الأعضاء الإشتراك و التسجيل

الملتقيات
ADs

للـفائدة . . جبت لكم تاااريخ الأسلام في المجر ( الباشغرد ) . .

للـفائدة . . جبت لكم تاااريخ الأسلام في المجر ( الباشغرد ) . .


NOTICE

تنبيه: هذا الموضوع قديم. تم طرحه قبل 5894 يوم مضى, قد يكون هناك ردود جديدة هي من سببت رفع الموضوع!

قائمة الأعضاء الموسومين في هذا الموضوع

  1. الصورة الرمزية أمــ بس بأخلاقي ـيـر
    أمــ بس بأخلاقي ـيـر

    مبتعث مستجد Freshman Member

    أمــ بس بأخلاقي ـيـر غير معرف

    أمــ بس بأخلاقي ـيـر , ذكر. مبتعث مستجد Freshman Member. , تخصصى Medicine , بجامعة Royal College of Surgeons in Ireland
    • Royal College of Surgeons in Ireland
    • Medicine
    • ذكر
    • Dublin, Laoghaire
    • غير معرف
    • Feb 2008
    المزيدl

    February 29th, 2008, 12:50 AM

    تاريخ الإسلام في المجر (الباشغرد)


    بودابست دمرت مساجدها دون أن تتمكن من التجرد من المؤثرات الحضارية الإسلامية
    زيارة المجر لا بد وأن تستدعي التاريخ الحافل، فتعود بنا قروناً عديدة إلى الوراء، تركت بصماتها على عراقة هذا البلد الذي يمثل محطة هامة للتفاعل الثقافي في قلب القارة العجوز. فعبر التاريخ كانت بلاد المجر مسرحاً للتداخل الثقافي، وخاصة بين الأبعاد السلافية والبلقانية، والمؤثرات المسيحية والإسلامية، والتقاليد الألمانية والعثمانية.
    ولم يكن بوسع الأمة المجرية التي تتوسط القارة الأوروبية إلاّ أن تمزج بين هذه المؤثرات بوعي منها أو بدون وعي، فتبلور من خلال ذلك هوية خاصة بها تشهد على التعددية والتواصل الحضاري.
    وتكتسب العودة إلى الماضي مذاقاً خاصاً في الحواضر المجرية ؛ عندما يتعلق الأمر بتتبع جذور الإسلام الضاربة في أعماق هذا البلد. فكثيرة هي المفاجآت التي تتفتق عنها ما تبقى من معالم متداعية منذ قرون، أو ما تنطق بها كتب خطها أعلام المؤرخين والرحالة في القرون الغابرة.
    ويعيش في المجر اليوم أكثر من عشرين ألف مسلم ، معظمهم من الوافدين من العالم العربي، وبشكل خاص من اليمن وبلاد الشام ومصر والعراق، ويكثر من بينهم التجار والطلبة والأكاديميون.
    ويأتي هذا الوجود المحدود، الذي لا يمثِّل أكثر من اثنين في الألف من سكان البلاد، امتداداً عسيراً لألف عام من الوجود الإسلامي في المجر. فثمة دلائل على أنّها ضمت ثلاثين بلدة مسلمة قبل ألف سنة، بعد دخولها في نطاق الدولة العثمانية أواسط الألفية الثانية للميلاد إيذاناً بتحولها إلى واجهة متقدمة للعالم الإسلامي في قلب أوروبا.
    قلما يجري الالتفات إلى عراقة الحضور الإسلامي في بلاد الهنغار، رغم ما ذكره ياقوت الحموي في "معجم البلدان" عن مسلمي المجر (الباشغرد) الذين تعرّف إليهم في العام 626 للهجرة . وأكد ياقوت أنه التقى أحدهم في حلب وذكر في ذلك ، في مادة "باشغرد" من كتابه الشهير"وأما أنا فإني وجدت بمدينة حلب طائفة كبيرة يُقال لهم الباشغردية، شقر الشعور والوجوه، يتفقهون على مذهب الإمام أبي حنيفة ، رضي الله عنه".
    ويبدأ ياقوت بالتعرف على هؤلاء القوم ويسجل ملاحظاته على ذلك كما كتب "فسألت رجلاً منهم عن بلادهم وحالهم، فقال أما بلادنا فمن وراء القسطنطينية في مملكة أمة من الإفرنج يُقال لهم الهنكر (أي الهنغار)، ونحن مسلمون رعية لملكهم في طرف بلاده نحو ثلاثين قرية، كل واحدة تكاد تكون بليدة، إلاّ أنّ ملك الهنكر لا يمكِّننا أن نعمل على شيء منها سوراً خوفاً من أن نعصي عليه، ونحن في وسط بلاد النصرانية، فعن شمالنا بلاد الصقالبة، وقبلينا بلاد الباب يعني روميا، والباب رئيس الإفرنج، وهو عندهم نائب المسيح، كما هو أمير المؤمنين عند المسلمين، ينفذ أمره في جميع ما يتعلق بالدين في جميعهم. قال ولساننا لسان الإفرنج وزينا زيهم ونخدم معهم في الجندية ونغزو معهم كلّ طائفة لأنهم لا يُقاتلون إلاّ مخالفي الإسلام".
    ويستطرد صاحب معجم البلدان في الحديث إلى مسلمي المجر الأوائل فيقول "فسألتهم عن سبب إسلامهم مع كونهم في وسط بلاد الكفر؟ فقال سمعت جماعة من أسلافنا يتحدثون أن قدم إلى بلادنا منذ دهر طويل سبعة نفر من المسلمين في بلاد البلغار، وسكنوا بيننا وتلطفوا في تعريفنا ما نحن عليه من الضلال، وأرشدونا إلى الصواب من دين الإسلام، فهدانا الله، والحمد لله، فأسلمنا جميعاً، وشرح الله صدورنا للإيمان، ونحن نقدم إلى هذه البلاد ونتفقه فإذا رجعنا إلى بلادنا أكرمنا أهلنا وولُّونا أمور دينهم".
    وترى الباحثة المجرية المسلمة أندريا نوار " أنّ هذه المؤشرات تنطوي على أهمية بالغة، بما تكشف عنه من الامتداد العريق لمسلمي المجر الذي يعود إلى أكثر من ألف سنة.
    وتشير من جانبها إلى أنّ الباشغرد الذين جاءوا إلى المجر من بلغاريا الواقعة إلى الشرق لم يكونوا وحدهم الذين اتصلوا بالمجر من المسلمين، فقد توافد إليها في القرن السادس الهجري مسلمون من الأندلس والمغرب، سعياً لنشر الإسلام فيها، وهو ما أكده أبو حامد الغرناطي في كتابه "تحفة الألباب ونخبة الآداب"، فيما تشير إلى اندماج أعداد من المجريين المسلمين في العالم الإسلامي، واتخاذ قرية لهم في النوبة بعد أن شاركوا بفعالية ضمن القوات العثمانية.
    وجاء التحوّل الأهم في أوج صعود الدولة العثمانية التي امتدت رقعتها بالتدريج في البلقان وصولاً إلى المجر التي تمثل قنطرة العبور من شرق أوروبا إلى وسطها وغربها. وكان أول اتصال عسكري بين المسلمين والمجر قد تكلل بانتصار جيوش بايزيد بن مراد العثماني على الجيوش المجرية والأوروبية، وانتهت بفرار ملك المجر سيجسموند في أيلول (سبتمبر) 1396 للميلاد.
    كما خاض السلطان العثماني مراد الثاني، الذي تولى الحكم بين 1421 و1451 للميلاد مناوشات عسكرية مع المجريين بعد أن امتد نفوذ جيوشه إلى ضفاف الدانوب. وإثر مدّ وجزر في العلاقة بين العثمانيين والمجريين، جاء انتصار العثمانيين على جيوش أوروبا المسيحية في معركة فارنا، الواقعة على البحر الأسود، وأفضت الحرب إلى قتل ملك المجر لادسيلاوس ووقوع عشرات الآلاف في أسر المسلمين.
    ولم يتمكن العثمانيون من توسيع رقعة دولتهم في أي من الأراضي الناطقة بالألمانية، ولذا فقد كانت الشعوب والثقافات البلقانية والسلافية الجنوبية (خاصة المجر والبوسنة والهرسك) من أهم قنوات الاتصال الثقافي بين العالم الإسلامي ووسط أوروبا وغربها. وقد تعزّزت أهمية هذه الشعوب في التواصل من خلال الاتساع المتزايد في حدود الإمبراطورية النمساوية على حساب تقهقر الدولة العثمانية على مدى قرنين من الزمن، أي منذ سنة 1683 عندما أخفق الحصار العثماني الثاني لفيينا، وحتى اقتطاع البوسنة والهرسك من الدولة العثمانية سنة 1878وشهد القرن السادس عشر التحول الأهم، عندما تمكّن السلطان سليمان القانوني من الانتصار على المجر، ليدخل عاصمتها بودابست. وبذلك لم تصبح المجر ولاية عثمانية وحسب، وإنما باتت بلداً حافلاً بالمعالم الإسلامية ومنشآت العلوم والصناعة والحضارة أيضاً.
    وتزايد تعداد المسلمين في هنغاريا خلال ذلك ليبلغ نحو ربع المليون نسمة مع نهاية العهد العثماني.
    ولكن السؤال الكبير الذي سرعان ما يتردد في الأذهان يتعلق بالمصير الذي آل إليه هذا الوجود الإسلامي العريض في المجر. بدورها لا تفضل المطبوعات السياحية التي تقدم لمحة عن المجر لزائريها أن تتطرق إلى هذا المفصل الحساس في تاريخ البلاد، بينما تؤكد المصادر التاريخية أنّ مسلمي المجر قد سُفكت دماؤهم وأنزلت بهم ألوان العذاب.
    فنحو مائة ألف مسلم في المجر، وفق تقديرات العام 627 للهجرة، أي في عهد ياقوت الحموي، قد أُجبروا على اعتناق النصرانية في النصف الأول من القرن الثامن للهجرة. وأما ربع المليون مسلم الذين كانوا يعيشون في أكناف هذه الديار في أواخر العهد العثماني فقد طالتهم سكين الإبادة وطاردهم سوط التهجير القسري لتتبقى منهم مئات قليلة وحسب، سرعان ما ذابت في حوامض المجتمع الرافض للآخر المسلم.
    ومن المؤسف أن تفقد هذه البلاد التي تجمع بين بهاء الطبيعة وعراقة التاريخ معالمها الحضارية الكبرى التي تشير إلى العهد الإسلامي. ففي محاولة لشطب صفحة الوجود الإسلامي بالكامل من الذاكرة الجمعية؛ طالت معاول التدمير مساجد بودابست التي بلغ عددها في أواخر القرن السابع عشر 83 مسجداً، منها 22 مسجداً جامعاً، ولم يكن مصير عشر مدارس إسلامية كانت تحتضنها العاصمة المجرية مع نهاية العهد العثماني بأفضل حالاً.
    وإذا كانت المجر تحفل في الأصل بالمعالم الإسلامية والشواهد على التعايش الحضاري مع الإسلام، فإنها آلت إلى حالة مروعة من التدمير والطمس، بما يجعل التعرف اليوم ممكناً على القليل منها فقط.
    وتثير جولة على ما تبقى من المساجد في ربوع البلاد إلى إثارة تداعيات محزنة، فقد آل مسجد في بودابست إلى مأوى للفيلة، ومرتع للسائحين. فالمسجد ذو القباب الزرقاء والمئذنة البديعة، والذي يقع حالياً في نطاق حديقة حيوانات العاصمة المجرية، حولته إدارة الحديقة إلى دار للفيلة، فيما جعلت من المئذنة برجاً للاستطلاع السياحي.
    وأما في مدينة بيتش، الواقعة في أقصى جنوب البلاد، فإنّ مسجداً مهيباً فيها ما زال يعاني من الانتهاك لحرمته، وفرض الرموز المسيحية عليه. إذ أضيف صليب بارز فوق الهلال الذي يعلو القبة الخضراء للمسجد التاريخي، فيما عُلِّق صليب ضخم فوق محرابه الذي يضم نقوشاً عربية هي عبارة عن كلمة التوحيد. وتم تحويل هذا المسجد إلى متحف يتضمن صوراً مزعومة للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
    وفي العصر الحديث، اضطلع المستشرقون بدور هام وحساس في تقديم صورة عن الإسلام والشرق الإسلامي للنخبة المجرية. فقد برز في المجر عدد من المهتمين بالدراسات الشرقية، اشتُهر من بينهم إيغناتز غولدتسيهر (1850-1921) المولود في مدينة اشتولفيسنبُرغ المجرية لأسرة يهودية مرموقة.
    وكان من بين الدول التي أقام فيها مصر وفلسطين وسورية، وقد ترأس قسماً في الأكاديمية المجرية بعد أن برع في الدراسات الشرقية واللغات السامية. وأبرز المؤلفات التي خرج بها غولدتسيهر كتب "الظاهرية مذهبهم وتاريخهم"، و"دراسات إسلامية"، و"محاضرات في الإسلام"، و"اتجاهات تفسير القرآن عند المسلمين".
    وقد عكف إيغناز غولدتسيهر على إعداد كتاب موجز عن تاريخ الأدب العربي للمدارس الإعدادية والثانوية البوسنية، فقد تمكنت الإمبراطورية النمساوية المجرية في القرن التاسع عشر من فرض سلطانها على البوسنة والهرسك وكان عليها أن ترعى التلاميذ المسلمين فيها أيضاً.
    كما برز المستشرق المجري آرمينيوس فمبيري المولود لأسرة فقيرة في العام 1832، وقد عني باللغات التركية، وسافر عبر الدانوب في رحلة علمية إلى إسطنبول، وأصدر قاموساً تركياً - ألمانياً، وترجم كثيراً مما كتبه المؤرخون العثمانيين عن بلاده. وتنقل فمبيري في آسيا الوسطى وإيران، وجمع الكثير من المخطوطات الشرقية، ووظف خبراته لصالح القوى السياسية الكبرى في وسط أوروبا وغربها المتصارعة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
    ويُشار كذلك إلى المستشرق من أصل مجري شلومو دوف غويتاين، المولود في العام 1900 لأسرة يهودية في مقاطعة بافاريا الألمانية. ولكن حياته العلمية كانت بعيدة عن البلاد المجرية، وقضى معظمها في فلسطين والولايات المتحدة الأمريكية، مختصاً بالمجتمع اليهودي في مصر والشام في العصر الوسيط.
    أما الوجود الإسلامي الجديد في المجر فتشكل بطريقة مختلفة تماماً. فبينما كانت الراية الحمراء ترفرف فوق هذه البلاد بعد أن أحكم الشيوعيون سيطرتهم عليها بمساعدة القوات السوفياتية؛ أخذت الجامعات المجرية تستقطب أعداداً متزايدة من الطلبة القادمين للدراسة من البلدان العربية.
    وبالنظر للعلاقات الودية التي جمعت بودابست آنذاك مع عدد من العواصم العربية الصديقة كدمشق وبغداد وعدن، كان الحضور الأكبر للطلبة الوافدين من سورية والعراق واليمن، بالإضافة إلى العدد الكبير من الطلبة الفلسطينيين والسودانيين الذين تلقوا تعليمهم العالي في أكاديمياتها العريقة.
    وخلافاً لطبيعة الهجرة المألوفة إلى بلدان غرب أوروبا طلباً للعمل، فقد جاء التحصيل الأكاديمي في مقدمة مبررات الوجود العربي والإسلامي في هذا البلد، وهو ما يبدو ملحوظاً في دول شرق أوروبا بشكل عام.
    ولكن هامش الحريات الدينية المتاح حتى العام 1989 لم يكن ليفسح المجال أمام نمو بوادر للحضور الديني الإسلامي، الذي اقتصر خلال ذلك العهد على بعض النشاطات الثقافية والاجتماعية في الأطر الطالبية العربية.
    وفي نهاية حزيران (يونيو) 1989 طرأ حدث تاريخي، عندما قام المسؤولون المجريون والنمساويون بإزاحة الستار الحديدي، في خطوة رمزية تعكس انتصار الانفتاح والديمقراطية في الكتلة الشرقية ككل وليس في المجر وحدها.
    وفي أعقاب ذلك افتتحت عدد من المصليات في مدن المجر، فيما تم تسجيل جمعيات إسلامية، وأصبح بالإمكان القيام بالفعاليات العامة بلا ملاحقة من جانب الشرطة السرية.
    وانطلاقاً من مدينة بودابست، التي كانت مدينة إسلامية قبل قرون، تعمل حالياً عدد من الجمعيات والمؤسسات الإسلامية الصغيرة، مثل "جمعية القلم المجرية"، و"جمعية التبادل الثقافي في المجر"، و"جمعية دار السلام الخيرية"، علاوة على "الجمعية الإسلامية المجرية".
    وتأسست هذه الجمعيات في غضون السنوات العشر الماضية، وفي العام 2000 تأسست في مدينة بيتش الواقعة جنوب البلاد "جمعية المنارة". وتُقام الصلوات في مساجد قليلة لا تغطي أراضي البلاد التي تتوزع على 19 مقاطعة تفترش 93 ألف كيلومتراً مربعاً. ففي بودابست يوجد مسجدان صغيران، وهناك مسجد في كل من مدينة سجد، ومدينة ميشكولت، فيما تقام صلاة الجمعة وحدها في مسجد تاريخي بمدينة بيتش جرى تحويله إلى مزار سياحي ومتحف ونشرت الصلبان قسراً في أروقته.
    وكان من الظواهر التي شهدتها المجر في أعقاب الانفتاح الديمقراطي انتعاش الإقبال على اعتناق الدين الإسلامي. وبدا جلياً أنّ الفراغ الهائل الذي خلفته المبادئ الشيوعية، التي تمجد الإلحاد، من ورائها كان أكبر من أن تتمكن الكنيسة الكاثوليكية، التي كان يتبعها معظم الشعب المجري في الأصل، من شغله.
    وهكذا تزاحم المبشرون من كافة الطوائف والفرق المسيحية لاقتطاع نصيبهم من الكعكة التي تثير الشهية، فيما كان من المستغرب بالنسبة للمراقبين أن يعتنق المئات من الفتيات والشبان الدين الإسلامي دون جُهد يُذكر من جانب المسلمين. وبذلك تحول الزي الإسلامي إلى مشهد مألوف في أروقة الجامعات المجرية، في إشارة على إقبال الشريحة الطالبية على الدين الإسلامي.
    وفي حقيقة الأمر فإنّ المجتمع المجري ما زال يعاني من تداعيات الفراغ العقائدي، ومن صدمة التحول إلى الرأسمالية. ولا ينعكس الأمر على اختلال سافر في موازين القيم السائدة وحسب، بل وعلى تفاقم التفكك الأسري وترويج السموم البيضاء وازدهار الاتجار بالنساء بالشكل الذي تحوّلت معه بعض أحياء العاصمة المجرية إلى "ماخور كبير" في العهد الديمقراطي، فيما انتقلت أعداد كبيرة من الفتيات المجريات إلى الغرب بحثاً عن فرص أفضل في العيش، بما انتهي بكثيرات منهن إلى مستنقع الجريمة المنظمة وشراك الاستغلال الجنسي.
    وبينما أُرغم مسلمو المجر عبر قرون على الاعتناق القسري للمسيحية الكاثوليكية، أو وَقعوا ضحية للقتل والتشريد، فإنّ صورة الإسلام ذاته طالها التشويه السافر الذي استقر في الذاكرة الجمعية للأمة المجرية بصورة تدعو للأسف.
    وليس أقل ما يكشف عن عمق هذا الإدراك القاصر للدين الإسلامي ما يجري تلقينه للأطفال من أناشيد ومحفوظات متوارثة، فيما تحفل القصص الشعبية بكثير من الأساطير التي تضفي ملامح مرعبة على صورة المسلم، و"التركي" بصفة خاصة، في المخيلة المجرية.
    ومع تراجع سطوة المحفوظات التقليدية في عصر التعليم والإعلام لا تتردد وسائل الإعلام المجرية، خاصة ما يتبع منها للقطاع الخاص، في البحث عن الإثارة الرخيصة من خلال بعث أساطير الماضي بقالب جديد، مثل تناول صورة العربي والمسلم بالتشويه، أو استعراض ظاهرة اعتناق مئات المثقفات المجريات للدين الإسلامي بأسلوب هابط.
    ومن المفارقات التي تشهدها الساحة الإعلامية والثقافية في هذا البلد الأوروبي العريق ما يجري من تجاهل تام للمؤثرات الإسلامية التي تركت بصماتها في تاريخ شعبه وحياته. ففي إشارة هامة مثلاً على عمق التواصل بين المجر والعالم الإسلامي؛ فإنّ مقبض الصولجان الذهبي البديع الذي كان يمسك به ملك المجر قد جيء به من الدولة الفاطمية، فيما يحفل تاج المملكة بملامح الفن الإسلامي، وهو ما يبرز في النقوش التي شاعت في المجر في العصر الوسيط، والتي ما زالت تحملها قطع نادرة يفخر بها المجريون ويحرصون على معاينتها في متاحفهم.
    ويضم المتحف الوطني ببودابست التاج الثاني للملك أندراس الأول، الذي منحه إياه القيصر البيزنطي قسطنطين مونوماكوس، ويحمل هذا التاج الفاخر الذي يرمز إلى هيبة الدولة إشارات إسلامية.
    أما الملك بيلا الثالث، فقد عثر في ضريحه في العام 1848 على خاتم ذهبي نُقش عليه بالخط الكوفي اسم "عبد الله بن محمد"، في إشارة إلى اسم من أهداه إلى الملك المجري أو من قام بصنعه. وفي عهد بيلا الثالث وخليفته ستيفان الرابع عرفت المجر نقوداً عربية مصنوعة من النحاس، تعود لدولة المرابطين، توجد قطعة منها محفوظة حالياً في المتحف البريطاني.
    ويواجه مسلمو المجر مع مطلع القرن الجديد جملة من التحديات، لكنّ أبرزها يتمثل في إحياء اعتراف الدولة بالإسلام وبالمجموعة الدينية المسلمة. ويعود الاعتراف المجري بالدين الإسلامي إلى بدايات القرن العشرين، لكن العقود التي تلت ذلك أهالت التراب على هذا الاعتراف عملياً. ويقول السيد فتح الله نوار، الذي يدير جمعية القلم المجرية، معلقاً على ذلك "الأصل أنّ المجر تعترف بالدين الإسلامي، إلاّ أنّ هناك غموضاً في كيفية إنزال هذه المسألة على أرض الواقع". أما عن أسباب هذا التعثر فيوضح الناشط المسلم الأمر بقوله "لعلّ ذلك يعود أساساً إلى كفاءة المسلمين في المجر في التعامل مع هذه القضايا الكبرى".
    ولا يبدو الحجم العددي المتواضع لمسلمي المجر مشجعاً في حقيقة الأمر على بعث الاعتراف بالإسلام من جديد في البلاد الراقدة على الدانوب. والمفارقة تبدو واضحة في النمسا المجاورة التي جمعتها وإياها امبراطورية مشتركة حتى الحرب العالمية الأولى.
    فبينما صدر في النمسا قانون الإسلام لعام 1912، الذي يتضمن الاعتراف الرسمي بالدين الإسلامي وينظم العلاقة مع المسلمين، فإنّ إحياء هذا القانون في جمهورية الألب من جديد لم يتسنّ إلاّ بعد سبعة عقود تقريباً من ذلك، بعد تنامي الوجود الإسلامي في النمسا والسعي الحثيث من جانب المسلمين لانتزاع هذا المطلب المشروع من الأضابير القانونية المتقادمة.
    ويتطلع مسلمو المجر إلى تحقيق جملة من الأهداف الكبرى في المرحلة المقبلة، ليضمنوا لوجودهم استقراراً هادئاً وفاعلاً في هذه البلاد بعد أن آل حال مسلمي القرون الغابرة فيها إلى تذويب قسري وعذابات أليمة.
    وبينما تسعى الجمعيات الإسلامية العديدة إلى توفير فرص ممارسة الشعائر الإسلامية في المجتمع غير المسلم، فإنّ جمعية القلم تكثف منذ تأسيسها في العام 1998 فعالياتها التي تُعنى باحتضان معتنقي الإسلام من المجريين، وتثقيفهم، والتطرق إلى الخدمات التي يمكن للمسلمين أن يوفروها للمجتمع المجري الذي يعاني من تناقضات معقدة.
    وعقدت الجمعية في شباط (فبراير) الماضي ملتقى موسع ناقشت فيه فرص التفاعل الإيجابي مع أزمات المجتمع، وسبل إنقاذ الأسرة المجرية من التفكك الذي يتهددها. وحضر الفعالية التي أقيمت في بودابست قرابة مائة من الشابات والشبان الذين اعتنقوا الإسلام في أروقة الجامعات في السنوات الأخيرة.
    ومن جانبه فإنّ فتح الله نوار يوضح : الرسالة التي تحملها هذه الفعاليات بقوله "يتميز الشعب المجري بالهدوء والذكاء، وهو يبدي قابلية ملموسة في الإقبال على الإسلام، ونحن في جمعية القلم نسعى إلى منح التعليم والتثقيف الأولوية في العمل، ونتولى تأهيل مجموعات من المسلمين المجريين تعليمياً وشرعياً وتربوياً"، وهو بذلك يأمل أن "يقوم النشاط الإسلامي مستقبلاً على أكتاف المجريين أنفسهم، بوصفهم أهل البلد الأصليين"، كما يضيف.
    وبينما يُبدي عشرون ألف مسلم في المجر حزناً على عشرات المساجد والمدارس والمعالم الإسلامية في البلاد، بعد أن تم إحراقها وهدمها أو طمسها بعد العام 1686؛ فإنّ هناك من بات يشاطرهم هذا الحزن منذ أواسط القرن العشرين. إذ تداعى خبراء الآثار والمفتونون بالمعالم الحضارية التي شيدتها الإنسانية عبر التاريخ إلى التدخل للمطالبة بصيانة المعالم النادرة التي نجت من الممارسات الهمجية.
    ورغم الحال المزري والامتهان الشديد الذي ما زال يخيم على هذه الآثار الإسلامية فإنّ مكسباً هاماً كان قد تحقق في السنوات الأخيرة بضمها إلى قائمة المنشآت التاريخية المُصانة من العبث بموجب القانون، لكنّ المسلمين يأملون في عودتها إلى وضعها الطبيعي الذي تقتضيه الحياة في رحاب الحرية الدينية والأجواء الديمقراطية.
ADs

قم بتسجيل دخولك للمنتدي او

الانضمام لمبتعث

Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc.