مبتعث مميز Characteristical Member
كندا
Academy , ذكر. مبتعث مميز Characteristical Member. من السعودية
, مبتعث فى كندا
, تخصصى Applied Management
, بجامعة _
- _
- Applied Management
- ذكر
- _, _
- السعودية
- Jul 2008
المزيدl January 15th, 2011, 01:08 AM
January 15th, 2011, 01:08 AM
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه ومن والاه . أما بعد :
فمع التقصير فى حق الله و التفريط فى حق النفس و العباد , كان لابد من محاسبة النفوس و مجاهدتها حتى تتخلى عن الرذائل و تتحلى بالفضائل , فإذا هم الإنسان بذلك وجد من ينازعه و يقول له : لا داعي لجلد الذات و تأنيب الضمير !!! بل قد يخوفونه بأنه سيصاب بحالة اكتئاب . وأن اجتهاده فى الصالحات واتهامه لنفسه بالتقصير سينتهى به إلى الخبل و الجنون !!.
لقد صار إقصاء الدين عن الحياة , وفلسفة الذنوب و المعاصى سمة من سمات العصر الذى نعيشه , وبينما يحدث التمجيد لمن يقاتل فى سبيل الطاغوت , ويوصف بالبطولة من يموت فى سبيل نشر القومية و الإلحاد و الديمقراطية .. نجد الاستخفاف و الاستهزاء بمن يقاتل فى سبيل الله , وقد يرسب الطالب فى الامتحان , ويفشل الإنسان فى عمله فتتلمس له المعاذير من هنا و من هناك , فإذا كان متديناً قامت الدنيا ولم تقعد !! و بينما تمتلئ المصحات النفسية و المستشفيات العقلية بالنزلاء فى أوروبا و أمريكا و تكثر نسب الانتحار فى النرويج و الدانمارك , مع يسر ورفاهية الحياة , ويكثرون من التحليلات و التبريرات . نجد هؤلاء , لو اكتشفوا من يسلك طريق التدين والإلتزام فأصابه جنون أو عاهة نفسية يسارعون بالتفشى واتهام الدين !! وقد يسلكون مسلك الناصحين و الأطباء العارفين فيحاولون إبعاده عما هو فيه , وفى أحسن الأحوال يقولون له عش حياتك , صل و صم ولا مانع من مشاهدة الراقصة و سماع الأغنية .. ساعة و ساعة أو نقرة و نقرة بالضبط كما كان يصنع أهل الجاهلية , عندما يقولون اليوم خمر و غداً أمر , ولكن هل هذا هو العلاج و المخرج من البلاد و الاكتئاب ؟!
**********
ولقد أسرف البعض فى الكلام على الشعور و اللاشعور , بما لا طائل تحته , ولا فائدة من ورائه , وما يعنينا هو ما جاء فى كتاب الله وفى سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم , وكل إنسان بعد ذلك يؤخذ من قوله و يترك , ولا عبرة بما خالف الحق ( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) " الملك : 14 " وبدلاً من استخدام مصطلح جلد الذات نحتاج فى هذا و غيره لاستخدام الكلمات الشرعية كالمحاسبة و المجاهدة قال تعالى ( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا )" الشمس : 7 - 10 " وقال تعالي( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) " النازعات : 40 - 41 " وقال (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) " العنكبوت : 69 " وقال ( لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ) " القيامة : 1 - 2 " . فذكر هنا النفس اللوامة .
************
و النفوس ثلاثة , النفس الأمارة بالسوء , وهى مأوى الشرور , و منبع الأخلاق الذميمة , وهذه النفس يجب مجاهدتها , والنفس اللوامة, دائماً تلوم صاحبها لما قلت كذا و لما فعلت كذا , وكلما صدرت عنها سيئة بحكم جبلتها أخذت تلوم صاحبها , وقد أقسم الله بها فى كتابه وقيل لا تجد المؤمن إلا وهو يلوم نفسه , وأرفع النفوس وأعلاها النفس المطمئنه , وهى التى انخلعت عن صفاتها الذميمة و تخلقت بالأخلاق الحميدة , وهى التى ينادى عليها ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي ) " الفجر : 27 - 30 ".
وذكر البعض أن النفوس لها ثلاث قوى : النفس الشهوانية , ويشترك فيها الإنسان و سائر الحيوانات , والنفس الغضيبة وهى كسابقتها و النفس الناطقة وهى التى يتميز بها الإنسان على سائر الحيوانات ولكل واحدة من الثلاث آفاتها و عيوبها التى ينبغى مجاهدتها , ولان الغضب و الشهوة و النطق تؤثر فى الأخلاق محمودها و مذمومها و مجاهدتها تتم بتعلم الهدى و دين الحق , والعمل بذلك و الدعوة إليه و الصبر على مشاق الطريق وأذى الخلق .
إن النفس حرون وهى طالعة إلى كل سوء , فكيف تترك وما تهواه بزعم عدم جلد الذات قال تعالى ( فَأَمَّا مَن طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ) " النازعات : 27 - 41 " , قال الحسن البصرى : إن المؤمن لا تراه إلا يلوم نفسه دائماً .
وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال " حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزنوا , فإنه أهون عليكم فى الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم و تزينوا للعرض الأكبر يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية ".
وقال الحسن " المؤمن قوام على نفسه يحاسب نفسه لله , وإنما خف الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة , إن المؤمن يفاجئه الشئ و يعجبه فيقول و الله إنى لأشتهيك وإنك لمن حاجتى , ولكن والله ما من حيلة إليك , هيهات حيل بينى و بينك , ويفرط منه الشئ فيرجع إلى نفسه فيقول ما أردت إلى هذا , مالى و لهذا والله لا أعود إلى هذا أبداً , إن المؤمنين قوم أوقفهم القرآن و حال بين هلكتهم .
إن المؤمن أسير فى الدنيا يسعى فى فكاك رقبته, لا يأمن شيئاً حتى يلقى الله , يعلم أنه مأخوذ عليه فى سمعه وفى بصره وفى لسانه وفى جوارحه , مأخوذ عليه فى ذلك كله.
قال مالك بن دينار " رحم الله عبداً قال لنفسه ألست صاحبة كذا ألست صاحبة كذا ثم زمها , ثم خطمها , ثم ألزمها كتاب الله عز و جل فكان لها قائداً " ما الذى يمنعني من أن أقول : أنا ذلك العبد المذنب المسئ , خيره سبحانه إلينا نازل و شرنا إليه صاعد , يتحبب إلينا بالنعم رغم غناه عنا , ونحن نتبغض إليه بالمعاصى و نحن إليه محتاجون , وقد أصبحنا فى نعم الله ما لا نحصيه , مع كثرة ما نعصيه , فلا ندرى أيتهما نشكر أجميل ما يسر أم قبيح ما ستر , نتشرف بالانتساب لهذا الدين , فهل أقمناه فى حياتنا الخاصة و العامة , و نقول كل خير فى اتباع من سلف وكل شر فى ابتداع من خلف , ولو ذكرت أحوال الأفاضل بيننا لافتضحنا كلنا , تطلعنا إلى عيوب الآخرين و نسينا أمثال الجبال فى أنفسنا , وتكلمنا على الوحدة الإسلامية وقد نكون معاول هدم فى جسدها بانحرافنا عن مثل ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم و الصحابة الكرام , خف علينا الكلام و ثقل علينا العمل , نتعجب من تسلط يهود على البلاد و العباد و العيب فينا , فما حدث ذلك بسبب قوة يهود , وإنما بسبب ضعفنا , وضعفنا لا بسبب قلة العدد و العتاد , وإنما بسبب البعد عن منهج الله , نلعب و نلهو و ننشغل بالمباريات و الرقص و الغناء فى الوقت الذى يذبح فيه المسلمون و تنتهك أعراضهم , نومنا طويل فى الوقت الذى لا ينام فيه الشيطان , وأولياؤه يعدون العدة للإجهاز على هذه الأمة , و ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله .. ما الذى يمنعني من وقفة محاسبة و مجاهدة استحث بها الخطى للحاق بقوم غير بهم سبحانه وجه الأرض ( إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) " الرعد : 11 " قال تعالى (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ) " آل عمران : 30 " .
*************
وإذا كان الصادقون يسئلون عن صدقهم و يحاسبون عليه فما الظن بالكاذبين , قال تعالى ( لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ ) " الأحزاب : 8 " قال الحسن : رحم الله عبداً وقف عند همه , فإن كان لله أمضاه , وإن كان لغيره تأخر " وقال محمد بن واسع : لو كان للذنوب ريح ما قدر أحد يجلس إلى , فالمحاسبة تدل الإنسان على عيوب النفس و تمنعه من الغرور , ورد عن عقبة بن صهبان قال : سألت عائشة رضى الله عنها عن قول الله عز و جل ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ) " فاطر : 32 " فقالت : يا بنى هؤلاء فى الجنة أما السابق فمن مضى على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم و شهد له رسول الله صلى الله عليه و سلم بالجنة و الرزق , وأما المقتصد فمن اتبع أثره من أصحابه حتى لحق به وأما الظالم لنفسه فمثلى و مثلك , فجعلت نفسها معناً بالمحاسبة يتعرف العبد على عظيم حق الله عليه , وانه سبحانه أحق أن يطاع فلا يعصى وان يشكر فلا يكفر , وان يذكر فلا ينسى , فيدفعه ذلك إلى المجاهدة والإنابة و التأسى برسول الله صلى الله عليه و سلم , فعن عائشة رضى الله عنها - قالت كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا صلى قام حتى تفطر رجلاه , فقالت عائشة : يا رسول الله أتصنع هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فقال : يا عائشة أفلا أكون عبداً شكوراً " رواه البخارى و مسلم.
وعن حذيفة قال : صليت مع النبى ذات ليلة فافتتح البقرة فقلت : يركع عند المائة ثم مضى فقلت يصلى بها فى ركعة فمضى فقلت : يركع بها ثم افتتح النساء فقرأها ثم افتتح آل عمران فقرأها يقرأ مترسلاً إذا مر بآية فيها تسبيح سبح وإذا مر بسؤال سأل , وإذا مر بتعوذ تعوذ , ثم ركع فجعل يقول : سبحان ربى العظيم فكان ركوعه نحواً من قيامه , ثم قال : سمع الله لمن حمده " ثم قام طويلاً قريباً مما ركع . ثم سجد فقال : سبحان ربى الأعلى " فكان سجوده قريباً من قيامه " رواه مسلم .
***************
إن النفس تميل إلى الدعة و الراحة , وقد تؤثر الانحطاط و السفول و التدنى , والإخلاد إلى الأرض , ولو فقهت لكان منها المجاهدة طلباً لمعالى الأمور , قيل للبعض إلى كم تتعب نفسك , قال : راحتها أريد , وقال عيسى عليه السلام : طوبى لمن ترك شهوة حاضرة لموعود غائب لم يره " وقال أبو بكر الصديق - رضى الله عنه - فى وصيته لعمر حين استخلفه " عن أول ما أحذرك نفسك التى بين جنبيك " ويحكى أنس - رضى الله عنه - عن عمر بن الخطاب أمير المؤمنين بخ بخ والله يا ابن الخطاب لتتقين الله , أو ليعذبنك و سئل ابن عمر عن الجهاد فقال : أبدأ بنفسك فجاهدها , وأبدأ بنفسك فاغزها " وقال إبراهيم بن علقمة لقوم جاءوا من الغزو : قد جئتم من الجهاد الأصغر فما فعلتم فى الجهاد الأكبر ؟ قالوا : وما الجهاد الأكبر ؟ قال : جهاد القلب . وقال سفيان الثورى : ما عالجت شيئاً أشد على من نفسى , مرة لى ومرة على . وكان أبو العباس الموصلى يقول لنفسه : يا نفس لا فى الدنيا مع أبناء الملوك تتنعمين , ولا فى طلب الآخرة مع العباد تجتهدين , كأنى بك بين الجنة و النار تحبسين , يا نفس ألا تستحين " وقال الحسن : " ما الدابة الجموح بأحوج إلى اللجام الشديد من نفسك " وقال ميمون بن مهران : لا يكون الرجل تقياً حتى يحاسب نفسه محاسبة شريكه وحتى يعلم من أين ملبسه و مطعمه و مشربه " وقال ابن القيم : لا يسئ الظن بنفسه إلا من عرفها , ومن أحسن الظن بنفسه فهو من اجهل الناس بنفسه " وقال الغزالى : إن النفس عدو منازع يجب علينا مجاهدتها " وكان مالك بن دينار يطوف فى السوق فإذا رأى الشئ يشتهيه قال لنفسه : اصبرى فوالله ما أمنعك إلا من كرامتك على " وقال يحيى بن معاذ : أعداء الإنسان ثلاثة : دنياه , وشيطانه , و نفسه , فاحترس من الدنيا بالزهد فيها , ومن الشيطان بمخالفته , ومن النفس بترك الشهوات . فمن صبر على مجاهدة نفسه وهواه و شيطانه غلبهم , وحصل له النصر و الظفر وملك نفسه فصار ملكاً عزيزاً , ومن جزع ولم يصبر على مجاهدة ذلك غلب و قهر وأسر , وصار عبداً ذليلاً أسيراً فى يد شيطانه و هواه , وجهاد العدو الخارجى يتطلب جهاد العدو الباطن , وهو جهاد النفس و الهوى , فإن جهادهما من أعظم الجهاد .
قال الفيروزبادى : والحق أن يقال : المجاهدة ثلاثة أدرب : مجاهدة العدو الظاهر ومجاهدة الشيطان , ومجاهدة النفس , والمجاهدة تكون باليد و اللسان .
وفى تفسير قوله تعالى ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا ) "العنكبوت : 69 " قال العلماء ومن جملة المجاهدات , مجاهدة النفس بالصبر عند الابتلاء , ليعقب ذلك انس الصفاء , وينزع عنه لباس الجفاء . فأنت بحاجة لمحاسبة لكونك عبد الله تدور مع إسلامك حيث دار , ورائدك فى هذا و غيره , ما جاء فى الكتاب و السنة , وهذا هو الطريق الموصل إلى رضوان الله تعالى و الجنة , وتتحصل بذلك على خير الدنيا و الآخرة , وتمتلك ناصية الخير , ويتحقق انكار الذات , وتسمو بين أقرانك وفى مجتمعك , فإذا سمعت من ينفرك , ويقول لك : لا داعى لجلد الذات وتأنيب الضمير , فقل : تهمة لا أنفيها و شرف لا أدعيه , فأنا أتمنى أن أكون من المحاسبين لأنفسهم دون إفراط أو تفريط , ومن المجاهدين فى ذات الله وفق معانى الحق و العدل , حتى تستقيم الأقوال و الأفعال و الحركات و السكنات فى العسر و اليسر و المنشط و المكره و الغضب و الرضا , حذراً من يوم تقول فيه نفس (أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ ) " الزمر : 56 " . وطلباً لنعيم لا ينفد وقرة عين لا تنقضى , وحياءاً من رب كريم , بر رؤوف رحيم دعانا بإحسانه وإنعامه , قلوبنا له مفضبة , وسرنا عنده علانية , والغيب لديه مكشوف وكل أحد إليه ملهوف , عنت الوجوه لنور وجهه ودلت الفطر على امتناع مثله و شبهه , قال تعالى وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا ) "( فاطر : 45 " فاغتنموا الفرصة وبادروا بالطاعات , وأقلعوا عن السيئات واثبتوا الأجل نصب أعينكم واستحيوا من الله حق الحياء .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
منقول موضوع قيم جداً و مفيد .. لـ إ عادة التفكير بـ هذه النفس !
شكراً كبيرة ..
NON23 January 18th, 2011, 08:16 AM
7 " موضوع جميل
يعطيك العافية على هذا الطرح
اهات الحروف January 19th, 2011, 03:37 PM
7 " يعطيك العافية على الموضوع
قلبي مدينة January 19th, 2011, 05:26 PM
7 "
January 15th, 2011, 01:08 AM
فمع التقصير فى حق الله و التفريط فى حق النفس و العباد , كان لابد من محاسبة النفوس و مجاهدتها حتى تتخلى عن الرذائل و تتحلى بالفضائل , فإذا هم الإنسان بذلك وجد من ينازعه و يقول له : لا داعي لجلد الذات و تأنيب الضمير !!! بل قد يخوفونه بأنه سيصاب بحالة اكتئاب . وأن اجتهاده فى الصالحات واتهامه لنفسه بالتقصير سينتهى به إلى الخبل و الجنون !!.
لقد صار إقصاء الدين عن الحياة , وفلسفة الذنوب و المعاصى سمة من سمات العصر الذى نعيشه , وبينما يحدث التمجيد لمن يقاتل فى سبيل الطاغوت , ويوصف بالبطولة من يموت فى سبيل نشر القومية و الإلحاد و الديمقراطية .. نجد الاستخفاف و الاستهزاء بمن يقاتل فى سبيل الله , وقد يرسب الطالب فى الامتحان , ويفشل الإنسان فى عمله فتتلمس له المعاذير من هنا و من هناك , فإذا كان متديناً قامت الدنيا ولم تقعد !! و بينما تمتلئ المصحات النفسية و المستشفيات العقلية بالنزلاء فى أوروبا و أمريكا و تكثر نسب الانتحار فى النرويج و الدانمارك , مع يسر ورفاهية الحياة , ويكثرون من التحليلات و التبريرات . نجد هؤلاء , لو اكتشفوا من يسلك طريق التدين والإلتزام فأصابه جنون أو عاهة نفسية يسارعون بالتفشى واتهام الدين !! وقد يسلكون مسلك الناصحين و الأطباء العارفين فيحاولون إبعاده عما هو فيه , وفى أحسن الأحوال يقولون له عش حياتك , صل و صم ولا مانع من مشاهدة الراقصة و سماع الأغنية .. ساعة و ساعة أو نقرة و نقرة بالضبط كما كان يصنع أهل الجاهلية , عندما يقولون اليوم خمر و غداً أمر , ولكن هل هذا هو العلاج و المخرج من البلاد و الاكتئاب ؟!
وذكر البعض أن النفوس لها ثلاث قوى : النفس الشهوانية , ويشترك فيها الإنسان و سائر الحيوانات , والنفس الغضيبة وهى كسابقتها و النفس الناطقة وهى التى يتميز بها الإنسان على سائر الحيوانات ولكل واحدة من الثلاث آفاتها و عيوبها التى ينبغى مجاهدتها , ولان الغضب و الشهوة و النطق تؤثر فى الأخلاق محمودها و مذمومها و مجاهدتها تتم بتعلم الهدى و دين الحق , والعمل بذلك و الدعوة إليه و الصبر على مشاق الطريق وأذى الخلق .
إن النفس حرون وهى طالعة إلى كل سوء , فكيف تترك وما تهواه بزعم عدم جلد الذات قال تعالى ( فَأَمَّا مَن طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ) " النازعات : 27 - 41 " , قال الحسن البصرى : إن المؤمن لا تراه إلا يلوم نفسه دائماً .
وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال " حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزنوا , فإنه أهون عليكم فى الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم و تزينوا للعرض الأكبر يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية ".
وقال الحسن " المؤمن قوام على نفسه يحاسب نفسه لله , وإنما خف الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة , إن المؤمن يفاجئه الشئ و يعجبه فيقول و الله إنى لأشتهيك وإنك لمن حاجتى , ولكن والله ما من حيلة إليك , هيهات حيل بينى و بينك , ويفرط منه الشئ فيرجع إلى نفسه فيقول ما أردت إلى هذا , مالى و لهذا والله لا أعود إلى هذا أبداً , إن المؤمنين قوم أوقفهم القرآن و حال بين هلكتهم .
إن المؤمن أسير فى الدنيا يسعى فى فكاك رقبته, لا يأمن شيئاً حتى يلقى الله , يعلم أنه مأخوذ عليه فى سمعه وفى بصره وفى لسانه وفى جوارحه , مأخوذ عليه فى ذلك كله.
قال مالك بن دينار " رحم الله عبداً قال لنفسه ألست صاحبة كذا ألست صاحبة كذا ثم زمها , ثم خطمها , ثم ألزمها كتاب الله عز و جل فكان لها قائداً " ما الذى يمنعني من أن أقول : أنا ذلك العبد المذنب المسئ , خيره سبحانه إلينا نازل و شرنا إليه صاعد , يتحبب إلينا بالنعم رغم غناه عنا , ونحن نتبغض إليه بالمعاصى و نحن إليه محتاجون , وقد أصبحنا فى نعم الله ما لا نحصيه , مع كثرة ما نعصيه , فلا ندرى أيتهما نشكر أجميل ما يسر أم قبيح ما ستر , نتشرف بالانتساب لهذا الدين , فهل أقمناه فى حياتنا الخاصة و العامة , و نقول كل خير فى اتباع من سلف وكل شر فى ابتداع من خلف , ولو ذكرت أحوال الأفاضل بيننا لافتضحنا كلنا , تطلعنا إلى عيوب الآخرين و نسينا أمثال الجبال فى أنفسنا , وتكلمنا على الوحدة الإسلامية وقد نكون معاول هدم فى جسدها بانحرافنا عن مثل ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم و الصحابة الكرام , خف علينا الكلام و ثقل علينا العمل , نتعجب من تسلط يهود على البلاد و العباد و العيب فينا , فما حدث ذلك بسبب قوة يهود , وإنما بسبب ضعفنا , وضعفنا لا بسبب قلة العدد و العتاد , وإنما بسبب البعد عن منهج الله , نلعب و نلهو و ننشغل بالمباريات و الرقص و الغناء فى الوقت الذى يذبح فيه المسلمون و تنتهك أعراضهم , نومنا طويل فى الوقت الذى لا ينام فيه الشيطان , وأولياؤه يعدون العدة للإجهاز على هذه الأمة , و ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله .. ما الذى يمنعني من وقفة محاسبة و مجاهدة استحث بها الخطى للحاق بقوم غير بهم سبحانه وجه الأرض ( إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) " الرعد : 11 " قال تعالى (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ) " آل عمران : 30 " .
وعن حذيفة قال : صليت مع النبى ذات ليلة فافتتح البقرة فقلت : يركع عند المائة ثم مضى فقلت يصلى بها فى ركعة فمضى فقلت : يركع بها ثم افتتح النساء فقرأها ثم افتتح آل عمران فقرأها يقرأ مترسلاً إذا مر بآية فيها تسبيح سبح وإذا مر بسؤال سأل , وإذا مر بتعوذ تعوذ , ثم ركع فجعل يقول : سبحان ربى العظيم فكان ركوعه نحواً من قيامه , ثم قال : سمع الله لمن حمده " ثم قام طويلاً قريباً مما ركع . ثم سجد فقال : سبحان ربى الأعلى " فكان سجوده قريباً من قيامه " رواه مسلم .
قال الفيروزبادى : والحق أن يقال : المجاهدة ثلاثة أدرب : مجاهدة العدو الظاهر ومجاهدة الشيطان , ومجاهدة النفس , والمجاهدة تكون باليد و اللسان .
وفى تفسير قوله تعالى ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا ) "العنكبوت : 69 " قال العلماء ومن جملة المجاهدات , مجاهدة النفس بالصبر عند الابتلاء , ليعقب ذلك انس الصفاء , وينزع عنه لباس الجفاء . فأنت بحاجة لمحاسبة لكونك عبد الله تدور مع إسلامك حيث دار , ورائدك فى هذا و غيره , ما جاء فى الكتاب و السنة , وهذا هو الطريق الموصل إلى رضوان الله تعالى و الجنة , وتتحصل بذلك على خير الدنيا و الآخرة , وتمتلك ناصية الخير , ويتحقق انكار الذات , وتسمو بين أقرانك وفى مجتمعك , فإذا سمعت من ينفرك , ويقول لك : لا داعى لجلد الذات وتأنيب الضمير , فقل : تهمة لا أنفيها و شرف لا أدعيه , فأنا أتمنى أن أكون من المحاسبين لأنفسهم دون إفراط أو تفريط , ومن المجاهدين فى ذات الله وفق معانى الحق و العدل , حتى تستقيم الأقوال و الأفعال و الحركات و السكنات فى العسر و اليسر و المنشط و المكره و الغضب و الرضا , حذراً من يوم تقول فيه نفس (أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ ) " الزمر : 56 " . وطلباً لنعيم لا ينفد وقرة عين لا تنقضى , وحياءاً من رب كريم , بر رؤوف رحيم دعانا بإحسانه وإنعامه , قلوبنا له مفضبة , وسرنا عنده علانية , والغيب لديه مكشوف وكل أحد إليه ملهوف , عنت الوجوه لنور وجهه ودلت الفطر على امتناع مثله و شبهه , قال تعالى وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا ) "( فاطر : 45 " فاغتنموا الفرصة وبادروا بالطاعات , وأقلعوا عن السيئات واثبتوا الأجل نصب أعينكم واستحيوا من الله حق الحياء .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
منقول