الأعضاء الإشتراك و التسجيل

الملتقيات
ADs

والدي .. وابتسامة الشهداء

والدي .. وابتسامة الشهداء


NOTICE

تنبيه: هذا الموضوع قديم. تم طرحه قبل 5530 يوم مضى, قد يكون هناك ردود جديدة هي من سببت رفع الموضوع!

قائمة الأعضاء الموسومين في هذا الموضوع

  1. الصورة الرمزية أسير الدنيا
    أسير الدنيا

    مبتعث مميز Characteristical Member

    أسير الدنيا أستراليا

    أسير الدنيا , ذكر. مبتعث مميز Characteristical Member. من أستراليا , مبتعث فى أستراليا , تخصصى قانون , بجامعة MELBOURNE
    • MELBOURNE
    • قانون
    • ذكر
    • MELBOURNE, VIC
    • أستراليا
    • Sep 2008
    المزيدl

    March 4th, 2009, 08:13 AM

    والدي .. وابتسامة الشهداء
    ( لـُجينيات )
    مر بي قطار العمر سريعا وكانت محطاته متباينة ... منها الجميل ومنها المفطر للقلب .. الآن استقبل العزاء في من انه والدي رحمه الله .. يالها من لحظات لم أكن أتمنى أن أراها إلا بعد عمر طويل.. لكنه أمر الله ولا نقول إلا ما يرضي ربنا ..
    في محطتي الأولى وفي الصف السادس الإبتدائي غمرني شعور بالفخر والاعتزاز كبير عندما ذهب والدي رحمه الله إلى أثيوبيا في أول رحلة له خارج المملكة في مشواره الدعوي والاغاثي الذي ختم مؤخرا.. كان ذهابه متزامناً مع إدخاله لي وإخوتي للمركز الصيفي وكنت عندما أسأل عنه أقول بكل شرف واعتزاز وانا رافع الرأس انه في أفريقيا ..
    مرت هذه الفترة سريعا ودخلت المرحلة المتوسطة وتسلم والدي إدارة لجنة الأمير سلطان الخاصة للإغاثة في ملاوي.. وكان رحمه الله مجتهدا متفائلا وذلك من معرفتي وشهادة الجميع.. جلس والدي هناك قرابة السنتين وكان يأتينا مابين كل فترة وأخرى .. وكان دائما ما يردد أنا لست لكم انتم رجال وأمكم مباركة أنا بعت نفسي لله مرت هذه الفترة سريعا ولا زلت أتذكر عندما كنت في المتوسط وكنت اجمع إخواني وامي وجدتي ونكلمه بالماسنجر يالها من لحظات ..
    في هذه الأثناء قدر الله لي أن اذهب برحلة إلى مكة المكرمة مع جماعة التوعية الاسلاميه بمعهد العاصمة النموذجي إلى مكة وأصابنا مصاب جلل وذلك باحتراق الفندق الذي كنا نسكن فيه ففقدت اعز ما املك في تلك الفترة إنهم إخوتي في الله جميع من كانوا معي في الغرفة خمسة من خيرة شباب المعهد .. اذكر اتصاله جيدا وتعازيه لي .. إنها الدنيا يا والدي الآن أعزى فيك ..
    بعد هذه المصيبة الكبيرة بشهرين وفي العطلة الصيفية كان الوالد رحمه الله قد وعدنا بأن نأتيه جميعا إلى ملاوي وكان يعد لنا برنامجا منذ فتره كبيرة وهذه عادته دائما رحمه الله الاستعداد المبكر والتخطيط الجيد ومن ذلك انه كان يعد لبرنامج الأضاحي منذ رمضان..
    جاءت الاختبارات النهائية وكلي شوق أن التقي بالحبيب كانت رحلتنا يوم الثلاثاء إلى مصر ثم نلقي به ويصحبنا إلى ملاوي.. يوم الاثنين الذي يسبقه بيوم ذهبت الى شباب حلقة التحفيظ لأودعهم واقترب الموعد الذي لم يتحقق وبمجرد أن وصلت إلى البيت إذا بأمي الغالية ذلك الجبل العظيم والقلعة الصامدة ياكم تلقت من فجائع وصبرت وكم عانت من أهوال فتجلدت وهذه واحدة منها ..
    إنه خبر اعتقال والدي رحمه الله أدخلتني إلى غرفتها وأحضرت لي الجريدة وأطلعتني على الخبر في الصفحة الأولى يالها من صدمة .. إلى الآن لا ادري ما هو الشعور الذي انتابني تلك اللحظات .. نظرت إليها فقالت لا تحزن ولا تبك فأبوك بطل وعلى الحق ولن يظره شيء..
    اذكر موقفها المشرف لم تبك أمامي دمعة ولكنها قالت إن الله لن يخيبنا.. بحق إنها مأساة.. في الصباح الباكر إذا بالصحف تنشر الخبر فإذا به ينتشر انتشار النار في الهشيم ..في الإخبار أن الوالد رحمه الله سينقل إلى معسكر غوانتنامو سيئ الذكر.. كان متهما بالإرهاب ومعه خمسه من قادة العمل الخيري بملاوي.. اتذكر الأيام العصيبة كيف مرت وازداد تعجباً كلما تذكرت صبر أمي وجلدها .. صدق من قال إن وراء كل رجل عظيم إمرأة ..
    انتشلتني وإخوتي من عزلتنا وأدخلتنا في حلقة تحفيظ للقرآن ومركز صيفي وقالت إن سجن والدكم مشرف ولستم انتم من يخجل من والده .. مرت أيام الصيف مريرة بمرارة الفقد .. مر أربعون يوما كأنها أربعون سنة .. وإذا بالبشير يأتي بأن والدي وصل السودان وفي طريقه إلينا .. أتذكر بحرقة واعتزاز منظره رحمه الله وهو ينزل من درج مطار الملك خالد وتظهر عليه علامات السجن والعذاب ..
    التقينا وبدأ يحدثنا عن رحلة الشموخ والعزة.. اسكت الله السنة المرجفين ببراءة والدي ونظافة عمله .. وكانت رحلة الإعتقال العجيبة حيث سجن في أكثر من ثلاث دول ونكل به في عذاب نفسي ولا استطيع إكمال هذه المحطة البائسة في حياتي.. إلا اني لا انسى اهل الفضل في هذه الحقبة .. لا انسى الموقف المشرف من الأمير سلطان بن عبد العزيز ووقوفه المشرف حتى الإفراج عن الوالد ..
    رجع والدي إلى الرياض وكان الجميع يتوقع أن يتوقف والدي أو يخفف من العمل الخيري ولكن كانت ردة فعله رحمه الله ان تقاعد من عمله وتفرغ للعمل لنهضة هذه الأمة وهو في بحر الثلاثين من عمره.. لن أنسى مهما حييت وعد والدي لي بالحرم المكي بعد اعتقاله وسأذكره في نهاية المقال ..
    التحق والدي بالمؤسسة العالمية للإعمار والتنمية .. وواصل دربه في مسيرة العطاء.. كنت حينها في الصف الثالث المتوسط .. ويأبى الوالد رحمه الله إلا أن يحقق وعده فإذا به يذهب بنا إلى أفريقيا وبالتحديد إلى أثيوبيا و أوغندا جلسنا هناك تقريبا شهر ونصف .. اطلعنا من قرب على عمل الوالد رحمه الله كان حريصا رحمه الله على تعليمنا كل شي من ناحية أمور ديننا أو من ناحية أسرار العمل الخيري .. رأينا عن قرب كيف كان يبني المسجد كيف كان يطعم الجائع , ويكفل اليتيم ويفرح الأرملة .. رأينا ذلك كله .. دخلت للمرحلة الثانوية واستمرت رحلة الأمجاد واستمر سفر والدي المتكرر لأصقاع الدنيا .. وانتهت السنة الأولى من الثانوية واقتربت الإجازة الصيفية وكانت مفاجأته لنا أن الرحلة ستكون لآسيا إلى اليمن وسرلنكا ..
    وصلنا إلى اليمن وتنقلنا في الكثير من المحافظات كنا كالرحالة نجلس في كل مركز إسلامي يوم أو اثنين نقيم فيه البرامج للرجال والنساء والأطفال ايضا كنا نعمل كالفريق الواحد وكان الوالد حريصا على أن الجميع يعمل مهما كان عمره .. كنت استرق النظر للوالد في هذه الرحلة إذا به يتألم من بطنه لكنه لم يظهر ذلك لنا ولم اكن اعرف السبب..
    مر الوقت سريعا واذ بنا ننتقل إلى سريلنكا وفيها كانت بداية المحطة الصعبة في حياتي .. وصلنا وإذا بنا نكرر ماكنا نعمل في اليمن وبعد عشرة أيام من وصولنا وحيث كان الوالد في اجتماع مع العاملين في المجال الخيري إذا به يدوخ ويسقط على الأرض.. نقله الأخوة بسرعة إلى المستشفى وكانت الحقيقة المرة وهي إصابة والدي بورم في جدار المعدة.. إنا لله وإنا إليه راجعون .. كنت ارمق والدي فكان كثير التبسم وكأن الموضوع لا يهمه ..
    رجعنا بعدها إلى الرياض ودخل والدي إلى المستشفى وأجريت له عمليه وأزيل نصف المعدة وكانت المفاجأة أن العملية فاشلة فأجريت له أخرى بعد أسبوع وأزيل من الأمعاء القليل .. تماثل والدي للشفاء وقيل له انك لن تعود كما كنت فستفقد الكثير من قوتك بعد العملية .. رجع والدي رحمه الله إلى عمله بالرياض وبعد فتره قصيرة يترك والدي المؤسسة العالمية للإعمار والتنميه ..ويؤسس مع الشيخ حجاج العريني حفظه الله وأبقاه ذخرا لنا وحفظه الله للإسلام والمسلمين مؤسسة نداء الخير في النيجر واندونيسيا ..
    مرت سنة ثاني ثانوي بسرعة وبدأ والدي بالسفر من جديد وكانت آثار المرض بادية عليه ولا يعلمها إلا القريب منه فقد كان صابرا محتسبا ولا يشتكي لأحد مهما كان .. وكما كانت العادة في العطلة الصيفية فذهب بنا الوالد إلى اندونيسيا وماليزيا وتايلاند .. اغلب الفترة كانت في اندونيسيا مكثنا في مجمع بناء المستقبل التابع للمؤسسة حيث يكفل في هذا المبنى أكثر من ثلاث مئة يتيم كان الوالد كالأب لهم لا أنسى كيف كان والدي يمشي وحوله ثلاث مئة طفل يحمل هذا ويمازح هذا ويقبل ذاك ويوزع الحلوى عليهم ويهتم بأمرهم كإهتمامه بأمرنا ..
    رجعنا إلى الرياض ودخلت السنة الثالثة في الثانوية وكانت سنه مهمه في حياتي كان والدي حريص علي جدا وعلى دراستي وكان طموحي دخول كلية الطب وكان من ابرز المؤيدين لي.. مرت الأيام ووالدي مستمر بما عاهد عليه الله .. مرت الأيام وإذا بالنتائج النهائية تخرج وكانت متميزة والحمد لله جاء الصيف ولكن هذه المره بلا سفر بسبب اجراءات الجامعة ودخلت البرنامج الموحد للتخصصات الطبية في جامعة الملك سعود وكانت رغبتي الأولى الطب..
    استمرت الأيام الحبلى بالمصائب وانقضى الفصل الأول كنا لا نرى الوالد رحمه الله إلا أياما معدودة في الشهر .. دخلت الفصل الثاني لكن كنت ألاحظ تغير حالة والدي الصحية إلى الأسوأ في كل مرة.. أراه كان منشغلاً بالعمل حتى نسي نفسه .. كان قدوته محمد صلى الله عليه وسلم .. مشى بين مكة والطائف وسالت رجليه الشريفتين دما ومع هذا كله افقده همه الذي يحمله هذه الآلام البسيطة في موازين العظماء..
    تعب والدي وبدأ جسمه ينحل وبطنه بالتضخم كان أصيب بإسهال شديد لمدة شهرين وكان يتوقع انه بسبب تغير الجو والبلدان وهذا معروف عند أهل العمل الخيري.. لما تعب واشتدت عليه المرض ذهبت أنا وهو إلى المستشفى واكتشفوا رجوع الورم السابق وانتشاره في الجسم كان الرضى والتسليم العجيبين سيدا الموقف ..
    بسرعة شديدة اشتد المرض على والدي وأصيب بنحالة شديدة في الوجه والأطراف وازداد بطنه بالتضخم إلى أن عجز عن المشي إلا قليلا .. تخرجت من البرنامج ودخلت كلية الطب .. وكان أكثر الفرحين والدي رحمه الله .. كان والدي رحمه الله يتحامل على نفسه الذهاب إلى المكتب وكنت اذهب به أنا وأخي سليمان الذي- يصغرني بسنة وتسعة أشهر- وهو يدي اليمنى في هذه الحياة ابقاه الله لي .. إلى أن عجز الوالد عن المشي مرت أيام العطلة الصيفية وأنا مندهش من حالنا .. مع هذه المصائب المتوالية على الوالد لم يترك العمل الخيري حتى آخر يوم من حياته ..
    استمر والدي على مسيرة العطاء من خلال الجوال ومن خلال زملائه في العمل .. حتى جاءت آخر أيام رمضان المبارك ونحن في مكة المكرمة .. وبعد العيد بيومين ومن باب اتخاذ الأسباب انطلقت أنا والوالد إلى ألمانيا للعلاج وصلنا وقابلنا الأطباء وقاموا بإعطاء والدي علاج وقالوا أن مدته شهر ونصف ويمكن أن تكمل العلاج في المملكة
    المفاجأة أننا جلسنا في ألمانيا قرابة الأسبوعين وكان والدي نموذج للداعية الذي أنساه همه مرضه بل حتى نفسه.. فكان يحدث المرضى عن العمل الخيري وبركته ويعرض لهم الأفلام عن الأيتام وغيرها ويحثهم على الصدقة .. عدنا إلى الرياض فاستمر والدي على العلاج واقترب الحج فإذا به يجهز كعادته رحمه الله أمور الأضاحي في الدول التي كان يعمل بها عن طريق الهاتف وكان لا يستطيع المشي ويحمل كتلة كبيرة من الأورام في أحشائه وكان العلاج الكيميائي يرهقه ..
    لكنها الهمة وصدق من قال واذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام.. كان والدي حريص على دراستي جدا وفلما حانت عطلة الحج اذا بنا ننطلق إلى ألمانيا مرة أخرى وإذا بالمفاجأة حيث لم يفد العلاج شيئا يذكر ويحول والدي للعلاج الأخير في عرف الطب ويطلب منه الاستمرار على العلاج أيضا شهر ونصف فعدنا إلى الرياض ..
    وازداد المرض على الوالد وابتلي ابتلاء شديدا فبدأت آثار العلاج الجانبية تظهر عليه فظهرت تقرحات كبيرة جدا في ساقية وأعراض أخرى كثيرة.. فكان عنوان الصبر والله لم ينثني عن عمله لحظه واحده .. مر الشهر والنصف واقتربت ساعة الصفر وقبل اقل من شهر من الآن تقريبا تقرر ذهاب الوالد إلى ألمانيا للمرة الأخيرة فأبا علي الذهاب - لظروف الاختبارات -وذهب مع عمي خالد حفظه الله لمدة أسبوع وكانت الحقيقة المرة أن العلاج لم ينفع ورجع والدي ولله الحمد لم ييأس وكان مداوما على الرقية الشرعية والطب النبوي ولكنها قدرة الله وحكمته ..
    مرت اختباراتي ببطء وأنا شاهد على المأساة أرى الوالد بكرب المرض وارى همةً تتدفق وروحاً لا تعرف اليأس وأنا في آخر أيام اختباراتي إذا بالسكر ينخفض بشدة على الوالد فأدخلته إلى المستشفى يوم الاثنين بدأت حالته بالتدهور الشديد ..وكان كثير الحمد والشكر ومعدوم الشكوى للبشر.. تحسنت حالته تحسن طفيف إلا أن الإبتلاء كان أعظم وكنت أنا وإخوتي ووالدتي حفظها الله نتناوب عنده وقدر الله لي أن أبيت عنده ليلة الأحد انا واخي معاذ-ثالث متوسط- حبيبي وقرة عيني .. ليلة الفراق وكان لم ينم تلك الليله من شدة ما يحس وكان ينظر إلى أعلى ويصعب عليه التنفس بسبب ضغط الأورام والسوائل الموجودة في الرئة التي لها سنة تقريا في جسده ..
    كانت ليلة صعبة جدا علينا وكان من العجائب كلما أفاق وعاد لوعيه سأل هل أذن الفجر ويقول أريد أن أصلي ثم يفقد وعيه قليلا ثم يعود فيستغفر.. والله إلى آخر أيامه لم يترك العمل الخيري .. اقبل الفجر علينا وإذا بالكرب يزداد على الوالد ويحضر عمي عبد الرحمن الأخ الأكبر للوالد حفظه الله لنا ويبدأ بالقراءة على الوالد وكان الوالد ينظر إلى السقف ويردد الفاتحة مع عمي استمرت اللحظات بالذهاب على خوف وترقب.. قدر الله أن يجتمع كل الأطباء الذين في القسم على الوالد .. ويأبى الله الا ان يجعل في ختام حياته عبرة وموعظة فمع القراءة لفظ أنفاسه الأخيرة مع قوله تعالى (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) وكان يقول الله الله الله حتى قبض الله روحه ..
    يالها من مصيبة ويالها من فاجعة .. والدي الحبيب المربي الفاضل يسافر لكن هذه المرة بلا عوده لن نستطيع استقباله في المطار كما كنا نفعل من قبل.. لكن ما يصبرنا أن هنالك لقاء إن شاء الله تعالى في الجنة.. جمعني الله وإخوتي وأمي وأختي شيم التي بلغت السنة قريباً بحبيبنا وفقيدنا وقرة أعيننا ..
    بقي أن أقول ما هو وعد الوالد الذي في الحرم .. أتذكر هذا الموقف جيدا ونحن خارجون من باب المدينة الى حيث الشقة التي كنا نسكن قال لي ( وعدت الله إن نجاني من السجن أن امكث عندكم ست سنوات ابني لكم بيت وأوفر لكم حياة كريمة ثم أهاجر إلى بلد من بلدان الله أعيش عند أخوتي في الله فاستعد يا صالح ) الحمد لله فقد حققت يا والدي وعدك فبنيت لنا البيت وحققت لنا العيش الكريم وها أنت هاجرت إلى من كنت تعمل عنده وكابدت الصعاب لترضيه .. وأعانني الله على المسؤولية ..
    بقي أن أكمل قصة ابتسامة الشهداء وما هو سرها .. فكان الوالد من زمن بعيد دائما ما يردد اللهم ارزقني الشهادة فتقول أمي قل بعد طول عمل فيسكت.. هذا هو السر وقد اخبر الرسول صلى الله عليه وسلم ان المبطون شهيد .. احسبه ولا ازكي على الله أحدا .. ووالله إن هذه الإبتسامه رأيتها فقد كان قبل وفاته بيوم وجهه مسود بسبب الكرب الذي كان يحيطه ولكن ما قبضت روحه رحمه الله إلا وابيض وجهه بياضا غير الذي كنت اعرف .. وكان الموقف الصعب إذا بي ادخل إلى مغسلة الراجحي .. أنا أمام مشهد مهيب.. أمام الإنسان الذي طالما ادخل الفرحة إلى قلبي وإخوتي.. أمام الشخص الذي كان سبب تميزي.. امام الصابر ذا القلب الكبير ..امام ابو اليتامى والمساكين .. ولما كشف الستار.. ووقفت أمامه لأغسله رأيت العجب والله ما كانت مجرد ابتسامه إنها ضحكة.. و والله كان أبي ثقيلا جدا ونعجز ثلاثة عن حمله .. ونحن نغسل أمسكت جسده بكامله بيد واحدة كان خفيفا أثناء تغسيله حملناه وقلبي يتفطر .. صلينا عليه ودفناه .. كان يعز علي أن اهيل التراب عن وجهه الطاهر ..لكن عزائي بفقد النبي صلى الله عليه وسلم .. وهذه سنة الله في خلقة ..
    صدق من قال موعدنا يوم الجنائز .. جاءتني تعازي من النيجر وملاوي وسريلنكا وأمريكا وبريطانيا مصر واندونيسيا وكندا واليمن والكثير من أصقاع الدنيا لا تحضرني الآن فقده العالم الإسلامي.. فقده أناس لم أرهم في حياتي .. بكى عليه الصغير والكبير والذكر والأنثى والعجم قبل العرب
    الآن فراغ كبير يملا حياتي لكن لن يتركنا الله تعالى والله لا يظلم الناس شيئا .. كل هذه السيرة العطرة ولم يتجاوز والدي ثالثة والأربعين من عمرة .. والدي الحبيب لئن رحلت من هذه الدنيا فقد ذهبت من دار الشقاء الى دار الهناء والبقاء .. ومن دار التعاسة الى دار السلام .. فهنيئا لك .. هذه الخاتمة الحسنه .. وهذا العمل الصالح .. وهذه الزوجة المباركة الصابرة المحتسبة .. بقي أن أقول أن لوالدي رحمه الله أسرار جعلته يتحمل هذه الأمور الجسام ولن استطيع أن اقولها كلها لكن لعل من أبرزها.. بره بأمه فكان رحمه الله شديد البر بأمه لدرجة عجيبه ..
    ومن أهم الأسباب الصعبة على الرجال وهذه أخبرتني بها أمي ولاحظتها كثيرا ويرددها زملاؤه.. ألا وهي سلامة صدره فكان لا يحمل غلا على مؤمن وكان يردد دوما على مسمع مني هذا الدعاء ( اللهم اني عفوت ما بيني وبين الناس فاعف عني) .. ومن الأسرار انه كان بكائاً كثير البكاء أتذكر عندما يصحبنا إلى صلاة الجمعة فألتفت إليه ولا أرى إلا الدمعات الصادقات تنهال.. دائما أراها عندما يشاهد أو يسمع عن أحوال المسلمين ..بقي ان أقول أن والدي رحمه الله مع كثرة سفرة وترحاله إلا انه كان مربيا كبيرا وذلك انه لا يذهب إلى الصلاة ولا يعود منها إلا ونحن معه جميعا ولا يذهب إلى مناسبة اجتماعيه إلا ونحن أمامه وكان يتابعنا باستمرار بالهاتف .. وبقي أن لا أنسى دور المربية الفاضلة والدتي الغالية وهي عزائي في هذه الدنيا.. أبقاها الله لي ولأخوتي ولأمة الإسلام...
    احبتي دائما ما نسمع من الأحاديث والحكم ولكن لا نستشعرها حتى نراها فكم سمعت أنه لا يبقى للإنسان الا العمل الصالح والذكر الحسن وها أنا أراها امامي..
    اسأل الله ان يتغمد حبيبنا بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ويجازيه بعفوه ولطفه وإحسانه ويربط على قلوبنا ويثبت اقدامنا ويصرف قلوبنا لطاعته ويحفظ اخوتي ومنصور وقتيبه ومعن والحبيبة شيم ويجمع بين قلوبنا ويوحد كلمتنا ويلحقنا به في جنات النعيم على سرر متقابلين مع الصديقين والشهداء والصالحين انه على كل شيئ قدير وبالإجابة جدير
    (واعذروني على الأخطاء الإملائية فالخطب جلل)
    صالح بن فهد الباهلي
    الثلاثاء 29-2-1430 هـ
    لجينيات | والدي .. وابتسامة الشهداء
ADs

قم بتسجيل دخولك للمنتدي او

الانضمام لمبتعث

Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc.