March 14th, 2009, 06:41 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعد استراحة محارب ها هنا اعود حاملاً قلمي معي لأكمل مشواري في سرد الاحداث والمواقف.
كما لايفوتني بأن اقول كلمة شكر في حق كل من دعمني وأسدى لي نصيحةً او اقتراحاً او انتقاداً لان هذا بحد ذاته يمثل لي الشئ الكثير..كما اني اعتذر بدوري عن تأخري في كتابة الجزء الثالث لإنشغالي بأمور منعتني من ذلك..ولكنني لازلت على الموعد فدعونا نكمل المشوار.
خرجت من بيت العائله القديم برقفة شُنطي التي كنت احملها لوحدي ويعتصر قلبي الالم حينما نظرت إلى الجميع قبل خروجي ولم أوآجه بإبتسامه على الاقل او حتى مساعده في حمل شُنطي كما في المره الاولى .
وقفت في الخارج لبعض دقائق منتظراً سيارة الاجره حتى آتى وساعدني في تحميل الشُنط إلى الداخل .
تحركنا وبدأ في الحديث وسألني عن جنسيتي وماذا اعمل هنا فأخبرته بأنني سعودي وأتيت هنا من اجل تحصيل العلم والمساهمه في بناء وتطوير بلدي
ثم سألني عن ما اذا كنت مرتاحاً في هذه البلد ام لا فقلت له بالطبع نعم ..لانني لااريد إطالة الحديث معه فعقلي كان مشتت تلك اللحظه.
لكنه عاد من جديد وقال لكنها تبدو على ملامحك مظاهر الحزن..فقلت لعلها من تأثير الدراسه ..
ثم عم الهدوء حتى وصلنا إلى بيت العائله الجديد واعطيته النقود بعدما انزل جميع حقائبي وقال اتمنى لك حياه سعيده في بريطانيا ..ورددت بالمثل.
طرقت الجرس فخرجت لي تلك العجوز التي ما إن نظرت إلى عيناها حتى احسست بشئ غريب لم أفهمه وقتها.
أخذت تساعدني في حمل بعض الحقائب لنُصعدها إلى الأعلى ..وشكرتها على ذلك ثم قالت هل تريد في ان اساعدك في تعليق ملابسك ..فقلت لها لأباس سأفعلها بنفسي لاحقاً..عندها قالت اذاً خذ لك قسطاً من الراحه فالعشاء سيكون عند الساعةِ الفلانيه .
اتى وقت العشاء ولم أهنى بذلك القسط من الراحه..ونزلت إلى غرفة الطعام لمجرد التعارف فيما بيننا وعند جلوسي احضرت العجوز الملاعق والسكاكين فأصابني بعض الفضول وقتها لمعرفة ماذا قد تم طبخه فإذا بها تحضر الصحون وبها الهمبرقر المثلجه التي للتو قد اخرجتها من المكرويف..فتبسمت وقلت في نفسي نعم انها بدايةً طيبه وجميله جداً ..ثم بدأنا بالحوار بالاسئله المعتاده وإلى ما شابه ذلك حتى انتهينا من الحديث فشكرتها على تلك الوجبه واستأذنها للذهاب الى غرفتي للاستعداد إلى النوم..
عندما وضعت رأسي على مخدتي بدأت في استرجاع شريط الذكريات الجميل مع العائله القديمه عندما طبخوا لي اكلةً مكسيكيه وقالوا لي باللهجه الاسكتلنديه have your tea بمعنى تفضل وجبتك وكانت وقت عشاء . سألتهم ما اصل هذالاكله فقالوا مكسيكيه..ولذكائي المفرط استنتجت بأن "التي" التي قيلت في في اخر جملتهم هي إسم الاكله ..وعند ذهابي اليوم التالي إلى معهدي سُئلت ماذا فعلت ليلة أمس فقلت لهم أكلت آكلةً مكسيكيه تسمى "تي" فأستغرب الجميع فلا أحد يعرفها..فقلت لهم بأنكم مساكين فعوائلكم لايعرفون من الطبخِ شيئاً..وعند رجعوي إلى البيت أخبرت عائلتي عن عدم معرفتهم بإسم الطبخه ..فضحكوا حتى دمعت أعينهم وقالوا بأن في اسكتلند نسمى الوجبه "Meal" بـ " tea " ..فتبسمت وانا واضعاً رأسي على مخدتي وقلت لاأعرف ماذا يريدون هم وانجليزيتهم هذه ثم دخلت بعدها في نوماٍ عميق .
استيقضت في اول صباح لي مع العائله الجديده واستعديت للذهاب لكن فضلت الافطار لإحساسي بأن الجوع قد وصل إلى مرحلة لاتحتمل..فذهبت لإعداد ذلك التوست لأضعه في موضعه لكن ما إن رأيت ذلك العفن عليه حتى قلت بصوت مرتفع " حسبي الله عليك من عجوز أمس همبرقر واليوم توست معفن" !! وخرجت من البيت إلى السوبر ماركت للبحث عن مايسد رمقي من الجوع ومن ثم اذهب إلى معهدي.
كان يوماً دراسيا عادياً بالنسبة لي حتى اتصلت بي مشرفتي في وقت الظهيره وقالت عليك بالذهاب إلى الاداره وعمل وإخلاء طرف ومن ثم إذهب إلى معهدك الجديد حالاً لتعمل إختباراً لتحديد المستوى لتبدا معهم غداً ..واعطتني العنوان..ففعلت ما طُلب مني بالحرف الواحد.
أحسست بالحريه وقتها وكأن شيئاً قد كان جاثماً على صدري فقلت ..لا أُريد المشاكل من جديد فلقد انتهيت من هم العائله والمعهد القديميين..فأنا أُريد ان أبدأ بدايةً جديده أطوي بها صفحة الماضي إلى غير رجعه .
ركبت الباص بعدما انجزت مالي وماعلي..وبينما انا في نصف الطريق إذ بالطالب الذي كنت قد جلبته إلى العائله الاولى يتصل بي وقال لقد طلب مني المعهد رقمك فأعطيتهم رقمك الا اخر رقمين اعطيتهم خطأً ..فقلت له ماذا يريدون ..فقال والله لاأعلم..فقلت له شكراً لإخباري بذلك وانتهت المكالمه..عندها فكرت في تغيير مساري فنزلت في اول محطةٍ للتوقف وقلت يبدو أن أمراً ما يحاك ضدي فالمعهد لم يعد ملزماً بي من الان وصاعداً لكن دعني استغل هذه الفرصه قبل تسكير المحلات لأشتري هديةً للعجوز لعلها توثق العلاقات السياسيه والتجاريه فيما بيننا
فذهبت إلى محل اكسسوارات واشتريت لها هدية وغلفتها ووضعتها داخل شنطتي وانطلقت إلى البيت
وعند وصولي إليه كانت العجوز في استقبالي وبادرتني بالكلام وقالت "نواف آنأ آسفه لم يعد بإمكانك الجلوس هنا عليك بالمغادره من البيت فالمعهد اتصل بي وقال بأنه غير مسؤول عنك الان وهو حذرني بأنك قد كان لك سوابق مع عائله آخرى وقالوا اخرجيه من البيت".
صُدمت .. !!ماذا عساني ان افعل وأين أذهب ..؟ وحاولت انا اتماسك وقتها فقهر الرجال تعوذ منه الرسول صلى الله عليه وسلم..فقلت هل لي ان اجلس واتفاهم معك فقالت تفضل ولكن لاتحاول لأن ليس بيدي الآن شئ..ففتحت شنطتي واخرجت الهديه وقلت لها كنت اتمنى بأن اسلمها لك وانا في قمة سعادتي ولكن لسوء الحظ ها انا اسلمها لك وانا في ذروة حزني الشديد ..ودموعي حائره في عيناي وبالكاد استطعت ان احبسها.. فدموع الرجل غاليه.. فما كانت تردد في تلك اللحظه الا "اووه نواف لا لا لا " إنك تخجلتني بذلك فأنا كنت أُريد ان اطردك وانتظرك على احر من الجمر وأنت تأتي بالهدية إلي إنه لشئ مُوسفٌ جداً ..ولكن ليس بيدي خياراً آخر فالمعهد سوف لن يرسل لي طالباً آخر اذا لم افعل مايملونه علي ..فقلت لها قولي لهم بأنك لستِ على مايرام ولاتريدين استقبال اي طالب جديد وانا سأعدك بأن ابقى هنا لفترة طويله..فقالت ومن يضمن لي ذلك ؟ فتذكرت المشرفه من جديد واتصلت عليها ولم ترد الا بعد رساله وكأني أخبرها بأني بين الحياة والموت وان عليها اللحاق بي قبل فوات الاوان..فما كان منها الا ان تفضلت مشكوره واتصلت وشرحت لها الوضع وقلت اخبريها بانك من الملحقيه وبأنك المسؤوله عني واعطيها الضمانات بأني سوف ابقى هنا لوقتٍ طويل واني سوف اعطيها مقدماً لشهر لإثبات حسن النوايا ..فتم التوصل إلى إتفاق مبرم بعد كر وفر ومن ثم أخذوا ارقام بعض في الحالات الطارئه لا سمح الله..ثم اخذت الهاتف وشكرت المشرفه لمواقفها النبيله الشجاعه واقفلنا المكالمه وقد وصل الضغط النفسي في أعآلي قمته..ثم بدأت لي العجوز بالاعتذار على مابدر منها وان علي ان اتفهم الوضع فقلت لها لاعليكِ فأني اعذرك لذلك.. بينما كنت اقول في نفسي لقد تعودت على ذلك..وأدركت وقتها بأن المعهد القديم قام بهذه الخطوه لاني بخروجي من المعهد سوف لن يحصلوا على نسبه من ايجار السكن اللي ادفعه للعائله ورداً على الخطوه التي قامت بها الملحقيه عند سحبي من المعهد.
خرجت إلى غرفتي محاولاً النوم فلم اعد أريد عشاءً ولم اعد احتمل شيئاً ..فنظرت إلى حقائبي فقلت لن اغير مكانها ولن أُعلق أي شئٍ منها فهؤلاء لاصاحب لهم فسوف اطرد في أي يوم فلا داعي لاتضييع الوقت في تعلقيها وتنزلينها..وكانت تلك الليله سيئه فلم اهنئ بذلك النوم فلقد صابتني انواع الهموم والمشاكل وعزائي الوحيد لصبري هما الوالدان فلم أخبرهم بأي من تلك المشاكل التي واجهتها لأني لاأريد تضييق صدورهما ..وبأني رجل وعلي تحمل المشاكل فهي عقبة طريق تعترض كل شخص وعليه تجاوزها بنفسه لينجح في حياته.
يومٌ جديد نستيقظ بعد محاولات حثيثه لذلك فلم يكن لي رغبة بالدراسه فلقد مللت من هذه الحاله..بيد انني ذهبت ولم اهتم بنفسي كما كنت افعل في السابق .. فلا جل للشعر ولا كي للملابس فكنت اخذ الملابس والبسها على حالتها التي هي عليه..واستمريت على تلك الحاله لفتره من الزمن .
كنت لاافهم كيف نظام المعهد الجديد الذي كنت أدرس فيه فكان سيئاً جداً وأكاد اجزم بأنه افشل معهدٍ على وجه الكره الارضيه.. فأول اسبوع كنا ندرس من الساعه التاسعه والنصف إلى الساعه الثالثه والنصف..والاسبوع الثاني كان من الساعه الحاديه عشره إلى الساعه الخامسه وتارةً نداوم في مبنى ونكمل نصف الدوام في مبنى آخر يبعد قرابة الربع ساعه ..حتى طريقة تدريسهم لم تشفع لهم بذلك.
في تلك الفتره بدأت بالانقطاع عن زملائي من المعهد الاول ولم يعد بيني وبينهم اتصال لسبب واحد وهو بأني كنت أُريد ان اكون لوحدي لأتدارس امري.. فهم ليسوا مثلي فلقد اتوا من اجل تقضيه وقت ومن ثم يعودون إلى بلدانهم ولكن وضعي يختلف فانا مبتعث وليس لدي الوقت الكافي لإضاعته الامر الذي جعلني احجم عن تكوين اصدقاء جدد في المعهد الجديد وزيادةً على ذلك كنت لااصدق متى ننتهي حتى اذهب إلى اي مكان خارج مقر الدراسه أو أذهب إلى البيت.
بدأت الامور تتحسن مع العائله وبدأنا الحديث المطول مجدداً ولكن لم تتحسن من ناحية الاكل فكل الذي كانت تُعده لي كان في الاساس مثلجاً ولكن لايهم فالمهم هو ان اعيش بسلام دون مشاكل تذكر بيد انها تحب الاستفزاز في اسئلتها عندما تبدأ في الاسئله عن الاسلام وكانت بداية الحديث بأن سألتني عن الاسلام وعن الخمر والخنزير وهل بأن السعوديه دوله دينيه بحيث لاتستطيع ان تمارس ماتشاء وعن حرية المرأه إلى ما إلى ذلك من الحديث فكنت اجاوبها على علة التحريم وان الإسلام اعطى للمرأه كامل حقوقها وبأن مايقال عن السعوديه في الاعلام ماهو الا مجرد تشويه سمعه فنحن شعب طيب ويحب الحياه ولكن لنا عادتنا وتقاليدنا المتمسكين بها فنحن شعب محافظ وهذا مالا يفهمه كثيراً البريطانيين المتتبعين لإخبار السعوديه و يفسرونه بأنه غريب ولكنهم لم يتفهموا بأن لكل شعب ثقافه معينه وعلى الجميع احترامها كما أن لبريطانيا عادات وتقاليد لانحبها ولكن نحترمها ..بيد اني لم اكن أرُيد إطالة الحديث في تلك المواضيع فهم أُناس عُميت أبصارهم وخُتم على قلوبهم فما الفائده المرجوه في الخوض معهم في ذلك..و لانها تريد ان تدخلني في مواضيع اخرى تقصد من خلالها استفزازي..حتى رأيتها تصر على الاطاله فقاطعتها وقلت بأننا أُناس مثلكم نعيش ونأكل ونشرب ونريد ان نعيش حياتنا بسلام بغض النظر عن الدين او المذهب الذي ننتمي اليه ..ثم بعد ذلك اتجهت إلى غرفتي في محاولةٍ يائسه مني للمذاكره ..لكن لم يحالفني الحظ ايضا حينما أردت النوم الا بعد عناءٍ طويل.
صبآحٌ آخر وكنت متأخراً في استيقاظي .. وما ان لبست ونزلت حتى اسمع صوت العجوز تنادي بأنني متاخر واذا لم اذهب الى المعهد سوف تتصل على مشرفتي وتخبرها بذلك ومن ثم سوف تُفصل وترجع إلى بلدك بحجة أنك غيرمجتهد في دراستك.. فقلت في نفسي "الله يسد نفسك على ذا الصباح " وخرجت.
كان ذلك اليوم يوماً دراسياً اقل من العادي ولم استفد في ظني اي شي منذ ان بدأت الدراسه فيه .. الا اني استفدت بأنه اصبح المتنفس الوحيد لي للخروج من التفكير في وضعي المزري وحظي السيئ..ففكرت في تغيير المعهد واتصلت على المشرفه وارسلت لها على الهاتف الجوال ولكن لاحياة لمن تنادي فقلت يبدو انها مشغولهٌ ربما سترد علي في وقتٍ لاحق .. دعني اتركها حتى تتصل لكن قبل ذلك اريد ارسال رسالة على البريد الالكتروني عندما اذهب الى البيت حتى اكون على بينه بأني استهلكت جميع وسائل الاتصال كي لاتقول لي لم يصلني منك شئ.
اتيت إلى البيت على وقت العشاء والموال لازال يتكرر في طريقة تحضيره ولكن ليس بيدي حيله الا ان اقول لها اني سوف اعفيك من ذلك وعلى هذا الاساس عقدنا الاتفاق بان اتعشى خارج البيت كل يوم.. فوافقت ثم بعد ذلك الاتفاق أخبرتني لي بانها سوف تذهب الى حفله ثم تعود وبأنها لن تتاخر طويلاً..فقلت لا مشكله وذهبت الى غرفتي لإرسال الايميل الى المشرفه وتصفحت الانترنت الذي بالكاد كنت اتصفحه لإستخدامي شبكة اتصال واير لس البيت الذي كان المجاور لنا .. ثم نزلت إلى الصاله بعد خروجها من المنزل وأردتها ان تكون فرصه لمتابعة التلفزيون لتغيير نمط حياتي الممل وظناً مني بأنها سوف تتأخر كثيراً و من هذا المنطلق تم استغلال هذه الفرصه لانها كانت لاتسمح لي بالبقاء طويلاً امامه في وقت متأخر من الليل ..حتى سرقني الوقت ولم احس الا وهي قد دخلت من الباب بصحبة صديقه لها تساعدها كي تمشي لانها كانت مخموره و أجلستها على الكرسي الذي بجانبي
ومما اسعدني في تلك اللحظه انها لم تكن غاضبةً مني لوجودي في ساعةٍ متاخره في مكان يمنع فيه التجول ليلاً.. لا بل على العكس كانت تسترسل في الحديث معي بكل لطف إلى ان دخلت في الدين من جديد عندما سألتني هل تتزوج من امرأه غير مسلمه .؟ فقلت لها مالضير في ذلك فديني لم يمنعني من الزواج منكم.. فقالت فرضاً ..فرضاً ولا تصدق. انه مجرد افتراض...ان ابنتي تريد الزواج منك هل ستقبل بذلك ..؟ فقلت لها هذا يعتمد على اخلاقها وعلى اشياء اخرى.. فقاطعتني وقالت لاتصدق انا اقولك لك فرضاً !! فقلت إذاً لا أدري . .لإسكاتها لانها ليست في حالة طبيعيه بسبب تأثير الخمر الذي افقدها الادراك والوعي وبعدها أستأذنها للذهاب إلى غرفتي للنوم..فردت صديقتها واعتذرت لي بالنيابه عن العجوز المخموره وانها سوف تخبرها بأنها أسأت المعامله عندما تفيق من سكرتها.
إلى أحبتي هنا اتوقف وسأكمل مشواري في جزء آخر لطول القصه وسأخبركم عن احداث أسئل الله ان لايريكم مارأيت وقصة الهروب من البيت والمعهد والوضع الذي لم يعد يحتمل.
نواف
LinkBack URL
About LinkBacks
March 14th, 2009, 06:41 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهبعد استراحة محارب ها هنا اعود حاملاً قلمي معي لأكمل مشواري في سرد الاحداث والمواقف.
كما لايفوتني بأن اقول كلمة شكر في حق كل من دعمني وأسدى لي نصيحةً او اقتراحاً او انتقاداً لان هذا بحد ذاته يمثل لي الشئ الكثير..كما اني اعتذر بدوري عن تأخري في كتابة الجزء الثالث لإنشغالي بأمور منعتني من ذلك..ولكنني لازلت على الموعد فدعونا نكمل المشوار.
خرجت من بيت العائله القديم برقفة شُنطي التي كنت احملها لوحدي ويعتصر قلبي الالم حينما نظرت إلى الجميع قبل خروجي ولم أوآجه بإبتسامه على الاقل او حتى مساعده في حمل شُنطي كما في المره الاولى .
وقفت في الخارج لبعض دقائق منتظراً سيارة الاجره حتى آتى وساعدني في تحميل الشُنط إلى الداخل .
تحركنا وبدأ في الحديث وسألني عن جنسيتي وماذا اعمل هنا فأخبرته بأنني سعودي وأتيت هنا من اجل تحصيل العلم والمساهمه في بناء وتطوير بلدي
ثم سألني عن ما اذا كنت مرتاحاً في هذه البلد ام لا فقلت له بالطبع نعم ..لانني لااريد إطالة الحديث معه فعقلي كان مشتت تلك اللحظه.
لكنه عاد من جديد وقال لكنها تبدو على ملامحك مظاهر الحزن..فقلت لعلها من تأثير الدراسه ..
ثم عم الهدوء حتى وصلنا إلى بيت العائله الجديد واعطيته النقود بعدما انزل جميع حقائبي وقال اتمنى لك حياه سعيده في بريطانيا ..ورددت بالمثل.
طرقت الجرس فخرجت لي تلك العجوز التي ما إن نظرت إلى عيناها حتى احسست بشئ غريب لم أفهمه وقتها.
أخذت تساعدني في حمل بعض الحقائب لنُصعدها إلى الأعلى ..وشكرتها على ذلك ثم قالت هل تريد في ان اساعدك في تعليق ملابسك ..فقلت لها لأباس سأفعلها بنفسي لاحقاً..عندها قالت اذاً خذ لك قسطاً من الراحه فالعشاء سيكون عند الساعةِ الفلانيه .
اتى وقت العشاء ولم أهنى بذلك القسط من الراحه..ونزلت إلى غرفة الطعام لمجرد التعارف فيما بيننا وعند جلوسي احضرت العجوز الملاعق والسكاكين فأصابني بعض الفضول وقتها لمعرفة ماذا قد تم طبخه فإذا بها تحضر الصحون وبها الهمبرقر المثلجه التي للتو قد اخرجتها من المكرويف..فتبسمت وقلت في نفسي نعم انها بدايةً طيبه وجميله جداً ..ثم بدأنا بالحوار بالاسئله المعتاده وإلى ما شابه ذلك حتى انتهينا من الحديث فشكرتها على تلك الوجبه واستأذنها للذهاب الى غرفتي للاستعداد إلى النوم..
عندما وضعت رأسي على مخدتي بدأت في استرجاع شريط الذكريات الجميل مع العائله القديمه عندما طبخوا لي اكلةً مكسيكيه وقالوا لي باللهجه الاسكتلنديه have your tea بمعنى تفضل وجبتك وكانت وقت عشاء . سألتهم ما اصل هذالاكله فقالوا مكسيكيه..ولذكائي المفرط استنتجت بأن "التي" التي قيلت في في اخر جملتهم هي إسم الاكله ..وعند ذهابي اليوم التالي إلى معهدي سُئلت ماذا فعلت ليلة أمس فقلت لهم أكلت آكلةً مكسيكيه تسمى "تي" فأستغرب الجميع فلا أحد يعرفها..فقلت لهم بأنكم مساكين فعوائلكم لايعرفون من الطبخِ شيئاً..وعند رجعوي إلى البيت أخبرت عائلتي عن عدم معرفتهم بإسم الطبخه ..فضحكوا حتى دمعت أعينهم وقالوا بأن في اسكتلند نسمى الوجبه "Meal" بـ " tea " ..فتبسمت وانا واضعاً رأسي على مخدتي وقلت لاأعرف ماذا يريدون هم وانجليزيتهم هذه ثم دخلت بعدها في نوماٍ عميق .
استيقضت في اول صباح لي مع العائله الجديده واستعديت للذهاب لكن فضلت الافطار لإحساسي بأن الجوع قد وصل إلى مرحلة لاتحتمل..فذهبت لإعداد ذلك التوست لأضعه في موضعه لكن ما إن رأيت ذلك العفن عليه حتى قلت بصوت مرتفع " حسبي الله عليك من عجوز أمس همبرقر واليوم توست معفن" !! وخرجت من البيت إلى السوبر ماركت للبحث عن مايسد رمقي من الجوع ومن ثم اذهب إلى معهدي.
كان يوماً دراسيا عادياً بالنسبة لي حتى اتصلت بي مشرفتي في وقت الظهيره وقالت عليك بالذهاب إلى الاداره وعمل وإخلاء طرف ومن ثم إذهب إلى معهدك الجديد حالاً لتعمل إختباراً لتحديد المستوى لتبدا معهم غداً ..واعطتني العنوان..ففعلت ما طُلب مني بالحرف الواحد.
أحسست بالحريه وقتها وكأن شيئاً قد كان جاثماً على صدري فقلت ..لا أُريد المشاكل من جديد فلقد انتهيت من هم العائله والمعهد القديميين..فأنا أُريد ان أبدأ بدايةً جديده أطوي بها صفحة الماضي إلى غير رجعه .
ركبت الباص بعدما انجزت مالي وماعلي..وبينما انا في نصف الطريق إذ بالطالب الذي كنت قد جلبته إلى العائله الاولى يتصل بي وقال لقد طلب مني المعهد رقمك فأعطيتهم رقمك الا اخر رقمين اعطيتهم خطأً ..فقلت له ماذا يريدون ..فقال والله لاأعلم..فقلت له شكراً لإخباري بذلك وانتهت المكالمه..عندها فكرت في تغيير مساري فنزلت في اول محطةٍ للتوقف وقلت يبدو أن أمراً ما يحاك ضدي فالمعهد لم يعد ملزماً بي من الان وصاعداً لكن دعني استغل هذه الفرصه قبل تسكير المحلات لأشتري هديةً للعجوز لعلها توثق العلاقات السياسيه والتجاريه فيما بيننا
فذهبت إلى محل اكسسوارات واشتريت لها هدية وغلفتها ووضعتها داخل شنطتي وانطلقت إلى البيت
وعند وصولي إليه كانت العجوز في استقبالي وبادرتني بالكلام وقالت "نواف آنأ آسفه لم يعد بإمكانك الجلوس هنا عليك بالمغادره من البيت فالمعهد اتصل بي وقال بأنه غير مسؤول عنك الان وهو حذرني بأنك قد كان لك سوابق مع عائله آخرى وقالوا اخرجيه من البيت".
صُدمت .. !!ماذا عساني ان افعل وأين أذهب ..؟ وحاولت انا اتماسك وقتها فقهر الرجال تعوذ منه الرسول صلى الله عليه وسلم..فقلت هل لي ان اجلس واتفاهم معك فقالت تفضل ولكن لاتحاول لأن ليس بيدي الآن شئ..ففتحت شنطتي واخرجت الهديه وقلت لها كنت اتمنى بأن اسلمها لك وانا في قمة سعادتي ولكن لسوء الحظ ها انا اسلمها لك وانا في ذروة حزني الشديد ..ودموعي حائره في عيناي وبالكاد استطعت ان احبسها.. فدموع الرجل غاليه.. فما كانت تردد في تلك اللحظه الا "اووه نواف لا لا لا " إنك تخجلتني بذلك فأنا كنت أُريد ان اطردك وانتظرك على احر من الجمر وأنت تأتي بالهدية إلي إنه لشئ مُوسفٌ جداً ..ولكن ليس بيدي خياراً آخر فالمعهد سوف لن يرسل لي طالباً آخر اذا لم افعل مايملونه علي ..فقلت لها قولي لهم بأنك لستِ على مايرام ولاتريدين استقبال اي طالب جديد وانا سأعدك بأن ابقى هنا لفترة طويله..فقالت ومن يضمن لي ذلك ؟ فتذكرت المشرفه من جديد واتصلت عليها ولم ترد الا بعد رساله وكأني أخبرها بأني بين الحياة والموت وان عليها اللحاق بي قبل فوات الاوان..فما كان منها الا ان تفضلت مشكوره واتصلت وشرحت لها الوضع وقلت اخبريها بانك من الملحقيه وبأنك المسؤوله عني واعطيها الضمانات بأني سوف ابقى هنا لوقتٍ طويل واني سوف اعطيها مقدماً لشهر لإثبات حسن النوايا ..فتم التوصل إلى إتفاق مبرم بعد كر وفر ومن ثم أخذوا ارقام بعض في الحالات الطارئه لا سمح الله..ثم اخذت الهاتف وشكرت المشرفه لمواقفها النبيله الشجاعه واقفلنا المكالمه وقد وصل الضغط النفسي في أعآلي قمته..ثم بدأت لي العجوز بالاعتذار على مابدر منها وان علي ان اتفهم الوضع فقلت لها لاعليكِ فأني اعذرك لذلك.. بينما كنت اقول في نفسي لقد تعودت على ذلك..وأدركت وقتها بأن المعهد القديم قام بهذه الخطوه لاني بخروجي من المعهد سوف لن يحصلوا على نسبه من ايجار السكن اللي ادفعه للعائله ورداً على الخطوه التي قامت بها الملحقيه عند سحبي من المعهد.
خرجت إلى غرفتي محاولاً النوم فلم اعد أريد عشاءً ولم اعد احتمل شيئاً ..فنظرت إلى حقائبي فقلت لن اغير مكانها ولن أُعلق أي شئٍ منها فهؤلاء لاصاحب لهم فسوف اطرد في أي يوم فلا داعي لاتضييع الوقت في تعلقيها وتنزلينها..وكانت تلك الليله سيئه فلم اهنئ بذلك النوم فلقد صابتني انواع الهموم والمشاكل وعزائي الوحيد لصبري هما الوالدان فلم أخبرهم بأي من تلك المشاكل التي واجهتها لأني لاأريد تضييق صدورهما ..وبأني رجل وعلي تحمل المشاكل فهي عقبة طريق تعترض كل شخص وعليه تجاوزها بنفسه لينجح في حياته.
يومٌ جديد نستيقظ بعد محاولات حثيثه لذلك فلم يكن لي رغبة بالدراسه فلقد مللت من هذه الحاله..بيد انني ذهبت ولم اهتم بنفسي كما كنت افعل في السابق .. فلا جل للشعر ولا كي للملابس فكنت اخذ الملابس والبسها على حالتها التي هي عليه..واستمريت على تلك الحاله لفتره من الزمن .
كنت لاافهم كيف نظام المعهد الجديد الذي كنت أدرس فيه فكان سيئاً جداً وأكاد اجزم بأنه افشل معهدٍ على وجه الكره الارضيه.. فأول اسبوع كنا ندرس من الساعه التاسعه والنصف إلى الساعه الثالثه والنصف..والاسبوع الثاني كان من الساعه الحاديه عشره إلى الساعه الخامسه وتارةً نداوم في مبنى ونكمل نصف الدوام في مبنى آخر يبعد قرابة الربع ساعه ..حتى طريقة تدريسهم لم تشفع لهم بذلك.
في تلك الفتره بدأت بالانقطاع عن زملائي من المعهد الاول ولم يعد بيني وبينهم اتصال لسبب واحد وهو بأني كنت أُريد ان اكون لوحدي لأتدارس امري.. فهم ليسوا مثلي فلقد اتوا من اجل تقضيه وقت ومن ثم يعودون إلى بلدانهم ولكن وضعي يختلف فانا مبتعث وليس لدي الوقت الكافي لإضاعته الامر الذي جعلني احجم عن تكوين اصدقاء جدد في المعهد الجديد وزيادةً على ذلك كنت لااصدق متى ننتهي حتى اذهب إلى اي مكان خارج مقر الدراسه أو أذهب إلى البيت.
بدأت الامور تتحسن مع العائله وبدأنا الحديث المطول مجدداً ولكن لم تتحسن من ناحية الاكل فكل الذي كانت تُعده لي كان في الاساس مثلجاً ولكن لايهم فالمهم هو ان اعيش بسلام دون مشاكل تذكر بيد انها تحب الاستفزاز في اسئلتها عندما تبدأ في الاسئله عن الاسلام وكانت بداية الحديث بأن سألتني عن الاسلام وعن الخمر والخنزير وهل بأن السعوديه دوله دينيه بحيث لاتستطيع ان تمارس ماتشاء وعن حرية المرأه إلى ما إلى ذلك من الحديث فكنت اجاوبها على علة التحريم وان الإسلام اعطى للمرأه كامل حقوقها وبأن مايقال عن السعوديه في الاعلام ماهو الا مجرد تشويه سمعه فنحن شعب طيب ويحب الحياه ولكن لنا عادتنا وتقاليدنا المتمسكين بها فنحن شعب محافظ وهذا مالا يفهمه كثيراً البريطانيين المتتبعين لإخبار السعوديه و يفسرونه بأنه غريب ولكنهم لم يتفهموا بأن لكل شعب ثقافه معينه وعلى الجميع احترامها كما أن لبريطانيا عادات وتقاليد لانحبها ولكن نحترمها ..بيد اني لم اكن أرُيد إطالة الحديث في تلك المواضيع فهم أُناس عُميت أبصارهم وخُتم على قلوبهم فما الفائده المرجوه في الخوض معهم في ذلك..و لانها تريد ان تدخلني في مواضيع اخرى تقصد من خلالها استفزازي..حتى رأيتها تصر على الاطاله فقاطعتها وقلت بأننا أُناس مثلكم نعيش ونأكل ونشرب ونريد ان نعيش حياتنا بسلام بغض النظر عن الدين او المذهب الذي ننتمي اليه ..ثم بعد ذلك اتجهت إلى غرفتي في محاولةٍ يائسه مني للمذاكره ..لكن لم يحالفني الحظ ايضا حينما أردت النوم الا بعد عناءٍ طويل.
صبآحٌ آخر وكنت متأخراً في استيقاظي .. وما ان لبست ونزلت حتى اسمع صوت العجوز تنادي بأنني متاخر واذا لم اذهب الى المعهد سوف تتصل على مشرفتي وتخبرها بذلك ومن ثم سوف تُفصل وترجع إلى بلدك بحجة أنك غيرمجتهد في دراستك.. فقلت في نفسي "الله يسد نفسك على ذا الصباح " وخرجت.
كان ذلك اليوم يوماً دراسياً اقل من العادي ولم استفد في ظني اي شي منذ ان بدأت الدراسه فيه .. الا اني استفدت بأنه اصبح المتنفس الوحيد لي للخروج من التفكير في وضعي المزري وحظي السيئ..ففكرت في تغيير المعهد واتصلت على المشرفه وارسلت لها على الهاتف الجوال ولكن لاحياة لمن تنادي فقلت يبدو انها مشغولهٌ ربما سترد علي في وقتٍ لاحق .. دعني اتركها حتى تتصل لكن قبل ذلك اريد ارسال رسالة على البريد الالكتروني عندما اذهب الى البيت حتى اكون على بينه بأني استهلكت جميع وسائل الاتصال كي لاتقول لي لم يصلني منك شئ.
اتيت إلى البيت على وقت العشاء والموال لازال يتكرر في طريقة تحضيره ولكن ليس بيدي حيله الا ان اقول لها اني سوف اعفيك من ذلك وعلى هذا الاساس عقدنا الاتفاق بان اتعشى خارج البيت كل يوم.. فوافقت ثم بعد ذلك الاتفاق أخبرتني لي بانها سوف تذهب الى حفله ثم تعود وبأنها لن تتاخر طويلاً..فقلت لا مشكله وذهبت الى غرفتي لإرسال الايميل الى المشرفه وتصفحت الانترنت الذي بالكاد كنت اتصفحه لإستخدامي شبكة اتصال واير لس البيت الذي كان المجاور لنا .. ثم نزلت إلى الصاله بعد خروجها من المنزل وأردتها ان تكون فرصه لمتابعة التلفزيون لتغيير نمط حياتي الممل وظناً مني بأنها سوف تتأخر كثيراً و من هذا المنطلق تم استغلال هذه الفرصه لانها كانت لاتسمح لي بالبقاء طويلاً امامه في وقت متأخر من الليل ..حتى سرقني الوقت ولم احس الا وهي قد دخلت من الباب بصحبة صديقه لها تساعدها كي تمشي لانها كانت مخموره و أجلستها على الكرسي الذي بجانبي
ومما اسعدني في تلك اللحظه انها لم تكن غاضبةً مني لوجودي في ساعةٍ متاخره في مكان يمنع فيه التجول ليلاً.. لا بل على العكس كانت تسترسل في الحديث معي بكل لطف إلى ان دخلت في الدين من جديد عندما سألتني هل تتزوج من امرأه غير مسلمه .؟ فقلت لها مالضير في ذلك فديني لم يمنعني من الزواج منكم.. فقالت فرضاً ..فرضاً ولا تصدق. انه مجرد افتراض...ان ابنتي تريد الزواج منك هل ستقبل بذلك ..؟ فقلت لها هذا يعتمد على اخلاقها وعلى اشياء اخرى.. فقاطعتني وقالت لاتصدق انا اقولك لك فرضاً !! فقلت إذاً لا أدري . .لإسكاتها لانها ليست في حالة طبيعيه بسبب تأثير الخمر الذي افقدها الادراك والوعي وبعدها أستأذنها للذهاب إلى غرفتي للنوم..فردت صديقتها واعتذرت لي بالنيابه عن العجوز المخموره وانها سوف تخبرها بأنها أسأت المعامله عندما تفيق من سكرتها.
إلى أحبتي هنا اتوقف وسأكمل مشواري في جزء آخر لطول القصه وسأخبركم عن احداث أسئل الله ان لايريكم مارأيت وقصة الهروب من البيت والمعهد والوضع الذي لم يعد يحتمل.
نواف