الأعضاء الإشتراك و التسجيل

الملتقيات
ADs

الشخصية المنافقة

الشخصية المنافقة


NOTICE

تنبيه: هذا الموضوع قديم. تم طرحه قبل 4754 يوم مضى, قد يكون هناك ردود جديدة هي من سببت رفع الموضوع!

قائمة الأعضاء الموسومين في هذا الموضوع

  1. الصورة الرمزية rez_7an
    rez_7an

    مبتعث مستجد Freshman Member

    rez_7an السعودية

    rez_7an , ذكر. مبتعث مستجد Freshman Member. من السعودية , مبتعث فى السعودية , تخصصى بكالوريوس , بجامعة KSU
    • KSU
    • بكالوريوس
    • ذكر
    • ----, ----
    • السعودية
    • Aug 2010
    المزيدl

    April 15th, 2011, 05:53 AM

    الشخصية المنافقة



    د. عدنان حسن باحارث

    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد : فإن الإنسان مخلوق عجيب وفريد ، لا يطابق المخلوقات الأخرى ولا يشبهها ، فهو عجيب في طبيعته وطبائعه ، فريد في أخلاقه وسلوكه ، ليس ملكاً ، ولا شيطاناً ، ولا حيواناً ؛ فقد خلقه الله تعالى بيده تشريفاً وإحساناً ، وسخر له الكون عطاء وإكراماً ، وحمَّله الأمانة إلزاماً وتكليفاً ، فتلوَّن الناس أمام هذا التشريف الرباني ، والتكليف الإلهي ، فمنهم المؤمن الكريم ، ومنهم الكافر الأثيم ، ومنهم المنافق اللئيم ، فتوزعت النفوس البشرية بين هذه الأطياف العقدية الثلاثة ، فمنهم المؤمن ، ومنهم الكافر ، ومنهم المنافق .


    فأما المؤمن ، فقد تشربَ بالإيمان قلبُه ، واستنار بالوحي عقله ، واستقام بالموعظة سلوكه ، قد رضي بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمد – صلى الله عليه وسلم - نبياً ورسولاً ، فهذا بأفضل المنازل ، حتى وإن وقع في التقصير ، وصدر عنه الخطأ ، فهو تواب أواب ، لا يصرُّ ولا يستكبر ، ولا يتجرأ ولا يستحقر ، إذا أذنب عاد ، وإذا أخطأ أناب .

    وأما الكافر ، فقد أبدى صفحته ، وأفصح عن حقيقته ، وجاهر بالكفر البواح ، فلا رباً واحداً عبد ، ولا إلهاً فرداً وحَّد ، قد رفض الدين الحق ، ورضي بالدين الباطل ، فهو واضح العقيدة ، صريح البيان ، قد طابق باطنه ظاهره .

    وأما المنافق فهو الأزمة الكبرى ، والفتنة العظمى ، فلا آمن إيماناً صحيحاً ، ولا كفر كفراً صريحاً ، قد تلون بألوان البيئة من حوله ، وتشكل بأشكالها ؛ فيلبس لكل حال لبُوسَه ، ويرتدي لكل مقام رداءه ، فلا يبالي أن يمسي مؤمناً ، ويصبح كافراً ، أو يمسي كافراً ، ويصبح مؤمناً ، فدينُهُ مطيتُه لبلوغ مآربه ، ووسيلته لنيل مقاصده ، يتمصلح بالدين ، كما يتمصلح التاجر ببضاعته ؛ فحيثما وجد مربحاً مادياً توجه إليه ، وحيثما صادف مغنماً يممَّ وجهه نحوه ، لا يفرق بين حلال وحرام ، ولا يميز بين حق وباطل ، معياره الوحيد ، ومقياسه الفريد هو أن يحققَ مصالحه ، ويؤمِّنَ أطماعه ؛ فحيثما كانت المصلحة وجدته قائماً يقظاً ، كأنشط ما يكون ، وحيثما غابت المصلحة ، وفُقدت المنفعة : لم تجده هناك .
    يقول حذيفة رضي الله عنه في وصف حال هؤلاء الأصناف من بني آدم : ( القلوب أربعة : قلب أجرد فيه سراج يزهر ، فذلك قلب المؤمن ، وقلب أغلف ، فذلك قلب الكافر ، وقلب منكوس ، فذلك قلب المنافق ، عرفَ ثم أنكر ، وأبصرَ ثم عميَ ، وقلب تمدُّه مادتان ؛ مادة إيمان ومادة نفاق ، هو لما غلب عليه منهما ) ، فالمنافق منكوس القلب ، مطموس الهوية ، تائه الإرادة ، فاقد الاتجاه .




    إن الشخصية المنافقة من أعجب أشكال بني آدم ، ومن أغرب أطوارهم الإنسانية ؛ فهي شخصية متلونةٌ بكل الألوان البشرية ، وقابلةٌ للتشكل في جميع القوالب البيئية ، ومتفوقةٌ ببراعة في أساليب التأقلم الاجتماعية ؛ فحيثما وقعت الشخصية المنافقة من البيئات الاجتماعية المختلفة : تشكلت بأشكالها ، وتأقلمت بأنماطها ، حتى يحارَ البصير في اكتشافها ، ويعجزَ الفطن عن تمييزها ؛ فقد أتقنت أدوارها ، وأحكمت طرائقها ، حتى تبدو وكأنها الحقيقةُ التي لا شك فيها ، والصدق الذي لا ريب معه .

    ومع كل هذا الغموض الذي يلفُّ الشخصية المنافقة ، ومع كل هذه المراوغةِ التي تكتنفها ؛ فإن المؤمنَ المستبصرَ بنور الله ، المتمسكَ بحبله المتين : لا تخفى عليه ألاعيب المنافقين ، ولا تنطلي عليه حيلُهم ، ولا تمضي به أدوارهم ، حتى وإن غفل عنهم زمناً ، أو اشتبهت عليه أحوالهم ، فإنه مع ذلك سرعان ما يتيقظ لهم ، ويتنبه لمسالكهم ، فيعرفهم بسيماهم ، ويُميزُهُم بسلوكهم ، ويكتشفهم بأقوالهم .

    وقلَّ في المنافقين من يستطيع أن يكتم ما في نفسه ، وقلَّ فيهم من يطيق السكوت عما في قلبه ، فلابد من عبارات تفضحه ، وسلوكيات تكشفه ، فما يزال مرض قلبه ينازعه حتى يُصرِّحَ بما فيه ، وما يزال ضيق صدره يدافعه حتى يبوحَ بما يحويه ، حتى إذا وُضع على المحك الأخلاقي ، وجمعته الأقدار في موقف اجتماعي : انكشفت نفسه المظلمة ، وبانت روحه المنتنة ، وظهر للعَيانِ قبحُ طويته ، وحقارةُ شخصيته ، في سلوك أخلاقي أرعن ، ونمط اجتماعي بغيض ، قد جمع السوء كله ، ونبذ الخير كله ، كما وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : ( أربعٌ من كن فيه : كان منافقاً خالصاً ، ومن كانت فيه خصلةٌ منهن : كانت فيه خصلةٌ من النفاق حتى يدعها : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر ) .
    وللناظر أن يتأمل كيف جمعت الشخصية المنافقة كلَّ هذا السوءِ الخلقي ، والقبحِ السلوكي ؛ فالكذب الصريح المتكرر الذي لا صدق معه ، والخيانة البالغة التي لا أمان ولا استقرار معها ، والغدر الماكر الذي لا عهد ولا فاء معه ، والفجور القبيح الشنيع الذي لا أدب ولا ذوق معه ، وهكذا تتكشف الشخصية المنافقة عن تراكمات هائلة من قبائح النفس وسقطاتها ، وتتقشع عنها القشور الرقيقة عن حجم كبير من الفساد الخلقي المنتن ، ويتفسخ عنها الجلد اللامع عن عورات فاضحة مخجلة .

    ولو قُدِّر للناس أن يطلعوا على ما في قلب المنافق الخالص من الأمراض المزمنة المستعصية : لعلموا أن الكافر الأصليَّ خيرٌ منه نفساً ، وقلُّ منه فساداً ، ولو قُدِّر للمنافق أن يتمكَّن من رقاب الناس : لأذاقهم من عظيم البلاء ، وشدة البأس ، ما يعجز الواصفون عن وصفه ، ويحار المراقبون في تقديره ، فهم الغاية في الفساد ، والمنتهى في الضلال ، فلا أفسد من المنافقين ولا أضل .

    وصدق الله تعالى إذ يقول : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ ، هَا أَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ، إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ) .



    إن النفاق خطر عظيم ، ومسلك سقيم ، فهو مردٌ سحيق ، ومهبطٌ عميق ، ليس دونه منزل ، وليس بعده مقام ، فهو أسفلُ سافلين ، وأحطُّ الهالكين ، لا يبلغه إلا من بلغ المنتهى في الشر ، والغاية في الكفر ؛ فإن أقبح وأرذل وأحطَّ دركٍ ينزل إليه الإنسان هو أن يكون منافقاً ، فليس دون هذا الدرك منزلٌ أسفلَ منه يهوي إليه الإنسان : (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ) .

    ولهذا كان حذر السلف من النفاق أشدَّ ما يكون ، وخوفهم من مسالكه أعظمَ ما يمكن ، حتى قال ابن أبي مُليكة في وصف حالهم : ( أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه...) ، حتى إن عمر رضي الله عنه على جلالة قدره ، وعظيم مقامه ، يلح على حذيفة رضي الله عنه حتى يزكيه ، خشية أن يكون منهم .

    هذا حال السلف مع النفاق ، فما هو حال الخلف معه ، في عصر استشرى فيه النفاق ، وعمَّت مسالكه الأرجاء ، حتى أصبح النفاق خلق الأذكياء ، والمداهنةُ سبيل الفطناء ، وعلت الصيحات الآثمة باستنقص الدين ، والاستهزاء بشعائره ، ونال الأسافل من الأكابر ، وعلا الأراذل على الأكارم ، حتى استتر كثير من الناس بدينهم ، وتخفَّوْا بعقائدهم ، خوفاً من بطش المنافقين وانتقامهم .

    ولئن صحَّت تسمية هذا العصر باسم ، فهو عصر النفاق ، فأنا للإيمان أن يجد في هذا العصر ملاذاً ؟

    د.عدنان حسن باحارث

    ( أصبت موجعا يا دكتور عدنان ... )

    اسأل الله العليم أن يفضحهم
    اللهم اكفنا شر الأشرار وكيد الفجار
ADs

قم بتسجيل دخولك للمنتدي او

الانضمام لمبتعث

Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc.