الأعضاء الإشتراك و التسجيل

الملتقيات
ADs

الحقيبة العجيبة

الحقيبة العجيبة


NOTICE

تنبيه: هذا الموضوع قديم. تم طرحه قبل 6511 يوم مضى, قد يكون هناك ردود جديدة هي من سببت رفع الموضوع!

قائمة الأعضاء الموسومين في هذا الموضوع

  1. شكرررررررررررررررررررررررررررررررررا لك أخي "أنا مسافر" , أما أجمل مافي مثل هذه القصص هي إثراء جانب الخيال لدى الإنسان ويمكن توظيفها لإيصال معاني سامية مع الشد الذهني والبعد كل البعد عن السئامة والملل, فلا يوجد إنسان إلا ويستمتع بمثل هذه القصص خصوصا مع كثرة الضغوط النفسية التي يواجهها أكثر المبتعثين. شكررررررررررررررررر لك ألف مرة أخي "أنا مسافر" أرجو لك التوفيق والسداد وأسأل الله أن ييسر أمور بعثتك ودراستك ويهيئ لك من عباده من يساعدك في كل مراحل بعثتك وأن يذلل لك جيمع الصعوبات . بكل الحب أخوك "electronics"
    7 "
  2. المشهد الحادي عشر:
    سار الأرنب في طريق مختصر، النادل يتبعه خطوة خطوة، يفكر بالأحداث المتتالية المتسارعة التي تقع..
    وعندما وصلا إلى سفح الجبل قال الأرنب:
    "هنا آخر نقطة أستطيع الوصول إليها.. سأتركك الآن.. اسلك الطريق الذي أخبرتك عنه، واتبع النصائح التي قلتها لك، إياك أن تخالفها مهما حدث.. يجب أن أرجع الآن فوراً.. أتركك في أمان الله.. في أمان الله.".
    بسرعة خاطفة.. صار الأرنب يقفز مساحات شاسعة حتى اختفى عن الأنظار.
    قال النادل لنفسه:
    "امش بمحاذاة النهر.. لا تنظر يميناً ولا شمالاً.. ولا تلتفت خلفك.. وامض في طريقك، انظر إلى الأمام فقط.. لا تلتفت مهما كانت الظروف..".
    سار النادل خطوات سريعة، أحياناً يكون الطريق ممهداً، وأحياناً وعراً شديد الانحدار..
    مرة يسمع صوت النهر حنوناً متمهلاً.. ومرة يسمعه هادراً غاضباً..
    كلما سار النادل أكثر ازدادت وعورة الطريق وشدة الانحدار وانعدمت الطرقات الممهدة والسهلة..
    سمع النادل أصواتاً مغرية كثيرة..
    هنا صوت طيور رائعة الألحان..
    هناك صوت حيوانات مرعبة مخيفة..
    أصوات وأصوات لم يستطع التمييز بينها، أصابته الحيرة والدهشة، هل سيثبت أمام هذا الكابوس الرهيب؟!
    لم يلتفت.. سار في طريق مستقيم.. وعيناه ثابتتان إلى الأمام.
    خشي حدوث المزيد من الأزمات والمصائب، يكفي ما جرى معه حتى الآن.. حدثته نفسه أن ينظر للخلف حتى يرى المسافة التي قطعها لكنه تغلب على هذه الرغبة وظل يسير ويسير دون أن يتوقف لحظة واحدة..
    أحس النادل بعطش شديد.. ظن أن العطش سوف يقتله، حدثته نفسه أن يشرب من النهر.. لكنه تذكر صوت الأرنب وهو يقول له:
    "إياك.. إياك أن تشرب من النهر".
    سمع صوتاً يناديه:
    "أيها الرجل.. أيّها الرجل.. تعال إلى هنا.. تعال اشرب من هذا النبع الطيب".
    لم يلتفت.. ظل يسير في طريقه..
    فجأة.. سمع صوت صخرة كبيرة تسقط من أعلى الجبل..
    أراد الابتعاد عن الطريق بسرعة.. تذكر نصيحة الأرنب:
    "لا تبتعد عن الطريق الموازي للنهر..".
    بقي في مكانه.. اغمض عينيه وأحنى رأسه..
    سمع صوت الصخرة تسقط أمامه.. ثم تنحدر بعيدة عنه.. كأنها تفادته حتى لا تصيبه.. وسقطت في مكان آخر.. لو تحرك من مكانه لسقطت عليه.
    لم يلتفت ولم يشغل نفسه.. عاد يسير في طريقه بثقة أكبر..
    سمع أصوات الأقزام تناديه:
    "توقف.. توقف.. لا تتابع طريقك.. أنت تسير في طريق خاطئ.. أنت تعرض نفسك للأهوال..".
    النادل لم يلتفت.. أدرك أن الأقزام لم يكونوا يريدون مصلحته، هم أنانيون يريدون أن ينجوا هم فقط.. الوحيد الذي صدق معه هو الأرنب.. لذلك لن يعترض على نصائحه..
    بعد قليل سمع صوتاً يعرفه جيداً.. إنه صوت السيد وحيد، كان الصوت لطيفاً وهادئاً:
    "إلى أين أنت ذاهب يا صديقي؟!.. لقد كنت أمزح معك.. أوَ ظننت حقاً أنني سأقتلك؟!.. لا.. أبداً.. لماذا أقتلك.. أنا أحبك وأحب طعم قهوتك الطيبة.. وقطعة التوست الساخنة التي تحضرها بيديك".
    النادل لم يلتفت.. ظل يسير في طريقه بثبات.. مرة بعد مرة تؤكد له الأحداث صدق الأرنب.. السيد وحيد كانت أعماله مرعبة، لن يلتفت ولن يتراجع مهما كانت المغريات..
    الجميع من حوله كانوا يقرأون أفكاره.. النادل يعلم أنهم يقرأون أفكاره..
    ظل يسير بموازاة النهر..
    ورغم إصراره على الوصول.. وشدة انتباهه أين يضع قدمه، حدث معه حادث كاد يفقده توازنه.. وربما حياته.. فهل سينجو هذه المرة أيضاً مما سيواجهه من صعاب؟!

    المشهد الثاني عشر:
    النادل يسير مسرعاً.. يخشى أن يدركه الوقت، ليس لديه فرصة ثانية.. إما أن يخرج من هذا السجن الكبير بسرعة وإما أن يضيع هنا ويفقد عالمه الحقيقي إلى الأبد..
    تجربة الخيار الصعب الذي لا خيار غيره لا يعرف مرارتها إلا من جربها، القساوة التي تصنع الحياة لا بد من التعامل معها بلين ومحبة، ولن تحقق القساوة انتصاراً إلا إذا قبلناها وأحببناها بصدق..
    كان النادل يعلم مقدار الألم الذي سيصيبه إذا فشل هذه المرة، فلا بد من النجاة والتحرر من هذا الجنون الذي يفقده صوابه.. فلا مكان للتباطؤ ولا الراحة..
    وفيما هو يسير ويفكر.. لم ينتبه إلى أن المياه ارتفعت في النهر..
    أصبحت قريبة منه، استمر سائراً في طريقه دون أن يلتفت، ارتفع الماء أكثر.. وضع النادل قدمه على صخرة رطبة... انزلقت قدمه، سقط في الماء التي سحبته إلى النهر الهادر.. الماء كان شديد الاندفاع، حاول المقاومة.. لكن ما هو السبيل؟!.. وبأي طريقة تكون المقاومة؟!.. جرفه التيار المائي.. ارتطم بالصخور.. لم يقطع الأمل.. مد يده محاولاً التقاط أي شيء يخفف من اندفاعه ويوقف هذه المصيبة.. لم يلتفت.. ظل متذكراً نصائح الأرنب.. سمع أصوات الأقزام.. صوت السيد وحيد.. أصوات كثيرة تدعوه لالتقاط يدها..
    لم يلتفت..
    ظل يمد يده إلى حافة النهر.. التقط عشبة خضراء نمت وامتدت نحو الماء.. لم يلتفت إلى مكان وجودها.. أمسكها بكلتا يديه..
    كادت تتملص من يديه لكنه أمسك بها بكل عزمه.. هذه الفرصة لا تعوض..
    راح يشد.. ويشد.. قاوم اندفاع الماء.. سحب جسده نحو الضفة، خرج من الماء دون أن يلتفت حوله.. اكتشف أنه ابتعد عن هدفه وعاد مسافة طويلة.. لكنه لم يصب باليأس.. عليه أن يعيد الكرّه مرة ثانية.. رغم كل الإنهاك الذي أصابه..
    ثيابه مبتلة.. شعره مبتل.. حذاؤه أصبح ثقيلاً جداً..
    لم يعبأ بكل ذلك..
    وقف على قدميه.. وعاد يسير.. بثبات وإصرار..
    مثل هذا الثبات ومثل هذا الإصرار هما الشيئات الأساسيان اللذان يحققان الانتصار، فلا بد من مواصلة الطريق، ليس هنالك من أمل غيره، والوقت يمضي مسرعاً وقد يسبقه الوقت فيفقد كل أمل بالعودة.
    مضى النادل في الطريق نفسه، كان يشعر بالبرودة الشديدة بسبب الماء الذي يبلل جسده.. ومع كل الماء الموجود أمامه.. هو يشعر بالظمأ الشديد ولا يستطيع شرب ماء النهر..
    تعب.. برد.. جوع.. عطش.. وعورة في الطريق.. لا شيء يهم.. يجب الوصول إلى الهدف بأسرع وقت..
    اقتربت الشمس من مغربها..
    عليه بلوغ مصدر ماء النهر قبل دخول الليل.. وإلا سيفقد وجوده..
    صار يركض كالمجنون..
    يفكر أنه انتهى..
    استمر بالركض.. بدأ يفقد الأمل.. لكنه لم يتوقف..
    في هذا الوقت كان طائر ضخم يحلق فوقه.. التقط أفكار النادل..
    عرف أسراره.. لم ينتظر الطائر.. كان طيباً يحب الخير..
    هب نحوه.. أمسك ثيابه.. رفعه بقائمتيه عالياً..
    أغلق النادل عينيه كي لا يرى يميناً ولا شمالاً.. لم يدرك ما الذي يحدث.. ظن أنه الموت..
    عرف الطائر ما يدور في نفسه.. قال الطائر بصوت مرتفع:
    "لا تقلق.. لا تخف.. أريد إنقاذك مما أنت فيه.. سأوصلك إلى هدفك بطريقة مدهشة.. دقيقة واحدة ونكون هناك..".
    لم يدرك النادل ماذا يحدث؟.. لكنه شعر بالتفاؤل، أخيراً وجد من يساعده.. وقبل أن يسرح به التفكير.. وبسرعة خاطفة وصل الطائر إلى مصدر ماء النهر.. وأنزل النادل بهدوء ثم تركه على الأرض وطار دون أن ينتظر منه حتى كلمة شكر..
    هكذا هو الخير، عطاء دون انتظار مقابل، فالطائر تأثر بما أصاب النادل، وربما كان مروره في هذه اللحظة بالذات حتى يقوم بمساعدته وإنقاذه من نهاية مؤلمة.. لكن هل انتهت الآلام فعلاً؟!.
    المشهد الثالث عشر:
    فتح النادل عينيه.. أدرك أنه وصل أخيراً إلى هدفه.. تهلل وجهه فرحاً، صارت عيناه تدمع من الفرح.
    أسرع إلى الماء وبدأ يشرب.. شرب حتى شعر بالارتواء..
    فجأة هب هواء عاصف كاد يرمي جسده المنهك الضعيف..
    صار يردد في نفسه: "هذا الكابوس لن ينتهي أبداً..".
    وكما بدأت العاصفة بشكل مفاجئ.. توقفت أيضاً بشكل مفاجئ ودون مقدمات..
    لحظات هدوء قليلة... خفق قدمين تسيران بهدوء وتقتربان منه..
    خشي النادل رفع عينيه.. هل بدأت نهاية الكابوس أم سيستمر إلى ما لا نهاية؟
    أسند ركبتيه إلى الأرض.. خفض رأسه مترقباً مصيره..
    شعر بيد حانية تمسح شعره بلطف..
    سمع صوتاً رخيماً يقول:
    "لا تقلق يا بني.. انتظرتك طويلاً.. حمداً لله على وصولك سالماً.. لقد أخبرتني الطيور أنَّ هناك من يسلك طريق النهر.. وهذا طريق الباحثين عن النجاة من الظالمين.. أنت الآن في سلام..".
    قال النادل برجاء وتوسل:
    "أرجوك يا سيدي.. أرجوك.. أنقذني من هذا الكابوس".
    قال الرجل الحكيم بهدوء وثقة:
    "لا تقلق يا بني.. لقد عبرت أخطاراً كثيرة.. لقد قرأت كل أفكارك.. أصبحت الآن بأمان.. سوف تعود إلى ديارك بوقت قصير وترتاح من كل هذا التعب..".
    لأول مرة في هذه المغامرة المرعبة يشعر النادل بشيء من الاطمئنان المريح..
    لأول مرة يعتقد جدياً قرب انتهاء الكابوس..
    قال بإلحاح:
    "قل لي يا سيدي.. ماذا أفعل الآن لأخرج من هذا المأزق..؟".
    قال الرجل الحكيم:
    "سأرشدك الآن إلى طريق يقودك إلى نفق جبلي مظلم..
    تتلمس الحائط الصخري.. امشِ بهدوء.. لا تلتفت إلى أي ضوء تراه.. سوف تعود من حيث أتيت..".
    وسكت الرجل الحكيم..
    "إذن الأمر بسيط.. لن أنسى لك هذا الفضل أبداً يا سيدي..".
    قال الرجل الحكيم:
    "هنا المشكلة.."
    شعر النادل أن المأزق لم ينته بعد..
    "مشكلة.. مشكلة.. متى تنتهي المشاكل.. قلبي لم يعد يحتمل؟؟..".
    قال الرجل الحكيم:
    "اهدأ.. لن تحل المشكلة إلا بالهدوء..".
    قال:
    "بالله عليه يا سيدي.. لقد مررت بأحداث كثيرة.. لم أعد أمتلك القوة والشجاعة لأي مواجهة.."
    قال الرجل:
    "عندما تخرج من هنا يجب أن تكتم كل ما حدث معك ولا تخبر أحداً.. ولو ذكرت كلمة واحدة ستعود من حيث ذهبت ولن تخرج إلى عالمك مرة جديدة مهما حاولت..
    لذا عليك أن تقفل فمك تماماً..".
    قال: "أعدك بذلك.. وحتى لو تكلمت لن يصدقني أحد..".
    قال: "عندما تخرج ستصاب بعدوى لن تتخلص منها أبداً.. سوف تصبح قارئاً للأفكار.. مثلنا تماماً.. ولو كشفت مقدرتك لأيٍ كان ستعود إلى هنا فوراً وبلمح البصر.".
    خاف النادل من هذه العدوى:
    "مشكلة حقيقية.. لا أريد أن أقرأ أفكار أحد من الناس.. .. لا أريد..
    أريد أن أحيا حياة طبيعية وبسلام..".
    أجابه الرجل الحكيم:
    "هي مشكلة فعلاً.. لذلك ترانا نعيش في هذا العالم في مشاكل كثيرة، ونبتعد عن بعضنا ولا يفكر أحدنا بحضور الآخر، وغالباً ما تحدث بيننا نزاعات لمجرد تفكير خاطئ حدث بدون إرادة منا..".
    "ساعدني أرجوك.. لا تتركني"
    قال الرجل الحكيم:
    "الأمر انتهى.. كل من يدخل بلادنا يصاب بالعدوى.. لكنه لا يشعر بها إلا بعد أيام.. عندما تخرج ستبدأ بقراءة أفكار الناس وتبدأ مشكلاتك معهم.. ولو اكتشف أحد ما مقدرتك ستعود فوراً إلى عالمنا العجيب..".
    النادل فقد كل أمله وأصيب بإحباط شديد:
    "إنه كابوس حقيقي مرعب.. لن أتخلص من هذا الكابوس أبداً".
    قال الرجل الحكيم: "هناك طريقة واحدة تخلصك من قراءة الأفكار.. وتنسيك كل ما حدث معك..".
    عندما سمع النادل الجملة الأخيرة عاد إليه الأمل.. وصارت عيناه تبرقان من الفرح..
    "أخبرني يا سيدي بهذه الطريقة.. أنا لا أريد قراءة أفكار أحد.. لا أريد التجسس على الناس.. أريد أن أعود إنساناً عادياً كما كنت.. لا أريد أن أحيا بهذا الشكل إنه أمر مرعب.. مرعب..".
    من يفكر بقراءة أفكار الآخرين؟! كيف يمكن لمجتمع أن يحيا في أجواء مكشوفة مطلقة، البيوت بلا نوافذ ولا أبواب ولا حيطان العقول كأنها مغلفة بزجاج، أمر لا يمكن تصوره، وقديماً قالوا لو كانت الذنوب تفوح لما جلس أحد إلى أحد، فكيف عندما ينكشف المستور، ولا يعود هناك احترام للخصوصية مهما كانت، فيفقد الإنسان حصانته الذاتية، ويصبح كتاباً مقروءاً للجميع.

    7 "

  3. المشهد الرابع عشر:
    أيقن النادل أن الأمر أصبح خطيراً للغاية..
    قال الرجل الحكيم:
    "في رأس الجبل.. بعد خطوات قليلة من هنا.. ستجد حفرة عميقة مظلمة.. في أعماق هذه الحفرة توجد شجرة ضخمة ضخمة.. ثمارها مرة مرة.. عليك الحصول على ثمرة من ثمارها دون أن تلمس الشجرة.. لو لمست الشجرة سوف تلتصق بها وتصبح فرعاً من فروعها.. ثمارها عالية لن تستطيع الوصول إليها بسهولة.. ولو استطعت الحصول على ثمرة واحدة عليك العودة سريعاً.. وتدخل في النفق الذي أخبرتك عنه.. وعندما تصل إلى بيتك تناول الثمرة المرة فوراً.. سوف تختفي الحقيبة وتنسى كل ما حدث معك.. ولن يستطيع السيد وحيد العودة إليك مرة جديدة.. وستنتهي كل هذه الأحداث المرعبة التي تعيشها الآن..".
    "لكن كيف أصل إلى هذه الشجرة.. ساعدني.. ساعدني..".
    قال الرجل الحكيم مشفقاً عليه:
    "آسف جداً.. ليس عندي أي وسيلة تساعدك، وكما ترى، فأنا شيخ كبير، لا أملك القوة اللازمة لمساعدتك".
    فكر الرجل الحكيم قليلاً ثم قال:
    "الوحيد الذي يستطيع مساعدتك.. الطائر الضخم الذي جاء بك إلى هنا.. هو طائر طيب ويحب مساعدة الآخرين.."
    قال النادل:
    "لكني لا أعرف مكان هذا الطائر وكيل أصل إليه؟!
    أين هو؟! هل تعلم أين هو الآن؟!"
    قال الرجل الحكيم بحسم:
    "اسمع يا بني.. لن أستطيع مساعدتك أكثر من ذلك.. اسلك طريق القمة وابحث عن الطائر بنفسك".
    من مشكلة إلى أخرى، ومن كابوس إلى آخر ينتقل النادل المسكين في عالم قراءة الأفكار، الكل يبتعد عن الآخر، لا يريد أحد كشف نفسه أمام غريب، النادل ضحية هذا العالم الغريب.
    أليست الجماعة هي دائماً أفضل من الوحدة؟! إلا في حالة جليس السوء.. فهل الكل هو جليس سوء؟!! وقراءة الأفكار تكشف هذا الأمر، لهذا يفضل الكل الابتعاد عن بعضهم..
    كلما اقترب النادل من حل مشكلته تعود الأمور وتتأزم من جديد، كأن هذا الكابوس لن يتوقف..
    عاد الرعب يسيطر على قلبه..
    الوقت يمر بسرعة، والأمر يتآكل شيئاً فشيئاً..
    هل سيجد الطائر أم أن مصيره بات مظلماً؟!..
    لم يفقد النادل الأمل.. الأمل هو الشيء الوحيد الذي لا يستطيع الاستغناء عنه في محنته، فلو فقده سيفقد قوته وإصراره وثباته، وقديماً قالوا: "ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل".
    فهل مازال الأمل الذي يتشبث به النادل ممكناً؟!..
    لا شيء مستحيل مع الإرادة..


    المشهد الخامس عشر:
    سار النادل وقتاً طويلاً ينادي الطائر بلا فائدة..
    تذكر أن عليه العودة بشكل سريع وإلا لن يتمكن من العودة إلى بلاده أبداً.. وسوف يصاب بالعدوى طوال حياته، أو يموت في هذه البلاد الكئيبة دون أهل ودون أصحاب وأحباب..
    وصل النادل إلى الحفرة العميقة وراح ينظر إليها برعب..
    مستحيل أن ينزل فيها.. فالجوانب لا يمكن تسلقها..
    صار يفكر بحل ولا يجده..
    فمن أين يأتي الحل وقد توقف عقله عن التفكير، صار يدع الله عسى أن يستجيب دعاءه وينقذه، كما حدث معه في كل مصيبة كادت تقضي عليه..
    الآن هي المرحلة النهائية الأخيرة، نظر حوله.. صار يقلب وجهه في السماء.. راح يصرخ بأعلى صوته منادياً الطائر..
    "أيها الطائر الطيب.. أين أنت.. تعال إليَّ بسرعة.. أيها الطائر.. مازلت محتاجاً إليك.. ساعدني.. أرجوك..".
    وكان صدى صوت النادل يتردد دون فائدة..
    جلس النادل يندب حظه..
    "لا أمل.. لا أمل.. لقد انقطع كل الأمل..".
    سالت الدموع على خديه..
    عاد ينادي بأعلى صوته..
    شعر أن الصخور والأشجار والنباتات كلها تشفق عليه..
    حتى تلك الشجرة في قعر الوادي تمنت لو تستطيع مساعدته.. لكنها شجرة لا تستطيع التحرك.. فجذورها متشبثة بالأرض..
    فجأة شعر بتيار هوائي وبشيء يسقط بالقرب منه..
    رفع بصره فرأى الطائر الضخم نفسه يناديه بأعلى صوته:
    "هذه هي ثمرة النسيان يا صاحبي.. لقد قرأت أفكارك وطرت إلى الشجرة لأحضر لك الثمرة التي تريد.. هيا.. أسرع.. لم يتبق كثير من الوقت.. سوف تنساني بعد قليل لكني لن أنساك.. أتمنى أن تذكر شيئاً واحداً؛ أن تتخلى عن فضولك وتبتعد عما لا يعنيك حتى لا تصيبك أحداث مماثلة أخرى مرة ثانية.."
    لوح الطائر بجناحيه مودعاً واختفى عن الأنظار دون أن ينتظر من النادل كلمة شكر واحدة..

    المشهد السادس عشر:
    وصل النادل إلى مدخل النفق الذي أرشده إليه الرجل الحكيم..
    كان النفق حالك الظلام..
    دخل إليه.. سار فترة طويلة بخطوات سريعة.. في نهاية النفق شعر بتيار هوائي بارد، استطاع أن يتنفس هواءً لطيفاً لأول مرة منذ بدء المغامرة.. اقترب قليلاً فسقط في فجوة لم يدر لها مستقراً.. راح يسقط ويسقط ويسقط.. وفي النهاية سطع نور قوي قوي.. وضع يديه على عينيه.. وجد نفسه مستلقياً على الكنبة في بيته وأمامه الحقيبة الجلدية..
    دون أن ينتظر لحظة واحدة.. أخرج ثمرة النسيان من جيبه.. والتهمها على الفور.. وسقط في نوم عميق..
    هنا كان الخلاص من المحنة، هنا كانت نهاية الكابوس، لكن الكوابيس لا تنته، ما أن يمض أحدها حتى يأتي آخر يضارعها بل ويضاهيها، حيث ينسى الإنسان كل الآلام الماضية ويعيش آلامه الحاضرة.
    سكة الألم لا تنتهي، فطريقها طويل، النادل كان همه الخلاص من عالم الأفكار المكشوفة، من تجربة مرعبة لم تكن في حسبانه، ولم تكن متوقعة، وهكذا هي معظم التجارب القاسية التي يعاني منها الإنسان، تأتي دون موعد وتذهب دون توقيت، فلكل مصيبة نهاية، لكنّ الواقع فيها يظن أن العالم كله بات أسير آلامه وأحزانه.. وعندما تهدأ الأمور ويستعيد هدوءه واتزانه، ينكشف أن الحياة تسير دون أن تعبأ به وبآلامه.. وأن الأرض تدور دون توقف لحظة واحدة لترثي أحواله..
    وعندما يستيقظ الإنسان من غيبوبته يدرك أنه نقطة في ماء في محيط هادر.. فما تأثير هذه النقطة في دنيا لا تفرق بين كبير ولا صغير؟!.
    المشهد الأخير:
    بعد يوم أو يومين استيقظ النادل على رنين الهاتف..
    كان مسؤول المقهى غاضباً:
    "ماذا بك؟!.. لماذا لم تحضر إلى عملك؟!.. على الأقل أبلغنا إن كنت مريضاً أو تريد إجازة.. هذا عمل وليس مكاناً للنزهة؟!..".
    "آسف يا سيدي.. أشعر بصداع قوي.. يبدو أنني استغرقت في نوم عميق.."
    قال المسؤول بحزم:
    "تعالَ حالاً إذا أردت المحافظة على عملك.. أو أكمل نومك ولا تأت بعد اليوم وابحث لك عن عمل آخر..".
    هب النادل مسرعاً.. وعاد إلى عمله ولم يذكر شيئاً مما حدث..
    افتقد السيد وحيد..
    كان يسأل نفسه عن سبب غيابه ويتمنى له السلامة من السوء..
    ذاكرة النادل توقفت عند لقائه الأخير مع السيد وحيد، نسي الحقيبة وسر الحقيبة، نسي الأشرار والأقزام والأرنب والرجل الحكيم والبومة الطيبة والطائر المنقذ.. لم يبق في ذاكرته شيء من ذلك كله..
    عاد يمارس حياته دون أي ذكرى لكنه اكتشف جرحاً في كتفه.. جرح أصيب به بعد سقوطه في ماء النهر ولم يشعر به في ذلك الوقت.. كما اكتشف آثار القيود التي طوقت جسده عندما قيده الأشرار بسلاسل الحديد..
    كانت مشاعره تبحث عن سبب ذلك، لم يجد في ذاكرته أي شيء.. كانت ممسوحة تماماً..
    ومع الأيام اختفت آثار القيود.. لم يعد يفكر بها.. لكنه من حين إلى حين يتأمل آثار الجرح.. هو الذكرى الوحيدة الباقية.. لكنه لا يكشف سراً.. ولا يمنحه مفتاحاً واحداً لتذكر مغامرته القاسية.. ويظل النادل في مكانه يقدم الطعام وفناجين القهوة والشاي.. وتبقى الزاوية خاوية..
    فالسيد وحيد لم يعد منذ ذلك اليوم..



    وأخيرا انتهت القصة ولكن لم ينتهي ما عندي
    لكل من أحب هذه القصة ترقبوا هدية الغد
    7 "
  4. لكل من أحب هذه القصة أرفق لكم نفس القصة بتنسيق يمكنك من تحميلها على الجوال.
    قم بالآتي:
    1- حمل الملف التالي الحقيبة العجيبة.
    2- افتح الملف المضغوط.
    3- أنقلها إلى جوالك عن طريق الكيبل أو وصلة البلوتوث.
    4- افتح الملف في جوالك واختار حفظ, سيحفظ في الملاحظات.

    ثم استمتع بها في اوقات الانتظار وما اكثرها: عند الوزارة, عند السفارة, في سرا البنوك...
    ويمكنك مشاركتها مع أصدقائك الآخرين.

    ملاحظة:
    من أراد قصة جميلة كهذه فأنصحه بقصة "ثمانون عام بحث عن مخرج" قصة خيالية مرة وأجمل من رائعة, ولاكن لا تتحمس لأنك في نهاية القصة يمكن تضربي.

    شكرا لجميع من قرأ القصة وشكر خاص لجميع من شارك وجزاكم الله خيرا
    أخوكم electronics
    7 "
2 من 3 صفحة 2 من 3 123
ADs

قم بتسجيل دخولك للمنتدي او

الانضمام لمبتعث

Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc.