تابع
يتبع
7 " الــمــوضــوع رقم 4
حديث لماذا بكى رسولنا الكريم؟
الــســؤال
قد أرسل إليّ بعضُ الإخوةِ عن طريقِ البريد الإلكتروني يسألون عن صحةِعددٍ من القصصِ والأحاديث المنسوبةِ إلى النبي صلى اللهُ عليه وسلم فمن أولها :
1 – عن يزيدالرقاشي عن أنس بن مالك قال : جاء جبريل إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم في ساعة ماكان يأتيه فيها متغير اللون فقال له النبي صلى اللَّه عليه وسلم : " مالي أراكمتغير اللون ؟ " ،فقال : " يا محمد جئتك في الساعة التي أمر اللَّه بمنافخ النار أنتنفخ فيها ، ولا ينبغي لمن يعلم أن جهنم حق ،وأن النار حق ، وأن عذاب القبر حق ،وأن عذاب اللَّه أكبر أن تقرّ عينه حتى يأمنها " ،فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم : يا جبريل ؛ صف لي جهنم ؟ قال :نعم ؛ إن اللَّه تعالى لما خلق جهنم أوقد عليها ألفسنة فأجمرت ، ثم أوقد عليها ألف سنة فابيضت ، ثم أوقد عليها ألف سنة فاسودت ، فهيسوداء مظلمة لا
ينطفئ لهبها ولا جمرها ، والذي بعثك بالحق لو أن مثل خرم إبرة فتحمنها لاحترق أهل الدنيا عن آخرهم من حرها ، والذي بعثك بالحق لو أن ثوباً من أثوابأهل النار علق بين السماء والأرض لمات جميع أهل الأرض من نتنها وحرها عن آخرهم لمايجدون من حرها ، والذي بعثك بالحق نبياً لو أن ذراعاً من السلسلة التي ذكرها اللَّهتعالى في كتابه وضع على جبل لذاب حتى يبلغ الأرض السابعة ، والذي بعثك بالحق نبياًلو أن رجلاً بالمغرب يعذب لاحترق الذي بالمشرق من شدة عذابها ، حرها شديد وقعرهابعيد وحليها حديد وشرابها الحميم والصديد وثيابها مقطعات النيران " لَهَا سَبْعَةُأَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ " [ الحجر : 44 ]
من الرجال والنساء، فقال صلى اللَّه عليه وسلم : " أهي كأبوابنا هذه ؟ " ، قال : " لا ؛ ولكنهامفتوحة بعضها أسفل من بعض من باب إلى باب مسيرة سبعين سنة كل باب منها أشد حراً منالذي يليه سبعين ضعفاً ،يساق أعداء اللَّه إليها فإذا انتهوا إلى بابها استقبلتهمالزبانية بالأغلال والسلاسل فتسلك السلسلة في فمه وتخرج من دبره ،وتغل يده اليسرىإلى عنقه وتدخل يده اليمنى في فؤاده فتنزع من بين كتفيه وتشد بالسلاسل ، ويقرن كلآدمي مع شيطان في سلسلة ويسحب على وجهه وتضربه الملائكة بمقامع من حديد " كُلَّمَاأَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا " [ الحج : 22 ] ،فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم : " من سكان هذه الأبواب ؟ " ، فقال : " أما البابالأسفل ففيه المنافقون ،
ومن كفر من أصحاب المائدة ، وآل فرعون واسمها الهاوية ، والباب الثانيفيه المشركون واسمه الجحيم ،والباب الثالث فيه الصابئون واسمه سقر ، والباب الرابعفيه إبليس ومن تبعه والمجوس واسمه لظى ،والباب الخامس فيه اليهود واسمه الحطمة ،والباب السادس فيه النصارى واسمه السعير ،ثم أمسك جبريل حياء من رسول اللَّه صلىاللَّه عليه وسلم ، فقال له عليه الصلاة والسلام : " ألا تخبرني من سكان البابالسابع ؟
فقال : " فيه أهل الكبائر من أمتك الذين ماتوا ولم يتوبوا ، فخر النبي صلى اللَّه عليه وسلممغشياً عليه ،فوضع جبريل رأسه على حجره حتى أفاق ، فلما أفاق قال : يا جبريل عظمتمصيبتي واشتد حزني أو يدخل أحد من أمتي النار ؟
قال : نعم ؛ أهل الكبائر من أمتك " ، ثم بكى رسولاللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وبكى جبريل ،
ودخل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم منزلهواحتجب عن الناس ، فكان لا يخرج إلا إلى الصلاة يصلي ويدخل ولا يكلم أحداً ويأخذ فيالصلاة ويبكي ويتضرع إلى اللَّه تعالى ، فلما كان اليوم الثالث أقبل أبو بكر رضياللَّه عنه حتى وقف بالباب وقال : " السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة ، هل إلى رسولاللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من سبيل ؟ فلم يجبه أحد فتنحى باكياً " ،
فأقبل عمر رضياللَّه عنه فوقف بالباب وقال : " السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة هل إلى رسولاللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من سبيل ؟
فلم يجبه أحد فتنحى وهو يبكي " ، فأقبل سلمانالفارسي حتى وقف بالباب وقال : السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة ، هل إلى مولاي رسولاللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من سبيل ؟ فلم يجبه أحد فأقبل يبكي مرة ويقع مرة ويقومأخرى حتى أتى بيت فاطمة ووقف بالباب ثم قال : السلام عليك يا ابنة رسول اللَّه صلىاللَّه عليه وسلم ، وكان علي رضي اللَّه عنه غائباً فقال : يا ابنة رسول اللَّه إنرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم
قد احتجب عن الناس فليس يخرج إلا إلى الصلاة فلا يكلم أحداً ولا يأذنلأحد في الدخول عليه،
فاشتملت فاطمة بعباءة قطوانية وأقبلت حتى وقفت على باب رسول اللَّهصلى اللَّه عليه وسلم ثم سلمت وقالت : يا رسول اللَّه أنا فاطمة ورسول اللَّه ساجديبكي فرفع رأسه وقال : ما بال قرة عيني فاطمة حجبت عني افتحوا لها الباب ،ففتح لهاالباب فدخلت فلما نظرت إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بكت بكاءاً شديداً لمارأت من حاله مصفراً متغيراً قد ذاب لحم وجهه من البكاء والحزن، فقالت : يا رسولاللَّه ما الذي نزل عليك ؟ فقال : يا فاطمة جاءني جبريل ووصف لي أبواب جهنم ،وأخبرني أن في أعلى بابها أهل الكبائر من أمتي فذلك الذي أبكاني وأحزنني . قالت : يا رسول اللَّه كيف يدخلونها ؟
قال بلى تسوقهم الملائكة إلى النار ولا تسود وجوههم ولا تزرق أعينهمولا يختم على أفواههم ولا يقرنون مع الشياطين ولا يوضع عليهم السلاسل والأغلال . قالت : قلت : يا رسول اللَّه وكيف تقودهم الملائكة ؟ فقال : أما الرجال فباللحىوأما النساء فبالذوائب والنواصي ، فكم من ذي شيبة من أمتي يقبض على لحيته ويقاد إلىالنار وهو ينادي واشيبتاه واضعفاه ،
فكم من ذي شاب قد قبض على لحيته يساق إلى النار وهوينادي واشباباه وأحسن صورتاه ، وكم من امرأة من أمتي قد قبض علىناصيتها
تقاد إلىالنار وهي تنادي وافضيحتاه وأهتك ستراه ، حتى ينتهي بهم إلى مالك فإذا نظر إليهممالك قال للملائكة : من هؤلاء ؟ فما ورد عليّ من الأشقياء أعجب شأناً من هؤلاء لمتسود وجوههم ولم تزرق أعينهم ولم يختم على أفواههم ولم يقرنوا مع الشياطين ولم توضعالسلاسل والأغلال في أعناقهم ، فتقول الملائكة هكذا أمرنا أن نأتيك بهم على هذهالحالة ، فيقول لهم مالك يا معشر الأشقياء من أنتم ؟
" وروي في خبر آخر " أنهم لما قادتهم الملائكةينادون : " وامحمداه " ، فلما رأوا مالكاً نسوا اسم محمد صلى اللَّه عليه وسلم منهيبته ،
فيقول لهم : من أنتم ؟ فيقولون : نحن ممن أنزل علينا القرآن ، ونحن ممن يصوم رمضان ، فيقول مالك : ما نزل القرآن إلا على أمة محمد صلى اللَّه عليه وسلم فإذا سمعوا اسم محمد صاحواوقالوا : نحن من أمة محمد صلى اللَّه عليه وسلم ، فيقول لهم مالك : أما كان لكم فيالقرآن زاجر عن معاصي اللَّه تعالى ؟ فإذا وقف بهم على شفير جهنم ونظروا إلى الناروإلى الزبانية
قالوا : يا مالك ائذن لنا فنبكي على أنفسنا ، فيأذن لهم فيبكون الدموع حتى لم يبق لهمدموع ، فيبكون الدم ، فيقول مالك : ما أحسن هذا البكاء لو كان في الدنيا ، فلو كانهذا البكاء في الدنيا من خشية اللَّه ما مستكم النار اليوم،
فيقول مالكللزبانية : ألقوهم ألقوهم في النار ، فإذا ألقوا في النار نادوا بأجمعهم : " لا إلهإلا اللَّه فترجع النار عنهم " ، فيقول مالك : يا نار خذيهم ، فتقول : " كيف آخذهموهم يقولون لا إله إلا الله ؟ " ، فيقول مالك للنار : " خذيهم " ،
فتقول : " كيفآخذهم وهم يقولون لا إله إلا الله ؟ ، فيقول مالك : نعم بذلك أمر رب العرش فتأخذهم، فمنهم من تأخذه إلى قدميه ، ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه ، ومنهم من تأخذه إلىحقويه ، ومنهم من تأخذه إلى حلقه ، فإذا هوت النار إلى وجهه قال مالك : لا تحرقيوجوههم فطالما سجدوا للرحمن في الدنيا ولا تحرق قلوبهم فطالما عطشوا في شهر رمضانفيبقون ما شاء اللَّه فيها ،ويقولون : يا أرحم الراحمين يا حنان يا منان ، فإذاأنفذ اللَّه تعالى حكمه قال : يا جبريل ما فعل العاصون من أمة محمد صلى اللَّه عليهوسلم ،
فيقول : اللهم أنت أعلم بهم ، فيقول : انطلق فانظر ما حالهم ، فينطلق جبريل عليه الصلاةوالسلام إلى مالك وهو على منبر من نار في وسط جهنم ، فإذا نظر مالك إلى جبريل عليهالصلاة والسلام قام تعظيماً له فيقول : يا جبريل ما أدخلك هذا الموضع؟
فيقول : ما فعلتبالعصابة العاصية من أمة محمد ؟ فيقول مالك : ما أسوأ حالهم وأضيق مكانهم قد أحرقتأجسامهم وأكلت لحومهم
وبقيت وجوههم وقلوبهم يتلألأ فيها الإيمان ، فيقول جبريل : ارفع الطبقعنهم حتى أنظر إليهم ، قال : فيأمر مالك الخزنة فيرفعون الطبق عنهم،
فإذا نظروا إلىجبريل وإلى حسن خلقه علموا أنه ليس من ملائكة العذاب ، فيقولون : من هذا العبد الذيلم نر أحداً قط أحسن منه ؟ فيقول مالك : هذا جبريل الكريم على ربه الذي كان يأتيمحمداً صلى اللَّه عليه وسلم بالوحي ، فإذا سمعوا ذكر محمد صلى اللَّه عليهوسلم
صاحوا بأجمعهموقالوا : يا جبريل أقرئ محمداً صلى اللَّه عليه وسلم منا السلام وأخبره أن معاصينافرقت بيننا وبينك وأخبره بسوء حالنا ،
فينطلق جبريل حتى يقوم بين يدي اللَّه تعالى فيقولاللَّه تعالى : كيف رأيت أمة محمد ؟ فيقول : يا رب ما أسوأ حالهم وأضيق مكانهم،
فيقول : هل سألوكشيئاً ؟ فيقول : يا رب نعم سألوني أن أقرئ نبيهم منهم السلام وأخبره بسوء حالهم ،فيقول اللَّه تعالى : انطلق وأخبره ،
فينطلق جبريل إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم وهوفي خيمة من درة بيضاء لها أربعة آلاف باب لكل باب مصراعان من ذهب،
فيقول : يا محمدقد جئتك من عند العصابة العصاة الذين يعذبون من أمتك في النار وهم يقرءونك السلامويقولون : ما أسوأ حالنا وأضيق مكاننا
فيأتي النبي صلى اللَّه عليه وسلم إلى تحت العرشفيخر ساجداً ويثني على اللَّه تعالى ثناء لم يثن عليه أحد مثله،
فيقول اللَّهتعالى : ارفع رأسك وسل تعط واشفع تشفع ، فيقول : يا رب الأشقياء من أمتي قد أنفذتفيهم حكمك وانتقمت منهم فشفعني فيهم ،فيقول اللَّه تعالى : قد شفعتك فيهم فائتالنار فأخرج منها من قال لا إله إلا الله ، فينطلق النبي صلى اللَّه عليه وسلم فإذانظر
مالك النبي صلىاللَّه عليه وسلم قام تعظيماً له فيقول : يا مالك ما حال أمتي الأشقياء ؟ فيقول : ما أسوأ حالهم وأضيق مكانهم ،
فيقول محمد صلى اللَّه عليه وسلم : افتح الباب ، وارفع الطبق ، فإذانظر أهل النار إلى محمد صلى اللَّه عليه وسلم صاحوابأجمعهم
فيقولون : يا محمد ؛ أحرقت النار جلودنا وأحرقت أكبادنا ، فيخرجهم جميعاً وقد صاروا فحماً قدأكلتهم النار ، فينطلق بهم إلى نهر بباب الجنة يسمى نهر الحيوان فيغتسلون منهفيخرجون منه شباباً جردا مردا مكحلين
وكأن وجوههم مثل القمر مكتوب على جباههم الجهنميونعتقاء الرحمن من النار فيدخلون الجنة ،فإذا رأى أهل النار أن المسلمين قد أخرجوامنها قالوا : يا ليتنا كنا مسلمين وكنا نخرج منالنار
وهو قولهتعالى : " رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ " [ الحجر : 2 ] .
الحديثُورد من طريقٍ آخر بلفظٍ مختصرٍ ، ونصهُ :
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : جاء جبريل إلىالنبي صلى الله عليه وسلم في حين غير حينه الذي كان يأتيهفيه
، فقام إليهرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " يا جبريل ؛ مالي أراك متغير اللون ؟! فقال : ما جئتك حتى أمر الله بمفاتيح النار.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا جبريل ؛ صفلي النار وانعت لي جهنم .
فقال جبريل : إن الله تبارك وتعالى أمر بجهنم فأوقد عليها ألف عام حتىابيضت ، ثم أمر فأوقد عليها ألف عام حتى احمرت ،
ثم أمر فأوقد عليها ألف عام حتى اسودت ، فهي سوداءمظلمة لا يضيء شررها ولا يطفأ لهبها ،
والذي بعثك بالحق لو أن ثقب إبرة فتح من جهنم لماتمن في الأرض كلهم جميعا من حره ، والذي بعثك بالحق لو أن ثوبا من ثيابالكفا
ر علق بينالسماء والأرض لمات من في الأرض جميعا من حره ، والذي بعثك بالحق لو أن خازنا منخزنة جهنم برز إلى أهل الدنيا فنظروا إليه لمات
من في الأرض كلهم من قبح وجهه ومن نتن ريحه ، والذيبعثك بالحق لو أن حلقة من حلق سلسلة أهل النار التي نعت الله فيكتابه
وضعت على جبالالدنيا لأرفضت وما تقارت حتى تنتهي إلى الأرض السفلى . فقال رسول الله صلى اللهعليه وسلم "حسبي يا جبريل ،
فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبريل وهو يبكي قال : تبكي ياجبريل وأنت من الله بالمكان الذي أنت فيه ؟
فقال : وما لي لا أبكي أنا أحق بالبكاء ، لعلي أكونفي علم الله على غير الحال التي أنا عليها ، وما أدري لعلي ابتلى بما ابتلي بهإبليس
فقد كان منالملائكة ، وما أدري لعلي ابتلى بما ابتلي به هاروت وماروت ، فبكى رسول الله صلىالله عليه وسلم وبكى جبريل ،
فما زالا يبكيان حتى نوديا : أن يا جبريل ويا محمد إن الله قد أمنكماأن تعصياه " .
الـجـواب
الحديثُ بهذا اللفظِ ظاهرُ الكذبِ على رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهوسلم ولو أن بعض ألفاظهِ قد جاءت في أحاديث صحيحةٍ ، ولنا معه وقفات :
الوقفةُ الأولى :
من هو يزيدُالرقاشي الراوي عن أنسِ بنِ مالك رضي اللهُ عنه ؟ وما هي حالهُ من جهةِ كلام أهلِالجرحِ والتعديلِ فيه ؟
هو يزيدُ بنُ أبان الرَّقَاشي أبو عمرو البصري القاص من زهادِ البصرةِ . وكلامُ أهلِ العلم فيه طويل ، من ذلك :
قال البخاري : تكلم فيه شعبةُ . وقال أبو طالب : سمعتُ أحمدَ بنَ حنبل يقول :
" لا يكتبُ حديث يزيد الرقاشي . قلت له : فلم تُرك حديثهُ،لهوى كانفيه؟
قال : لا ،ولكن كان منكر الحديثِ . وقال : شعبةُ يحملُ عليه ، وكان قاصاً .
وقال أبو حاتم : كان واعظاً بكاءً كثير الروايةِ عن أنس بما فيه نظرٌ ، صاحبُ عبادةٍ ، وفي حديثهِضعفٌ .وقد لخص ابنُ حبان الكلامَ فيه فقال : " كان من خيارِ عبادِ اللهِ منالبكائين في الخلواتِ والقائمين بالحقائق في السبراتِ،
ممن غفل عن صناعةِالحديثِ وحفظها ، واشتغل بالعبادةِ وأسبابها حتى كان يقلبُ كلامَ الحسنفيجعله
عن أنس وغيرهمن الثقات بطل الاحتجاجُ به ، فلا تحلُ الروايةُ عنه إلا على سبيل التعجب " .
الوقفةُ الثانيةُ :
الحديثُ بهذاالسياقِ أوردهُ السمرقندي في " تنبيه الغافلين " ، وقد تكلم أهلُ العلم على الكتابِ .
قال الإمام الذهبيفي ترجمته في السير (16/323) : صَاحبُ كِتَابِ (تنبيهِ الغَافلينَ) ... وَتَرُوجُعَلَيْهِ الأَحَادِيثُ الموضُوعَةُ .ا.هـ.
أما كتابه " تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياءوالمرسلين " الذي جاء الحديث المذكور فيه فقد انتقده أهل العلم نقدا شديدا،
فالكتاب - أي " تنبيه الغافلين " - من مظان الأحاديث الموضوعة والمكذوبة،
وإليك كلام أهلالعلم في الكتاب لكي تكون أنت وغيرك على بينة من أمر الكتاب .
وهذه النقولات منكتاب " كتب حذر منها العلماء (2/198 -200) .
الوقفةُ الثالثةُ :
الحديثُ ورد من طريقٍ آخر بلفظٍ مختصرٍ ، ونصهُ ( كتب في الأعلى )
أخرجهُ الطبراني في " الأوسط " (4840 – مجمع البحرين) ، وأوردهالعلامةُ الألباني – رحمهُ اللهُ - في " الضعيفة " (1306 ، 4501) ،
وفي " ضعيفالترغيب والترهيب " (2125) وحكم عليه بالوضعِ في المواضعِ الثلاثةِ ، وفي سندهِسلامُ الطويل وهو متهمٌ بالكذبِ .
والحديثُ فيه علةٌ أخرى ربما لم ينتبه لها الشيخُ ، أو أنهُ اكتفىبعلةِ الكذابِ الذي في السندِ ، وهي علةٌ كافيةٌ لردِ الخبرِ،
والعلةُ الثانيةُالانقطاعُ بين عدي بنِ عدي الكندي وعمرَ بنِ الخطابِ رضي اللهُ عنه .
وأكتفي بهذهالوقفاتِ ، وأسألُ اللهَ أن يرينا الحقَ حقاً ويرزقنا اتباعهُ ، ,أن يرينا الباطلَباطلاً ويرزقنا اجتنابهُ .
الشيخ / عبدالله بن محمد زُقَـيْـل
الــمــوضــوعرقم 5
حديث موتالملائكة
الــســؤال
ما صحة هذا الموضوع ؟
الحمد لله و الصلاة و السلام على خير البريه محمدبن عبد الله عليه أفضل الصلاة و أتم التسليم ...
قال تعالى في محكم التنزيل (( كل من عليها فان , ويبقى وجه ربك ذو الجلال و الإكرام ))
كل من على الدنيا هالك لا محالة إلا الله عز و جللا إله إلا هو سبحانه ..فسأذكر لكم أحبتي في الله عن كيفية موت الملائكة عليهمالسلام ...
كما نقلفي كتاب ابن الجوزي رحمه الله
(( بستان الواعظين و رياض السامعين )) .
مقدمة :
بعدما ينفخإسرافيل عليه السلام في الصور النفخة الأولى تستوي الأرض من شدة الزلزلة فيموت أهلالأرض جميعا و تموت ملائكة السبع سماوات و الحجب و السرادقات و الصافون و المسبحونو حملة العرش و أهل سرادقات المجد و الكروبيون و يبقى جبريل و ميكائيل و إسرافيل وعزرائيل ملك الموت عليهم السلام .
موت جبريل عليه السلام
يقول الجبار جلجلاله : يا ملك الموت من بقي ؟؟ _ و هو أعلم _
فيقول ملك الموت : سيدي و مولاي أنت أعلم بقيإسرافيل و بقي ميكائيل و بقي جبريل
و بقي عبدك الضعيف ملك الموت خاضع ذليل قد ذهلتنفسه لعظيم ما عاين من الأهوال ..
فيقول له الجبار تبارك و تعالى : انطلق إلى جبريل فأقبض روحه ,, فينطلق إلى جبريل فيجده ساجدا راكعا فيقول له : ما أغفلك عما يراد بك يا مسكين قدمات بنو آدم و أهل الدنيا و الأرض و الطير و السباع و الهوام و سكانالسماوات
و حملةالعرش و الكرسي و السرادقات و سكان سدرة المنتهى و قد أمرني المولى بقبض روحك !
فعند ذلك يبكيجبريل عليه السلام و يقول متضرعا إلى الله عز و جل : يا الله هوّن علي سكراتالموت
(( يا اللههذا ملك كريم يتضرع و يطلب من الله بتهوين سكرات الموت و هو لم يعصي الله قط ..
فما بالنا نحنالبشر و نحن ساهون لا نذكر الموت إلا قليلا )) ..
فيضمه ضمه فيخر جبريل منها صريعا فيقول الجبار جلجلاله : من بقي يا ملك الموت : من بقي يا ملك الموت _ و هو أعلم _ فيقول : مولاي وسيدي بقي ميكائيل و إسرافيل و عبدك الضعيف ملك الموت .
موت ميكائيل عليهالسلام
(( الملكالمكلف بالماء و القطر ))
فيقول الله عز و جل انطلق عز و جل انطلق إلى ميكائيل فيجده ينتظرالمطر ليكيله على السحاب ..فيقول له : ما أغفلك يا مسكين عما يراد بك ! ما بقي لبنيآدم رزق و لا للأنعام و لا للوحوش و لا للهوام ..قد أهلك أهل السماوات و الأرضين وأهل الحجب و السرادقات و حملة العرش و الكرسي و سرادقات المجد والكروبيون
و الصافونو المسبحون و قد أمرني ربي بقبض روحك ..
فعند ذلك يبكي ميكائيل و يتضرع إلى الله و يسأله أنيهوّن عليه سكرات الموت ..
فيحضنه ملك الموت و يضمه ضمه يقبض روحه فيخر صريعا ميتا لا روح فيه ..
فيقول الجبار جلجلاله : من بقي _ و هو أعلم _ يا ملك الموت ؟ .. فيقول مولاي و سيدي أنت أعلم .. بقي اسرافيل و عبدك الضعيف ملك الموت .
موت إسرافيل عليهالسلام
(( الملكالموكل بنفخ الصور ))
فيقول الجبار تبارك و تعالى : انطلق إلى إسرافيل فأقبض روحه .. فينطلقكما أمره الجبار إلى إسرافيل ((و إسرافيل ملك عظيم )) ..
فيقول له ماأغفلك يا مسكين عما يراد بك ؟؟ .. قد ماتت الخلائق كلها و ما بقي أحد و قد أمرنيالله بقبض روحك ..
فيقول إسرافيل : سبحان من قهر العباد بالموت سبحان من تفرد بالبقاء ..
ثم يقول مولايهوّن علي مرارة الموت .. فيضمه ملك الموت ضمه يقبض فيها روحه فيخرصريعا
فلو كان أهلالسماوات و الأرض في السماوات و الأرض لماتوا كلهم شدة وقعته .
موت ملك الموت عليهالسلام
(( الموكلبقبض الأرواح ))
يسأل الله ملك الموت من بقي يا ملك الموت ؟؟ _ و هو أعلم _ فيقولمولاي و سيدي أنت أعلم بمن بقي .. بقي عبدك الضعيف ملك الموت ..
فيقول الجبار عزوجل : و عزتي و جلالي لأذيقنك ما أذقت عبادي أنطلق بين الجنة و النار و مت ..
فينطلق بين الجنةو النار فيصيح صيحة لولا أن الله تبارك و تعالى أمات الخلائق لماتوا عن آخرهم منشدة صيحته فيموت.
ثميطلع الله تبارك و تعالى إلى الدنيا فيقول .. : يا دنيا أين أنهارك أين أشجارك وأين عمارك ؟؟
.. أينالملوك و أبناء الملوك و أين الجبابرة و أبناء الجبابرة ؟؟ أين الذين أكلوا رزقي وتقلبوا في نعمتي و عبدوا غيري ؟؟ .. لمن الملك اليوم ؟؟ فلا يجيب أحد فيرد الله عزو جل فيقول الملك لله الواحد القهار ..اذكروا الله و اتعضوا و جزائنا إن شاء اللهجنات النعيم
و هذا والله أعلم و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه وسلم.
الـجـواب
هذا الحديث (حديث موت الملائكة ) كذب على الله ورسوله ومنتشر فيالمنتديات كثيراً
وهو في كتاب (بستان الواعظين ورياض السامعين) لابن الجوزي وفيه من الأحاديثالضعيفة والموضوعة فلا يجوز نشر هذا الحديث.
(أما موت الملائكـة فالرد عليه هنا ) :
الحمد لله والصلاةوالسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الملائكة يموتون كما يموت غيرهم من الأحياء،ويدل لذلك كما قال القرطبي وابن حجر قول
الله تعالى:" كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ " {القصص: 88}.
وقالالمناوي في "فيض القدير": وأما الملائكة فيموتون بالنص والإجماع،ويتولى قبض أرواحهمملك الموت، ويموت ملك الموت بلا ملك الموت.
ولا يبعد أن يعانوا من سكرات الموت كما يعاني منهاغيرهم.
يقول اللهتعالى:" وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ "{ ق : 19}
وفي البخاري أنالرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول: لا إله إلا الله، إن للموتلسكرات.
وفيالمستدرك عن عائشة رضي الله عنها قالت: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهوبالموت، وعنده قدح فيه ماء، وهو يدخل يده في القدح ثم يمسح وجهه بالماء ثم يقول: اللهم أعني على سكرات الموت.
والحديث صححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وأما ما ذكر ابن الجوزي في وصف موت الملائكةالأربعة فإنه لم يثبت فيه نص،ولكن وردت آثار ضعيفة الأسانيد، كما قال البيهقي فيشعب الإيمان، وابن كثير في البداية تفيد موت هؤلاء الملائكة الأربعة، ولم تذكرالتفاصيل التي ذكر ابن الجوزي. وليعلم أن أهم ما يتعين الاعتناء به هو تذكرنا للموتواستعدادنا له وتوظيف أوقاتنا
وطاقاتنا فيما يرضي الله تعالى حتى نلقاه وهو راض عنا..والله أعلم.
المفتـي: مركزالفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
يتبع
February 28th, 2007, 04:56 AM