مقاله اعجبتني لمحمد بن ناهي .. لتطلع عليها

أرجــاء
(الكاتب: محمـد بن ناهـي)

منذ أن وعينا على الدنيا وتوطدت علاقتنا مع الوسائل الإعلامية أصبح يتردد على مسامعنا عبارة "أرجاء المعمورة" في كثير من نشرات الأخبار وغيرها من برامج "البربره" ، والمقصود بهذه المعمورة هي "أرضنا القشرا". وبما أن ذلك أصبح برتوكول درجت عادة الحديث على استخدامه دون أن نتمعن فيما بين سطوره فبذلك انطبق علينا الحديث الشريف " لا يكون أحدكم أمعه..". فعلى الصعيد الدولي تنادي ماما أمريكا كل يوم بمصطلحات كبيره تجلجل بها الخطب المنبرية كالحرية وتحقيق الشرعية الدولية وحقوق الإنسان والمساواة..الخ مدعية سعيها الدائم لتحقيق كل ذلك في كل "أنحاء المعمورة" وبالمقابل ما تمارسه على أرض الواقع هو استعمار وخراب ودمار،بما في ذلك استخدام الوسائل المشروعة والغير مشروعه والغطاء هو تحقيق الأمن والسلم للكل في " أرجاء المعمورة". ومع وجود قانون دولي لحفظ النظام على هذه المعمورة إلا أن الأقوياء لايلتزمون به. الحروب أصبحت تأكل أخضر المعمورة ويابسها والمجاعة والفقر أهلكت الكثير من سكانها ومع كل يوم هناك "أنباء متفرقة" عن الفيضانات والزلازل المدمرة.

وبعيداً عن الشأن الدولي وبلمحة سريعة "بيضاء النية" للشأن المحلي حيث قبل فترة ليست بعيده هطلت بشائر الغنى الفاحش على الشعب السعودي والمفتاح هو سوق الأسهم بعد أن كانت مخيلتهم لكلمة سوق لاتتجاوز سوق الخضار والأغنام. فلم يبقى كبير أو صغير،رجل أو امرأة، بدوي أو حضري إلا وقد رمى بابتسامه بريئة كل ـ تحويشة العمرـ في فم هذا "الحوت الأحمر" الذي أكلهم سهماً ورماهم حسرةً ودمعاً، وأصبح كل ـ مسا..هم ـ يغني على فقره.فدخل المستشفى من دخل ومات من مات "وبابا من بابا" (بابا لغير الناطقين باللهجة المحلية أي انجن وأصبح يبابي بمعنى يهلوس).وبعد أن جفت دموع السعوديون وهدأ روعهم قليلاً ، فجأه شخصت أبصارهم إلى السماء ليست للدعاء فهم بلاشك دعّائون "في الطالعة والنازلة" إنما بسبب أن الأسعار حلقت للسماء وأصبحت نااار. ومع هذه الصدمة الأخرى ربما كانوا فقط بحاجه لمن يربت على أكتفهم تعزيةً ومواساة، إلا أن ذلك لم يكن ،حيث خرج لهم الوزير "أبو رز" ينصحهم بأن الحل لتلافي ارتفاع الأسعار هو عدم أكل الرز "الغالي" فالبدائل حسب قوله متوفرة والحمد لله أنه لم يسمي نوعاً بعينه وإلا لأصبح "الرخيص غالي". صمت مخيف من الجهات المختصة أمام هذا الارتفاع القاتل في الأسعار وبالتالي يخرج لنا الوزير المختص ويقول هكذا ولكن ماذا نقول إلا "وارزاه". حسبنا أن معالي الوزير ليس من مدمني الرز كبقية الشعب بل ربما يأتيه رزقه رغداً من أشهى المأكولات اللبنانية والإيطالية وغيرها ولذلك لم يدرك ما تعنيه أهمية الرز لهذا الشعب الذي استحل الرز تفكيره حتى انقلب دماغه إلى رز.

حتى مؤسساتنا الدينية لم يتبدل حالها منذ فتره طويلة وظلت تمارس توجهها القديم أحادي النظرة والذي ربما شابه بعض الأخطاء كما حصل في رفض التعليم ودخول التلفزيون وغيره، ولم نرى دماء دينيه جديدة يسمح لها بالمناقشة والاختلاف للوصول للأصوب الملائم لتطورات العصر فالحياة تتجدد والاجتهادات الدينية يجب أن تأخذ دورتها مع هذا التجدد.

وفي جانب آخر تهب عاصفة الفساد والرشاوى على كثير من الإدارات والمؤسسات والبطالة تنتشر بشكل مخيف والفوضى الأمنية تزداد والشعب تزداد همجيته وعدم مبالاته.دور الأسرة أصبح مشلول فأصاب الكثير من الأسر التفكك والانحلال فانتشر الزنا والمغازل الهمجي وقلت الغيرة وأصبح الولد يبحث كل يوم عن حضن جديد والبنت ربما تغيب عن البيت أيام دون أن تجد من يعكر صفو طلعاتها.

الدماء الشابة لايسمح لها بتولي المناصب المهمة لوجود رعيل من المسئولين والإداريين لا يرتضون أن يتركوا المكان لغيرهم ولا نرى منهم غير التعقيد وتمكين الأقربون منهم.

نسمع بالتطوير والإصلاح والإخلاص للوطن ولكن لاشيء من هذا، قلنا أن العلة بتعليمنا ولكن الكارثة أن أغلب مسئولينا اكتسبوا تعليمهم من أرقى الجامعات الخارجية واتضح أن التطوير الذي يعنونه والذي اكتسبوه من خبرتهم الدراسية بالخارج لا يتعدى "ملط" الشنب والذقن.لاتطوير يحدث من المتعلمين بالداخل ولا من المتعلمين بالخارج إذاً يا ترى هل مصير المبتعثين الجدد مثل سابقيهم وأين العلة؟!

الكل أصبح يدعي البياض وهو "متمردغ" في وحول السواد!!!

الكل ينادي بالصدق وهو يمارس مالم يمارسه إبليس من الكذب!!!

الكل يظهر طيبة القلب وهو ألعن اللاعنين!!!

الكل يدعي الفهم وهوأبله!!!

الخراب يحيط بنا مع كل الاتجاهات ويقولون "أرجاء المعمورة" بماذا معمورة؟ ربما يقصدون "مع ..مورة" ولكن من هي مورة هذه ؟ "نفسي أتزوجها".

إذاً هل هذه الأرجاء "معمورة" ؟! وهل لهذه" المعمورة" أرجاء؟!