فتاة تبوك... والحقيقة المُرة!

فتاة تبوك... والحقيقة المُرة!

يتفاوت الناس في النظر إلى الأحداث والقضايا بزوايا مختلفة، فأياً كانت تبعات ومعاني ودلالات القضية ومسبباتها وآثارها وظروف حدوثها، إلا أن ما لاحظته في قضية الفتاة والشاب اللذين توفيا في حادثة مرورية على طريق تبوك المدينة، وبغض النظر عن ما قيل عن ملاحقتهما من رجال ينتمون لجهاز الهيئة، ومدى صحة ذلك من عدمه، وعن الأسباب الحقيقية لهذه الحادثة، وكل هذا يرجع إلى تقارير الجهات المعنية، إلا أن الأمر المؤسف هنا هو ما قرأته وتابعته عن هذه القضية، بمشاهدة ونظرة مختلفة وبعمق أكبر في مضامينها.
مضى على الحادثة نحو أسبوعين ولا تزال الفتاة مجهولة الهوية، بل إن الجهة الأمنية لم تتلق حتى تاريخه أي بلاغ يفيد بغياب هذه الفتاة عن أسرتها، يا إلهي، هل نحن في بلد أوروبي أو أميركي تكون فيه الفتاة حرة طليقة الى هذا الحد؟ بعد ما تصل للسن القانونية وليس لأسرتها حق في معرفة أين هي؟ نحن في بلد إسلامي ولله الحمد يحافظ على الأسرة ويعي أهمية مراقبة الفتاة ويسأل عنها لحظة بلحظة.
إذاً ماذا حدث ومن المسؤول؟
تقول الأخبار إن أسرة الشاب راجعوا الجهة الأمنية لطلب جثته لدفنه، وأما الفتاة فلا حياة لمن تنادي! بقيت جثتها أسيرة هويتها الغامضة وأسرتها، التي لم تتقدم بطلب للجهة الأمنية، إذاً لماذا هذا التفاوت في فهم الأمور ومجرياتها؟
هل يعقل أن تغيب فتاة عن أسرتها نحو أسبوعين ولا يعلمون أين هي؟ لا أظن ذلك ومعي الكثيرون، وفي الغالب أنها أسباب اجتماعية ووراثية فاقمت هذه المشكلة، وتسببت في عدم كشف هوية هذه الفتاة، وكأني بحال أسرة الفتاة كحال المثل الذي يقول (إن كنت تدري فتلك مصيبة وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم) نحن لا نعلم تفاصيل ما حدث ومهما علمنا، فالأكيد انه لا أحد يرضى بما حدث للشاب والفتاة، يرحمهما الله، والله سبحانه وتعالى أعلم بهما وحالهما، وملابسات حادثتهما وأسبابها ستنكشف لا محالة.
ولكن الذي يهمنا لماذا تم التعرف على هوية الشاب في اليوم نفسه وبقيت الفتاة مجهولة الهوية، وقد تجاوزت المدة أسبوعين؟ فإن كانت أسرة هذه الفتاة بالفعل لا تعلم أين هي فهذه مصيبة، وإن كانت أسرتها تعلم بذلك وبقيت هويتها غير معروفة، فهذا غير مقبول إطلاقاً.
هذا قدر الله وما شاء فعل، فإن كان هناك خشية الفضيحة أو عدم قبول المجتمع، فالسكوت أيضاً غير مقبول، وهناك آليات ممكن إتباعها لدى الجهات الأمنية في الحفاظ على سرية هذا الأمر واقتصاره على ذوي الفتاة، مع أنني أشك في السيطرة على مثل هذه الأخبار في مجتمع مثل مجتمعنا السعودي، إذاً الواجب هو بأي حال من الأحوال، هو التعرف على هوية الفتاة من أسرتها، وعدم بقائها جثة من دون هوية، فالله وحده أرحم بعباده أجمعين، ومن ثم الوقوف والتأمل لحال الكثير من القضايا ومعرفة آثارها وأسبابها الاجتماعية، بدلاً من الخوف عن الكشف عنها....

عالية الشلهوب الحياة - 26/03/08