{{المبتعثين وتغير الحضارات والشعوب(1ـ2)}}

بسم الله الرحمن الرحيم

عندما نرى أو نسمع عن مبتعث أو مبتعثة من بلادنا السعودية إلى بلاد غربية تدور في أذهاننا عدة تساؤلات عن كيفية اندماجهم مع شعوب تلك الدول وانطباعاتهم عن الحضارات التي فيها وتساؤلاتنا هذه بالنسبة لهم تخوفات لا يجدون من يرشدهم للتخلص منها ، واعتقد أنه ومن خلال النظر لعدد ممن سافروا لتلك الدول أنهم على ثلاثة أصناف بين مستكثر ومقل ومتحرز:

الصنف الأول : أناس أعجبوا بالغرب حضارة وشعبا أيما إعجاب وجل حديثهم تبجيل وإكبار لكل ما يملك الغرب من قوة اقتصادية وتقدم علمي ورقي في شتى المجالات ، فمن هؤلاء المصدق لأقوال الغرب أو المؤيد لأفعالهم أو المدافع عن معتقداتهم وكأنهم معصومون من الخطاء! مع اليقين بأن ما وصل إليه الغرب من التقدم لا ينكر ولا يستهان به، ولعل أبرز مشكلتين يقع فيهما هؤلاء المعجبين هي :

أ‌) استخفافهم بحضارة الإسلام ورقي المسلمين خلقيا وعلميا في الماضي بشكل أوسع والحاضر بشكل أضيق وكأن حضارات وشعوب الغرب هي أول وأفضل ما وجد على سطح الكرة الأرضية ، وللإجابة عن هذه المسألة استعانةُ بالدكتور /مصطفى السباعي رحمة الله لجدارته العلمية وسعة اطلاعه فقد تطرق الدكتور في كتابه ( من روائع حضارتنا ) لعدة أمور كانت بمثابة العامود الفقري لكل حضارة فبدأً بخصائص الحضارة وانتهى بالعواصم والمدن الكبرى ، وذكر الدكتور رحمة الله دور المسلمين في ذلك كله فبدء بتعريف الحضارة بأنها : نظام اجتماعي يعين الإنسان على الزيادة من إنتاجه الثقافي . وذكر عدة عوامل من شأنها التقدم بتلك الحضارة أو هدمها ولا يسعني المجال لذكرها ، فوقفت على فصلين في هذا الكتاب هما المدارس والمعاهد العلمية وفصل المكتبات العامة والخاصة لعلاقتها بنا كطلاب فذكر في الأول ما كان يقوم به المسلمون الأوائل من إنشاء للمدارس والمعاهد المساهمة في نشر العلم والاهتمام بطلابه ومعلميه وقال( بأن أغلب المدارس مقسمة إلى قسمين داخلي للغرباء الذين لا تساعدهم أحوالهم المادية على أن يعيشوا على نفقات آبائهم وقسم خارجي لمن يريد أن يرجع في المساء إلى بيت أهله وذويه ، ومن الأمثلة مدرسة النورية في دمشق التي أنشأها البطل نور الدين الشهيد وقال عنها الرحالة ابن جبير " من أحسن مدارس الدنيا مظهرا" ) ، وأما في فصل المكتبات فذكر أن من أشهر المكتبات مكتبة الخلفاء الفاطميين في القاهرة وتحتوي كما ينقل عن رواتها كالمقريزي مليون وستمائة كتاب ! وذكر غيرها من المكتبات التي تزخر بأنواع العلوم وغالب ما تنشأ قرب المدارس والمعاهد ليكثر روادها والباحثين فيها ، وقد يتساءل بعضكم ويقول : حديثك عن حضارتنا الإسلامية في الماضي فما مقارنتها بالحاضر الذي أصبحت فيه أمم الغرب من الدول المتقدمة حضاريا ؟ أجاب الدكتور عن هذا السؤال بطريقة غير مباشر في ردا على من يستخف بحضارتنا بنقطتين :
الأولى : أن كل حضارة فيها عنصران عنصر مادي وعنصر روحي أخلاقي أما المادي فلا شك أن الحضارة المتأخرة تفوق السابقة تلك هي سنة الله في تطور الحياة ووسائلها فالعنصر المادي في الحضارات ليس هو أساس التفاضل بينها دائما وأبدا ، أما الروحي الأخلاقي فهو الذي تخلد به الحضارات وتؤدي به رسالتها من إسعاد الإنسانية وإبعادها عن المخاوف والآلام ولقد سبقت حضارتنا الإسلامية كل الحضارات السابقة واللاحقة في هذا الميدان وحسب حضارتنا بهذا خلودا.
الثانية : أن الحضارات لا يقارن بينها بالمقياس المادي ولا بالكمية والمساحة ولا بالترف المادي في المعيشة والمأكل وإنما يقارن بينها بالآثار التي تتركها في تاريخ الإنسانية شأنها في ذلك شأن الممالك والمعارك.
فنظروا واقرأ وافخروا أيها المبتعثين بتراثنا الحضاري الإسلامي الذي قامة وبقية عليه أمة الإسلام فلا تبهركم وتستخف بكم أمم الغرب بما لديها فما كانت عليه حضارتكم الإسلامية وستعود إليه إن شاء الله ما يبهر الغرب ويثير إعجابهم.
ب‌) من المشاكل التي يقع فيها هؤلاء المعجبين تعديهم واستهزائهم بتعاليم الإسلام بل لم يقتصر الأمر على ذلك بأن اتهموا الإسلام بالتخلف والرجعية وتعديهم واتهامهم للإسلام هو بطريقة غير مباشرة اتهام واعتدى على المتمسكين به ، فبإحضارهم للأفكار المخالفة لمسلمات الدين التي يكون لعلماء الشرع عليها مقالا وحجة يحتقرون ويحاربون في مجتمعاتنا من قبل العوام وضعيفي العلمية غالبا ، فتجد من هؤلاء المعتدين الكاتب في جريدة والمذيع في إذاعة والدكتور في جاعة فأصواتهم تعلو والمخالفين لهم يزدادون شراسة وضراوة ، وفي اعتقاد بعضهم وللأسف الشديد أيضا أن تمسك المسلمين بإسلامهم هو سبب تخلفهم وردي على هذا بقولين الأول ( أنه لو كان هذا سبب يعتد به لما كانت لنا حضارة تقوم أصولها على تعاليم ديننا وتنسب بسم ديننا ) القول الثاني ( أن المشكلة تكمن في عدم تمسك المسلمين بالإسلام لا في الإسلام وحدة ) فمن حكم الرافعي قوله (إن الإسلام في المسلم إن الإسلام في المسلم) يقصد إذا تمسك بالإسلام ، فلنستزد أيها المبتعثين عن ديننا بقراءة بعض الكتب إما في مكتباتنا أو بالنسبة للموجودين في بلد دراستهم بالكتب المترجمة عن كتاب مسلمين أو لكتاب غربيين مسلمين معتدلين تكلموا عن ديننا أو نستعين أيضا بمواقع الإنترنت المفيدة على ذلك لأهمية ذلك في الحفاظ على هويتنا الإسلامية و لنحاور و نناصح بالحسنى ونفند بأدلة من ديننا أمثال أقوال هؤلاء الظالين عن الطريق المستقيم .

لم يزل أخوتي للحديث بقية عن صنفين من أصناف الناس نتحدث عن نظرتهم لحضارات الغرب وشعوبهم وأتمنى حقيقة أن اقرأ نقدكم وتعليقكم على ما كتبت وسأكتب في هذا المنتدى العامر بكم أيها المبتعثين مع تقديري لشكركم .

وشكرا لقراءتكم

جزاك الله خير أخوي الرافعي
و لا ننسى أبدا حظارة الإسلام و المسلمين مهما رأينا عند الغرب
و علينا أخذ المفيد و الإبتعاد عن الضار

شكرا لك

طرح رائع اخ الرافعي ولكن لا يمنع بان يكون اعجبنا بالغرب ليس تقليداً ولا تلقيناً ولكن يكون
مقارنه بيننا وبينهم للبحث عن سبب تأخرنا بعلومنا وسبب تخلفهم باخلاقهم وهذا النقطة هي الاهم و يجب التوقف عندها حتى يستفيد منها المبتعث بتطوير ذاته ومجتمعة بدلاً ان ينجرف خلف تيار الاعجاب والحظيظ من يستطيع ادراكها...
ننتظر البقية
التوفيق

مشكوووور اخوووي الرافعي

والله يعطيك العافية...............

اشكر الأخ (سوبر فلاش ) و (ومض الذكريات ) نعم نحن بحاجة أن نأخذ المفيد ونبتعد عن الضار مما نراه في حضارة الغرب وشعوبهم أماقول سعادة المشرف العام(أمين) أن نبحث عن سبب تأخرنا بعلومنا وتخلفهم في أخلاقهم فهذا كلام صحيح وأستطيع أن أطلق عليه الجرح العميق الذي نتساءل عن سببه في حيرة فنحن تأخرنا بعلومنا التي استفاد منها الغرب في فترة من الفترات في الماضي ومع ذلك الغرب تقوقوا في الحاضر على فسادهم أخلاقي وتخبطهم الديني ، حقيقة موضوع متشعب وصعب على مثلي أن يفصل فيه ويلم بأطرافه ولكن لعل ما سأذكره في الجزء الثاني ما يسد حاجة المحتاج إلى كيفية نظرة المبتعثين لحضارات الغرب وتعاملهم مع شعوبهم .
وشكـــــــــــــــــــرا

مشكور عالموضوع .