الأعضاء الإشتراك و التسجيل

الملتقيات
ADs

الرسائل الشمولية ؟ للشيخ الجليل د. عبدالعزيز الحميدي .. فرائد " المُراجعات " ؟!؟

الرسائل الشمولية ؟ للشيخ الجليل د. عبدالعزيز الحميدي .. فرائد " المُراجعات " ؟!؟


NOTICE

تنبيه: هذا الموضوع قديم. تم طرحه قبل 5656 يوم مضى, قد يكون هناك ردود جديدة هي من سببت رفع الموضوع!

قائمة الأعضاء الموسومين في هذا الموضوع

  1. الصورة الرمزية كتاب الكائنات
    كتاب الكائنات

    مبتعث جديد New Member

    كتاب الكائنات الولايات المتحدة الأمريكية

    كتاب الكائنات , ذكر. مبتعث جديد New Member. من سوريا , مبتعث فى الولايات المتحدة الأمريكية , تخصصى كاتب , بجامعة عمان
    • عمان
    • كاتب
    • ذكر
    • عمان, نيويورك
    • سوريا
    • Oct 2008
    المزيدl

    October 25th, 2008, 06:43 PM

    السلام عليكم و رحمة الله :

    من أجمل الكتب التي قرأتها ..
    ذات النفس التحقيقي .. و الحس العبودي الذي يتلمسه القاريء في ما يمكن تسميتهمراجعات الشيخ
    لما قد نشأ عليه من مآخذ و أنظار و مشارب و اجتهادات ؟! ليكون لله وحده !.....

    فهل عندكم من علم به ؟؟

    و هل تسمحون لي بعرض لبابه على أفهامكم المحترمة ... على حلقات ؟



    من مقدمة الكتاب أقتطع لكم :
    ........
    وإن مما دفعني إلى تأليف هذه الرسائل ما رأيته من واقع بعض المسلمين السيء، حيث تفرقوا شيعاً وأحزاباً، وتنافرت قلوبهم، وتشتت شملهم.
    وكان من أهم الأسباب في ذلك ما جرى من
    الشقاق
    بين بعض أهل العلم منهم، وإشغال أنفسهم في الردود بعضهم على بعض واتهام بعضهم بعضاً في دينهم.
    .........
    .......
    وهذه الرسائل من مهماتها تقريب وجهات النظر بين المختلفين من أهل العلم والتقوى ليُلقوا أسلحتهم الموجهة إلى نحورهم، وليتفرغوا لأعدائهم الحقيقيين، ولتجتمع من ورائهم الأمة الإسلامية.
    ولقد جرت محاولات جادة لجمع علماء المسلمين تحت لواء واحد، خصوصاً في هذا العصر على إثر انتشار الصحوة الدينية وتعدد الجماعات الإسلامية،

    ولكنْ حال دون النجاح في ذلك
    اختلاف بعض أهل العلم الذي تولد عنه اختلاف القلوب، وكانت العقبة الكبرى التي تحول دون اجتماعهم هي الخلافات العقدية التي انبنى عليها حكم بعضهم على بعض بالضلال والابتداع، وإذا كان أهل العلم يضلل بعضهم بعضاً ويبدع بعضهم بعضاً فإن اجتماعهم على عمل واحد يكون بعيد المنال،
    فكان من أهداف هذه الرسائل رفع معالم واضحة لعلماء الأمة كي يلتقوا عليها وإن لم يتفقوا على رأي واحد، تمهيداً لجمعهم تحت رابطة واحدة ولواء واحد.

    ومن مقاصد هذه الرسائل أنها
    تعالج أنواعاً من القصور في فهم بعض أمور الدين،
    وهذا القصور ناتج من عوامل متعددة، منها الميل من بعض الدعاة إلى التميز عن سائر المسلمين، وعدم مراعاة المحافظة على جماعة المسلمين العامة، وعدم الاهتمام الكافي بجمع كلمة المسلمين، وعدم وجود الفزع والإشفاق من تفرقهم وضعف قوتهم، كما أن من أسباب ذلك تركيز الأفكار على قضايا محدودة من الدين وضعف الاهتمام بقضايا الدين الأخرى.
    ......
    ........
    وهذا تعريف موجز بهذه الرسائل :
    الأولى: (شمول الاجتهاد في الدين)، وهذه الرسالة تهدف إلى بيان أن الاجتهاد في الدين يشمل العقائد كما يشمل الأحكام الفقهية، اقتداء بالصحابة رضي الله عنهم، واسترشاداً بأقوال العلماء
    الربانيين المحققين،
    وتلمساً للسبل التي تخلص الأمة الإسلامية من الشقاق والنزاع والعداوة والبغضاء.

    الثانية: (شمول العقيدة) وهذه الرسالة تهدف إلى بيان أن العقيدة تشمل كل عمل يتعلق باعتقاد القلب وإن كان ظاهره ليس من أمور العقيدة، ومن أبرز ذلك تحكيم الإسلام في جميع شئون الحياة ورفض الحكم بغير ما أنزل الله تعالى.

    الثالثة: (شمول العبادة) وهذه الرسالة تهدف إلى بيان أن العبادة تطلق على كل عمل مشروع أريد به وجه الله تعالى، مع بيان الإيجابيات لهذا الفهم الشامل والسلبيات للفهم القاصر.

    الرابعة: (شمول معالم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة)،
    وهذه الرسالة تهدف إلى بيان أن صفات الفرقة الناجية والطائفة المنصورة
    تجمع بين العلم النافع والعمل الصالح،
    وما يترتب على ذلك من النتائج البناءة في قيام جماعة المسلمين وحمايتها من التصدع والانهيار.

    الخامسة: (شمول السلفية)، وهذه الرسالة تهدف إلى بيان أن
    السلفية لا تختص بالعقائد،
    بل تشمل كل ما جاء به الدين من العلم النافع والعمل الصالح، ولذلك فهي تشمل قطاعاً كبيراً من المسلمين ولا تختص بطائفة معينة، مع بيان السلبيات المترتبة على حصر السلفية في طائفة محدودة، أو في جانب معين من الدين.

    السادسة: (شمول الإسلام للرسالات السماوية)، وهذه الرسالة تهدف إلى بيان أن أصل الدين الذي هو التوحيد شامل لكل الرسالات السماوية، وأن الإسلام العام يطلق على كل هذه الرسالات، وفي هذا رد على فرية التقريب بين الأديان السماوية.

    وقد سمَّيتُ هذه الرسائل (الرسائل الشمولية) لأنها كلها تشتمل على
    تصحيح بعض المفاهيم القاصرة،
    وتدعو إلى شمولية الفهم لمحتويات هذه الرسائل.

    هذا وقد كنت كتبت هذه الرسائل ما بين عامي أربعة وأربعمائة وألف وأربعة عشر وأربعمائة وألف، وذلك
    حينما كنت أدرِّس مادة العقيدة في المعهد العالي لإعداد الأئمة والدعاة التابع لرابطة العالم الإسلامي، وقد درَّست أغلب مادة هذه الرسائل لطلاب ذلك المعهد، كما نقلها عدد منهم إلى البلاد التي ذهبوا للعمل فيها ودرَّسوها لطلابهم كما أفادوني بذلك، ولقد كان بعض الطلاب يلحون عليَّ كثيراً في طباعة هذه الرسائل
    ، ولكني تأخرت في ذلك أولاً لانشغالي بإعداد كتاب (التاريخ الإسلامي/ مواقف وعبر) الذي بلغ عشرة مجلدات، وثانياً لأنني كنت أحاول أن أجد الوقت لإعادة النظر فيها وتنقيحها.

    والآن فإنني أقدمها للأمة الإسلامية محاولاً بذلك الإسهام في الإصلاح ما استطعت، وقد بذلت جهدي في إعدادها، والتزمت أن لا أستشهد بحديث إلا إذا كان مقبولاً عند أهل الحديث، فإن يكن فيها صواب فمن توفيق الله تعالى، وإن يكن فيها خطأ فمن نفسي القاصرة.
    وأسأل الله تعالى التوفيق والسداد لي ولجميع إخواني المسلمين.
  2. المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابورغد العتيبي
    جزاك الله خير اخوي
    وإياكم أخوي العزيز ...
    يا أيها العزيز مسنا و أمتنا الضر ... فساعدني في نشر هذا العلم الدقيق النافع ... صيانة للأمة من التفرق المجرم ..!؟
    .......
    ...

    الرسالة الأولى : شمول الاجتهاد في الدين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ

    المقدمة

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

    فإن من أعظم الأمور التي فرقت المسلمين إلى شيع وأحزاب اختلاف بعض أهل العلـم فـي أمور العقيدة، ثم ما ترتب على ذلك من انتقادات واتهامات وبراءة أحيانًا!! فقد حكم بعض العلماء على مخالفيهم بالابتداع والضلال والفسق وأحيانًا بالكفر، وامتُحن بعضهم فحصل له شيء من الأذى.

    وهذه الأحكام التي ترتبت على الخلاف العقدي كانت من أبرز الأسباب التي حالت دون اجتماع جماعة المسلمين؛ وذلك لأن عامة المسلمين وطلاب العلم وأساتذته بمختلف أنواعه تبع لعلماء الدين، فإذا كان علماء الدين يطعن بعضهم ببعض في العقيدة؛ فكيف يجتمعون؟! وإذا لم يجتمعوا فكيف يجتمع سائر المسلمين؟!

    أما الخلاف ذاته بين العلماء فقد وجد بين الصحابة رضي الله عنهم في الأمور العلمية كالعقائد،والأمور العملية كالفقه، وإن كان قليلاً في أمور العقيدة؛ كخلافهم في رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه في الدنيا، وهل يعذَّب الميت ببكاء أهله عليه أم لا؟ ولكن لم يكن له أثر في إضعاف جماعتهم، كما أن الخلاف في الأمور العملية التي أصبح العلماء يطلقون عليها "الفقه" قد وجد بعد الصحابة رضي الله عنهم ولم يكن له أثر في إضعاف الجماعة إلا قليلاً، وذلك لأنه لم يترتب عليه أحكام بالبدعة والضلال والفسوق والكفر.

    ولقد حصل في هذا العصر من بعض طلاب العلم أنواع من السلوك الشاذ؛ مثل عدم السلام على المخالف، وعدم الصلاة خلفه، بسبب الخلافات العقدية!!

    ولقد أبلغني بعض طلابي من المعهد العالي لإعداد الأئمة والدعاة في عدة دورات ما يجري في البلاد الإسلامية من تطاحن بين بعض أفراد الجماعات الإسلامية وتبادل الاتهامات، وأن أكثر ذلك راجع إلى الخلاف في أمور العقيدة، وخاصة ما يتعلق بالأسماء والصفات.

    كما أنني علمت عن ظاهرة انتشار الغلو في بعض المجتمعات فيما يتعلق بالحكم على علماء الدين، حيث بدأت تظهر من بعض طلاب العلم اتهامات لبعض أكابر العلماء بالابتداع والضلال، حتى إن بعض طلاب العلم قاموا بإحراق بعض الكتب المهمة مثل "فتح الباري" للحافظ ابن حجر العسقلاني؛ لما تحتوي عليه تلك الكتب
    في -نظرهم- من الضلال والبدع.
    ولقد كان ذلك وما سيأتي ذكره مما دفعني إلى نشر هذه الرسالة؛ لعل ذلك يخفف من المعركة المحتدمة بين طلاب العلم، وخاصة الدعاة إلى الله تعالى الذين تنتظر الأمة خلاصها على أيديهم من هذا الوضع المتردي الذي نعيش فيه.
    بل لعل ما تحتوي عليه هذه الرسالة من محاولة الإصلاح يكون سببًا في تآلف القلوب وجمع الشمل، وتوحيد الصف نحو جهاد الأعداء.

    هذا؛ وإنني لم أكتب هذه الرسالة للترجيح بين أقوال العلماء المختلفين، ولا لبيان الصواب منها من الخطأ، فإن هذا قد يتعارض مع الأهداف من تحرير هذه الرسالة؛ التي قصدت منها تقريب وجهات النظر بين أهل العلم الديني، وأن ينظر بعضهم إلى بعض نظرة محبة وتقدير، وأن يعذر بعضهم بعضًا فيما اختلفوا فيه مما يسوغ فيه الاختلاف، وأن يحكموا على مخالفيهم بأنهم قد اجتهدوا فأخطؤوا إذا كانوا من أهل الاجتهاد.

    وإنما أردت أن أحدد أبرز القضايا التي يدور حولها هذا البحث، وأن أبين أن الاجتهاد سائغ في أمور الدين كلها بالنسبة لأهل السنة والجماعة، الذين يجعلون الكتاب والسنة هما مصدر العلم الديني، ويجعلون أصولهم منبثقة منهما؛ ويحتكمون إليهما عند الاختلاف، ويعتقدون بعدالة الصحابة رضي الله عنهم، ويقدمون أقوالهم على آراء العلماء الذين جاؤوا من بعدهم.

    أما الذين يجهلون السنة النبوية ويطعنون ببعض الصحابة؛ كالخوارج والرافضة، والذين يعتبرون مرجعهم الأساسي هو العقل، فيردون إليه نصوص الكتاب والسنة ويحتكمون إليه عند التنازع؛ كالمعتزلة والجهمية وأتباع الفلاسفة..أما هؤلاء فلا عبرة بأقوالهم وآرائهم؛ لأنهم ليسوا من أهل الاجتهاد المعتدِّ به لمخالفتهم أهل السنة في أصول الدين .

    هذا وقد أضفت إلى هذه الطبعة موضوعين:

    الأول: بيان ماجرى بين العلامة الشيخ عز الدين بن عبد السلام وبعض علماء الحنابلة المعاصرين له، حيث وصفهم بأوصاف شنيعة؛ وذلك كمثَلٍ للآثار السيئة التي ترتبت على الانحراف في الحكم على المخالفين، وعلى أهمية دعوة أهل العلم إلى الأخذ بمنهج الاعتدال في ذلك .

    والموضوع الثاني: بيان علاقة هذا الموضوع بظهور الإمام المهدي، وقد كنت كتبت هذا الموضوع في الطبعة الأولى لهذه الرسالة، ثم إني حذفته في المرحلة الأخيرة قبل النشر؛ خشية أن يثير بعض التساؤلات، ولكني رأيت بعد ذلك أن إضافته أمر مهم، خصوصًا وأن الأمة الإسلامية قد تكون مقبلة على فتن كبيرة، فيكون هذا الموضوع مما يكشف بعض الضوء في ذلك.


    نماذج من اجتهاد الصحابة


    ومما يدل على أن من اجتهد في الدين فأخطأ أنه لا إثم عليه؛ ما أخرجه الشيخان من حديث عبدالله بن عمر م قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: "لا يصلينَّ أحدٌ العصرَ إلا في بني قريظة"، فأدرك بعضهم العصر في الطريق؛ فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيهم، وقال بعضهم: بل نصلي، لم يُرِد منا ذلك، فَذُكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنِّف واحدًا منهم([1]).

    وفي هذا الحديث يقول الحافظ ابن حجر: وقد استدل به الجمهور على عدم تأثيم من اجتهد؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يعنف أحدًا من الطائفتين، فلو كان هناك إثم لعنف من أثم([2]).

    وهذا في مجال الأحكام العملية، ولا فرق في الدين بين الأحكام العملية والعقائد العلمية كما سيأتي.

    وفي هذا الحديث يتبين لنا أن الصحابة رضي الله عنهم لم يتناقشوا بينهم.. من هو المصيب ومن هو المخطئ؟ هل هم الذين أخذوا الأمر النبوي على ظاهره؟ أم الذين أخذوا بمقاصد الشريعة؟ فأوَّلوا الأمر بأن النبي صلى الله عليه وسلم أراد حثَّهم على الإسراع بالوصول إلى ذلك الموقع، وهذا مثَل مما رباهم الرسول صلى الله عليه وسلم عليه من البعد عن الجدل والاختلاف، فالشيء الذي كانوا يهتمون به هو الحرص على بلوغ رضوان الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومن أجل ذلك اجتهدوا في فهم الأمر النبوي.

    وعلى هذا فإنه لا لوم على العلماء الذين أخذوا النصوص الشرعية على ظاهرها، ولا على الذين أولوها بما يتفق -في نظرهم- مع المقاصد الشرعية، ولا يجوز لكل فريق أن يحكم على الفريق الآخر بالحكم الذي يخرجه من دائرة أهل السنة والجماعة.

    وقد ذكر الإمام ابن تيمية أمثلة من اختلاف الصحابة في بعض أمور العقيدة؛ ومن ذلك قولـه: فعائشة أم المؤمنين ك قد خالفت ابن عباس وغيره من الصحابة في أن محمدًا صلى الله عليه وسلم رأى ربه، وقالت: "من زعم أن محمدًا رأى ربه فقد أعظم على الله تعالى الفرية"! وجمهور الأمة على قول ابن عباس، مع أنهم لا يبدِّعون المانعين الذين وافقوا أم المؤمنين ك، وكذلك أنكرت أن يكون الأموات يسمعون دعاء الحي لماَّ قيل لها: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أنتم بأسمع لما أقول منهم"، فقالت: إنما قال: إنهم ليعلمون الآن أن ما قلت لهم حق، ومع هذا فلا ريب أن الموتى يسمعون خفق النعال، كما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم : "وما من رجل يمر بقبر الرجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه، إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام"، صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، إلى غير ذلك من الأحاديث، وأم المؤمنين تأولت، والله يرضى عنها، وكذلك معاوية نُقل عنه في أمر المعراج أنه قال: إنما كان بروحه، والناس على خلاف معاوية ، ومثل ذلك كثير.

    وأما الاختلاف في "الأحكام" فأكثر من أن ينضبط، ولو كان كلَّما اختلف مسلمان في شيء تهاجرا لم يبق بين المسلمين عصمة ولا أخوة، ولقد كان أبوبكر وعمر م سيدا المسلمين يتنازعان في أشياء لا يقصدان إلا الخير، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه يوم بني قريظة:
    "لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة"، فأدركتهم العصر في الطريق، فقال قوم: لا نصلي إلا في بني قريظة، وفاتهم العصر، وقال قوم: لم يرد منا تأخير الصلاة، فصلوا في الطريق، فلم يعب واحدًا من الطائفتين، أخرجاه في الصحيحين من حديث ابن عمر، وهذا وإن كان في الأحكام فما لم يكن من الأصول المهمة فهو ملحق بالأحكام"([3]).
    ويقصد بغير الأمور المهمة جزئيات العقيدة؛ لأنه إنما ساق هذا الدليل بعد ذكر خلاف الصحابة رضي الله عنهم في بعض أمور العقيدة.

    وهذه الأمثلة التي ذكرها ابن تيمية من أوضح الأدلة على أن الاجتهاد في أمور العقيدة كان معروفًا عند الصحابة، وأنه لم يكن يترتب على الخلاف في ذلك تبديع ولا تضليل.

    ([1])البخاري (4119) في المغازي، مسلم (1770)في الجهاد.

    ([2]) فتح الباري (7/410).

    ([3])مجموع الفتاوى (24/172، 173).



    اقتباسات من كلام الإمام ابن تيمية :
    .......
    ..................
    7 "



  3. اقتباسات من كلام الإمام ابن تيمية

    إننا حينما نستعرض كلام العلماء الكبار في هذا الشأن نجد لهم نظرات معتدلة في الحكم على المخالفين في كل أمور الدين، وسيكون التركيز في هذه الرسالة على بيان شيء من أقوال عالم من أعظم علماء المسلمين، كان له صولات وجولات في جميع علوم الدين، وجاهد طوال حياته بلسانه وقلمه لحماية دين الإسلام، وتنقيته مما شابه من أغاليط المغالطين ودسائس الماكرين وأوهام المخطئين.. ذلكم هو الإمام العلامة شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام ابن تيمية، الذي جمع الله تعالى له علوم من تقدمه فعرضها بعدالة، واعتدل في حكمه على المخالفين.
    وأبدأ بنقل بيانه عن مصطلحات يتكرر ذكرها في هذا المجال بينما يقلُّ استعمالها في التعريف بالعلوم؛ حيث يقول: أما العلم بالدين وكشفه فالدين نوعان؛ أمور خبرية اعتقادية، وأمور طلبية عملية.
    فالأول:
    كالعلم بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ويدخل في ذلك أخبار الأنبياء وأممهم ومراتبهم في الفضائل، وأحوال الملائكة وصفاتهم وأعمالهم، ويدخل في ذلك صفة الجنة والنار، وما في الأعمال من الثواب والعقاب، وأحوال الأولياء والصحابة وفضائلهم ومراتبهم وغير ذلك.
    وقد يسمى هذا النوع أصول دين، ويسمى العقد الأكبر، ويسمى الجدال فيه بالعقل كلامًا، ويسمى عقائد واعتقادات، ويسمى المسائل العلمية والمسائل الخبرية، ويسمى علم المكاشفة.

    والثاني:
    الأمور العملية الطلبية من أعمال الجوارح والقلب؛ كالواجبات والمحرمات والمستحبات والمكروهات والمباحات، فإن الأمر والنهي قد يكون بالعلم والاعتقاد، فهو من جهة كونه علمًا واعتقادًا أو خبرًا صادقًا أو كاذبًا يدخل في القسم الأول، ومن جهة كونه مأمورًا به أو منهيًّا عنه يدخل في القسم الثاني، مثل: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فهذه الشهادة من جهة كونها صادقة مطابقة لِمَخبرها فهي من القسم الأول، ومن جهة أنها فرض واجب وأن صاحبها بها يصير مؤمنًا يستحق الثواب، وبعدمها يصير كافرًا يحل دمه وماله.. فهي من القسم الثاني([1]).

    أصول الدين وفروعه


    وفي بيان أصول الدين وفروعه وأن المجتهد إذا أخطأ لا يأثم؛ يذكر ابن تيمية طوائف المسلمين الذين اختلفوا في باب الأسماء والصفات، ثم يذكر أن بعض السلف لا يرى الانتساب في أصول الدين إلى عالم معين، وإنما يرى الانتساب إلى الكتاب والسنة، ثم قال: وهذه طريقة جيدة، ولكن هذا مما يسُوغ فيه الاجتهاد؛ فإن مسائل الدِّقِّ في الأصول لا يكاد يتفق عليها طائفة؛ إذ لو كان كذلك لما تنازع في بعضها السلف من الصحابة والتابعين، وقد يُنكَر الشيء في حال دون حال، وعلى شخص دون شخص.
    وأصل هذا ما قد ذكرته في غير هذا الموضع: أن المسائل الخبرية قد تكون بمنزلة المسائل العملية؛ وإن سمِّيتْ تلك "مسائل أصول" وهذه "مسائل فروع"فإن هذه التسمية محدثة، قسَّمها طائفة من الفقهاء والمتكلمين؛ وهو على المتكلمين والأصوليين أغلب؛ لا سيَّما إذا تكلموا في مسائل التصويب والتخطئة.
    وأما جمهور الفقهاء المحققين والصوفية فعندهم أن الأعمال أهم وآكد من مسائل الأقوال المتنازع فيها؛ فإن الفقهاء كلامهم إنما هو فيها، وكثيرًا ما يكرهون الكلام في كل مسألة ليس فيها عمل، كما يقوله مالك وغيره من أهل المدينة، بل الحق أن الجلي من كل واحد من الصنفين "مسائل أصول"والدقيق "مسائل فروع".
    فالعلم بوجوب الواجبات كمباني الإسلام الخمس، وتحريم المحرمات الظاهرة المتواترة؛ كالعلم بأن الله على كل شيء قدير، وبكل شيء عليم، وأنه سميع بصير، وأن القرآن كلام الله، ونحو ذلك من القضايا الظاهرة المتواترة؛ ولهذا من جحد تلك الأحكام العملية المجمع عليها كفر، كما أن من جحدهذه كفر.
    وقد يكون الإقرار بالأحكام العملية أوجب من الإقرار بالقضايا القولية؛ بل هذا هو الغالب، فإن القضايا القولية يكفي فيها الإقرار بالجُمَلِ؛ وهو الإيمان بالله وملائكته، وكتبه ورسله، والبعث بعد الموت، والإيمان بالقدر خيره وشره.
    وأما الأعمال الواجبة فلا بد من معرفتها على التفصيل؛ لأن العمل بها لا يمكن إلا بعد معرفتها مفصلة؛ ولهذا تقر الأمة من يفصلها على الإطلاق، وهم الفقهاء؛ وإن كان قد يُنكر على من يتكلم في تفصيل الجمل القولية؛ للحاجة الداعية إلى تفصيل الأعمال الواجبة، وعدم الحاجة إلى تفصيل الجمل التي وجب الإيمان بها مجملة.

    وقولنا: "إنها قد تكون بمنزلتها"؛ يتضمن أشياء:

    منها: أنها تنقسم إلى قطعي وظني.

    ومنها: أن المصيب وإن كان واحدًا فالمخطئ قد يكون معفوًّا عنه وقد يكون مذنبًا، وقد يكون فاسقًا، وقد يكون كالمخطئ في الأحكام العملية سواء؛ لكن تلك لكثرة فروعها، والحاجة إلى تفريعها اطمأنت القلوب بوقوع التنازع فيها والاختلاف، بخلاف هذه؛ لأن الاختلاف هو مفسدة لا يُحتمل إلا لدرء ما هو أشد منه.

    فلما دعت الحاجة إلى تفريع الأعمال وكثرة فروعها، وذلك مستلزم لوقوع النزاع.. اطمأنت القلوب فيها إلى النزاع؛ بخلاف الأمور الخبرية؛ فإن الاتفاق قد وقع فيها على الـجُمل؛ فإذا فُصلت بلا نزاع فحسن؛ وإن وقع التنازع في تفصيلها فهو مفسدة من غير حاجة داعية إلى ذلك.
    إلى أن قال رحمه الله:

    ومما يتصل بذلك: أن المسائل الخبرية العلمية قد تكون واجبة الاعتقاد، وقد تجب في حال دون حال، وعلى قوم دون قوم؛
    وقد تكون مستحبة غير واجبة، وقد تستحب لطائفة أو في حال كالأعمال سواء.
    وقد تكون معرفتها مضرة لبعض الناس فلا يجوز تعريفهم بها،
    كما قال علي رضي الله عنه : "حدثوا الناس بما يعرفون، ودعوا ما ينكرون؛ أتحبون أن يكذَّب الله ورسوله؟!"، وقال ابن مسعود ط: "ما من رجل يحدث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم".
    وكذلك قال ابن عباس ط لمن سأله عن قوله تعالـى:] {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً }الطلاق12[[الطلاق:12]، فقال: ما يؤمنك أني لو أخبرتك بتفسيرها لكفرت؟ وكفرك تكذيبك بها،

    وقال لمن سأله عن قوله تعالى: ] {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ }المعارج4[المعارج:4]، هو يوم أخبر الله به؛ الله أعلم به.

    ومثل هذا كثير عن السلف.

    فإذا كان العلم "بهذه المسائل" قد يكون نافعًا، وقد يكون ضارًّا لبعض الناس، تبين لك أن القول قد ينكر في حال دون حال، ومع شخص دون شخص؛


    وأن العالم قد يقول القولين الصوابين، كل قول مع قوم؛ لأن ذلك هو الذي ينفعهم؛ مع أن القولين صحيحان لا منافاة بينهما؛ لكن قد يكون قولهما جميعًا فيه ضرر على الطائفتين؛ فلا يجمعهما إلا لمن لا يضره الجمع.

    وإذا كانت قد تكون قطعية، وقد تكون اجتهادية.. سوَّغ اجتهاديتها ما سوغ في المسائل العملية، وكثير من تفسير القرآن، أو أكثره من هذا الباب؛ فإن الاختلاف في كثير من التفسير هو من باب المسائل العلمية الخبرية، لا من باب العملية؛ لكن قد تقع الأهواء في المسائل الكبار، كما قد تقع في مسائل العمل([2]).
    ويقول في موضع آخر: وهكذا الأقوال التي يكفر قائلها؛ قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق، وقد تكون عنده ولم تثبت عنده أو لم يتمكن من فهمها، وقد يكون قد عرضت له شبهات يعذره الله بها،

    فمن كان من المؤمنين مجتهدًا في طلب الحق وأخطأ فإن الله يغفر له خطأه كائنًا ما كان، سواء كان في المسائل النظرية، أو العملية، هذا الذي عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وجماهير أئمة الإسلام، وما قسموا المسائل إلى مسائل أصول يُكفَّر بإنكارها، ومسائل فروع لا يكفر بإنكارها.
    فأما التفريق بين نوع وتسميته "مسائل الأصول" وبين نوع آخر وتسميته "مسائل الفروع".. فهذا الفرق ليس له أصل؛ لا عن الصحابة، ولا عن التابعين لهم بإحسان، ولا أئمة الإسلام، وإنما هو مأخوذ عن المعتزلة وأمثالهم من أهل البدع،
    وعنهم تلقاه من ذكره من الفقهاء في كتبهم، وهو تفريق متناقض، فإنه يقال لمن فرق بين النوعين: ما حدُّ مسائل الأصول التي يكفَّر المخطئ فيها؟ وما الفاصل بينها وبين مسائل الفروع؟ فإن قال: مسائل الأصول هي مسائل الاعتقاد،ومسائل الفروع هي مسائل العمل؛ قيل له: فتنازع الناس في محمد صلى الله عليه وسلم هل رأى ربه أم لا؟ وفي أن عثمان أفضل من علي، أم علي أفضل؟ وفي كثير من معاني القرآن، وتصحيح بعض الأحاديث.. هي من المسائل الاعتقادية العلمية، ولا كفر فيها بالاتفاق، ووجوب الصلاة والزكاة والصيام والحج وتحريم الفواحش والخمر هي مسائل عملية، والمنكِر لها يكفُر بالاتفاق.
    وإن قال: الأصول هي المسائل القطعية، قيل له: كثير من مسائل العمل قطعية، وكثير من مسائل العلم ليست قطعية، وكون المسألة قطعية أو ظنية هو من الأمور الإضافية، وقد تكون المسألة عند رجل قطعية؛ لظهور الدليل القاطع له، كمن سمع النص من الرسول صلى الله عليه وسلم، وتيقن مراده منه، وعند رجل لا تكون ظنية، فضلاً عن أن تكون قطعية؛ لعدم بلوغ النص إياه، أو لعدم ثبوته عنده، أو لعدم تمكنه من العلم بدلالته.
    وقد ثبت في الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث الذيقال لأهله: "إذا أنا متُّ فأحرقوني، ثم اسحقوني، ثم ذُرُّوني في اليم، فوالله لئن قدر الله عليَّ ليعذبني الله عذابًا ما عذبه أحدًا من العالمين! فأمر الله البَرَّ بردِّ ما أخذ منه، والبحر برد ما أخذ منه، وقال: ما حملك على ما صنعت؟ قال: خشيتُك يا رب؛ فغفر الله له"، فهذا شكَّ في قدرة الله وفي المعاد، بل ظن أنه لا يعود، وأنه لا يقدر الله عليه إذا فعل ذلك، وغفر الله له،وهذه المسائل مبسوطة في غير هذا الموضع([3]).


    وذكر ابن تيمية قاعدة مهمة في الحكم على المجتهدين في مسائل الأصول والفروع، فقال -رحمه الله- بعد كلامٍ له:

    ونحن نذكر "قاعدة جامعة" في هذا الباب لسائر الأمة؛ فنقول:
    لابدَّ أن يكون مع الإنسان أصول كلية تُردُّ إليها الجزئيات ليتكلم
    بعلم وعدل، ثم يعرف الجزئيات كيف وقعت، وإلا فيبقى في كذب
    وجهل في الجزئيات، وجهل وظلم في الكليات؛ فيتولد فساد عظيم.


    فنقول: إن الناس قد تكلموا في تصويب المجتهدين وتخطئتهم وتأثيمهم وعدم تأثيمهم في مسائل الفروع والأصول،

    ونحن نذكر أصولاً جامعة نافعة:


    ([1]) المرجع السابق (11/336).

    ([2]) المرجع السابق (6/56-60).

    ([3]) المرجع السابق (23/346، 347).



    7 "
ADs

قم بتسجيل دخولك للمنتدي او

الانضمام لمبتعث

Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc.