره من الله تعالى، وأن القرآن الذي كتبه الصحابة ويقرؤه المسلمون جميعاً إلى يومنا هذا هو كتاب الله لم ينقص منه شيء، والصلوات الخمس، وصيام شهر رمضان، ووجوب الزكاة والحج، وحرمة الربا والزنا، والخمر، والفواحش، ونحو ذلك من المعلوم من الدين بالضرورة أنه من الإسلام، وكل ذلك لا يجوز فيه خلاف بين الأمة ورد هذا ومثله كفر .

    3) الخلاف جائز في الأمور الاجتهادية:

    الأحكام الاجتهادية الخلافية التي وقع التنازع فيه بين الأمة في عصور الصحابة ومن بعدهم إلى يومنا هذا يجوز فيها الاختلاف، ولا يجوز الحكم على من اتبع قولاً منها بكفر ولا فسق ولا بدعة .

    ولمن بلغ درجة النظر والاجتهاد أن يختار منها ما يراه الحق، ولمن عرف الأدلة وأصول الفقه أن يرجح بين الأقوال، ولا بأس بالتصويب والتخطيء، وبالقول إن هذا راجح، وهذا مرجوح، وذلك كرؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه ليلة المعراج، وقراءة الفاتحة وراء الإمام في الجهرية، والجهر والإسرار ببسم الله الرحمن الرحيم، وإتمام الصلاة في السفر .

    4) وقوع الاختلاف وكونه رحمة وسعة أحياناً.

    الخلاف في الأمور الاجتهادية الظنية واقع من الصحابة والتابعين والأئمة وجميع علماء وفضلاء هذه الأمة، وذلك أنه من لوازم غير المعصوم، ولا معصوم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم،وأما من بعده فلا عصمة لأحد منهم، والخطأ واقع منهم لا محالة.

    ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا البقرة: 286 وقد ثبت في صحيح البخاري رحمه الله أن الله قال بعد أن أنزل هذه الآية، وتلاها الصحابة: قد فعلت»والمجتهد المخطئ معذور، بل مأجور أجراً واحداً كما جاء في الصحيحين: إذا حكم الحاكم ثم اجتهد فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فله أجر واحد»متفق عليه.

    قال ابن قدامة رحمه الله في مقدمة كتابه المغني: (أما بعد ... فإن الله برحمته وطوله جعل سلف هذه الأمة أئمة من الأعلام مهد بهم قواعد الإسلام وأوضح بهم مشكلات الأحكام: اتفاقهم حجة قاطعة واختلافهم رحمة واسعة).

    5) يجب اتباع ما ترجح لدينا أنه الحق:

    ما تنازع فيه الصحابة وأئمة الإسلام بعدهم، وعلم بعد ذلك أن النص بخلافه فإنه يجب علينا فيه اتبع ما تبين أنه موافق للدليل، وعدم اتهام السابقين بكفر أو فسق أو بدعة وذلك: كترك الجنب الذي لا يجد ماء للصلاة حتى يجد الماء، وصرف الدينار بالدينارين، ونكاح المتعة، ومنع التمتع في الحج، وجواز القدر غير المسكر من خمر العنب، ومثل هذه المسائل كثير .

    6) أسباب الخلاف التي يعذر فيها:

    أسباب الخلاف التي يعذر فيها المخالفون كثيرة: كمعرفة بعضهم بالدليل، وجهل بعضهم له والاختلاف حول صحة الدليل، وضعفه، وكونه نصاً على المسألة أو ظاهراً أو مؤولاً، وتفاوت فهمهم للنص وتقديم بعضهم دلالة من دلالات النص على أخرى،كمن يقدم الفحوى على الظاهر، وكمن يقدم الظاهر على الفحوى،كما اختلفوا في قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يصلين أحدٌ العصر إلا في بني قريظة، فأدرك بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم لا نصلي حتى نأتيهم وقال بعضهم، بل نصلي، لم يرد منا ذلك فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنف واحداً منهم) متفق عليه

    ومثل هذه الأسباب يعذر أصحابها إذا اجتهد كل منهم لمعرفة الحق .

    7) أسباب الخلاف التي لا يعذر فيها المخالف:

    وأما الأسباب الأخرى التي لا يعذر فيها المخالف فهي الحسد والبغي، والمراءاة والانتصار للنفس ومن كانت هذه دوافعه للخلاف، حرم التوفيق والإنصاف، ولم يهتد إلا للشقاق والخلاف كما قال تعالى: (كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين، وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغياً بينهم، فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) البقرة: 213

    فالذين هداهم الله هم الذين لا يبغون .

    8) وجوب طاعة الإمام في الأمور العامة وإن أساء ما لم يخرج من الإسلام:

    منهج أهل السنة والجماعة الصلاة خلف أئمة الجور والجهاد معهم، وإن كانوا فجاراً، والصوم بصومهم والحج بحجهم، وإعطاء الزكاة لهم .

    ففي الصلاة صلى المسلمون خلف الذين حاصروا الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وصلى السلف خلف الحجاج والوليد، والمختار بن أبي عبيد، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة خلف الولاة وإن كانوا يؤخرون الصلاة عن وقتها .

    وفي الزكاة قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أدوا إليهم حقهم، وسلوا الله حقكم) متفق عليه

    9) لا يجوز للإمام أن يحجر نشر علم يخالفه:

    ليس لإمام المسلمين أن يحجر الناس من نشر علم يخالف رأيه، أو مذهبه، بل عليه أن يترك كل مسلم وما تولى، كما ترك عمر رضي الله عنه عماراً وغيره يذكر ما يأثره عن الرسول رضي الله عنه في التيمم.

    وأفتى ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم بخلاف رأي عمر رضي الله عنه في متعة الحج، وأفتى حذيفة وغيره من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين بخلاف رأي عثمان رضي الله عنه في إتمام الصلاة بعرفة ومنى .

    ولكن يجب على الإمام أن يمنع نشر الكفر والبدع والزندقة، وأن يقيم الحدود الشرعية في ذلك، فسب الله وسب رسوله وسب دينه يوجب القتل لقوله صلى الله عليه وسلم: من بدل دينه فاقتلوه»رواه البخاري، والساعي في المتشابهات، والتشكيك في الدين يجب تعزيره كما فعل عمر رضي الله عنه مع صبيغ بن عسل .

    والمسلم المتأول المخطئ يناقش في خطئه، وتأوله كما فعل عمر رضي الله عنه أيضاً مع الذين شربوا الخمر تأولاً .

    ولا يجوز الحكم على متأول إلا بعد قيام الحجة عليه .

    10) لكل مسلم الحق بل عليه الواجب في إنكار المنكر والأمر بالمعروف:

    لما كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجباً من الله على كل مسلم وجب على ولي الأمر إطلاق يد المسلم في ذلك إلا ما كان من حقوقه هو كإقامة الحدود، والتعازير، وأما ما كان تحت ولاية المسلم فهذا له كتأديب الزوجة، والولد في حدود ما شرعه الله في ذلك، وكذلك إنكار المنكر باللسان، لو كان هو منكر الإمام نفسه عملاً بقوله تعالى: (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم) البقرة: 159-160

    فلا يجوز للمسلم أن يكتم علماً، ولا أن يقر على باطل إذا علم أن إقراره رضا ومتابعة، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك حيث يقول: (ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عرف برئ، ومن أنكر سلم ولكن من رضي وتابع، قالوا: أفلا نقاتلهم ؟ قال: لا . ما صلوا) رواه مسلم

    ونص الحديث أن المسلم لا يبرأ إلا بالإنكار، وقد يسلم بالسكوت وعدم الرضا إذا لم يستطع الإنكار باللسان .



    7 "
  3. ღ♥ღ

    ثانياً: الآداب التي يجب اتباعها للخروج من الخلاف



    هذه جملة من الآداب التي إذا اتبعها المسلمون فيما ينشأ بينهم من خلاف اهتدوا بحول الله ومشيئته ورحمته إلى الحق .

    1) التثبت من قول المخالف:

    أول ما يجب على المسلم أن يتثبت في النقل، وأن يعلم حقيقة قول المخالف، وذلك بالطرق الممكنة كالسماع من صاحب الرأي نفسه، أو قراءة ما ينقل عنه من كتبه لا مما يتناقله الناس شفاهاً، أو سماع كلامه من شريط مسجل أيضاً مع ملاحظة أن الأشرطة الصوتية يمكن أن يدخل عليها القطع والوصل، وحذف الكلام عن سياقه، ولذلك .يجب سماع الكلام بكامله ولو أن أهل العلم يتثبتون فيما ينقل إليهم من أخبار لزال معظم الخلاف الذي يجري بين المسلمين اليوم، وقد أمرنا الله بالتثبت كما قال سبحانه وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) الحجرات: 6

    وقال تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً) الإسراء: 36

    وقد وقفت بنفسي أنا كاتب هذه السطور على حالات كثيرة من الخلاف التي كان أساسها التسرع في النقل، وعدم التثبت فيه، وعندما وقع التثبت تبين أن الأمر بخلافه.

    2) تحديد محل التنازع والخلاف:

    كثيراً ما يقع الخلاف بين المخالفين، ويستمر النقاش والردود وهم لا يعرفون على التحديد ما نقاط الخلاف بينهم، ولذلك يجب أولاً قبل الدخول في نقاش أو جدال تحديد مواطن الخلاف تحديداً واضحاً حتى يتبين أساساً الخلاف، ولا يتجادلان في شيء قد يكونان هما متفقين عليه، وكثيراً ما يكون الخلاف بين المختلفين ليس في المعاني، وإنما في الألفاظ فقط فلو استبدل أحد المختلفين لفظة بلفظة أخرى لزال الإشكال بينهما .

    ولذا لزم تحديد محل الخلاف تحديداً واضحاً.

    3) لا تتهم النيات:

    مهما كان مخالفك مخالفاً للحق في نظرك فإياك أن تتهم نيته، افترض في المسلم الذي يؤمن بالقرآن والسنة ولا يخرج عن إجماع الأمة، افترض فيه الإخلاص، ومحبة الله ورسوله، والرغبة في الوصول إلى الحق، وناظره على هذا الأساس، وكن سليم الصدر نحوه.

    لا شك أنك بهذه الطريقة ستجتهد في أن توصله إلى الحق إن كان الحق في جانبك وأما إذا افترضت فيه من البداية سوء النية، وقبح المقصد فإن نقاشك معه سيأخذ منحى آخر وهو إرادة كشفه وإحراجه، وإخراج ما تظن أنه خبيئة عنده، وقد يبادلك مثل هذا الشعور، فينقلب النقاش عداوة، والرغبة في الوصول إلى الحق رغبة في تحطيم المخالف وبيان ضلاله وانحرافه.

    4) أخلص النية لله:

    اجعل نيتك في المناظرة هو الوصول إلى الحق وإرضاء الله سبحانه وتعالى، وكشف غموض عن مسألة يختلف فيها المسلمون، ورأب الصدع بينهم، وجمع الكلمة وإصلاح ذات البين .

    وإذا كانت هذه نيتك فإنك تثاب على ما تبذله من جهد في هذا الصدد . قال تعالى: فاعبد الله مخلصاً له الدين، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) متفق عليه

    5) ادخل إلى المناظرة وفي نيتك أن تتبع الحق وإن كان مع خصمك ومناظرك:

    يجب على المسلم الذي يخالف أخاه في مسألة ويناظره فيها ألا يدخل نقاشاً معه إلا إذا نوى أن يتبع الحق أني وجده، وأنه إن تبين له أن الحق مع مخالفه اتبعه وشكر لأخيه الذي كان ظهور الحق على يده لأنه لا يشكر الله من لا يشكر الناس.

    6) اتهم رأيك:

    يجب على المسلم المناظر وإن كان متأكداً من رأيه أنه صواب أن يتهم رأيه، ويضع في الاحتمال أن الحق يمكن أن يكون مع مخالفه، وبهذا الشعور يسهل عليه تقبل الحق عندما يظهر، ويلوح له .

    7) قبول الحق من المخالف حق وفضيلة:

    إن قبول الحق من مخالفك حق وفضيلة، فالمؤمن يجب أن يذعن للحق عندما يتبينه، ولا يجوز له رد الحق، لأن رد الحق قد يؤدي إلى الكفر كما قال صلى الله عليه وسلم: (لا تماروا في القرآن فإن مراء في القرآن كفر ..)
    رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع 4444

    والمماراة هنا معناها المجادلة، ودفع دلالته بالباطل لأن هذا يكون تكذيباً لله ورداً لحكمه، وليس تكذيباً للمخالف .

    ورد الحق كبراً من العظائم، وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الكبر فقال صلى الله عليه وسلم:
    (الكبر بطر الحق وغمط الناس)
    رواه مسلم وبطر الحق رده .

    8) اسمع قبل أن تُجِب:

    من آداب البحث والمناظرة أن تسمع من مخالفك قبل أن ترد وأن تحدد محل الخلاف قبل أن تخوض في الموضوع.

    9) اجعل لمخالفك فرصة مكافئة لفرصتك:

    يجب على كل مختلفين أن يعطي كل منهما للآخر عند النقاش فرصة مكافئة لفرصته فإن هذا أول درجات الإنصاف .

    10) لا تقاطع:

    انتظر فرصتك في النقاش، ولا تقاطع مخالفك وانتظر أن ينتهي من كلامه .

    11) اطلب الإمهال إذا ظهر ما يحتاج أن تراجع فيه نفسك:

    إذا ظهر لك أن أمراً ما يجب أن تراجع فيه النفس وتتفكر فيه لتتخذ قراراً بالعدول عن رأيك أو إعادة النظر فيه، فاطلب الإمهال حتى تقلِّب وجهات النظر . وأما إذا تحققت من الحق فبادر إعلانه،والإذعان له فإن هذا هو الواجب عليك فالذي يخاصمك بالآية والحديث يطلب منك في الحقيقة الإذعان إلى حكم الله وحكم رسوله .

    وكل من ظهر له حكم الله وحكم رسوله وجب عليه قبوله فورا كما قال تعالى:
    (إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون)
    النور: 51

    12) لا تجادل ولا تمار:

    لا يكن دخولك في نقاش مع أخيك المسلم هدفه الجدال والمماراة، بل يجب أن يكون مقصدك معرفة الحق، أو توضيحه لمخالفك، لأن الجدال مذموم والمماراة مذمومة، والجدال والمماراة أن يكون الانتصار لرأيك; وقطع خصمك وإثبات جهله، أو عجزه، وإثبات أنك الأعلم أو الأفهم . أو الأقدر على إثبات الحجة.

    13) حدد مصطلحاتك واعرف جيداً مصطلحات مخالفك:

    كثيراً ما يتجادل اثنان ويختلف قوم ولا يكون سبب خلافهم إلا أنهم يستعملون كلمات ومصطلحات كل منهم يفهمها بمعنى يختلف عما يفهمها الآخر .

    من أجل ذلك يجب عليك أن تحدد معاني كلماتك التي قد يفهمها مخالفك على صورة أخرى، وكذلك المصطلحات التي تستعملها، وأسأل مخالفك عن معاني كلماته، ومصطلحاته حتى تعرف مراده من كلامه .

    ومن المصطلحات التي يختلف في معناها الناس في الوقت الحاضر:

    المنهج، طريق السلف، وسائل الدعوة، أساليب الدعوة،البدعة المكفرة، الهجر، التطرف، الإرهاب، الخروج ... الخ، وكذلك يجب أن تعلم أن مخالفك يفهم هذه المصطلحات كما نفهمها أنت وتتفقوا عليها، أو كما هو معناها الحقيقي في اصطلاح العقيدة، الأصول، البدعة .

    14) إذا تيقنت أن الحق مع مخالفك فاقبله وإذا قبل منك الحق فاشكره ولا تمن عليه:

    يجب على المسلم إذا علم الحق من كلام مخالفه أن يبادر إلى قبوله فوراً لأن مخالفك في الدين يدعوك إلى حكم الله حكم رسوله، وليس إلى حكم نفسه .

    وأما اذا كان رأياً مجرداً، ورأيت أن الحق معه، وأن المصلحة الراجحة في اتباعه فاقبله أيضاً لأن المسلم رجاع إلى الحق .

    وأما إذا وافقك مخالفك، ورجع عن قوله إلى قولك فاشكر له إنصافه، وقبوله للحق، واحمد الله أن وفقك إلى إقالة عثرة لأخيك، وبيان حق كان غائباً عنه.

    15) لا تيأس من قبول مخالفك للحق:

    لا تكن عجولاً متبرماً غضوباً إلى اتهام مخالفك الذي لم يقبل ما تدلي به من حجة، وإن كنت على يقين مما عندك، ولا تيأس أن يعود مخالفك إلى الحق يوماً، ولربما خالفك مخالف الآن ثم يعود بعد مدة إلى الحق فلا تعجل.

    16) أرجئ النقاش إلى وقت آخر إذا علمت أن الاستمرار فيه يؤدي إلى الشقاق والنفور:

    إذا تيقنت أن النقاش والحوار سيؤدي الاستمرار فيه إلى الشقاق، والنفور فاطلب رفع الجلسة، وإرجاء النقاش إلى وقت آخر، وتذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً) رواه أبو داود، وحسنه الألباني في السلسلة 273

    17) الإبقاء على الأخوة مع الخلاف في الرأي في المسائل الخلافية أولى من دفع المخالف إلى الشقاق والعداوة:
    إذا علمت من مخالفك أنه لا يبقى أخاً إلا ببقائه على ما هو عليه من أمر مرجوح ورأي مخالف للحق في نظرك فتركه على ما هو عليه أولى من دفعه إلى الشقاق والخلاف لأن بقاء المسلمين أخوة في الدين مع اختلافهم في المسائل الاجتهادية خيرمن تفرقهم وتمزقهم وبقائهم على خلافاتهم ...


    المرجع:
    القواعد الذهبية - في أدب الخلاف - فضيلة الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الخالق

    7 "
  4. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    بارك الله فيك على النق الطيب ، بالفعل الموضوع رائع وللاسف لم ارى ان هناك اقبال عليه كما يستحق
    نسأل الله لنا الهداية جميعا ، ونسأله جلّ جلاله ان يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه .
    اللهم وحد كلمة المسلمين وثبت صفوفهم وانصرهم .

    شكرا لك منى ولاحرمنا الله من مواضيعك الجميلة .
    7 "
ADs

قم بتسجيل دخولك للمنتدي او

الانضمام لمبتعث

Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc.