مبتعثون: نعم، شحاذون: لا..!؟

June 24th, 2008, 07:54 AM

راشد فهد الراشد

بداية، والبدايات هموم، وهواجس. نترحم على من لنا فيه أسوة حسنة، معلمنا، وأمامنا أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه وأرضاه - ونذكره، ونتذكره. وننهل من مخزون سلوكه، وفهمه، وممارسته.

نضع نقطة على السطر.
واستطراداً نفتح قوسين للعبارات المهمة جداً التي قالتها الروائية جوان كاتلين رولينغ. مؤلفة روايات هاري بوتر. والتي أوقعت الملايين في سحر القراءة (بيع منها حتى الآن أكثر من أربعمائة مليون نسخة).
تقول: ج. ك. رولينغ.
"... كان والدي ووالدتي فقيرين، وأتفق معهما على أن الفقر تجربة غير مشرفة، الفقر يستتبع الخوف، والضغط، والكآبة، الفقر يعني آلاف المذلات الصغيرة، والضيق، لا يمجد الفقر إلا الحمقى..".
ونتابع نحن من منطلق أسوتنا الحسنة الغفاري - رضي الله عنه - ووعيه، وفهمه، وتشخيصه للفقر كحالة تفتت، ووجع، ومذلة، وخيبات كثيرة، كثيرة جداً.
وكذلك من خلال الجروح، والآلام، والعذابات التي عاشتها أسرة رولينغ، ومرت هي بتجربتها كأم وحيدة وفقيرة إلى حد ما يمكن أن يعنيه الفقر، وعاطلة عن العمل. حتى أتاها الحل السحري وبدأت كتابة هاري بوتر..!؟
حالة الفقر مسكونة بالتوحش، والجنون، والأعطاب، والشلل الذهني، والفكري، والحياتي. تحيل الكائن البشري إلى أنموذج قوي، وصارخ إلى نمط الرثاء، والتعاسة، والرعب من الحياة، وفقدان الأمن، والأمل في مشاركة فاعلة في العملية الانتاجية، وأنماط الدخول في المنظومة الاجتماعية.
حقائق الواقع تقول أكثر من هذا. غير أن سطور، ومساحة الزاوية لا تحتمل تفصيلاً، واسهاباً، ينتجان أوجاعاً.
إلى أين من هنا..؟
السؤال الصادم يأخذ شكل التنين الأسطوري.
قبل أيام نشرت "الحياة" تحقيقاً استقصائياً عن أوضاع الطلبة والطالبات السعوديين المادية، والمعيشية في الولايات المتحدة الأمريكية، وقدمت نماذج يناضلون بقوة، وتعب من أجل تحسين وضعهم المعيشي، ومواجهة ظاهرة، وموجة الغلاء التي تعم العالم، وتكتوي بنارها الحارقة عقولنا التي نستثمرها في قاعات ومدرجات أكبر الجامعات في أمريكا، وأوروبا.
مبتعثون شباباً وصبايا ينفقون ساعات من أوقاتهم الثمينة جداً في "غسيل الصحون" بمطاعم الجامعة، أو خارج الجامعة، و"رعاية الأطفال" لأسر أمريكية ترغب في قضاء عطلة نهاية الأسبوع في أمكنة بعيدة ولا يريدون اصطحاب أطفالهم..!؟
لا، لا.. هناك أكثر من هذا.
الكثير من الطلبة المبتعثين يقومون برهن بعض الأمتعة المنزلية، ليوفروا ثمن كتب، أو تسديد قروض تراكمت بفعل الاحتياجات المعيشية..!!
هؤلاء عقول، ونحن نستثمر في العقول التي هي مداميك الوطن.. أكتفي، وأصمت قبل أن استأذن..!؟

• نشر عبر تويتر
• نشر عبر فيسبوك
• نشر عبر جوجل