قينان ينادي بزيادة مكافآت الطلاب

قينان عبدالله الغامدي
لا شك عندي أن الفضل في فتح باب الابتعاث "النوعي"، وتأسيس الجامعات "النوعية" الجديدة، يعود - بعد الله - للملك عبدالله شخصيا. وأنا لا أقول هذا الكلام على طريقة بعض صحفنا التي تنشر خبر إجراء عملية استئصال الزائدة الدودية لمواطن، فتقدم له أن ذلك تم بتوجيه من الملك وولي العهد والوزير والمدير العام ومدير المستشفى، لا، الوضع هنا مختلف، صحيح أن تفاصيل هذا التعليم "النوعي" الذي تحتاجه بلادنا في حاضرها ومستقبلها عن طريق الابتعاث أو التعليم الجامعي السابق والجديد، تولته جهات أخرى في وزارة التعليم العالي، وربما لجان أخرى ومستشارون كلفهم الملك، لكن التوجيه الأساس، والمنطلق الأول كان من الملك شخصيا فقد رأى "أبو متعب" بثاقب بصيرته، وفي ضوء قراءته الدقيقة للواقع المحلي، وللمتغيرات الدولية، أن لا سبيل لأن يأخذ وطنه مكانته اللائقة في ميادين العالم المتقدم إلا عن طريق "العلوم والتقنية"، فكان هذا هو العنوان الرئيس الذي يعبر عن قناعة راسخة في وجدان الملك، وتحت هذا العنوان جاءت التفاصيل التي ركزت على التعليم العالي "النوعي"، والمقصود بالنوعي هو التخصصات العلمية التطبيقية والتقنية التي تعد مفتاح الولوج إلى عالم التقدم والتحضر، وجاءت آليات التنفيذ من خلال الابتعاث إلى البلدان والجامعات المتقدمة، ومن خلال إنشاء جامعات علمية جديدة، ومن خلال إعادة النظر في الجامعات القائمة وتقليص كلياتها وأقسامها النظرية، والاستفادة منها في إنشاء كليات وأقسام للعلوم التطبيقية، ومن خلال تشجيع إنشاء الجامعات والكليات الأهلية للعلوم التطبيقية. لقد حدث خلال العام الماضي ما أستطيع وصفه بـ"ثورة تعليمية في مجال التعليم العالي"، وهي ثورة ستؤتي ثمارها الطيبة خلال بضع سنوات خاصة في مجال "الابتعاث". وأدعو الله مخلصا أن يحفظ ملك القلوب والعلم عبدالله بن عبدالعزيز إلى أن يرى بنفسه ثمار غرسه في ربوع وطنه الذي يبادله عشقا بعشق. كما أدعو وزارة التعليم العالي، وهي تنفذ توجيهات الملك وتسعى لتحقيق تطلعاته، أن تطلعه على العوائق التي تعترض تنفيذ مشاريعها، أو تعطلها، أو تحول دون اكتمالها بالصورة المثلى، فالمليك وجه وأوكل تفاصيل التنفيذ للتنفيذيين والتنفيذيون لابد أن يطلعوه على أي عائق لا يستطيعون تذليله من عندهم، وأنا أعرف من خلال ما أقرأ وأسمع أن لدى وزارة التعليم العالي عائقين أو مشكلتين أو سمهما ما شئت. الأولى: إدارية وتتعلق بوضع الكفاءة المناسبة في الموقع المناسب، وهذه مسؤولية الوزارة من خلال وضع آلية دقيقة. والحزم في تطبيقها. والثانية: مالية، وهذه لها شقان أو جانبان. الأول يتعلق بمكافآت المبتعثين الذين يعانون معاناة مريرة مع ضآلة مكافآتهم لدرجة أن بعضهم بدأ يفكر بإلغاء البعثة والعودة إلى أهله، وليس معقولا ولا مقبولا أن تقوم الدولة بهذا المشروع الضخم للابتعاث "النوعي"، ثم تضع معه عائقا بارزا يحول دون نجاحه، وليس معقولا ولا مقبولا أن يكون المبتعثون السعوديون "فقراء"، أو يمارسون أعمالا لإعاشة أنفسهم تصرفهم عما ابتعثوا من أجله، أو تطيل أمد بعثتهم سنين أخرى. وليس معقولا ولا مقبولا أن يظل مصير هؤلاء المبتعثين مرهونا بلجنة لا تجتمع أو لم يتفق أعضاؤها، أو لا قيمة لقرارها. مصير هؤلاء لابد أن يرفع بوضوح وصراحة إلى رائد ابتعاثهم إلى عبدالله بن عبدالعزيز. الشق الثاني: هو كادر أعضاء هيئة التدريس، فإذا كانت الجامعات السعودية القائمة محتاجة بإلحاح إلى تعديل كادر أعضاء هيئات تدريسها فإن الجامعات الجديدة تحتاج إلى ما يمكنها من استقطاب كفاءات قادرة ومؤهلة لتحقيق أهدافها في التعليم التطبيقي النوعي وليس معقولا ولا مقبولا أن تنفق الدولة المليارات لإنشاء مباني الجامعات ثم لا تعطي المضمون ما يحتاجه من دعم مالي، ولأن وزارة التعليم العالي حاولت ولم تنجح في تعديل الكادر أو وضع آليات جديدة لمعالجة سلبياته فلابد أن يرفع الأمر بوضوح وصراحة إلى رائد التعليم العالي النوعي في المملكة عبدالله بن عبدالعزيز.
يا وزارة التعليم العالي مكافآت المبتعثين، وكادر أعضاء هيئة التدريس عائقان واضحان لنجاح ثورة التعليم النوعي الجديدة، وهما أمانة في عنقك، ولابد أن يطلع عليهما المليك بوضوح مع سبل العلاج السريع.