تاريخنا

بسم الله والحمد لله، والصلاة والسلام علي رسول الله .. وبعد،،
قليل منا من قرأ تاريخنا ووعى هذا التاريخ، ونحن للأسف الشديد أمة لا تقرأ تاريخها، وإذا قرأنا هذا التاريخ فإننا ننساه ونتعامل معه
علي أنه ماض، والمهم أن ننظر للحاضر والمستقبل . أيها الأحباب .. التاريخ هو مجدنا ومجد آباءنا، التاريخ هو حاضرنا ومستقبلنا، وآما
روى الحاآم في مستدرآه من حديث عبد الله بن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما أنه قال : آان أبي سعد بن أبي وقاص يأخذ بأيدينا أنا
وإخوتي، يوقفنا علي مشاهد رسول الله ( أي مواقع الغزوات ) وآثار رسول الله، ويروي لنا ما شهد من الماضي، ويقول لنا : تعلموا
تاريخكم، وتعلموا سيرة نبيكم، فإنها مجدآم ومجد آبائكم . أما نحن فللأسف الشديد ضاع منا هذا التاريخ .
سبب تسمية ميقات ذو الحليفة بأبيار علي
وأظن أن الجميع يعرف المدينة المنورة، بل إن معظمنا ذهب إليها وسار في طرقاتها . ولعل بعضنا يعرف أبيار علي، وهي ميقات أهل
المدينة المنورة الذي ينوي عنده ويحرم من أراد منهم الحج أو العمرة، وآانت تسمي في زمن النبي صلي الله عليه وسلم ذي الحليفة .
ولعل البعض يظن أنها سميت أبيار علي نسبة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهذا غير صحيح .. والصحيح أنها سميت بذلك نسبة
لعلي بن دينار . وعلي بن دينار هذا جاء إلي الميقات عام ١٨٩٨م حاجاً ( أي منذ حوالي مائة عام ) ، فوجد حالة الميقات سيئة، فحفر الآبار
للحجاج ليشربوا منها ويُطعمهم عندها، وجدد مسجد ذي الحليفة، ذلك المسجد الذي صلي فيه النبي وهو خارج للحج من المدينة المنورة،
وأقام وعمّر هذا المكان، ولذلك سمي المكان بأبيار علي نسبة لعلي بن دينار .
من هو علي بن دينار ؟
أتدرون من هو علي بن دينار هذا؟ إنه سلطان دارفور . تلك المنطقة التي لم نسمع عنها إلا الآن فقط لما تحدث العالم عنها، ونظنها أرضاً
جرداء قاحلة في غرب السودان، آانت منذ عام ١٨٩٨م وحتى عام ١٩١٧م سلطنة مسلمة، لها سلطان اسمه علي بن دينار . وهذا
السلطان لما تقاعست مصر عن إرسال آسوة الكعبة أقام في مدينة الفاشر ( عاصمة دارفور ) مصنعاً لصناعة آسوة الكعبة، وظل طوال
عشرين عاماً تقريباً يرسل آسوة الكعبة إلي مكة المكرمة من الفاشر عاصمة دارفور . وإذا آنا في مصر نفخر ونشرف أننا آنا نرسل
آسوة الكعبة، وآان لنا في مكة التكية المصرية، فإن دارفور لها مثل هذا الفخر وهذا الشرف . هذه الأرض المسلمة تبلغ مساحتها ما
يساوي مساحة جمهورية فرنسا، ويبلغ تعداد سكانها٦ملايين نسمة، ونسبة المسلمين منهم تبلغ ) %٩٩ أي أن نسبة المسلمين في دارفور
تفوق نسبتهم في مصر ) ، والذي لا تعرفونه عنها أن أعلي نسبة من حملة آتاب الله عز وجل موجودة في بلد مسلم، هي نسبتهم في
دارفور، إذ تبلغ هذه النسبة ما يزيد عن٥٠ % من سكان دارفور، يحفظون القرآن عن ظهر قلب، حتى أن مسلمي أفريقيا يسمون هذه
الأرض " دفتي المصحف ". وآان في الأزهر الشريف حتى عهد قريب رواق اسمه " رواق دارفور " ، آان أهل دارفور لا ينقطعون أن
يأتوه ليتعلموا في الأزهر الشريف . وأصل المشكلة هناك أن دارفور يسكنها قبائل من أصول عربية تعمل بالزراعة، وقبائل من أصول
إفريقية تعمل بالرعي . وآما هو الحال في صحراوات العالم أجمع .. يحدث النزاع بين الزراع والرعاة علي المرعى والكلأ، وتتناوش
القبائل بعضها مع بعض في نزاع قبلي بسيط، تستطيع أي حكومة أن تقضي عليه، غير أن هذا لم يحدث في السودان، بل تطور الأمر لما
تسمعونه وتشاهدونه الآن .. لماذا آل هذا؟ !! لأن السودان هي سلة الغذاء في إفريقيا، لأن السودان هي أغني وأخصب أراضي العالم في
الزراعة، لأن السودان ا ُآتشف فيها مؤخر اً آميات هائلة من البترول، ومثلها من اليورانيوم في شمال دارفور، فلو استقر السودان المسلم
لحل الأمن والرخاء والسخاء بالمنطقة آلها، ولأصبحت السودان ملجأ وملاذ اً للمسلمين والعرب أجمعين، ولهذا لم يرد أعداء الإسلام لهذه
المنطقة أن تنعم بالاستقرار، ولا أن تعتمد علي نفسها، فماذا يفعلون؟ يشعلون النزاعات في أنحاء البلاد ليصلوا بالأمر إلي تقسيم هذه
الأرض إلي أربع دويلات .. دولة في الغرب ( تسمي دارفور ) ودولة في الشرق، ودولة في الجنوب ودولة في الشمال ( في جنوب مصر ).
لقد نفذوا خطتهم هذه فعلاً في الجنوب، ودبّ النزاع بين الشمال والجنوب، وأقروا أن حق تقرير المصير بانفصال أهل الجنوب سينفذ بعد
خمس سنوات من الآن . وبعد أن تم لهم ما أرادوه في الجنوب، التفتوا إلي الغرب وأشعلوا فيه نار الفتنة والخلاف، سعياً وراء حق تقرير
المصير هناك أيضاً، وؤأآد لكم أن النزاع سيصل إلي الشرق عن قريب، وسيكون حق تقرير المصير هو الحل أيضاً، وستذآرون ما
أقول لكم وأفوض أمري إلي الله . وأذآر لكم قصة الجنوب .. إن نسبة المسلمين في جنوب السودان حوالي %١٦ ، ونسبة النصارى %١٧ ،
أي أن الفارق١ % فقط، والباقي من السكان وثنيون . فأي تقرير مصير هذا الذي ينادون به؟ السر في هذا يا إخوتي في الله .. أنهم يأملون
في نجاح حرآات التنصير في ضم٥ % من السكان إلي النصرانية خلال الخمس سنوات القادمة، وعلي هذا سترتفع نسبتهم إلي %٢٣ ،
وهم في سبيلهم هذا يعتمدون علي قعود المسلمين عن الدعوة لدينهم وزيادة أعدادهم في الجنوب . أعرفتم الآن يا إخوتي لماذا يذهب آارتر
رئيس مجلس الكنائس العالمي إلي الجنوب دائماً؟ للإشراف علي تنفيذ هذا المخطط . أتدرون أن وزيرا ١٣ً من وزراء أوروبا وأمريكا
ذهبوا إلي دارفور في الثلاثة شهور الأخيرة فقط؟ .. وأن آخر زوار دارفور وزير الخارجية الأمريكي؟ .. وما دارفور هذه لتتحرك لها
وزارة الخارجية الأمريكية؟ .. في حين لم تتحرك جامعة الدول العربية، ولا منظمة المؤتمر الإسلامي .. ولو أن آل مسلم من المليار مسلم
تبرع بجنيه مصري واحد .. لأصبحت السودان جنة من جنات الأرض .. ولكن ما من تحرك ولا تفاعل ولا حتى شجب أو استنكار، بل
تق اعسٌ وصمتٌ رهيبٌ .. ولا حول ولا قوة إلا بالله . تلكم يا إخوتي هي المشكلة في السودان الحبيب . وتلكم هي قصة دارفور، الأرض
الغالية، صاحبة أعلي نسبة من حملة آتاب الله عز وجل، التي تبلغ نسبة المسلمين فيها %٩٩ ، أرض آانت في يوم من الأيام سلطنة
إسلامية، لها سلطان عظيم اسمه علي بن دينار، يكسو الكعبة ...
خطبة جمعة للدآتور صفوت حجازى
اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين ..
اللهم من أرادنا والإسلام والمسلمين بخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا والإسلام والمسلمين بشر فاشغله في نفسه، واجعل آيده في نحره،
وأدر الدائرة عليه .
اللهم أقم فينا دولتك ، وارفع لواءك ، وحكم فينا شريعتك .. إنك ولي ذلك والقادر عليه .
وصل اللهم علي سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم