الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله محمد وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه ، وبعد :
المؤلفة قلوبهم جمع مُؤلف اسم مفعول من ألف على وزن فَعَّلَ وهو من ثلاثي ألف يألف إلفا على وزن علم يعلم قال في الصحاح: وفلان قد ألف هذا الموضع بالكسر يألفه إلفا . . . اهـ .
والمؤلفة قلوبهم هم الصنف الرابع من أهل الزكاة الوارد حصرها فيهم في قوله تعالى: .
وهم السادة المطاعون في عشائرهم أو مجتمعاتهم أو مراكز انتمائهم ، ممن يرجى بعطائه إسلامه ، أو كف شره ، أو يرجى بعطيته قوة إيمانه ، أو إسلام نظيره ، أو يسر جباية الزكاة ممن يمنعها ، أو يرجى بعطائه دفعه عن المسلمين الشر أو نحو ذلك ، مما يعود على الإسلام والمسلمين بالمصلحة ، سواء كان من يعطى
(الجزء رقم : 29، الصفحة رقم: 112)
لتأليف قلبه مسلما ، أو كان كافرا ، فقد ألف صلى الله عليه وسلم قلوب كفار بالعطاء فأسلموا . قال الطبري في تفسيره عن قتادة : إن المؤلفة قلوبهم أناس من الأعراب ، ومن غيرهم ، كان النبي صلى الله عليه وسلم يتألفهم بالعطية كيما يؤمنوا . اهـ .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :
والمؤلفة قلوبهم نوعان كافر ومسلم ، فالكافر إما أن يرجى بعطيته منفعة كإسلامه أو دفع مضرته إذا لم يندفع إلا بذلك ، والمسلم المطاع يرجى بعطيته المنفعة أيضا ؛ لحسن إسلامه أو إسلام نظيره ، أو جباية المال ممن لا يعطيه إلا لخوف أو لنكاية في العدو ، أو كف ضرره عن المسلمين إذا لم ينكف إلا بذلك .
وقد ذكر فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي متعه الله بحياته مجموعة من المؤلفة قلوبهم ما بين مسلم وكافر ويحسن بنا إيراد ما ذكره فضيلته قال: والمؤلفة قلوبهم أقسام ما بين كفار ومسلمين:
( أ ) فمنهم من يرجى بعطيته إسلامه أو إسلام قومه وعشيرته ، كصفوان بن أمية الذي وهب له النبي صلى الله عليه وسلم الأمان يوم فتح مكة ، وأمهله أربعة أشهر ؛ لينظر في أمره بطلبه ، وكان غائبا فحضر وشهد مع المسلمين غزوة حنين قبل أن يسلم ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم استعار سلاحه منه لما خرج إلى حنين ، وقد أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم إبلا كثيرة محملة ، كانت في واد . فقال هذا عطاء من لا يخشى الفقر .
وروى مسلم والترمذي عن طريق سعيد بن المسيب عنه قال: والله لقد أعطاني النبي صلى الله عليه وسلم
(الجزء رقم : 29، الصفحة رقم: 113)
وإنه لأبغض الناس إلي فما زال يعطيني حتى إنه لأحب الناس إلي . وقد أسلم وحسن إسلامه . ومن هذا القسم ما رواه أحمد بإسناد صحيح عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يسأل شيئا على الإسلام إلا أعطاه ، قال فأتاه رجل فسأله فأمر له بشاء كثيرة بين جبلين من شاء الصدقة ، قال فرجع إلى قومه ، فقال : يا قوم أسلموا ، فإن محمدا يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة .
( ب ) ومنهم من يخشى شره ويرجى بإعطائه كف شره وشر غيره معه ، كما جاء عن ابن عباس : أن قوما كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن أعطاهم من الصدقات مدحوا الإسلام ، وقالوا : هذا دين حسن ، وإن منعهم ذموا وعابوا .
( ج ) ومنهم من دخل في الإسلام حديثا فيعطى إعانة له على الثبات على الإسلام . سئل الزهري عن المؤلفة قلوبهم ، فقال : من أسلم من يهودي أو نصراني ، وإن كان غنيا . قال : وإن كان غنيا . وكذلك قال الحسن : هم الذين يدخلون في الإسلام ، وذلك أن الداخل حديثا في الإسلام قد هجر دينه القديم ، وضحى بما له عند أبويه وأسرته ، وكثيرا ما يحارب من عشيرته ، ويهدد في رزقه ، ولا شك أن هذا الذي باع نفسه ، وترك دنياه لله تعالى جدير بالتشجيع والتثبيت والمعونة .
( د ) ومنهم قوم من سادات المسلمين وزعمائهم ، لهم نظراء من الكفار ، إذا أعطوا رُجي إسلام نظرائهم ، واستشهد لذلك بإعطاء أبي بكر رضي الله عنه لعدي بن حاتم والزبرقان بن بدر ، مع حسن إسلامهما ؛ لمكانتهما في أقوامهما .
( هـ ) ومنهم زعماء ضعفاء الإيمان من المسلمين ، مطاعون في أقوامهم ، ويرجى بإعطائهم تثبيتهم وقوة إيمانهم ، ومناصحتهم في الجهاد وغيره ، كالذين أعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم العطايا الوافرة من غنائم هوازن ، وهم بعض الطلقاء من أهل مكة ، الذين أسلموا ، فكان منهم المنافق ، ومنهم ضعيف الإيمان
(الجزء رقم : 29، الصفحة رقم: 114)
وقد ثبت أكثرهم بعد ذلك وحسن إسلامهم .
( و ) ومنهم قوم من المسلمين في الثغور وحدود بلاد الأعداء ، يعطون ؛ لما يرجى من دفاعهم عمن وراءهم من المسلمين إذا هاجمهم العدو .
( ز ) ومنهم قوم من المسلمين يحتاج إليهم لجباية الزكاة ممن لا يعطيها إلا بنفوذهم وتأثيرهم ، إلا أن يقاتلوا فيختاروا بتأليفهم وقيامهم بهذه المساعدة للحكومة أخف الضررين وأرجح المصلحتين .
وهذا سبب جزئي قاصر فمثله ما يشبهه من المصالح العامة .
وكل هذه الأنواع تدخل تحت عموم لفظ المؤلفة قلوبهم ، سواء كانوا كفارا أو مسلمين . اهـ
http://www.alifta.net/Fatawa/fatawaD...=1&PageID=4065 عيون الفيروز June 19th, 2013, 04:13 PM
اهلا اختي وحياك الله .الله يختار لنا مافيه الخير ومايرضاه