مشكلة مرافق المبتعثة

September 9th, 2008, 10:16 AM

ناصر الحجيلان

حينما فُتح الباب لابتعاث الطلاب والطالبات للخارج لتلقّي تعليم مميز، كان من أهم شروط ابتعاث الطالبات وجود مرافق من محارمها. وليس المجال للحديث عن أهمية وجود مرافق يساعد الطالبة على الحياة في بلاد الغربة ويحميها ويتعاون معها في التخفيف من وحشة الحياة في ثقافة جديدة وبلد جديد ونظام تعليمي مختلف. ولكن الأسطر التالية ستتناول الحالة النفسية والثقافية للمرافق في بلاد الغربة.

تناولت الأستاذة ناهد باشطح في زاويتها قبل فترة طرفًا من هذه المشكلة فيما يتعلق بتخلّي بعض المرافقين عن المبتعثات أو ضجرهم الذي خلق حياة بائسة للمبتعثة وجلب لها مشكلات أشغلتها عن دراستها وألهتها في تفاصيل يومية مملة عن تحقيق طموحها.
والحق أن الجو النفسي للمبتعث أو للمبتعثة من أهم العناصر التي تدفع إلى العمل بجد وحماس. والجو العائلي أهم من الجو الخارجي، لأن توتّر الجو الخارجي السياسي كما حصل معنا أيام سبتمبر سيكون ثانويًا إذا كانت العائلة متماسكة؛ بل سيجد الفرد قوة هائلة في داخله تدفعه للتحدّي والانتصار. لكن لو تعرّضت العائلة لأي تصدّع فيما بينها فهذا كفيل بشلّ الإنسان وتدمير قواه العقلية والنفسية.
ولكي لا نضع اللوم على المرافق حينما يشعر في لحظات معينة بالضجر، وأحيانًا بالعبث، وفي بعض الحالات يحسّ أنه بلا جدوى وأن عليه أن يعود إلى بلاده حالا - لابد أن نعرف ظروف هذا المرافق.
المرافق في الغالب يكون الأب أو الزوج، ومن المتوقع أنهما كبيران في السن ولديهما تجربة في الحياة وسبق أن عملا في وظيفة. وسأتحدث عن هذين المرافقين دون الأخ الذي نادرًا مايرافق أخته للمرافقة فقط، فقد يرافقها وترافقه لأنهما معًا يدرسان، إضافة إلى أن الأخ قد لاتكون لديه تجربة العمل في وظيفة قبل سفره إلى بلاد الغربة. ولهذا فلن تنطبق عليه ظروف الزوج أو الأب.
المرافق جاء لمرافقة ابنته أو زوجته بعد أن ترك عمله وترك ماضيه وبلده، ورضي بأن يعيش مؤقتًا في بلاد الغربة على أمل أن يحقق بذلك رغبة المبتعثة في التحصيل العلمي. ولكن بعد أن واجه واقع الحياة في هذا البلد، بدأت تدب إلى نفسه أفكار جديدة لم تكن في خلده من قبل. فهاهو يصحو كل صباح من النوم وليس أمامه سوى العودة إلى النوم من جديد، ولايسمح له بالعمل لأن فيزته بتأشيرة مرافق، فيلفي نفسه على علاقة بالكسل والخمول بعد أن كان يقطع الدروب ويكدح صباح مساء ولايكاد يرتاح حتى ينهك جسده. وقد عاش حياته وهو يجوب الأرض دون أن تقيده الأسوار أو تحدّ من حركته الجدران؛ وهاهو اليوم كالسجين حيث يجد أنه لم يعد عاملا وليس لديه دخل خاص، وهذا الشعور يفتّ قواه ويجلب له الاكتئاب الذي تزداد حدّته مع مرور الأيام. ومراعاة لهذه الثقافة التي اعتادها الرجل وتكوّنت عليها شخصيته وربما يصعب عليه تغييرها، فإنه من المناسب أن تجد الملحقيات الثقافية عملا للمرافقين، بأن توظفهم للعمل لديها بشكل مباشر أو عن طريق الإنترنت والهاتف. فتأمين عمل للمرافق يعد أفضل وسيلة للحفاظ على أرواحهم والاستفادة من عطائهم وإبقائهم في جو نفسي مرتفع يفيدهم ويفيد من معهم. أو السماح لهم بالحصول على تأشيرات عمل لكي تتاح لهم الفرصة للعمل في المدن والمقاطعات التي يكونون فيها مع من يرافقون. وبهذا نقضي على الهدر الذي يمكن أن يتسبب به تعطيل موظف، ونستفيد من كل مرافق بالعمل أو بالتدريب واكتساب خبرة جديدة، علاوة على أنه بالعمل والاختلاط بالمجتمع سيكون خير معين لمن يرافق معنويًا وماديًا.

• نشر عبر تويتر
• نشر عبر فيسبوك
• نشر عبر جوجل