بسم الله الرحمن الرحيم
اللواء الطيار/ عبدالله السعدون...كتب وصيته المخلدة إلى إبنه المغترب
من أجل العلم. وهي نصيحة للجميع وخاصة طلاب أهل العلم.
أسأل الله أن ينفعنا بعملها
إليك يا بنـي!
((لن تعيش سوى حياة واحدة فإياك ان تضيعها بالتجارب الفاشلة ,النماذج الناجحة موجودة أمامك وفي طيات الكتب فاستعن بالله واختر أفضلها،الوقت أعظم رصيد لا يمكن الاحتفاظ به.
لن يحميك من الزلل سوى دين يذكرك بالاستقامة كلما ضعفت المقاومة,عليك بالاعتدال،فلا هو غلو يشل تفكيرك ويقفل عليك أبواب الحياة،ولا هو تفريط يقودك إلى الانغماس في المعاصي والشهوات،تذكر أنك في عبادة طالما أنك تسعى جاهدا لكسب القوة في كل مناحي الحياة،العلم قوة،والرياضة قوة, والفن الراقي قوة,وعدم الإسراف في المأكل والمشرب قوة.
عليك بأفضل هواية,وأنجح تجارة:القراءة,فلم يتقدم الجنس البشري إلا بها . ولن تجد أفضل منها لشغل الفراغ بما هو مفيد . عليك بقراءة سير الناجحين والعظماء , واتخذ في الغربة من المكتبات شبه سكن,ومن الميادين والحدائق مكاناً للرياضة وتصالح مع الطبيعة.
إياك أن تعود وقد أخذت أسوأ ما فيهم , التدخين والمسكرات والمخدرات. التدخين بوابة تلج منها لغيرها من المحرمات, التدخين يأخذ من رصيدك الصحي حتى ينفد دون أن تدري , تبحث عن رصيدك بعد الخمسين فلا تجده , بينما الرياضة تضيف إلى هذا الرصيد أعواماً وأعواماً بإذن الله , إن اجتنبت التدخين فلن تتوق لغيره,وإن دخّنت فمن الممكن أن يقودك للأسوأ.
إسبح قريباً من الشاطئ,وحذاري من السباحة في الماء العميق , قد تكون وجبة شهية لواحدة من أسماك القرش, تجنب الشذوذ وبائعات الهوى, فهؤلاء يبيعون المرض والوهم والشقاء.
استمتع بكل فن رفيع واستفت قلبك في ما تعمل وتقول .
حاول أن تعود لوطنك بأفضل ما عندهم , وما كان سبباً في تقدمهم:عقول متفتحة توّاقة إلى المعرفة وحب للعمل وسعي لإتقانه وصدق وانضباط,وتقدير للفن والجمال.
لن يقدموا لك وجبات جاهزة من المعلومات , لكن عليك ان تتعلم كيف تبحث عنها وتحصل عليها , تعلّم أن تسبح ضد التيار أحياناً,فالسمك الميت هو الذييسبح مع التيار دائماً كما يقول المثل, واصنع من الصبر والأمل قارباً يوصلك إلى شاطئ النجاح,ولن تصل إلا بثقافة مغايرة لما اعتدت عليه وتشبعت به منذ الصغر , لا تجعل الشهادة غاية,بل وسيلة,وتعلم كيف تكون طالب علم على الدوام .
التاريخ يا بني لا يصنعه الكسالى ولا الخائفون , وقد تكون قلّة متميزة شجاعة,تقود بلادها للرخاء بفضل نتاج عقولها , فلعلك تضيف جديداً تهديه لبلدك المعطاء . أصعب الطرق ما يقدّ من بين الصخور , لكن هو الذي يبقى ويسير عليه اللاحقون وتذكّر قول المتنبي:
وتكبر في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم
يقول المؤرخ البريطاني توينبي: إن الحضارة هي عملية إبداع الأقلية , وتنهار حينما يفقد الناس قدرتهم على الإبتكار.
أن تأخذ من الوطن فشيء بسيط, وما أكثر المتنفعين! لكن أن تعطيه , فبحاجة لجهد مناكب وعصف عقول , لذا ترى القليل يعطون والكثير يأخذون وكأنهم يقيمون فيه بصفة مؤقتة.
كن خير سفير لدينك وبلادك الغالية , تذكّر أن الدين المعاملة , ولن يصدّقوك إلا اتفق خطابك مع خصالك