اي معلومات عن مدينة فورتسبورغ Wurzburgالمانيا ضروري جدا(طب)

لمحة عن المدينة فورتسبورغ Würzburg

كلب صغير ينحني على درابزين ويتتبع بعينيه فوجاً من السياح وهم يجولون في القصر متبعين دليلهم. يتوقف الدليل عن السير، يرى الكلب وينبه سامعيه قائلاً: "قد تفكرون الآن أن الكلب على وشك أن يثب عليكم – لكن لا داعي للقلق، إنها لوحة فقط!"

لقد نبع هذا الكلب من ريشة الرسام "دجوفانّي باتّيستا تييبولو" من البندقية (Giovanni Battista Tiepolo: 1696 -1770)، الذي صمم اللوحات الجصية في بيت الدرج التابع لقصر الأسقف الحاكم في فورتسبورغ، القصر الذي وصفه نابوليون بونابرت (Napoleon Bonaparte: 1769 - 1821) باستهزاء بـ"أجمل بيت قساوسة في أوروبا". لكن منظمة اليونسكو كانت أذكى منه وأدرجت القصر بما فيه من لواحات جصية في قائمة التراث العالمي.

شراب النبيذ صلاة وعبادة

إن قرع أجراس الكنائس بشكل دوري جزء لا يتجزأ من المدينة، شأنها في ذلك شأن النبيذ الفرانكوني الجيد. "الإسراف في شراب النبيذ إثم، أما شرابه فهو بمثابةٍ العبادة" – يتسم سكان فورتسبورغ بالإيمان من كل الوجوه. إن تاريخ زراعة الكروم في المنطقة لا يقل عن تاريخ المدينة قدماً، وذلك التاريخ فعلاً قديم – قديم جداً.

ما زالت فورتسبورغ منذ ما يزيد عن 1300 عام مدينة أسقفية. وفي البداية حكم الكهنة من قلعتهم التي تتربع في العلاء على جبل "مارييّنبرغ" (Marienberg). لكن يبدو أن الأساقفة قد سئموا في أوائل القرن الثامن عشر من الحياة في مثل ذلك العلو وبين الحيطان الباردة، ولذا فوضوا المهندس المعماري "يوهان بالتازار نويمان" (Johann Balthasar Neumann: 1687 - 1753) لأن يصمم لهم مقراً فخماً للغاية. وانتهى الأمر إلى قصر أسقفي باه يتلألأ كالألماس على الحزام الأخضر الذي يحيط به. غير أن رجال الدين لم يبنوا قصوراً لأنفسهم فحسب، بل بنوا أيضاً كنائس لعامة الناس. واليوم تشهق من بين بحر البيوت في قلب المدينة أبراج كنائس لا تعد ولا تحصى، أغلبها حمراء اللون وزاخرة بالزخارف المتقنة.

فورتسبورغ اليوم

تدين فورتسبورغ الراهنة بحلّتها الباروكية لسكانها أكثر ما هي تدين للكنيسة. ففي السادس عشر من شهر مارس عام 1945 قامت القاذفات التابعة للسلاح الجوي البريطاني بتدمير ما يزيد عن 90 بالمائة من المدينة تدميراً تاماً. وبدلاً من الاستسلام لليأس والقنوط فضل أهالي فورتسبورغ إعادة بناء معظم ما دمر من مدينتهم. واليوم تسحر الزخارف الجصية الرائعة وواجهات المباني المنمقة أفواج السياح الذين يبدؤون بجولتهم على طول "الطريق الرومانسي"، الطريق السياحي الشهير، انطلاقاً من فورتسبورغ.

موارد الرفاهية

على عكس ما هو الحال في أيامنا، لم يستطع في الماضي القديم إلا قليل من الناس أن يسافروا ويتجولوا في الدنيا ليس لشيء إلا تمتعاً بالحياة. فالسفر على "الطريق الرئيسية القديمة" (Alte Fernstraße) لأجل التجارة كان شاقاً، ونهر "ماين" (Main) كان يشكل آنذاك حائلاً لا يستهان به ولم يكن بالإمكان عبوره إلا عند أماكن قليلة. ومن بين تلك الأماكن كانت المخاضة التي تقع بالقرب من فورتسبورغ اليوم. وسرعان ما استوطن المكان أصحاب الحرف اليدوية والتجار عارضين على المسافرين وملاحي نهر "ماين" خدماتهم وسلعهم. واليوم وإن كنت لم تعد تشاهد تجاراً يخوضون الماء مشمرين عن سيقانهم، إلا أن التجارة والحرف اليدوية ما زالت تشكل الركن الأساسي لاقتصاد مدينة فورتسبورغ.

رخصة لطباعة النقود

لا يعتني أهالي فورتسبورغ بتحصيل المال وحسب، بل وبطبعه أيضاً، حيث يتم طبع أوراقً نقدية من كل حدب وصوب وجرائد كجريدة "النيويورك تايمز" (New York Times) بواسطة آلات طابعة من صنع فورتسبورغ. ولسوء حظ العديد من مزوري العملة فإنه لا يتم توريد تلك الآلات لكل من أراد.

ممنوع السباحة!

تقع مدينة فورتسبورغ في قلب منطقة زراعة الكروم من إقليم فرانكونيا وتحيط بها الكروم من كل الجهات. حتى أن "باخوس"، إله النبيذ والخصب عند الرومان، كان قد شعر بالراحة والرضا في هذا المكان، شأنه في ذلك شأن طلاب فورتسبورغ خلال السنين الأولى من تأسيس الجامعة.

وقد كتب رئيس دير من فورتسبورغ يوماً ما: "إن طلاب فورتسبورغ غلمان غير سلسين " – وكان الداعي لهذه الكلمات القاسية أن الطلاب كانوا يلتهون عن دراساتهم بالسباحة في نهر "ماين" ويهتمون بالمسائل الغرامية والمشاجرات والقمار والسكر والضجة والعربدة. الكل في الكل إذاً، ظروف عادية – من وجهة نظر عصرنا.

أما في ذلك الوقت، فقد تم إغلاق الجامعة بعد سنين قليلة على تأسيسها. وعند إعادة افتتاح الجامعة سرت طبعاً ضوابط صارمة. وكان من بين النشاطات التي حرمت على الطلاب الثمل والقمار والسباحة في نهر "ماين"، إضافة إلى حمل السلاح في المحاضرات (Vorlesung).

الجني الطيب في القمقم

تحتفل القرى الصغيرة التي تحيط بفورتسبورغ من شهر أبريل لغاية شهر نوفمبر بمهرجانات النبيذ. وتتصاعد أثناءها أمام البيوت التقليدية النصف خشبية المعوجة أبخرة المشويات، وعلى المنصات يبذل الموسيقيون أقصى جهدهم لتسلية الناس، في حين يتمتع السكان بتناول النبيذ و"المنتوف" (Gerupftem)، أي متبل جبنة الكاممبير.

وكل ما قاربت الشمس من المغيب، كل ما زاد الجو فرحاً ومرحاً. وفي حين يفضل المسنون بينهم الترنح متشابكين ذراعاً بذراع، يتدافع الشباب إلى حلبات الرقص. وبهذه المناسبة: تعرف أجود نبيذ فرانكوني من خلال الزجاجات المبططة التي تدعى "كيس التيس" (Bocksbeutel).

ابن فيينا في فورتسبورغ

إذاً: يحصل محبو النبيذ في فورتسبورغ على ما يرضيهم، وعشاق الموسيقى الكلاسيكية أيضاً. يفد سنوياً آلاف الزوار إلى المدينة من جميع أنحاء العالم كي لا تفوتهم فرصة حضور مهرجان موتسارت في فورتسبورغ. هذا مع العلم أن الموسيقي النمساوي الكبير "فولفغانغ أماديوس موتسارت" (Wolfgang Amadeus Mozart: 1756 - 1791) لم تربطه أية علاقة شخصية بهذه المدينة.

لقد بدأ كل شيء سنة 1921 بأمسية موسيقية أقيمت في الصالة القيصرية من قصر الأسقف الحاكم. وبعد انتهاء الأمسية روى قائد الفرقة الموسيقية مسحوراً من كل تلك الزخارف الجصية والأبهة بتحمس غامر: "ما كنت احتاج إلا لأتتبع زخرفة من الزخارف الكائنة هنا لينعقد اقتران عميق بين عناصر الصوت والمبنى واللون."

ومثل هذا الإلهام المبدع لا يمكن تغاضيه، وبما أن فورتسبورغ لم تكن لديها رغبة في الاستغناء عنه في المستقبل، تم إنشاء مهرجان موتسارت. وهكذا تملأ في كل سنة موسيقى هذا العبقري الحدائق والقصر الباروكي لمدة تستغرق عدة أسابيع. ترى خلالها الكبير والصغير متمدداً على المساحات الخضراء الطبيعية بين أحواض الزهور الواسعة صاغيا لنغمات ابن فيينا الفتي.
جائزة نوبل بدون شهادة ثانوية

اتهم "فيلهلم كونراد رونتغن" (Wilhelm Conrad Röntgen: 1845 - 1923) بالقيام برسم صورة هزلية عن معلمه على اللوح، ولذا تم طرده من المدرسة قبل حصوله على الشهادة الثانوية بقليل. ثم حاول المسكين أن يحصل على الأقل على شهادة ثانوية من مدرسة خاصة. لكن لسوء حظه قد حضر إلى الامتحان نفس المعلم الذي سبق أن جعل منه أضحوكة فيما سبق – وذلك المعلم سرعان ما عاد ورسّبه مرة أخرى. من كان يتصور أن شخصاً خالفه الحظ في بداية حياته الأكاديمية مثلما ساء لرونتغن أنه سيحوز يوماً على أعلى تكريم أكاديمي؟

لحسن الحظ استطاع فيلهلم رونتغن أن يدرس في جامعة زوريخ دون الحاجة لشهادة ثانوية. ثم اكتشف اكتشافه الرائع فيما بعد في جامعة فورتسبورغ حيث شغل منصب استاذ (Professor). لقد اكتشف رونتغن سنة 1895 الأشعة السينية، وكان أول من حاز على جائزة نوبل للفيزياء على الإطلاق.

في خدمة الإنسان – كلية الطب

أسست الكنيسة جامعة فورتسبورغ قبل 400 عام لتكون "حصن الكثلكة". لكن الأفكار الجديدة لحركة التنوير الأوروبية لم تتوقف أمام أبواب الجامعة، وهكذا بدأت منذ عام 1734 بفتح أبوابها شيئاً فشيئاً للطلاب الذين لا ينتمون للمذهب الكاثوليكي. ثم تم توسيع العروض الدراسية بإضافة كلية للحقوق وكلية للطب، وكان من بين من شهروا سمعة الجامعة (Uni) أطباءً كـ"دولّينغر" (Döllinger)، و"شونلاين" (Schoenlein)، و"فون فيرشو" (von Virchow) وأسرة "سيبولد" (Siebold).

من رونتغن إلى كليتسينغ

وأكثر ما اشتهرت الجامعة به هي علومها الطبيعية. إذ لم يكن "فيلهلم كونراد رونتغن" الوحيد الذي حاز على جائزة نوبل، بل حاز عليها أيضاً من جاءوا بعده كالفيزيائيين "فيلهلم فين" (Wilhelm Wien: 1864 - 1928)، و"يوهانّيس شتارك" (Johannes Stark: 1874 - 1957)، ثم الكيميائيان "إيميل فيشر" (Emil Fischer: 1852 - 1919)، و"إدوارد بوخنر" (Eduard Buchner: 1860 - 1917). وفي أيامنا أتمم الفيزيائي " كلاوس فون كليتسينغ" (Klaus von Klitzing) قائمة مشاهير جامعة فورتسبورغ ممن حازوا على تلك الجائزة المرموقة.

معاهد جديدة

ولكي يظل هناك في المستقبل من يأخذ طريقه من فورتسبورغ إلى السويد لينال فيها على جائزة نوبل، تم في فورتسبورغ تأسيس معاهد عديدة، من ضمنها "المركز الحيوي" (Biozentrum) الذي يتمتع بشهرة في كافة البلدان الأوروبية، والذي يعكف فيه علماء الأحياء إلى جانب الكيميائيين الحيويين والأطباء الحيويين منذ سنة 1993 سوياً على الأوراق وأنابيب الاختبار.

ويتحدث الفيزيائيون باعتزاز عن مختبر البنية المجهرية الذي يمكنهم فيه إنتاج تركيبات أشباه موصلات وصل لا يزيد حجمها عن العشرة نانومترات، أي ما يعادل واحدا على مليون مليمتر. وفي مجال الفيزياء أيضاً يوجد مختبر التصوير المقطعي بالرنين المغنطيسي الجديد نسبياً والفريد من نوعه في العالم.

عرض واسع وواع للتقاليد وتوجه مستقبلي

لا تجد في فورتسبورغ أبحاثاً ناجحة وطلاباً مجتهدين في مجالي الطب والعلوم الطبيعية فحسب، فالعرض الواسع من التخصصات في الجامعة يمتد من علم الآثار إلى علم الحيوان، ونصف الطلاب مسجلون في مجال العلوم الإنسانية.

مما لا شك فيه أن التقاليد العريقة في مجال الطب وروح "فيلهلم كونراد رونتغن" هي من الأسباب التي تساهم في جعل الجامعة محببة لدى طلاب الطب. فلا عجب أن تحتوي كلية الطب على 3000 طالب، ما يجعلها أكبر كلية في فورتسبورغ.

إلا أن مادة الطب الحيوي هي معشوقة الطلاب الأولى. ففي السنة الأولى تقدم نحو 600 طالب بطلب على الـ24 مكاناً!

موزعة على كل المدينة

يشمل عرض الجامعة مواد عديدة ولذا تجد كلياتها موزعة على كل المدينة، حتى أن هناك بعض المحظوظين ممن يتلقون دراساتهم في أجواء القصر التاريخية. إلا أنه كان لمدة طويلة يتوجب حتى على الطلاب الذين يسكنون بالقرب من وسط المدينة أن يجهدوا أنفسهم بشكل دوري في صعود الجبل المؤدي إلى الحرم الجامعي "هوبلاند" (Hubland) بالدراجة، إذ تقع هناك أقسام العلوم الطبيعية وكلية الفلسفة، وقبل كل شيء المكتبة الضخمة.

لكن لحسن الحظ يمكن حديثاً شراء "بطاقة الفصل" (Semesterticket) كي يوفر الطلاب طاقاتهم لما هو أهم
السفر اليها
اما بالطائرة الى فرانكفورت و من ثم بالقطار الى فورتسبورغ
اوبالطائرة الى فرانكفورت و من ثم بالقطار الى فورتسبورغ

منقووووووول