November 11th, 2007, 01:42 PM
ردا على من تصدى للدفاع عمن أساء لعلمائنا الوسطيين ..ليروج للوسطية وفق مفهوم سيدته ماما أميريكا..التي لا يخجل من الانصياع لمطالبها و الدفاع عنها ككلب حراسة غربي.
رسالة للشيخ
سلمان العودة الداعية الاسلامي المعاصر و احد الدعاة الذين يمثلون وسطية الاسلام و تفتح عقول جيل الدعاة الجدد من شباب الصحوة الذين يشكلون تهديدا لمصالح الغرب و اعداء الدين في امتنا و يقض مضاجعهم.
بين الشيخ سلمان العودة و الدكتور غازي القصيبي
هذه مقاطع من محاضرة للشيخ القدير المجاهد سلمان العودة, بعنوان ( الشريط الإسلامي , ما له وما عليه) ألقيت ارتجالاً ضمن سلسلة الدروس العلمية 34 في يوم 1/6/1411 ..
*****************
طالعتنا صوت الكويت بمقال بعنوان (يوميات كاسيت), تكلمت فيه عن أحد العلماء المحدثين المعروفين و علق الكاتب بقوله : (نتمنى على بعض علمائنا الأكارم أن يبقوا في مجال تخصصهم, و ألا يزجوا بأنفسهم في بحار السياسة , و هم لا يحسنون السباحة فيها حتى لا يغرقوا و يغرقوا شبابنا الحائر معهم ).
ويقول : ( و قديما قال محدث فقيه ألمعي , بين أصحابنا من أرجو بركته و لا أقبل شهادته , و قلت في أمور السياسة ).
أي لا يقبل شهادته في أمور السياسة! يا عجباً..! متى كان
الفصل بين الدين و السياسة؟ و منهج من هذا؟ أن يكون عندنا علماء نرجو بركتهم و نقبل منهم الحلال و الحرام و نأخذ عنهم الحديث و العلم و لا نقبل كلامهم في أمور السياسة ؟ و هل أمور السياسة بمعزل عن الدين ؟ هل هناك سياسة و هناك دين, طرفان متناقضان؟
أم أن
السياسة و الاقتصاد و الاجتماع و الفن و الأدب و الإعلام و كل أمور المجتمع يجب أن تخضع للإسلام ؟
لا شك أن الجواب هو الثاني, و لا نعرف في دين الإسلام فرقاً بين شيءٍ اسمه دين وشئ اسمه سياسة, و ما هي قيمة العالِم إذا لم يبين للناس قضاياهم السياسية التي هي من أهم القضايا التي يحتاجون إليها و التي تتعلق بمصالح الأمة العامة, هل تريد من العالم أن يبقى محصوراً فقط في أحكام مثل الذبائح و الصيد و النُسُك و الحيض و النفاس و الوضوء و الغسل و المسح على الخفين ، و أن يترك قضايا الأمة لغيره ممن لم يتذوقوا طعم العلم الشرعي, و لم يعرفوا ببلائهم و جهادهم في سبيل الله عز و جل و ما شهدت لهم الأمة
بالجهاد في ميدان دعوتها و إعادتها إلى الطريق المستقيم؟ هل تريد هذا؟؟ هيهات!
ألا تدري أنك بكلامك هذا قد أسقطت مجموعة هائلة من فتاوى و بيانات هيئة كبار العلماء تتعلق بأمور سياسية بجميع المقاييس, و أسندت الأمر في هذه الفتاوى بعد أن أسقطتها إلى من تثق أنت بهم و تقبل شهادتهم..؟
إنك تطالب باحترام التخصص, كما هو واضح من عبارتك ,و هذا إجمالا ممكن و معقول , لكن لننظر هل هذه القاعدة عامة لكل الناس , أم أنك مستثنى من هذه القاعدة و لك الحق في طرح أي موضوع بدون استثناء؟
ما بالك خضتَ في قضايا مشرقة و أخرى مغرّبة؟فأنت مرة اقتصادي ماهر, و محلل في مسائل التنمية , تكتب في مقال : ( أوهام و أضغاث أحلام ) ، في ملحمة التنمية ، و ذلك في مجلة الاقتصاد و الإدارة , و تكتب بحثاً بعنوان ( التنمية وجها لوجه ) و هو كتاب مطبوع ضمن سلسلة إصدارات تهامة .
و مرة أخرى أنت خبير في الصناعة و التخطيط الصناعي , تكتب بحثاً بعنوان ( الجبيل و ينبع..كيف و لماذا ) ، و هو موجود في مكتبة وزارة التخطيط بالرياض , و تكتب بحثاً آخر بعنوان ( الصناعة في الخليج .. آفاق جديدة ) ، و هي عبارة عن محاضرة صغيرة ألقيت بجمعية المهندسين البحرينيين .
و مرة ثالثة تكتب في الصحة و الخدمات الصحية حيث نشرت لك مقالة بعنوان ( نحو خدمة صحية أفضل ) .
و مرة أنت خبير في السياسة و العلاقات الدولية حيث دراساتك و رسالة الماجستير و الدكتوراه , و من ذلك مقال نشر بعنوان : ( نظرية العلاقات الدولية , هانز جي و نقاده ) , و قد ذكرت في مقابلة مع المجلة العربية في هذا الشهر , أن المصلحة الوطنية , و هذا مما يتعلق بالسياسة و الخبرة في العلاقات الدولية, أن المصلحة الوطنية تقتضي أنك عندما تكون حليفاً لدولة ما , أن تعتبر كل ما يدور بداخل هذه الدولة,خيراً كان أو شراً, من شؤونها الداخلية ، ومن حقك أن تعقد حلفاً مع دولة ما, مهما كان فساد هذه الدولة الداخلي , و لا يعنيك شأنها الداخلي , بمعنى أنك حين قلت قصيدة تمجد فيها صمود العراق في وجه إيران، يوم كانت العراق تحارب إيران حسب تصريحك أنت في العدد نفسه,مصيب و لست بنادمٍ على القصيدة , أي من حقك مثلا أن تتجاهل جرائم صدام حسين مع المسلمين الأكراد و السنة في العراق , و مجازره البشعة ضد العلماء في بلده و ضد الدعاة , و استئصاله لشأفتهم , و قضاءه المبرم عليهم , و أنت تعتبر هذا أمراً داخلياً لا شأن لك به ما دامت مصلحتك الوطنية تقتضي أن تكون حليفاً له . هذا معنى كلامك , و هو جزء مما تحدثت فيه في العلاقات الدولية و الخبرة السياسية .
و مرة أخرى أنت مؤرخ ، (...مقطوع...) , منها أن عمر رضي الله عنه يدعو زوجته إلى طعام الغداء مع ضيف جاء إلى عمر من أحد البلاد , و أن الذي منع المرأة من القدوم هو سخطها على عمر , و إلا لجاءت لتأكل مع الضيف , و هي ساخطة لأن عمر لم يشتر لها ملابس جميلة كملابس فلانة و فلانة من نظيراتها , ثم عقبْتَ على مقالك هذا بالهجوم على السادة الكرام الذين يتصورون أن المرأة مخلوقة من الدرجة الثانية و ربما من العاشرة , و لم تبين بالضبط من تعني بهؤلاء السادة الكرام , فربما نكون نحن جميعاً من أولئك السادة الكرام !
و مرة أنت مفسر و محدث تروي عن الطبري في تفسيره أقوال منكرة غريبة و آثار مرفوضة , و تتجاهل كلام ابن كثير في نكارتها , و
تتجاهل العقل الذي ينكرها و يرفضها , و تتجاهل أن إسنادها مظلم كالليل , و تمكن لهذه الروايات ، لتستدل بها على بعض نظراتك التي تتعلق بالأوضاع السياسية في منطقة الخليج و ما حولها .
و مرة أنت باحث اجتماعي كما في كتابتك ( قضية القضايا , و بقية البقايا ) حيث تحدثت عن التغير الاجتماعي و كيف يتم هذا التغيير , و أنه من خلال التغيير الاجتماعي يمكن أن تُحسم أمور سابقة كقضية اللاسلكي , أو تعليم المرأة أو عمل المرأة أو قضية التلفاز و غيرها , و أنه يجب أن يتم الحوار حول القضايا المطروحة في جو هادئٍ بعيدٍ عن التشنج و الانفعال و استعداء السلطة على الرأي الآخر , و بعيدٍ عن الاتهامات التي تلقى جزافاً و بلا مبالاة .
لا أدري , ما دمت تحذّر من استعداء السلطة على الرأي الآخر , ماذا كنت تعني بالضبط بقولك في يوميات كاسيت : ( أيتصور البعض أن جهاد الكاسيت معركة باردة ) , يعني الجواب عنده : لا ! هي معركة ساخنة فخذوا حذركم .. هذا معنى كلامه ..
و مرة أنت كاتب أصولي تكتب في أصول الفقه , و تكتب عن آداب الاجتهاد و الاختلاف في الإسلام , كما في اليمامة , و تنقل عن الإمام ابن القيم رحمه الله و الإمام مالك رحمه الله و الإمام الشاطبي رحمه الله و قد حسبت في هذا الكلام نقولَ كثيرة , بل إن الكلام كله نقول , و ختمت النقول بقولك : ( ترى ..متى يتعلم المسلمون المعاصرون من أسلافهم العظام شيئاً من أدب الاجتهاد و أدب الاختلاف ؟ ) .
نحن نوافق على أنه يجب أن نتعلم من أسلافنا كل شئ و ليس فقط أدب الخلاف و أدب الاجتهاد , لكن لا أدري أين ذهبت هذه الآداب في مقالة الشريط , حيث برزت اتهامات بالكذب و الاختلاق , و اتهمت بعض المحدثين بأن هناك أشياء و قصص يروونها لا وجود لها إلا في خيالهم , و معنى ذلك أنهم تخيلوا شيئا و اختلقوه و رسموا منه قصة موضوعة , و سردوا حكايات لا وجود لها إلا في خيالهم , و لا أدري لماذا التدخل في توزيع التخصصات و الاستغناء عن خدمات العلماء ؟
إنك تلمح بأن بعض المتحدثين في تلك الأشرطة هم كإذاعة بغداد , و أنهم أخذوا بعض ما يتكلمون فيه عن مخاطر وجود المرأة الأجنبية مجندة كانت أو غير مجندة على هذه البلاد و أخلاقياتها من خيالهم , و أن همهم هو إثارة البسطاء كما تقول , و استفزازهم بقصص خيالية .
إن هذا الكلام يصدق على الممثلين و يصدق على الفنانين , و يصدق على بعض المشتغلين في الإعلام , و يصدق على بعض الأدباء و الشعراء الذين همهم إثارة البسطاء و استفزازهم حقاً , أما العلماء فإنهم يتكلمون عن حقائق و وثائق و وقائع و إن كانت لا تعجبك على كل حال..
أين الأسلوب العلمي ؟ أين الهدوء المعتاد الذي تدعو إليه؟
و مرة أخرى , تتحول إلى مفتي , يفتي في الجليل و الحقير , ففي مقابلة مع عكاظ يفتي بالموسيقى و بفتي بجواز كشف المرأة لوجهها , و يقول : ( هاتوا لي دليلا من الكتاب و السنة , على تحريم قيادة المرأة للسيارة , فالكلام المطروح حتى الآن غير مقنع هذا الموضوع ) .
و قد تجرأتَ أكثر و أكثر حين كتبت في جريدة المسلمون في عدد هذا الأسبوع بعنوان : ( حد القذف هل يشترط التصريح أم يكفي فيه التلميح ) , و هذا تدخّل حتى في أعمال القضاة أيضا , تحدث عن القذف و أنه حرام بالكتاب و السنة , و ساق الأدلة على تحريمه , و أنا ألخص لكم الفائدة حتى تنتفعوا بها , و ذكر أن ألفاظ القذف تنقسم إلى ثلاثة أقسام : صريح و كناية و تعريض ..!
طيب .. ماذا بقي لنا بارك الله فيك , و أصلحك ؟ إذا وصلت إلى هذه القضية ماذا بقي لنا؟ السياسة لا تتكلموا فيها , و الاقتصاد ليس من شؤونكم , و الصناعة و الصحة و الإعلام و .. و .. و الآن أتيت إلى تخصصنا أيضا في موضوع القذف , و في قضايا فقهية تتحدث عن الأدلة و تنقل و تقول أنه ينقسم إلى ثلاثة أقسام و تأتي باختلاف العلماء حول الكنايات كقول القائل لامرأة يا فاسقة يا فاجرة يا خبيثة , و تنقل مذهب الأحناف من كتاب اسمه الميسور للسرخسي , يمكن خطأ مطبعي .. لا أدري , الميسور لا أعرف كتاباً بهذا الاسم , هناك كتاب اسمه المبسوط للسرخسي , و هو المقصود , على كل حال , و نقل من كتاب آخر اسمه الفقه على المذاهب الأربعة , و هذا الكتاب يقول بعض علمائنا المعاصرين بوجوب إحراقه لأنه كتاب غير موثق و لا يعتمد .
ثم عقب بقوله : ( فأعجب من نفرٍ يدعون الغيرة على الأعراض , و هم يستخدمون ألفاظاً يستحق قائلها الحدّ أو التعزير .. ) و معروف من يقصد بذلك , و لا أدري بالضبط هل سمع هو أو سمع غيره شخصاً معيناً يقذف أحداً بالفاحشة ؟
أصل القضية , الكلام في قضية الحد، يفتقر إلى أن يكون أمامك شخص قاذف , فلان بن فلان قذف , بعد ذلك تبحث هل قذف بلفظة صريحة أو كناية أو تعريض, و هل يستحق الحد أم التعزير و هل هو مخطئ أم مصيب .. هذا موضوع آخر ..
لكن الآن ليس أمامنا شخص معين وجد أنه قذف حتى تأتي أصل فكرة البحث , أصل فكرة البحث مبنية على شفا جرف هارٍ , لكن هكذا من تدخل في ما لا يحسن أتى بالعجائب .. فكيف تتحدث عن فعل لا فاعل له ؟!
و إلى هذا و ذاك , فأنت الشاعر الرقيق , صاحب الدواوين العديدة و التي منها ديوان ( معركة بلا راية ) , و
أستغفر الله و أتوب إليه حين أجد نفسي مضطراً إلى أن أقرأ لكم مقاطع من ديوان معركة بلا راية لهذا الفقيه المفتي :
**********
أتفهمين إذا قالوا غدا ذهبا
أتفهمين إذا قالوا اختفى..هربا؟
مضى و ما قال في عينيك قافيةً
و خلف الكأس تبكي الصيف و العنبا
**********
أفتش بين الوجوه
فألمح شوق البشر
إلى رحلة في بوادي الخدر
و ألمح خلف العيون
حنيناً إلى سفرة في الجنون
و ترثي الكؤوس..لمن يشربون و لا يسكرون
**********
و هذي الجموع
تحاول نسيان آلامها
و تبني محاريب أوهامها
و تحلم فيها بليلة سُكْر
و مخدع عطر
يحوم عليها بخار الكحول
و يروي المساء
حكايا الفحول
و كيف يصيدون أحلى النساء
***********
و كنتِ بقربي
و كان السرير..يحدث عن ليلةٍ ثائرة
***********
أتحسبين أننا , بقبلةٍ , نقدر أن نخلق نفسينا كما نشاء؟
و أننا بضمةٍ ، نقوى على نسيان ما يدور في الخفاء؟
و أننا إذا ارتمينا في السرير عاريين
نهرب مما كان في ثيابنا؟
*********
نعم .. أحببتُ قبلكِ ألف مرة
و ذقت الحب نشوته و مره
و طرتُ مع الشفاه إلى ربيع
قطفت وروده و شربت خمره
و غصتُ مع النهود إلى لهيبٍ
نشقتُ دخانه و أكلت جمره
**********
و أنا أستغفر الله عز وجل , ثم أعتذر إليكم من إيراد مثل هذا الكلام المنتن في مثل هذا المكان الطيب المبارك , و لكن هذا مما لا بد له لإيضاح الأمور و كشف الحقائق و تجليتها لمن لا يدركها..
انتهينا الآن من تناول النقطة الأولى , و هي أن كل الناس يجب أن يتخصصوا و أن يحترموا تخصصهم , خاصة من هم في المجالات الشرعية , يجب ألا يتدخلوا في ما لا يعنيهم , أما غيرهم فمن حقهم أن يتكلموا في أي موضوع !
و هناك أمر آخر , ما هذه التناقضات ؟
إنني لا أستطيع أن أفهم شخصاً يتكلم عن ابن القيم و مالك و الشافعي و أحمد و الشاطبي رحمهم الله , ثم يتحدث بلهجة أخرى عن مثل نزار قباني بأنه : ( شاعر فحل لا يزيده هجوم الهاجمين إلا شموخا و سموقاً ) , كما في مقابلة مع عكاظ عام 1402 هـ ، و هي عندي مصورة .
لِمَ لَمْ تثر حميّتُك الدينية ضد نزار قباني كما ثارت لصالح قضية القذف , والتي تكلمت عنها و انفعلت بها ؟
لِمَ لَمْ تثر حميتك كما ثارت في قضية الكاسيت , ألم تسمع نزار قباني يسخر من رب العالمين و يقول في كتاب الحب :
" قد يعرف الله في فردوسه المللا ..! "
ألم تسمعه أيضا يقول :
" أنا أرفض الإحسان من يد خالقي ..! "
هل هناك أكفر من هذا الكفر , و أبجح من هذه البجاحة ؟
فلماذا تلمِّع مثل هؤلاء الناس الذين أعلنوا كفرهم برب العالمين , و تتكلم عنهم كأنهم عظماء - و لو في مجالهم - دون أن تتكلم بكلمة واحدة عن مناوأتهم لهذه الأمة و مخالفتهم حتى لأخلاقياتها و قيمها , بل حتى لمصالحها .. ؟
كيف تتحدث عن طه حسين بقولك : " الذي خلده التاريخ " و تتناسى أنه يقول : ( قد يحدثنا القرآن عن إبراهيم و إسماعيل , و هذا لا يعني بالضرورة وجودهما التاريخي ) ؟
لِمَ لَمْ تثر حميتك الدينية من ذلك المحاضر الذي طردك من القاعة كما تقول في اليمامة عدد " 1127 " ، و الذي تعلمت منحنيات العرض و الطلب و قانون المنفعة المتناقضة , و نظرية الميزة النسبية , و سمعت منه لأول مرة اسم آدم سميث و كارل ماركس ؟
و أشير إلى مقابلة في الشرق الأوسط أجرتها معه هدى الحسيني , و سألته : (هل يمكن للإنسان أن ينجح في أن يكون دبلوماسياً و سياسياً و شاعراً و كاتباً و صحفياً في الوقت نفسه ؟ ) , لاحظ السؤال , هي ما سألت و فقيهاً و عالماً و مفتياً و قاضياً و كذا و كذا , سألت فقط عن أربع نقاط , الجواب له : ( من الناحية المنطقية يمكن للإنسان أن يكون عدة أشياء , أين الصعوبة ؟ لقد عرف التاريخ العديد من الدبلوماسيين الذين كانوا في نفس الوقت شعراء و كتاب قصة , و أعظم الشعراء في العصر الحاضر كانوا من الدبلوماسيين أمثال عمر أبو ريشة و نزار قباني , و بدوي الجبل كان وزيراً و سياسياً , لذلك ليس بالأمر الغريب أو بالبدعة أن يكون الإنسان دبلوماسياً و شاعراً و كاتباً في وقت واحد ) .
و هاهنا أقول : لمن التخصص إذن ؟
القضية الثانية , هي كيف نفهم هذا التناقض , ثم ما هذا الهجوم الصارخ على كل من تسميهم بالأصوليين , و هي تسمية نصرانية مستوردة غربية كما هو معروف , أنت تحاربهم بسيفك الخشبي القديم المتآكل , فما هو السر في أن تحشرهم جميعاً في زمرة صدام حسين , و أنت مرة تسميهم بالصدَّاميين أيضا , و مرة أخرى تقول عنهم : ( فئة المزايدين من زعماء ما يسمى بالحركات الأصولية و منطق هؤلاء وصولي محض - لاحظ وصولي..أي أن هدفه الوصول إلى السلطة بكل وسيلة - و لا تزال الشعارات المعادية للإمبريالية ذات بريق في الشارع الوصولي , فهم يستخدمونها لأغراضهم السياسية و هذا موقفٌ انتهازيٌ من ساسةٍ يهمهم الوصول إلى الحكم تحت أي شعارٍ و بأي وسيلة ) .
ثم ذكر موقف زعيم الأصوليين في السودان كما يقول , و قال : ( إن لهم هدفاً واحداً يتيماً , الوصول إلى السلطة , و قس على هذا الموقف موقف بقية الساسة الأصوليين المتعطشين إلى الحكم ) .
أولاً : الذي نعهده من المخلص لقضيته , و أنت تظهر الإخلاص لقضيتك , أنه يحرص على أن يكسب الناس ضد صدام , و ليس أن يحشرهم في زمرة صدام , فما بالك مع من ينتسبون إلى الدعوة الإسلامية , لقد حرصت على أن تحشرهم جميعا في زمرة الموالين لصدام حسين , مع أنني لا أنكر أبدا و لا أحد ينكر أن هناك فئة غير قليلة ممن ينتسبون إلى الدعوة الإسلامية , قد انخدعوا بهذه الدعوات و الألفاظ البراقة التي أعلنها صدام حسين , فركضوا وراءه و هتفوا باسمه و تحالفوا مع البعثيين و غيرهم , و هذه غلطة كبيرة تحدثت عنها في غير هذا الموقع ، و هي أمور في الواقع تؤكد فعلاً أنه يجب مراجعة أمور كثيرة بالنسبة للدعوة الإسلامية و أوضاع الدعاة ,و لكن ليس صحيحاً أن
بعض الذين في قلوبهم مرض يستغلون خطأ فئة ليحاولوا أن يلصقوا هذا بكل من ينتسب للدعوة الإسلامية .
سميتهم بالأصوليين و حشرتهم جميعاً دون أن تميز بعضهم من بعض و بدأت تطلق التّهم جزافاً تحت مظلة أن هؤلاء من أصحاب صدام و أن من حقك أن تقول فيهم ما تشاء.
نحن حريصون على أن كل إنسان ليس موالياً لصدام , يعلن صوته و يبرأ ساحته , و لسنا حريصين على أن نتهمه بالموالاة و أن نشهر إعلاميا أنه من المؤيدين و لو لم يكن كذلك .
أين الإخلاص للقضية التي تكتب عنها صباح مساء ؟ إنك الآن تتهم هؤلاء بأنهم طلاب حكم أو طلاب سياسة , و أنا لست مدافعا عنهم فهذا أمر آخر .
و لكنني أقول : إنك أيضاً في مقالك (يوميات كاسيت) وصفت طائفة أخرى من المؤمنين بأنها تستهدف الشهرة من خلال الشريط , فها أنت تقول ساخرا من شاب بكى لوجود مجندة أجنبية : ( لماذا لم ينضم صاحبنا إلى المقاومة الكويتية ؟ أرجو ألا يكون السبب الخوف ! ) , ثم قال : ( و ليس كذلك اللقاء مع أشرطة الكاسيت ) .
يعني ما فيه خوف اللقاء مع أشرطة الكاسيت !
ثم يقول : ( فهو شعبية بلا ثمن , قال بعض الفقهاء عن صيام رمضان في الشتاء ..غنيمة باردة ).
إذن أنتم يا أصحاب الكاسيت طلاب شهرة و طلاب شعبية لا أكثر و لا أقل !
أما صاحب المقال فليس كذلك , ألم تقرءوا في الشرق الأوسط حين قابلته هدى الحسيني : ( أنا لم أكن في يوم من الأيام في مباراة كسب شعبية , و لست الآن في مباراة كسب شعبية مع أحد , و لن أخوض في المستقبل مباراة لكسب شعبية لا مع حكام و لا مع شعوب ).
سبحان مغير الأحوال! ما بين المقالين إلا أيام و ليال , و لي هاهنا أكثر من سؤال ..
أولا : إذا لم تكن تريد الشعبية و لست تريد المنصب كما نفيت ذلك أيضا , فأنت تريد الجنة بعملك هذا إذن ؟ لستُ من الحراس على باب الجنة , و عَلِم الله أننا نتمنى لكل إنسان أن يهديه الله عز و جل سواء السبيل و أن يكون من أهل الجنة , هذا ما يعلمه الله من قلوبنا , حتى الذين أساءوا و ظلموا , نتمنى لهم أن يهديهم الله عز و جل إلى سواء السبيل ، و أن يرفعوا الرايات البيضاء و يعلنوا ولاءهم للإسلام و أهله صدقاً بقولهم و فعلهم لا
بمجرد التمسح بألفاظ و عبارات إسلامية , علم الله أننا نتمنى أن يهديهم الله عز و جل ..
لكن أعمالَ كثيرة مما تعملها , ليست من الأعمال التي شرعها الله للوصول إلى الجنة..
ثانياً: لم هذا الزخم الهائل من الكتابات , حتى كثرت مقالاتك و مقابلاتك و قصائدك و تعليقاتك و مشاركاتك , حتى إن بعض الصحف لو لم تصلها المقالة ما صدرت ذلك اليوم أو تأخر صدورها , فضلاً عن المجلات الأسبوعية و الشهرية و الكتب و أخيرا ..الأشرطة!
حتى تجار الكاسيت كما يسميهم هذا التعيس , لم ترض إلا أن تشاركهم في عملهم , الذي لم يبق بأيديهم غيره , و كأنك تندب حظك العاثر حين تقول في اليوميات : ( جاء دوري , استمعت إلى كاسيت بصوتي القبيح يحتوي على الرسائل التي كتبتها بعد الاحتلال , و هاأنا أصنّف نفسي دون تردد من مجاهدي الكاسيت , رحم الله امرئ عرف قدر نفسه , و ها أنا عرفت قدر نفسي , جبان خاف الموت في المعركة ، فآثر السلامة في الكاسيت , و أنا على خلاف زملاء المهنة من مجاهدي الكاسيت , أحمد الله على أن جعل البترول ضروريا للعالم كله .. ) .
كأنك تلمح إلى عدم انتشار شريطك , و سبب ذلك تعزوه إلى قبح صوتك كما وصفت , اسمح لي أن أقدم رأيي المتواضع فأقول : أولاً ، السعر غالي , الشريط بعشرين هو و الكتاب و المضمون واحد , لأن الكتاب مفرغ في شريط , فلماذا يُقرن بينهما في كيس واحد؟
ثانياً : الكتاب سبعون صفحة سميكة ملونة فخمة , منها عشر صفحات بيضاء100% , و الباقي يكون في الصفحة أحيانا كلمتين أو ثلاث , أو أربع , ما حاجة القارئ إلى شراء صفحات بيضاء , مع أنك تعرف ظروف القارئ المادية و الاقتصادية , يعني مجرد صفحات عليها فارس سقط من حصانه , عشر صفحات هكذا , و ما حاجته إلى شريط لصوتك القبيح على أنغام الموسيقى ؟
سؤال أخير , ما معنى نشرك باقة من الورود ما دمت من الزهاد في الشهرة , و الزهاد في الشعبية , و الزهاد في المنصب , و الزهاد في كل شئ إلا في ما عند الله عز و جل , فما معنى نَشْرِكَ في الشرق الأوسط باقة من الورود الحقيقية تعبيراً عن الإعجاب بشخصك؟
لقد نشر مجموعة من الرسائل أنقلها باختصار :
***************
" فلان يرجو قبوله مريداً لنا.. "
الجواب : لن تجد أكثر منا ترحيباً بمريد.
" فلان سمى مولوده باسمنا .. ".
" فلانة تصف كلماتنا بأنها جرعة أمن و أمان لنا في هذا الزمن البائس .. ".
" أرسل إلينا فلان قصيدة جميلة .. "
( و لا أدري كيف صارت جميلة )..
" عنوانها : سفير المعالي و المكارم و الندى .. "
( صارت جميلة لهذا !).
" فلان يصف شخصنا المتواضع بالجوهرة.. "
" الأخ الكريم فلان يعتبر ما نكتبه يعبر تعبيراً صادقاً عن شعورنا كسعوديين . . "
" و آخر يرسل رجاءً حاراً هو ألا نمتنع أبدا عن الكتابة .. "
" و عاشر يقول : إن شعور كل الناس , كل واحد منا ، إنما تنطق بلسانه و تخط بيمينه.."
" و العشرين يعبر عن إشفاقه علينا من المخاطرة الكبيرة التي نعرض لها أنفسنا .."
" و آخر كتب قصيدتين جميلتين فينا.."
( و لم يكتب أبيات من هذه القصائد حتى نشارك في الحكم على جمالهما ).
" آخر يخبرنا أنه يحبنا .."
" واحد ينصح باتباع الحذر و الحيطة خوفا من أتباع الطاغية صدام .."
و الأخت الكريمة فلانة تقول : " أنت والله الوحيد ممن يكتبون ، ممن يستطيع إثارة مكامن الفكر في نفسي .. ".
( لاحظ ليس مكامن الفكر في عقلي , بل في نفسي , و الذي نعرف أن الفكر في عقل الإنسان ! ).
" فلان يقول كل من لا تعجبه كتاباتنا فهو من أنذال العرب .."
" فلان يصفنا بأننا قائد الكتاب الخليجيين .."
و آخر يقول: " لقد أنشدت فأطربت .."
و الأخ الكريم يستغرب أن تصلنا رسالة شتيمة واحدة , يقول : " لأني لم ألمس لك إلا الحب الشديد من كل الناس .."
و فلان يقول " " إن عين العاصفة هي الوجبة الدسمة الشهية .."
فلان أرسل إلينا يقول :
" و إذا الفتى بلغ السماء بفضله *** كانت كأعداد النجوم عداه .."
__________________________
و بقي أن أقول , إن المجتمع و الأمة لا يمكن أن تتقبل مثل هذا المديح ، و لا أن تتقبل البراءة من حب المديح و حب الشهرة من إنسان ينشر مثل هذه القائمة الطويلة ممن مدحوه و كتبوا له رسائل ثناء و شكر و إطراء ..
و على كل حال ..
الأمة تعرف مجاهدي الكاسيت كما سميتهم منذ زمن بعيد ,وقد بلتهم و جــــــرّبـــَــــتـــْهم في المحن و الشدائد , فوجدتهم أخلص الناس لها , و أثبت الناس في المواقف و الأزمات , و أصدق الناس , و إن كانوا ليسوا بالملائكة و لا بالمعصومين , و لكنهم من أتباع الرسل , و هم الورثة لهذا الميراث النبوي الكريم , و تاريخهم طويل , و لكن لعل اكتشافك لمعرفة الأمة بهؤلاء الرجال و اكتشافك أن الأمة لا ترضى بهم بديلاً و لا يمكن أن تقدم عليهم أحداً , و أنها تلفظ و ترفض كل من يناوئهم , هذا الاكتشاف جاء متأخراً و هو الذي سبب هذا الانزعاج لك فظننت أنهم ولدوا في يوم وليلة ..
هذا ما أحببت أن أطرحه بين أيديكم ..
_____________________________
انتهى كلام الشيخ سلمان العودة .
توجد رسائل اخرى كثيرة لعلماء آخرين ممن يمثلون
وسطية الاسلام..قد انقلها لكم ان ساعدني الوقت..
و عذرا علىالاطالة فقد ترددت في حذف اجزاء من الرسالة تحريا للموضوعية.
November 11th, 2007, 01:42 PM
ردا على من تصدى للدفاع عمن أساء لعلمائنا الوسطيين ..ليروج للوسطية وفق مفهوم سيدته ماما أميريكا..التي لا يخجل من الانصياع لمطالبها و الدفاع عنها ككلب حراسة غربي.رسالة للشيخ سلمان العودة الداعية الاسلامي المعاصر و احد الدعاة الذين يمثلون وسطية الاسلام و تفتح عقول جيل الدعاة الجدد من شباب الصحوة الذين يشكلون تهديدا لمصالح الغرب و اعداء الدين في امتنا و يقض مضاجعهم.
بين الشيخ سلمان العودة و الدكتور غازي القصيبي
هذه مقاطع من محاضرة للشيخ القدير المجاهد سلمان العودة, بعنوان ( الشريط الإسلامي , ما له وما عليه) ألقيت ارتجالاً ضمن سلسلة الدروس العلمية 34 في يوم 1/6/1411 ..
*****************
طالعتنا صوت الكويت بمقال بعنوان (يوميات كاسيت), تكلمت فيه عن أحد العلماء المحدثين المعروفين و علق الكاتب بقوله : (نتمنى على بعض علمائنا الأكارم أن يبقوا في مجال تخصصهم, و ألا يزجوا بأنفسهم في بحار السياسة , و هم لا يحسنون السباحة فيها حتى لا يغرقوا و يغرقوا شبابنا الحائر معهم ).
ويقول : ( و قديما قال محدث فقيه ألمعي , بين أصحابنا من أرجو بركته و لا أقبل شهادته , و قلت في أمور السياسة ).
أي لا يقبل شهادته في أمور السياسة! يا عجباً..! متى كان الفصل بين الدين و السياسة؟ و منهج من هذا؟ أن يكون عندنا علماء نرجو بركتهم و نقبل منهم الحلال و الحرام و نأخذ عنهم الحديث و العلم و لا نقبل كلامهم في أمور السياسة ؟ و هل أمور السياسة بمعزل عن الدين ؟ هل هناك سياسة و هناك دين, طرفان متناقضان؟
أم أن السياسة و الاقتصاد و الاجتماع و الفن و الأدب و الإعلام و كل أمور المجتمع يجب أن تخضع للإسلام ؟
لا شك أن الجواب هو الثاني, و لا نعرف في دين الإسلام فرقاً بين شيءٍ اسمه دين وشئ اسمه سياسة, و ما هي قيمة العالِم إذا لم يبين للناس قضاياهم السياسية التي هي من أهم القضايا التي يحتاجون إليها و التي تتعلق بمصالح الأمة العامة, هل تريد من العالم أن يبقى محصوراً فقط في أحكام مثل الذبائح و الصيد و النُسُك و الحيض و النفاس و الوضوء و الغسل و المسح على الخفين ، و أن يترك قضايا الأمة لغيره ممن لم يتذوقوا طعم العلم الشرعي, و لم يعرفوا ببلائهم و جهادهم في سبيل الله عز و جل و ما شهدت لهم الأمة بالجهاد في ميدان دعوتها و إعادتها إلى الطريق المستقيم؟ هل تريد هذا؟؟ هيهات!
ألا تدري أنك بكلامك هذا قد أسقطت مجموعة هائلة من فتاوى و بيانات هيئة كبار العلماء تتعلق بأمور سياسية بجميع المقاييس, و أسندت الأمر في هذه الفتاوى بعد أن أسقطتها إلى من تثق أنت بهم و تقبل شهادتهم..؟
إنك تطالب باحترام التخصص, كما هو واضح من عبارتك ,و هذا إجمالا ممكن و معقول , لكن لننظر هل هذه القاعدة عامة لكل الناس , أم أنك مستثنى من هذه القاعدة و لك الحق في طرح أي موضوع بدون استثناء؟
ما بالك خضتَ في قضايا مشرقة و أخرى مغرّبة؟فأنت مرة اقتصادي ماهر, و محلل في مسائل التنمية , تكتب في مقال : ( أوهام و أضغاث أحلام ) ، في ملحمة التنمية ، و ذلك في مجلة الاقتصاد و الإدارة , و تكتب بحثاً بعنوان ( التنمية وجها لوجه ) و هو كتاب مطبوع ضمن سلسلة إصدارات تهامة .
و مرة أخرى أنت خبير في الصناعة و التخطيط الصناعي , تكتب بحثاً بعنوان ( الجبيل و ينبع..كيف و لماذا ) ، و هو موجود في مكتبة وزارة التخطيط بالرياض , و تكتب بحثاً آخر بعنوان ( الصناعة في الخليج .. آفاق جديدة ) ، و هي عبارة عن محاضرة صغيرة ألقيت بجمعية المهندسين البحرينيين .
و مرة ثالثة تكتب في الصحة و الخدمات الصحية حيث نشرت لك مقالة بعنوان ( نحو خدمة صحية أفضل ) .
و مرة أنت خبير في السياسة و العلاقات الدولية حيث دراساتك و رسالة الماجستير و الدكتوراه , و من ذلك مقال نشر بعنوان : ( نظرية العلاقات الدولية , هانز جي و نقاده ) , و قد ذكرت في مقابلة مع المجلة العربية في هذا الشهر , أن المصلحة الوطنية , و هذا مما يتعلق بالسياسة و الخبرة في العلاقات الدولية, أن المصلحة الوطنية تقتضي أنك عندما تكون حليفاً لدولة ما , أن تعتبر كل ما يدور بداخل هذه الدولة,خيراً كان أو شراً, من شؤونها الداخلية ، ومن حقك أن تعقد حلفاً مع دولة ما, مهما كان فساد هذه الدولة الداخلي , و لا يعنيك شأنها الداخلي , بمعنى أنك حين قلت قصيدة تمجد فيها صمود العراق في وجه إيران، يوم كانت العراق تحارب إيران حسب تصريحك أنت في العدد نفسه,مصيب و لست بنادمٍ على القصيدة , أي من حقك مثلا أن تتجاهل جرائم صدام حسين مع المسلمين الأكراد و السنة في العراق , و مجازره البشعة ضد العلماء في بلده و ضد الدعاة , و استئصاله لشأفتهم , و قضاءه المبرم عليهم , و أنت تعتبر هذا أمراً داخلياً لا شأن لك به ما دامت مصلحتك الوطنية تقتضي أن تكون حليفاً له . هذا معنى كلامك , و هو جزء مما تحدثت فيه في العلاقات الدولية و الخبرة السياسية .
و مرة أخرى أنت مؤرخ ، (...مقطوع...) , منها أن عمر رضي الله عنه يدعو زوجته إلى طعام الغداء مع ضيف جاء إلى عمر من أحد البلاد , و أن الذي منع المرأة من القدوم هو سخطها على عمر , و إلا لجاءت لتأكل مع الضيف , و هي ساخطة لأن عمر لم يشتر لها ملابس جميلة كملابس فلانة و فلانة من نظيراتها , ثم عقبْتَ على مقالك هذا بالهجوم على السادة الكرام الذين يتصورون أن المرأة مخلوقة من الدرجة الثانية و ربما من العاشرة , و لم تبين بالضبط من تعني بهؤلاء السادة الكرام , فربما نكون نحن جميعاً من أولئك السادة الكرام !
و مرة أنت مفسر و محدث تروي عن الطبري في تفسيره أقوال منكرة غريبة و آثار مرفوضة , و تتجاهل كلام ابن كثير في نكارتها , و تتجاهل العقل الذي ينكرها و يرفضها , و تتجاهل أن إسنادها مظلم كالليل , و تمكن لهذه الروايات ، لتستدل بها على بعض نظراتك التي تتعلق بالأوضاع السياسية في منطقة الخليج و ما حولها .
و مرة أنت باحث اجتماعي كما في كتابتك ( قضية القضايا , و بقية البقايا ) حيث تحدثت عن التغير الاجتماعي و كيف يتم هذا التغيير , و أنه من خلال التغيير الاجتماعي يمكن أن تُحسم أمور سابقة كقضية اللاسلكي , أو تعليم المرأة أو عمل المرأة أو قضية التلفاز و غيرها , و أنه يجب أن يتم الحوار حول القضايا المطروحة في جو هادئٍ بعيدٍ عن التشنج و الانفعال و استعداء السلطة على الرأي الآخر , و بعيدٍ عن الاتهامات التي تلقى جزافاً و بلا مبالاة .
لا أدري , ما دمت تحذّر من استعداء السلطة على الرأي الآخر , ماذا كنت تعني بالضبط بقولك في يوميات كاسيت : ( أيتصور البعض أن جهاد الكاسيت معركة باردة ) , يعني الجواب عنده : لا ! هي معركة ساخنة فخذوا حذركم .. هذا معنى كلامه ..
و مرة أنت كاتب أصولي تكتب في أصول الفقه , و تكتب عن آداب الاجتهاد و الاختلاف في الإسلام , كما في اليمامة , و تنقل عن الإمام ابن القيم رحمه الله و الإمام مالك رحمه الله و الإمام الشاطبي رحمه الله و قد حسبت في هذا الكلام نقولَ كثيرة , بل إن الكلام كله نقول , و ختمت النقول بقولك : ( ترى ..متى يتعلم المسلمون المعاصرون من أسلافهم العظام شيئاً من أدب الاجتهاد و أدب الاختلاف ؟ ) .
نحن نوافق على أنه يجب أن نتعلم من أسلافنا كل شئ و ليس فقط أدب الخلاف و أدب الاجتهاد , لكن لا أدري أين ذهبت هذه الآداب في مقالة الشريط , حيث برزت اتهامات بالكذب و الاختلاق , و اتهمت بعض المحدثين بأن هناك أشياء و قصص يروونها لا وجود لها إلا في خيالهم , و معنى ذلك أنهم تخيلوا شيئا و اختلقوه و رسموا منه قصة موضوعة , و سردوا حكايات لا وجود لها إلا في خيالهم , و لا أدري لماذا التدخل في توزيع التخصصات و الاستغناء عن خدمات العلماء ؟
إنك تلمح بأن بعض المتحدثين في تلك الأشرطة هم كإذاعة بغداد , و أنهم أخذوا بعض ما يتكلمون فيه عن مخاطر وجود المرأة الأجنبية مجندة كانت أو غير مجندة على هذه البلاد و أخلاقياتها من خيالهم , و أن همهم هو إثارة البسطاء كما تقول , و استفزازهم بقصص خيالية .
إن هذا الكلام يصدق على الممثلين و يصدق على الفنانين , و يصدق على بعض المشتغلين في الإعلام , و يصدق على بعض الأدباء و الشعراء الذين همهم إثارة البسطاء و استفزازهم حقاً , أما العلماء فإنهم يتكلمون عن حقائق و وثائق و وقائع و إن كانت لا تعجبك على كل حال..
أين الأسلوب العلمي ؟ أين الهدوء المعتاد الذي تدعو إليه؟
و مرة أخرى , تتحول إلى مفتي , يفتي في الجليل و الحقير , ففي مقابلة مع عكاظ يفتي بالموسيقى و بفتي بجواز كشف المرأة لوجهها , و يقول : ( هاتوا لي دليلا من الكتاب و السنة , على تحريم قيادة المرأة للسيارة , فالكلام المطروح حتى الآن غير مقنع هذا الموضوع ) .
و قد تجرأتَ أكثر و أكثر حين كتبت في جريدة المسلمون في عدد هذا الأسبوع بعنوان : ( حد القذف هل يشترط التصريح أم يكفي فيه التلميح ) , و هذا تدخّل حتى في أعمال القضاة أيضا , تحدث عن القذف و أنه حرام بالكتاب و السنة , و ساق الأدلة على تحريمه , و أنا ألخص لكم الفائدة حتى تنتفعوا بها , و ذكر أن ألفاظ القذف تنقسم إلى ثلاثة أقسام : صريح و كناية و تعريض ..!
طيب .. ماذا بقي لنا بارك الله فيك , و أصلحك ؟ إذا وصلت إلى هذه القضية ماذا بقي لنا؟ السياسة لا تتكلموا فيها , و الاقتصاد ليس من شؤونكم , و الصناعة و الصحة و الإعلام و .. و .. و الآن أتيت إلى تخصصنا أيضا في موضوع القذف , و في قضايا فقهية تتحدث عن الأدلة و تنقل و تقول أنه ينقسم إلى ثلاثة أقسام و تأتي باختلاف العلماء حول الكنايات كقول القائل لامرأة يا فاسقة يا فاجرة يا خبيثة , و تنقل مذهب الأحناف من كتاب اسمه الميسور للسرخسي , يمكن خطأ مطبعي .. لا أدري , الميسور لا أعرف كتاباً بهذا الاسم , هناك كتاب اسمه المبسوط للسرخسي , و هو المقصود , على كل حال , و نقل من كتاب آخر اسمه الفقه على المذاهب الأربعة , و هذا الكتاب يقول بعض علمائنا المعاصرين بوجوب إحراقه لأنه كتاب غير موثق و لا يعتمد .
ثم عقب بقوله : ( فأعجب من نفرٍ يدعون الغيرة على الأعراض , و هم يستخدمون ألفاظاً يستحق قائلها الحدّ أو التعزير .. ) و معروف من يقصد بذلك , و لا أدري بالضبط هل سمع هو أو سمع غيره شخصاً معيناً يقذف أحداً بالفاحشة ؟
أصل القضية , الكلام في قضية الحد، يفتقر إلى أن يكون أمامك شخص قاذف , فلان بن فلان قذف , بعد ذلك تبحث هل قذف بلفظة صريحة أو كناية أو تعريض, و هل يستحق الحد أم التعزير و هل هو مخطئ أم مصيب .. هذا موضوع آخر ..
لكن الآن ليس أمامنا شخص معين وجد أنه قذف حتى تأتي أصل فكرة البحث , أصل فكرة البحث مبنية على شفا جرف هارٍ , لكن هكذا من تدخل في ما لا يحسن أتى بالعجائب .. فكيف تتحدث عن فعل لا فاعل له ؟!
و إلى هذا و ذاك , فأنت الشاعر الرقيق , صاحب الدواوين العديدة و التي منها ديوان ( معركة بلا راية ) , و أستغفر الله و أتوب إليه حين أجد نفسي مضطراً إلى أن أقرأ لكم مقاطع من ديوان معركة بلا راية لهذا الفقيه المفتي :
**********
أتفهمين إذا قالوا غدا ذهبا
أتفهمين إذا قالوا اختفى..هربا؟
مضى و ما قال في عينيك قافيةً
و خلف الكأس تبكي الصيف و العنبا
**********
أفتش بين الوجوه
فألمح شوق البشر
إلى رحلة في بوادي الخدر
و ألمح خلف العيون
حنيناً إلى سفرة في الجنون
و ترثي الكؤوس..لمن يشربون و لا يسكرون
**********
و هذي الجموع
تحاول نسيان آلامها
و تبني محاريب أوهامها
و تحلم فيها بليلة سُكْر
و مخدع عطر
يحوم عليها بخار الكحول
و يروي المساء
حكايا الفحول
و كيف يصيدون أحلى النساء
***********
و كنتِ بقربي
و كان السرير..يحدث عن ليلةٍ ثائرة
***********
أتحسبين أننا , بقبلةٍ , نقدر أن نخلق نفسينا كما نشاء؟
و أننا بضمةٍ ، نقوى على نسيان ما يدور في الخفاء؟
و أننا إذا ارتمينا في السرير عاريين
نهرب مما كان في ثيابنا؟
*********
نعم .. أحببتُ قبلكِ ألف مرة
و ذقت الحب نشوته و مره
و طرتُ مع الشفاه إلى ربيع
قطفت وروده و شربت خمره
و غصتُ مع النهود إلى لهيبٍ
نشقتُ دخانه و أكلت جمره
**********
و أنا أستغفر الله عز وجل , ثم أعتذر إليكم من إيراد مثل هذا الكلام المنتن في مثل هذا المكان الطيب المبارك , و لكن هذا مما لا بد له لإيضاح الأمور و كشف الحقائق و تجليتها لمن لا يدركها..
انتهينا الآن من تناول النقطة الأولى , و هي أن كل الناس يجب أن يتخصصوا و أن يحترموا تخصصهم , خاصة من هم في المجالات الشرعية , يجب ألا يتدخلوا في ما لا يعنيهم , أما غيرهم فمن حقهم أن يتكلموا في أي موضوع !
و هناك أمر آخر , ما هذه التناقضات ؟
إنني لا أستطيع أن أفهم شخصاً يتكلم عن ابن القيم و مالك و الشافعي و أحمد و الشاطبي رحمهم الله , ثم يتحدث بلهجة أخرى عن مثل نزار قباني بأنه : ( شاعر فحل لا يزيده هجوم الهاجمين إلا شموخا و سموقاً ) , كما في مقابلة مع عكاظ عام 1402 هـ ، و هي عندي مصورة .
لِمَ لَمْ تثر حميّتُك الدينية ضد نزار قباني كما ثارت لصالح قضية القذف , والتي تكلمت عنها و انفعلت بها ؟
لِمَ لَمْ تثر حميتك كما ثارت في قضية الكاسيت , ألم تسمع نزار قباني يسخر من رب العالمين و يقول في كتاب الحب :
" قد يعرف الله في فردوسه المللا ..! "
ألم تسمعه أيضا يقول :
" أنا أرفض الإحسان من يد خالقي ..! "
هل هناك أكفر من هذا الكفر , و أبجح من هذه البجاحة ؟
فلماذا تلمِّع مثل هؤلاء الناس الذين أعلنوا كفرهم برب العالمين , و تتكلم عنهم كأنهم عظماء - و لو في مجالهم - دون أن تتكلم بكلمة واحدة عن مناوأتهم لهذه الأمة و مخالفتهم حتى لأخلاقياتها و قيمها , بل حتى لمصالحها .. ؟
كيف تتحدث عن طه حسين بقولك : " الذي خلده التاريخ " و تتناسى أنه يقول : ( قد يحدثنا القرآن عن إبراهيم و إسماعيل , و هذا لا يعني بالضرورة وجودهما التاريخي ) ؟
لِمَ لَمْ تثر حميتك الدينية من ذلك المحاضر الذي طردك من القاعة كما تقول في اليمامة عدد " 1127 " ، و الذي تعلمت منحنيات العرض و الطلب و قانون المنفعة المتناقضة , و نظرية الميزة النسبية , و سمعت منه لأول مرة اسم آدم سميث و كارل ماركس ؟
و أشير إلى مقابلة في الشرق الأوسط أجرتها معه هدى الحسيني , و سألته : (هل يمكن للإنسان أن ينجح في أن يكون دبلوماسياً و سياسياً و شاعراً و كاتباً و صحفياً في الوقت نفسه ؟ ) , لاحظ السؤال , هي ما سألت و فقيهاً و عالماً و مفتياً و قاضياً و كذا و كذا , سألت فقط عن أربع نقاط , الجواب له : ( من الناحية المنطقية يمكن للإنسان أن يكون عدة أشياء , أين الصعوبة ؟ لقد عرف التاريخ العديد من الدبلوماسيين الذين كانوا في نفس الوقت شعراء و كتاب قصة , و أعظم الشعراء في العصر الحاضر كانوا من الدبلوماسيين أمثال عمر أبو ريشة و نزار قباني , و بدوي الجبل كان وزيراً و سياسياً , لذلك ليس بالأمر الغريب أو بالبدعة أن يكون الإنسان دبلوماسياً و شاعراً و كاتباً في وقت واحد ) .
و هاهنا أقول : لمن التخصص إذن ؟
القضية الثانية , هي كيف نفهم هذا التناقض , ثم ما هذا الهجوم الصارخ على كل من تسميهم بالأصوليين , و هي تسمية نصرانية مستوردة غربية كما هو معروف , أنت تحاربهم بسيفك الخشبي القديم المتآكل , فما هو السر في أن تحشرهم جميعاً في زمرة صدام حسين , و أنت مرة تسميهم بالصدَّاميين أيضا , و مرة أخرى تقول عنهم : ( فئة المزايدين من زعماء ما يسمى بالحركات الأصولية و منطق هؤلاء وصولي محض - لاحظ وصولي..أي أن هدفه الوصول إلى السلطة بكل وسيلة - و لا تزال الشعارات المعادية للإمبريالية ذات بريق في الشارع الوصولي , فهم يستخدمونها لأغراضهم السياسية و هذا موقفٌ انتهازيٌ من ساسةٍ يهمهم الوصول إلى الحكم تحت أي شعارٍ و بأي وسيلة ) .
ثم ذكر موقف زعيم الأصوليين في السودان كما يقول , و قال : ( إن لهم هدفاً واحداً يتيماً , الوصول إلى السلطة , و قس على هذا الموقف موقف بقية الساسة الأصوليين المتعطشين إلى الحكم ) .
أولاً : الذي نعهده من المخلص لقضيته , و أنت تظهر الإخلاص لقضيتك , أنه يحرص على أن يكسب الناس ضد صدام , و ليس أن يحشرهم في زمرة صدام , فما بالك مع من ينتسبون إلى الدعوة الإسلامية , لقد حرصت على أن تحشرهم جميعا في زمرة الموالين لصدام حسين , مع أنني لا أنكر أبدا و لا أحد ينكر أن هناك فئة غير قليلة ممن ينتسبون إلى الدعوة الإسلامية , قد انخدعوا بهذه الدعوات و الألفاظ البراقة التي أعلنها صدام حسين , فركضوا وراءه و هتفوا باسمه و تحالفوا مع البعثيين و غيرهم , و هذه غلطة كبيرة تحدثت عنها في غير هذا الموقع ، و هي أمور في الواقع تؤكد فعلاً أنه يجب مراجعة أمور كثيرة بالنسبة للدعوة الإسلامية و أوضاع الدعاة ,و لكن ليس صحيحاً أن بعض الذين في قلوبهم مرض يستغلون خطأ فئة ليحاولوا أن يلصقوا هذا بكل من ينتسب للدعوة الإسلامية .
سميتهم بالأصوليين و حشرتهم جميعاً دون أن تميز بعضهم من بعض و بدأت تطلق التّهم جزافاً تحت مظلة أن هؤلاء من أصحاب صدام و أن من حقك أن تقول فيهم ما تشاء.
نحن حريصون على أن كل إنسان ليس موالياً لصدام , يعلن صوته و يبرأ ساحته , و لسنا حريصين على أن نتهمه بالموالاة و أن نشهر إعلاميا أنه من المؤيدين و لو لم يكن كذلك .
أين الإخلاص للقضية التي تكتب عنها صباح مساء ؟ إنك الآن تتهم هؤلاء بأنهم طلاب حكم أو طلاب سياسة , و أنا لست مدافعا عنهم فهذا أمر آخر .
و لكنني أقول : إنك أيضاً في مقالك (يوميات كاسيت) وصفت طائفة أخرى من المؤمنين بأنها تستهدف الشهرة من خلال الشريط , فها أنت تقول ساخرا من شاب بكى لوجود مجندة أجنبية : ( لماذا لم ينضم صاحبنا إلى المقاومة الكويتية ؟ أرجو ألا يكون السبب الخوف ! ) , ثم قال : ( و ليس كذلك اللقاء مع أشرطة الكاسيت ) .
يعني ما فيه خوف اللقاء مع أشرطة الكاسيت !
ثم يقول : ( فهو شعبية بلا ثمن , قال بعض الفقهاء عن صيام رمضان في الشتاء ..غنيمة باردة ).
إذن أنتم يا أصحاب الكاسيت طلاب شهرة و طلاب شعبية لا أكثر و لا أقل !
أما صاحب المقال فليس كذلك , ألم تقرءوا في الشرق الأوسط حين قابلته هدى الحسيني : ( أنا لم أكن في يوم من الأيام في مباراة كسب شعبية , و لست الآن في مباراة كسب شعبية مع أحد , و لن أخوض في المستقبل مباراة لكسب شعبية لا مع حكام و لا مع شعوب ).
سبحان مغير الأحوال! ما بين المقالين إلا أيام و ليال , و لي هاهنا أكثر من سؤال ..
أولا : إذا لم تكن تريد الشعبية و لست تريد المنصب كما نفيت ذلك أيضا , فأنت تريد الجنة بعملك هذا إذن ؟ لستُ من الحراس على باب الجنة , و عَلِم الله أننا نتمنى لكل إنسان أن يهديه الله عز و جل سواء السبيل و أن يكون من أهل الجنة , هذا ما يعلمه الله من قلوبنا , حتى الذين أساءوا و ظلموا , نتمنى لهم أن يهديهم الله عز و جل إلى سواء السبيل ، و أن يرفعوا الرايات البيضاء و يعلنوا ولاءهم للإسلام و أهله صدقاً بقولهم و فعلهم لا بمجرد التمسح بألفاظ و عبارات إسلامية , علم الله أننا نتمنى أن يهديهم الله عز و جل ..
لكن أعمالَ كثيرة مما تعملها , ليست من الأعمال التي شرعها الله للوصول إلى الجنة..
ثانياً: لم هذا الزخم الهائل من الكتابات , حتى كثرت مقالاتك و مقابلاتك و قصائدك و تعليقاتك و مشاركاتك , حتى إن بعض الصحف لو لم تصلها المقالة ما صدرت ذلك اليوم أو تأخر صدورها , فضلاً عن المجلات الأسبوعية و الشهرية و الكتب و أخيرا ..الأشرطة!
حتى تجار الكاسيت كما يسميهم هذا التعيس , لم ترض إلا أن تشاركهم في عملهم , الذي لم يبق بأيديهم غيره , و كأنك تندب حظك العاثر حين تقول في اليوميات : ( جاء دوري , استمعت إلى كاسيت بصوتي القبيح يحتوي على الرسائل التي كتبتها بعد الاحتلال , و هاأنا أصنّف نفسي دون تردد من مجاهدي الكاسيت , رحم الله امرئ عرف قدر نفسه , و ها أنا عرفت قدر نفسي , جبان خاف الموت في المعركة ، فآثر السلامة في الكاسيت , و أنا على خلاف زملاء المهنة من مجاهدي الكاسيت , أحمد الله على أن جعل البترول ضروريا للعالم كله .. ) .
كأنك تلمح إلى عدم انتشار شريطك , و سبب ذلك تعزوه إلى قبح صوتك كما وصفت , اسمح لي أن أقدم رأيي المتواضع فأقول : أولاً ، السعر غالي , الشريط بعشرين هو و الكتاب و المضمون واحد , لأن الكتاب مفرغ في شريط , فلماذا يُقرن بينهما في كيس واحد؟
ثانياً : الكتاب سبعون صفحة سميكة ملونة فخمة , منها عشر صفحات بيضاء100% , و الباقي يكون في الصفحة أحيانا كلمتين أو ثلاث , أو أربع , ما حاجة القارئ إلى شراء صفحات بيضاء , مع أنك تعرف ظروف القارئ المادية و الاقتصادية , يعني مجرد صفحات عليها فارس سقط من حصانه , عشر صفحات هكذا , و ما حاجته إلى شريط لصوتك القبيح على أنغام الموسيقى ؟
سؤال أخير , ما معنى نشرك باقة من الورود ما دمت من الزهاد في الشهرة , و الزهاد في الشعبية , و الزهاد في المنصب , و الزهاد في كل شئ إلا في ما عند الله عز و جل , فما معنى نَشْرِكَ في الشرق الأوسط باقة من الورود الحقيقية تعبيراً عن الإعجاب بشخصك؟
لقد نشر مجموعة من الرسائل أنقلها باختصار :
***************
" فلان يرجو قبوله مريداً لنا.. "
الجواب : لن تجد أكثر منا ترحيباً بمريد.
" فلان سمى مولوده باسمنا .. ".
" فلانة تصف كلماتنا بأنها جرعة أمن و أمان لنا في هذا الزمن البائس .. ".
" أرسل إلينا فلان قصيدة جميلة .. "
( و لا أدري كيف صارت جميلة )..
" عنوانها : سفير المعالي و المكارم و الندى .. "
( صارت جميلة لهذا !).
" فلان يصف شخصنا المتواضع بالجوهرة.. "
" الأخ الكريم فلان يعتبر ما نكتبه يعبر تعبيراً صادقاً عن شعورنا كسعوديين . . "
" و آخر يرسل رجاءً حاراً هو ألا نمتنع أبدا عن الكتابة .. "
" و عاشر يقول : إن شعور كل الناس , كل واحد منا ، إنما تنطق بلسانه و تخط بيمينه.."
" و العشرين يعبر عن إشفاقه علينا من المخاطرة الكبيرة التي نعرض لها أنفسنا .."
" و آخر كتب قصيدتين جميلتين فينا.."
( و لم يكتب أبيات من هذه القصائد حتى نشارك في الحكم على جمالهما ).
" آخر يخبرنا أنه يحبنا .."
" واحد ينصح باتباع الحذر و الحيطة خوفا من أتباع الطاغية صدام .."
و الأخت الكريمة فلانة تقول : " أنت والله الوحيد ممن يكتبون ، ممن يستطيع إثارة مكامن الفكر في نفسي .. ".
( لاحظ ليس مكامن الفكر في عقلي , بل في نفسي , و الذي نعرف أن الفكر في عقل الإنسان ! ).
" فلان يقول كل من لا تعجبه كتاباتنا فهو من أنذال العرب .."
" فلان يصفنا بأننا قائد الكتاب الخليجيين .."
و آخر يقول: " لقد أنشدت فأطربت .."
و الأخ الكريم يستغرب أن تصلنا رسالة شتيمة واحدة , يقول : " لأني لم ألمس لك إلا الحب الشديد من كل الناس .."
و فلان يقول " " إن عين العاصفة هي الوجبة الدسمة الشهية .."
فلان أرسل إلينا يقول :
" و إذا الفتى بلغ السماء بفضله *** كانت كأعداد النجوم عداه .."
__________________________
و بقي أن أقول , إن المجتمع و الأمة لا يمكن أن تتقبل مثل هذا المديح ، و لا أن تتقبل البراءة من حب المديح و حب الشهرة من إنسان ينشر مثل هذه القائمة الطويلة ممن مدحوه و كتبوا له رسائل ثناء و شكر و إطراء ..
و على كل حال .. الأمة تعرف مجاهدي الكاسيت كما سميتهم منذ زمن بعيد ,وقد بلتهم و جــــــرّبـــَــــتـــْهم في المحن و الشدائد , فوجدتهم أخلص الناس لها , و أثبت الناس في المواقف و الأزمات , و أصدق الناس , و إن كانوا ليسوا بالملائكة و لا بالمعصومين , و لكنهم من أتباع الرسل , و هم الورثة لهذا الميراث النبوي الكريم , و تاريخهم طويل , و لكن لعل اكتشافك لمعرفة الأمة بهؤلاء الرجال و اكتشافك أن الأمة لا ترضى بهم بديلاً و لا يمكن أن تقدم عليهم أحداً , و أنها تلفظ و ترفض كل من يناوئهم , هذا الاكتشاف جاء متأخراً و هو الذي سبب هذا الانزعاج لك فظننت أنهم ولدوا في يوم وليلة ..
هذا ما أحببت أن أطرحه بين أيديكم ..
_____________________________
انتهى كلام الشيخ سلمان العودة .
توجد رسائل اخرى كثيرة لعلماء آخرين ممن يمثلون وسطية الاسلام..قد انقلها لكم ان ساعدني الوقت..
و عذرا علىالاطالة فقد ترددت في حذف اجزاء من الرسالة تحريا للموضوعية.